Más contenido relacionado
La actualidad más candente
4510
- 2. ١٤ ﻜﺘﺎﺏ ﺍﻷﻫﺎﻟﻲ ﺭﻗﻡ .. א
- 3. ﻣﻘﺪﻣﺔ................................................................... ٤ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول أﺳﺒﺎب ﻧﺰول هﺬﻩ اﻵﻳﺎت ...................... ٢١ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ آﻴﻒ ﻓﺴﺮ اﻟﺴﻠﻒ اﻟﺼﺎﻟﺢ هﺬﻩ اﻵﻳﺎت ....... ٢٢ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ زﻋﻴﻢ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺤﺎآﻤﻴﺔ ﷲ – ﻓﻲ ﻡﺼﺮ....... ١٣ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺏﻊ اﻟﻬﻀﻴﺒﻲ وﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺤﺎآﻤﻴﺔ .................. ٥٤ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻡﺲ ﻟﻤﺎذا اﻟﺤﺪود .................................. ٩٥ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس آﻴﻒ ﺗﻘﺎم اﻟﺤﺪود ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺨﺎﻡﺲ ﻋﺸﺮ اﻟﻬﺠﺮي؟ .................................................................... ٩٦ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺏﻊ ﺝﻬﺎز اﻟﺤﻜﻢ )اﻟﻘﻀﺎء( ........................ ١٩ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻡﻦ ﻃﻠﺐ اﻟﺘﻄﺒﻴﻖ اﻟﻔﻮﻗﻲ ........................ ٩٠١ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﺳﻊ ﺡﺪﻳﺚ ﺥﺮاﻓﺔ ................................. ٣٢١ اﻟﻤﺮاﺟﻊ ............................................................ ٨٨١ ٣
- 4. ﻤﻘﺩﻤﺔ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺃﺼﺒﺢ ﻓﻲ ﺍﻵﻭﻨﺔ ﺍﻷﺨﻴـﺭﺓ ﻤﻁﻠﺒﺎ ﻤﻠﺤﺎ ﻨﺎﺩﻯ ﺒﻪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭﻭﻥ. ﻭﻴﻘﻭل ﺍﻟﻤﺤﻠﻠﻭﻥ: ﺇﻥ ﺩﻭﺍﻓـﻊ ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺒﻴﻥ ﺒﻪ ﻜﺜﻴﺭﺓ ﻭﻤﺘﻨﻭﻋﺔ: ﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴـﻲ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤـﺎﻋﻲ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﺭﻭﻤﺎﻨﺴﻲ ﻭﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ )ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﻭﺍﻟﻌﺭﺒﻲ(. ﻓﺎﻟﺩﺍﻓﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ: ﻴﻘﺼﺩ ﺍﻟﻤﻨﺎﺩﻭﻥ ﺒﻪ ﻤﻥ ﻭﺭﺍﺌﻪ ﺍﻟﻭﺜﻭﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴـﻠﻁﺔ ﻹﻨﺸﺎﺀ ﺤﻜﻭﻤﺔ ﺩﻴﻨﻴﺔ ﺜﻴﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺸﻌﺎﺭﻫﺎ: ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﻴﺔ ﷲ ﻭﺤـﺩﻩ، ﻭﺘﻜﻭﻥ ﻫﻲ ﻅل ﺍﷲ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ، ﻭﺘﺤﻜﻡ ﺒـﺎﻟﺤﻕ ﺍﻹﻟﻬـﻲ ﻻ ﺘﺴﻤﺢ ﺒﺄﺤﺯﺍﺏ ﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻭﻻ ﺒﺼﺤﻑ ﻤﻨﺎﻭﺌﺔ؛ ﻷﻨﻬﺎ ﻫﻲ ﻭﻤﻥ ﺘﺤﻜﻡ ﺒﺎﺴﻤﻬﻡ )ﺤﺯﺏ ﺍﷲ( ﻭﺍﻵﺨﺭﻭﻥ )ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺸﻴﻁﺎﻥ( ﺼﺭﺡ ﺒﺫﻟﻙ ﻭﺃﻜﺜﺭ ﻤﻨﻪ ﺃﺤﺩﻫﻡ ﻟﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﻤﺼﻭﺭ، ﻭﻟﻬﻡ ﻓـﻲ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤـﺔ ﺍﻟﻔﺎﺭﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺩﻋﻲ ﺃﻨﻬﺎ ﺇﺴﻼﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺇﻴﺭﺍﻥ ﻤﺜل ﻭﻗﺩﻭﺓ. ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺩﺍﻓﻊ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ: ﻓﻴﻌﺘﻘﺩ ﻤﻌﺘﻨﻘﻭﻩ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻁﺒﻴﻕ ﺴﻭﻑ ﻴﻤﻸ ﺍﻷﺭﺽ ﻋـﺩﻻ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻤﻠ َﺕ ﺠﻭﺭﺍ، ﻭﺴﻴﻨﺯل ﺍﻟﻤﻥ ﻭﺍﻟﺴﻠﻭﻯ ﻤـﻥ ﺍﻟﺴـﻤﺎﺀ، ِﺌ ٤
- 5. ﻭﺃﻨﻬﺎ ﺴﺘﻤﻁﺭ ﺫﻫﺒﺎ ﻭﻓﻀﺔ. ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﺴﺘﺨﺘﻔﻲ ﺍﻟﺸﺭﻭﺭ ﹰ ﻭﺍﻵﺜﺎﻡ ﻭﺘﺘﺤﻭل ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺇﻟﻰ ﺠﻨﺔ ﻋﺩﻥ، ﻴﻨﻌﻤﻭﻥ ﻓﻴﻬـﺎ ﺒـﺎﻟﻨﻌﻴﻡ ﺍﻟﻤﻘﻴﻡ. ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺩﺍﻓﻊ ﺍﻟﺭﻭﻤﺎﻨﺴﻲ: ﻓﺘﺘﻤﺜل ﺃﺤﻼﻡ ﺃﺼﺤﺎﺒﻪ ﺍﻟﻭﺭﺩﻴﺔ ﻓـﻲ ﻋـﻭﺩﺓ ﺍﻟﺴـﻴﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻜﺭﺍﻤﺔ ﻭﺍﻟﻌﺯﺓ ﻭﺍﻷﻤﺠـﺎﺩ ﻟﻠﻤﺴـﻠﻤﻴﻥ، ﻭﺘﺘﺤـﻭل ﺍﻟـﺩﻭل ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ ﺇﻟﻰ ﺩﻭل ﻜﺒـﺭﻯ، ﺒـل ﻭﺘﺴـﺤﻕ ﺍﻟﺩﻭﻟﺘﻴﻥ ﺍﻟﻌﻅﻤﻴﻴﻥ ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ﻭﺭﻭﺴﻴﺎ، ﻜﻤﺎ ﻓﻌل ﺍﻟﺴﻠﻑ ﺍﻟﺼـﺎﻟﺢ ﺒﺎﻟﺭﻭﻡ ﻭﺍﻟﻔﺭﺱ. ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺩﺍﻓﻊ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ: ﻓﻴﺤﻤل ﻟﻭﺍﺀﻩ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﻭﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﻔﺴـﺭﻭﻥ ﺍﻹﺴـﻼﻡ ﺤﺴﺏ ﻤﺼﺎﻟﺤﻬﻡ؛ ﻓﻴﺘﺎﺡ ﻟﻬﻡ ﺃﻥ ﻴﺯﺍﻭﻟـﻭﺍ ﺃﻱ ﻨﺸـﺎﻁ )ﻏﻴـﺭ ﻤﺤﺭﻡ( ﻤﺎ ﺩﺍﻤﻭﺍ ﻴﺩﻓﻌﻭﻥ ﺍﻟﺯﻜﺎﺓ: ﺸﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻤﻘـﺎﻭﻻﺕ ﻟﺒﻨـﺎﺀ ﺍﻟﺸﻘﻕ ﺍﻟﺘﻤﻠﻴﻙ ﺍﻟﺴﻭﺒﺭ ﻟﻭﻜﺱ، ﻤﻁﺎﻋﻡ ﺍﻟﺩﺭﺠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﺘﻘـﺩﻴﻡ ﺍﻟﺤﻤﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﺸﻲ، ﻭﺍﻟﻜﺒﺎﺏ ﻭﺍﻟﺠﻤﺒﺭﻱ ﻭﺍﻻﺴﺘﺎﻜﻭﺯﺍ، ﻭﻤﺤﻁﺎﺕ ﺍﻟﺨﺩﻤﺔ ﺍﻵﻟﻴﺔ ﻟﻠﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﻭﻀﺒﻁ ﺍﻟﻌﺠل ﺃﺘﻭﻤﺎﺘﻴﻜﻴﺎ، ﻭﻤﺤـﻼﺕ ﺍﻟﺴﻭﺒﺭ ﻤﺎﺭﻜﺕ ﻟﺒﻴﻊ ﺍﻟﻬﺎﻤﺒﻭﺭﺠﺭ ﻭﺍﻟﻼﻨﺸﻭﻥ ﻭﺍﻟﺴﺠﻕ ﻭﺃﻨﻭﺍﻉ ﺍﻟﺠﺒﻨﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﺭﺩﺓ، ﻭﺍﻟﺒﻀـﺎﺌﻊ ﺍﻻﺴـﺘﻬﻼﻜﻴﺔ ﺍﻻﺴـﺘﻔﺯﺍﺯﻴﺔ، ٥
- 6. ﻭﻤﻼﺒﺱ ﺍﻟﻤﺤﺠﺒﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﺤﺩﺙ ﺍﻟﻤﻭﻀﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴـﺔ –ﻭﻫـﻲ ﺃﻨﺸﻁﺔ ﻻ ﺘﺨﺩﻡ ﺍﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﻌﺭﻴﻀﺔ ﻤﻥ ﺠﻤﺎﻫﻴﺭ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ، ﺒـل ﻫﻲ ﺘﻠﺒﻲ ﺸﻬﻭﺍﺕ ﺃﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﺩﺨﻭل ﺍﻟﻁﻔﻴﻠﻴﺔ ﺍﻻﻨﻔﺘﺎﺤﻴﺔ. ﺃﻭ ﻤﺼﺎﺭﻑ )ﺒﻨﻭﻙ( ﻭﺸﺭﻜﺎﺕ ﺘﻭﻅﻴﻑ ﺃﻤﻭﺍل ﺘﺭﻓـﻊ ﺸﻌﺎﺭﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ )ﻭﺃﺤل ﺍﷲ ﺍﻟﺒﻴـﻊ ﻭﺤـﺭﻡ ﺍﻟﺭﺒـﺎ( ﻭﺘﻌﻁﻲ ﻋﻤﻼﺀﻫﺎ ﻓﻭﺍﺌﺩ ﺘﺤﺕ ﺃﺴﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺭﺍﺒﺤـﺔ ﻭﺍﻟﻤﻀـﺎﺭﺒﺔ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ، ﻭﻫﺫﺍ ﻻ ﻴﻤﻨﻌﻬﺎ ﻫﻲ ﻤﻥ ﺇﻴﺩﺍﻉ ﺃﻤﻭﺍﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻨﻭﻙ ﺍﻟﺴﻭﻴﺴﺭﻴﺔ ﻭﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﺍﻟﺭﺒﻭﻴﺔ، ﻜﻤﺎ ﺃﺜﺒﺕ ﺫﻟﻙ ﺒﺎﻟﻭﺜﺎﺌﻕ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺒﺎﺤﺜﻴﻥ. ﺃﻭ ﺘﻨﺘﻬﺯ ﻓﺭﺼﺔ ﺍﻟﺸﺩﺓ ﻭﺍﻟﻤﺠﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﺒﻌـﺽ ﺒـﻼﺩ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻓﺘﺤﺘﻜﺭ ﺍﻷﻗﻭﺍﺕ ﻭﺘﻀﺎﺭﺏ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﺤﺩﺙ ﺫﻟـﻙ ﻓـﻲ ﺍﻟﺴﻭﺩﺍﻥ، ﻭﻨﺸﺭﺘﻪ ﻤﺠﻠﺔ ﻭﺍﺩﻱ ﺍﻟﻨﻴل ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﺸﺒﻪ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﻴﺔ. ﻭﺤﺘﻰ ﺘﺅ ﻥ ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ ﺍﻟﺤﻤﺎﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ، ﺘﺴﺘﺨﺩﻡ ﺒﻌـﺽ ﻤ ﻜﺒﺎﺭ ﺍﻟﻭﻋﺎﻅ ﻟﺩﻴﻬﺎ ﺒﺄﺠﻭﺭ ﺃﺴﻁﻭﺭﻴﺔ ﺤﺘﻰ ﻴﺼﺩﺭﻭﺍ ﺍﻟﻔﺘـﺎﻭﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺒﺭﺭ ﺘﺼﺭﻓﺎﺘﻬﺎ ﻭﺘﻀﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻐﻁﺎﺀ ﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺏ. ﺃﻭ ﻴﻨﺎﺩﻭﻥ ﺒﺘﺼﻔﻴﺔ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻭﻓﺘﺢ ﺍﻟﺒـﺎﺏ ﻋﻠـﻰ ﻤﺼﺭﺍﻋﻴﻪ ﻟﻠﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻟﻴﻔﻌل ﻤﺎ ﻴﺸﺎﺀ، ﻜﻤﺎ ﺼﺭﺡ ﺒـﺫﻟﻙ ﺃﺤﺩ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺒﻴﻥ ﺒﺎﻟﺘﻁﺒﻴﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺩﻟـﻰ ﺒـﻪ ﻟﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﻤﺼﻭﺭ )ﺴﺒﻘﺕ ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ ﺇﻟﻴﻪ(. ٦
- 7. ﻭﺒﺫﻟﻙ ﻴﺴﻴﻁﺭﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻗﺘﺼـﺎﺩ ﺴـﻴﻁﺭﺓ ﻜﺎﻤﻠـﺔ، ﻭﻴﺸﻜﻠﻭﻥ ﺍﻟﺭﻜﻴﺯﺓ ﺍﻟﻘﻭﻴﺔ ﻟﻠﺤﻜﻭﻤـﺔ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴـﺔ )ﻅـل ﺍﷲ ﻓـﻲ ﺍﻷﺭﺽ( ﻭﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﺍﻹﻤﻜﺎﻥ ﺃﺒﺩﻉ ﻤﻤﺎ ﻜﺎﻥ. ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺩﺍﻓﻊ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ، ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ: ﻓﻴﺘﻤﺜل ﻓﻲ ﺃﻤﺭﻴﻥ: ﺍﻷﻭل: ﻤﺤﺎﺼﺭﺓ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺘﻘﺩﻤﻴﺔ، ﺨﺎﺼﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺘﻭﺠﻪ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻜﺸﻑ ﻋﻥ ﺍﻟﻭﺠﻪ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻟﻺﺴﻼﻡ، ﻭﻫﻭ ﺍﻟﻭﺠﻪ ﺍﻟﺘﻘﺩﻤﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘـﻑ ﻓـﻲ ﺨﻨـﺩﻕ ﻨﺼـﺭﺓ ﺍﻟﺠﻤـﺎﻫﻴﺭ ﺍﻟﻤﺴﺤﻭﻗﺔ ﻭﺍﻟﻤﻀﻁﻬﺩﺓ، ﻭﻴﺭﺴﻡ ﻟﻬﺎ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺨﺭﻭﺝ ﻤﻥ ﻭﻫﺩﺓ ﺍﻟﺘﺨﻠﻑ ﻭﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ. ﺍﻵﺨﺭ: ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﺩﺀﻭﺏ ﺍﻟﺘـﻲ ﺘﺒـﺫﻟﻬﺎ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴـﺔ ﻭﺍﻟﺼﻬﻴﻭﻨﻴﺔ ﻟﺸﻕ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺒﻁﺕ ﻋﻨﺼﺭﻱ ﺍﻷﻤﺔ )ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻭﺍﻷﻗﺒﺎﻁ( ﺒﺭﺒﺎﻁ ﻭﺜﻴﻕ ﺃﺭﺒﻌﺔ ﻋﺸﺭ ﻗﺭﻨﺎ، ﻭﺫﻟﻙ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺒﺎﺀﺕ ﺒﺎﻟﻔﺸل ﻭﺍﻹﺨﻔﺎﻕ ﻭﺍﻟﺨﻴﺒﺔ -ﺍﻷﻋﻤـﺎل ﺍﻟﺘـﻲ ﻜﺎﻨـﺕ ُ ﺘﻬﺩﻑ ﺇﻟﻰ ﺇﺤﺩﺍﺙ ﻓﺘﻨﺔ ﻁﺎﺌﻔﻴـﺔ، ﻓﺎﻟﺼـﻬﻴﻭﻨﻴﺔ ﻭﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴـﺔ ﺘﻌﺭﻓﺎﻥ ﻤﻥ ﺩﺭﺍﺴﺘﻬﻤﺎ ﻟﻠﺘﺎﺭﻴﺦ )ﻓﻲ ﻤﺼﺭ( ﻜﻴﻑ ﺃﻥ ﺍﻷﻗﺒﺎﻁ ﻓﻲ ﻋﻬﻭﺩ ﺍﻟﺘﺨﻠﻑ ﺍﻟﻤﻤﻠﻭﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻨﻴﺔ -ﻭﻋﻠﻰ ﺨـﻼﻑ ﺃﺤﻜـﺎﻡ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﻭﺃﺤﺎﺩﻴﺙ ﺍﻟﺭﺴﻭل ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ- ﻜـﺎﻨﻭﺍ ﻴﻌـﺎﻤﻠﻭﻥ ٧
- 8. ﻜﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺭﺠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ، ﻓﻼ ﻴﺴﻤﺢ ﻟﻬﻡ ﺒﺘﻭﻟﻲ ﺍﻟﻭﻅـﺎﺌﻑ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ، ﻭﻻ ﺍﻻﻨﺨﺭﺍﻁ ﻓﻲ ﺼﻔﻭﻑ ﺍﻟﻘﻭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ﻭﺍﻟﺸـﺭﻁﺔ ﻭﻴﺘﻌﻴﻥ ﻋﻠﻴﻬﻡ ﺃﻥ ﻴﺘﻤﻴﺯﻭﺍ ﺒﻠﺒﺎﺱ ﻤﺨﺼﻭﺹ، ﻭﺘﻠﺒﺱ ﻨﺴـﺎﺅﻫﻡ ﺤﺫﺍﺀ ﻤﻥ ﻟﻭﻨﻴﻥ )ﻜل ﻓﺭﺩﺓ ﻟﻭﻥ(؛ ﺤﺘﻰ ﻴﻌـﺭﻓﻥ ﺃﻨﻬـﻥ ﻏﻴـﺭ ﻤﺴﻠﻤﺎﺕ، ﻭﻻ ﻴﺭﻜﺒﻭﻥ ﺍﻟـﺩﻭﺍﺏ ﺍﻟﻔﺎﺭﻫـﺔ، ﻭﺤﺘـﻰ ﺍﻟـﺩﻭﺍﺏ ﺍﻟﺨﺴﻴﺴﺔ ﻋﻠﻴﻬﻡ ﺃﻥ ﻴﺘﺭﺠﻠﻭﺍ ﻋﻨﻬﺎ ﻋﻨﺩ ﻤـﺭﻭﺭ ﻤﺴـﻠﻡ ﻜﺒﻴـﺭ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ. ﻭﻴﺩﻓﻌﻭﻥ ﺍﻟﺠﺯﻴﺔ ﻋﻥ ﻴﺩ ﻭﻫﻡ ﺼﺎﻏﺭﻭﻥ، ﻻ ﺒـﺄﺱ ﺃﻥ ﻴﺼﻙ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ﻤﻨﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﻗﻔﺎﻩ ﺒﻌﺩ ﺩﻓـﻊ ﺍﻟﺠﺯﻴـﺔ. )ﺍﻟﻤﺠﺘﻤـﻊ ﺍﻟﻤﺼﺭﻱ ﻓﻲ ﻋﺼﺭ ﺴﻼﻁﻴﻥ ﺍﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻙ – ﺩ. ﺴﻌﻴﺩ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ﻋﺎﺸﻭﺭ(. ﻭﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺒﺔ ﺒﺘﻁﺒﻴﻕ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ – ﺴﻭﻑ ﺘﺜﻴـﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺫﻜﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻜﺭﻴﻬﺔ ﻭﺃﻤﺜﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻨﻔﻭﺱ ﺇﺨﻭﺘﻨﺎ ﺍﻟﻘﺒﻁ، ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺘﻨﺠﺢ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺼﻬﻴﻭﻨﻴﺔ ﻓﻴﻤـﺎ ﺃﺨﻔﻘـﺕ ﻓﻴـﻪ ﺍﻟﻔﺘﻨـﺔ ﹶ ﺍﻟﻁﺎﺌﻔﻴﺔ، ﻭﻴﻜﻭﻥ ﻤﻥ ﺤﻕ ﺍﻷﻗﺒـﺎﻁ ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺒـﺔ ﺒﺈﻨﺸـﺎﺀ ﺩﻭﻟـﺔ ﻤﺴﺘﻘﻠﺔ، ﻭﻴﺘﺤﻘﻕ ﻤﺨﻁﻁ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺼﻬﻴﻭﻨﻴﺔ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻬﺩﻓﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺘﻨﻔﻴﺫﻩ، ﻭﻫﻭ ﺘﻘﺴﻴﻡ ﻤﻨﻁﻘﺔ ﺍﻟﺸﺭﻕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺇﻟـﻰ ﺩﻭﻴـﻼﺕ ﻫﺯﻴﻠﺔ، ﻴﺴﻬل ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺍﺒﺘﻼﻋﻬﺎ، ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل ﺇﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ ٨
- 9. ﻋﻠﻰ ﻤﻘﺩﺭﺍﺘﻬﺎ ﻭﺇﺩﺨﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﻠﻙ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴـﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘـﺔ ﺍﻟﺴـﺎﻓﺭﺓ، ﻭﻨﻬﺏ ﻤﻭﺍﺭﺩﻫﺎ ﻭﺠﻌل ﺃﺭﺍﻀﻴﻬﺎ ﻗﻭﺍﻋﺩ ﻋﺴﻜﺭﻴﺔ، ﻭﺼﺤﺎﺭﻴﻬﺎ ﻤﺩﺍﻓﻥ ﻟﻠﻨﻔﺎﻴﺎﺕ ﺍﻟﺫﺭﻴﺔ )ﻤﺜل ﻤـﺎ ﻓﻌـل ﺍﻟﻨﻤﻴـﺭﻱ ﺍﻟﻤﺨﻠـﻭﻉ( ﻭﻋﻭﺍﺼﻤﻬﺎ ﻤﺭﺍﻜﺯ ﻟﻤﻜﺎﺘﺏ ﺍﺴﺘﺨﺒﺎﺭﺍﺘﻬﺎ، ﻭﻤﻭﺍﻨﻴﻬـﺎ ﻤﺭﺍﻓـﺊ ﻷﺴﺎﻁﻴﻠﻬﺎ ﻭﻋﻠﺏ ﻟﻴل ﻟﻠﺘﺭﻓﻴﻪ ﻋﻥ ﺠﻨﻭﺩ ﺍﻟﻤﺎﺭﻴﻨﺯ. ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺩﺍﻓﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ: ﻓﺘﺘﺤﻤل ﻜﺒﺭﻩ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻭﺩﻴﺔ ﺤﺘﻰ ﺘﻜـﻭﻥ ﻤﺼﺭ ﺫﻴﻼ ﻟﻬﺎ ﻭﺘﺄﺨﺫ ﻤﻨﻬﺎ ﺒﺜﺄﺭﻫﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﺘﻨﺴﺎﻩ )ﺤﻤﻠﺔ ﻤﺤﻤﺩ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ ﺒﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﺒﻨﻪ ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ، ﺍﻟﻤﻌﺭﻭﻓﺔ ﺒﺎﻟﺤﻤﻠﺔ ﺍﻟﻭﻫﺎﺒﻴـﺔ( ﻭﻴﺘﺤﻘﻕ ﺍﻟﺤﻠﻡ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺩﺍﻋﺏ ﺠﻔﻭﻥ ﻤﻥ ﻴﺘﻭﻟﻭﻥ ﺍﻟﻌـﺭﺵ ﻤﻥ ﺃﺒﻨﺎﺀ ﺍﻷﺴﺭﺓ ﺍﻟﺴﻌﻴﺩﺓ، ﻭﻫﻭ ﺃﻥ ﻴﻀﻴﻑ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ﻤﻨﻬﻡ ﺇﻟـﻰ ﻟﻘﺒﻪ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﻴﺘﻔﻕ ﻤﻊ ﻁﻤﻭﺤﺎﺘﻬﻡ: "ﺨﺎﺩﻡ ﺍﻟﺤﺭﻤﻴﻥ ﺍﻟﺸﺭﻴﻔﻴﻥ" – ﻴﻀﻴﻑ ﺇﻟﻴﻪ ﻟﻘﺏ ﺨﻠﻴﻔـﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻭﺃﻤﻴﺭ ﺍﻟﻤﺅﻤﻨﻴﻥ". ﻭﺤﺘﻰ ﻴﺘﺴﺎﻭﻯ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﺜﻴﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻤﻬﺩ ﻟﻘﻴﺎﻤـﻪ ﻓﻲ ﻤﺼﺭ ﺒﻌﻤﻠﻴﺔ ﻏﺴﻴل ﺍﻟﻤﺦ ﺍﻟﻤﺘﺸﻌﺒﺔ ﺍﻷﻁﺭﺍﻑ ﻭﺍﻟﻅـﻭﺍﻫﺭ، ﻭﺃﺒﺭﺯﻫﺎ ﻁﻠﺏ ﺍﻟﺘﻁﺒﻴﻕ ﺍﻟﻔﻭﺭﻱ ﻟﻠﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ، ﻴﺘﺴـﺎﻭﻯ ﻤﻊ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﻘﺒﻠﻲ ﻭﺍﻟﻌﺸﺎﺌﺭﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻘﻬﺭ ﺒﻬﺎ ﺠﻤﺎﻫﻴﺭ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ٩
- 10. ﻓﻲ ﺸﺒﻪ ﺍﻟﺠﺯﻴﺭﺓ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ، ﻭﺤﺘﻰ ﻴﺴﺭﻱ ﻤﻔﻌـﻭل ﺍﻟﻤﺭﺴـﻭﻡ ﺍﻟﻤﻠﻜﻲ ﺍﻟﺴﻌﻭﺩﻱ ﺍﻟـﺫﻱ ﻴﺤـ ﻡ ﻗﻴـﺎﻡ ﺍﻷﺤـﺯﺍﺏ ﻭﺍﻷﻓﻜـﺎﺭ ﺭ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﺭﺩﺓ )ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﻁﻠﻴﻌﺔ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﻤـﺎﺭﺱ ٥٨٩١( ﻭﺤﺘـﻰ ﻴﻔﺘﻲ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻓﻲ ﻤﺼﺭ ﻜﻤﺎ ﻴﻔﻌل ﻋﻠﻤﺎﺅﻫﺎ ﺍﻷﻓﺎﻀل -ﻻ ﻓﺽ ﺍﷲ ﺃﻓﻭﺍﻫﻬﻡ– ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻟﻴﺴﺕ ﻤﻠﺯﻤﺔ ﻟﻠﺤﺎﻜﻡ، ﺒل ﻫﻲ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭﻴﺔ، ﻭﺤﺘﻰ -ﻫﺫﺍ ﻫﻭ ﺒﻴﺕ ﺍﻟﻘﺼﻴﺩ ﻭﺍﻟﻐﺭﺽ ﺍﻟﺠﻭﻫﺭﻱ– ﺘﻘﻁﻊ ﺩﺍﺒﺭ ﺍﻟﻤﺸﺎﻏﺒﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﻜﺴﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﻨﺎﺩﻭﻥ ﺒﺎﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺜﻡ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ، ﺍﻟﻠﺘﻴﻥ ﻴﻌﺘﻘﺩﻭﻥ ﺃﻨﻬﻤﺎ ﻁﻭﻕ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﻟﺤل ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﺎﻨﻲ ﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺭ ﺍﻟﻤﺤﺭﻭﻤﺔ. ﻭﺤﺘﻰ ﻴﻌﻁﻲ ﻤﻠﻭﻜﻬﺎ ﺍﻟﺴـﻌﺩﺍﺀ –ﺍﻟﺘﻤـﺎﻡ– ﻟﺤـﺎﻤﻴﻬﻡ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺭﻴﺠﺎﻥ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﺔ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺭﻫﻥ ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ ﻭﻁـﻭﻉ ﺍﻟﺒﻨﺎﻥ، ﻭﺃﻥ ﺸﺒﺢ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﻋﺏ ﺍﻟﻤﺨﻴﻑ ﻟﻜﻠﻴﻬﻤﺎ ﻗﺩ ﻗﻁﻊ ﺩﺍﺒ ﻩ ﻭﺍﻟﺤﻤﺩ ﷲ. ﺭ ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻭﺍﻓﻊ ﺘﺩﻭﺭ ﺠﻤﻴﻌﺎ ﻓﻲ ﻓﻠﻙ ﺍﻟﺩﺍﻓﻊ ﺍﻟﺨـﺎﺭﺠﻲ، ﻓﻬﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﺴﻙ ﻓﻲ ﻴﺩﻴﻪ ﺒﺎﻟﺨﻴﻭﻁ ﺍﻟﺘـﻲ ﺘﺤـﺭﻙ ﺃﺼـﺤﺎﺏ ﺍﻟﺩﻭﺍﻓﻊ ﺍﻷﺨﺭﻯ، ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﺴﻨﻭﻀﺤﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺘﻤﺔ ﺒﻤﺸـﻴﺌﺔ ﺍﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ. ٠١
- 11. ﻭﻟﻠﻘﺎﺭﺉ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ﺃﻥ ﻴﺨﺘﺎﺭ ﻤﺎ ﻴﺸﺎﺀ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟـﺩﻭﺍﻓﻊ، ﻭﻟﻪ ﺃﻥ ﻴﺄﺨﺫ ﺒﻬﺎ ﺠﻤﻴﻌﺎ، ﻭﺃﺼﺤﺎﺒﻬﺎ ﻗﺩ ﻴﺨﺘﻠﻔﻭﻥ ﻭﻴﺘﻨـﺎﻓﺭﻭﻥ، ﻭﻗﺩ ﻴﺘﻌﺎﻭﻨﻭﻥ ﻓﻴﻤﺎ ﺒﻴﻨﻬﻡ. ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻻﺸﻙ ﻓﻴﻪ ﺃﻨﻬﻡ ﻴﺘﻔﻘـﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺸﻲﺀ ﻭﺍﺤﺩ؛ ﻫﻭ ﺃﻥ ﺴﻨﺩﻫﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺒﺔ ﺒﺘﻁﺒﻴﻕ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﻓﻌﻭﻨﻪ ﻓﻲ ﻭﺠﻪ ﻜل ﻤﻥ ﻴﺤﺎﻭﺭﻫﻡ، ﺍﻵﻴﺎﺕ ﺍﻟﻜﺭﻴﻤﺔ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﻤﻥ ﻜﺘﺎﺏ ﺍﷲ ﺍﻟﻌﺯﻴﺯ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺭﺩﺕ ﻓﻲ ﺴـﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﺎﺌﺩﺓ: ﴿... ﻭ ﻥ ﻟﻡ ﻴﺤﻜﻡ ﺒ ـﺎ ﺃﻨﹾـ ل ﺍﷲ ﻓُﻭﻟ ِـ ـﻡ ﻤ ﱠ ﹸ ِ ﻤ َ ﺯ َ ُ ﹶﺄ ﹶﺌ ﻙ ﻫ ﺍﻟ ﹶﺎﻓ ﻭﻥ﴾ ﺍﻟﻅﺎﻟﻤﻭﻥ – ﺍﻟﻔﺎﺴﻘﻭﻥ. ﻓﻬل ﺍﻟﻤﻘﺼﻭﺩ –ﺤﻘﻴﻘـﺔ- ﹾﻜ ِ ﺭ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻵﻴﺎﺕ، ﺃﻭ ﺒﺎﻷﺩﻕ ﺃﺠﺯﺍﺀ ﺍﻵﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭﺓ، ﻫـﻭ ﺇﻗﺎﻤـﺔ ﺍﻟﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺭﺩﺕ ﻋﻠﻰ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﺤﺼﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺭﺍﺌﻊ ﺍﻟﺴـﺎﺒﻘﺔ ﻭﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ، ﺃﻡ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺒﻤﻌﻨﺎﻩ ﺍﻟﺸﺎﻤل ﻜﻤﺎ ﻴﺫﻫﺏ ﺇﻟﻴـﻪ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﻭﻥ ﺍﻟﺠﺩﺩ ﻭﺃﺼﺤﺎﺏ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺩﻭﺍﻓﻊ، ﺍﻟﺒﻌﺽ ﻤﻨﻬﻡ ﺒﺤﺴـﻥ ﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﻌﺽ ﺍﻵﺨﺭ ﻋﻥ ﺴﻭﺀ ﻗﺼﺩ ﻭﺨﺒﺙ ﻁﻭﻴـﺔ؟ ﺍﻹﺠﺎﺒـﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﺍﻟﺠﻭﻫﺭﻱ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻭﻀـﻭﻉ ﺍﻟﺭﺌﻴﺴـﻲ ﻟﻬـﺫﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ، ﻭﺍﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ ﻨﺴﺄل ﺃﻥ ﻴﻭﻓﻘﻨﺎ ﺇﻟـﻰ ﺍﻟﺼـﻭﺍﺏ، ﻭﻫـﻭ َ ﺴﺒﺤﺎﻨﻪ ﻤﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻘﺼﺩ. ﺨﻠﻴل ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ١١
- 12. א ١٢
- 13. ﺤﺘﻰ ﻨﻔﺴﺭ ﺃ ﺔ ﺁﻴﺔ ﻤـﻥ ﻜﺘـﺎﺏ ﺍﷲ ﺘﻌـﺎﻟﻰ ﺘﻔﺴـﻴﺭﺍ ﻴ ﺼﺤﻴﺤﺎ ﻤﻨﺯﻫﺎ ﻋﻥ ﺍﻟﻬﻭﻯ ﻭﺒﺭﻴﺌﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻐﺭﺽ، ﻨﻌﻤـﺩ ﺇﻟـﻰ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺴﺒﺏ ﺃﻭ ﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﻨﺯﻭﻟﻬﺎ. ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﻴﻘﻭل ﺃﺒﻭ ﺍﻟﺤﺴﻥ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﻱ ﺍﻟﻨﻴﺴﺎﺒﻭﺭﻱ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﻪ ﺍﻟﺭﺍﺌﺩ )ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﻨﺯﻭل(: ".... ﺇﺒﺎﻨﺔ ﻤﺎ ﺃﻨﺯل ﻓﻴﻪ ﻤﻥ ﺍﻷﺴﺒﺎﺏ؛ ﺇﺫ ﻫﻲ ﺃﻭﻓﻰ ﻤﺎ ﻴﺠﺏ ﺍﻟﻭﻗﻭﻑ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺃﻭﻟﻰ ﻤﺎ ﺘﺼﺭﻑ ﺍﻟﻌﻨﺎﻴﺔ ﺇﻟﻴﻪ؛ ﻻﻤﺘﻨـﺎﻉ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺍﻵﻴﺔ ﻭﻗﺼﺩ ﺴﺒﻴﻠﻬﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻭﻗﻭﻑ ﻋﻠﻰ ﻗﺼﺘﻬﺎ ﻭﺒﻴـﺎﻥ ﻨﺯﻭﻟﻬﺎ". ﻓﻬﻨﺎ ﻨﺭﻯ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﻱ ﻴﺒﻠﻎ ﺒﺎﻷﻤﺭ ﺤـﺩ ﺍﻻﻤﺘﻨـﺎﻉ ﻋـﻥ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺭ ﻟﻶﻴﺔ ﺃﻭ ﻤﺠﻤﻭﻉ ﺍﻵﻴﺎﺕ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻭﺭﺓ ﻤﺎ ﻟﻡ ﻨﻌﺭﻑ ﺴﺒﺏ ﺍﻟﻨﺯﻭل، ﻭﻫﺫﺍ ﻴﺅﻜﺩ ﺍﻟﺭﺍﺒﻁﺔ ﺍﻟﺤﻤﻴﻤﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻵﻴـﺔ ﻭﺴـﺒﺏ ﺃﻭ ﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﺍﻟﻨﺯﻭل. ﻭﺒﺫﻟﻙ ﻴﻜﻭﻥ ﺴﺒﺏ ﺍﻟﻨﺯﻭل ﺃﺸﺒﻪ ﺒﻤﺎ ﻨﺴﻤﻴﻪ ﻓﻲ ﺃﻴﺎﻤﻨـﺎ ﻫﺫﻩ: )ﺍﻟﻤﺫﻜﺭﺓ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺭﻴﺔ ﻟﻠﻘﺎﻨﻭﻥ(، ﻭﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﻤﺜل ﺍﻷﻋﻠـﻰ. ﻭﺍﻟﻤﺸﺘﻐﻠﻭﻥ ﺒﺎﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻴﻌﺭﻓﻭﻥ ﺃﻨﻬﻡ ﻋﻨـﺩﻤﺎ ﻴﺴﺘﺸـﻜل ﻋﻠـﻴﻬﻡ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﻤﺎﺩﺓ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﺩ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ، ﺃﻭ ﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﻗﺼﺩ ﺍﻟﻤﺸ ﻉ ﻤﻨﻬـﺎ ﺭ ﻴﺭﺠﻌﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺫﻜﺭﺓ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺭﻴﺔ. ٣١
- 14. "ﻭﻜﺎﻥ ﺍﻟﺼﺤﺎﺒﺔ -ﺭﻀﻭﺍﻥ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻬﻡ ﺃﺠﻤﻌﻴﻥ- ﺇﺫﺍ ﻟﻡ ﻴﺠﺩﻭﺍ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺭ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ ﺍﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ، ﻭﻟﻡ ﻴﺘﻴﺴﺭ ﻟﻬﻡ ﺃﺨﺫﻩ ﻋـﻥ ﺭﺴﻭل ﺍﷲ -ﺼﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺴﻠﻡ- ﺭﺠﻌﻭﺍ ﻓـﻲ ﺫﻟـﻙ ﺇﻟـﻰ ﺍﺠﺘﻬﺎﺩﻫﻡ ﻭﺇﻋﻤﺎل ﺭﺃﻴﻬﻡ، ﻭﺴﺎﻋﺩﻫﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺭ ﺃﻨﻬﻡ ﻋـﺭﺏ ﺨﻠﺹ، ﻴﻌﺭﻓﻭﻥ ﻤﻌﺎﻨﻲ ﺁﻴﺎﺕ ﺍﷲ ﻭﺃﺴﺭﺍﺭﻫﺎ، ﻭﺃﻨﻬـﻡ ﻋﺎﺸـﻭﺍ ﱠ ﻓﺘﺭﺓ ﻨﺯﻭل ﺍﻟﻭﺤﻲ ﻤﻊ ﺍﻟﺭﺴﻭل، ﻓﻌﺭﻓـﻭﺍ ﺃﺴـﺒﺎﺏ ﺍﻟﻨـﺯﻭل ﻭﺃﺩﺭﻜﻭﺍ ﻤﺎ ﺃﺤﺎﻁ ﺒﺎﻟﻘﺭﺁﻥ ﻤﻥ ﻅﺭﻭﻑ ﻭﻤﻼﺒﺴﺎﺕ ﺘﻌﻴﻥ ﻋﻠـﻰ ﻓﻬﻡ ﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻵﻴﺎﺕ" ﻤﻥ ﻜﺘﺎﺏ ﻋﻠﻭﻡ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺭ ﻟﻠﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﻤﺤﻤﻭﺩ ﺸﺤﺎﺘﺔ، ﻨﺸﺭ ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ. ﻭﻗﺎل ﺍﺒﻥ ﺩﻗﻴﻕ ﺍﻟﻌﻴﺩ: "ﺒﻴﺎﻥ ﺴﺒﺏ ﺍﻟﻨﺯﻭل ﻁﺭﻴﻕ ﻗﻭﻱ ﻓﻲ ﻓﻬﻡ ﻤﻌﺎﻨﻲ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ(. ﻗﺎل ﺸﻴﺦ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﺍﺒﻥ ﺘﻴﻤﺔ: "ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺴـﺒﺏ ﺍﻟﻨـﺯﻭل ﺘﻌﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻡ ﺍﻵﻴﺔ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﺒﺎﻟﺴﺒﺏ ﻴﻭﺭﺙ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﺒﺎﻟﻤﺴﺒﺏ، ﻭﻗﺩ ﺃﺸﻜل ﻋﻠﻰ ﺠﻤﺎﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻠﻑ ﻤﻌﺎﻨﻲ ﺁﻴﺎﺕ ﺤﺘﻰ ﻭﻗﻔـﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﻨﺯﻭﻟﻬﺎ ﻓﺯﺍل ﻋﻨﻬﻡ ﺍﻹﺸﻜﺎل". ﻤﻥ ﻤﻘﺩﻤﺔ ﻜﺘﺎﺏ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﻨﺯﻭل ﻟﻺﻤﺎﻡ ﺠﻼل ﺍﻟـﺩﻴﻥ ﺍﻟﺴﻴﻭﻁﻲ، ﻨﺸﺭ ﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺼﺩﺭﺘﻪ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺸﻌﺏ. ٤١
- 15. "ﺇﻥ ﺒﻌﺽ ﺍﻵﻴﺎﺕ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﻓﻬﻤﻬﺎ ﺃﻭ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺃﺤﻜﺎﻤﻬـﺎ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﻀﻭﺀ ﺴﺒﺏ ﺍﻟﻨﺯﻭل". ﻤﺤﻤﺩ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺼﺎﺒﻭﻨﻲ ﻓﻲ )ﺍﻟﺘﺒﻴﺎﻥ ﻓﻲ ﻋﻠﻭﻡ ﺍﻟﻘـﺭﺁﻥ( ﻨﺸﺭ ﺩﺍﺭ ﻋﻤﺭ ﺒﻥ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺒﺎﻹﺴﻜﻨﺩﺭﻴﺔ، ﻭﺃﻭﺭﺩ ﺃﺭﺒﻊ ﻓﻭﺍﺌـﺩ ﻷﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﻨﺯﻭل؛ ﻤﻨﻬﺎ ﺘﺨﺼﻴﺹ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺒﺎﻟﺴﺒﺏ. ﻭﻓـﻲ ﻫـﺫﺍ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﻏﻨﺎﺀ ﻟﺘﻭﻀﻴﺢ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ، ﻭﻤﻥ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﻤﺯﻴﺩ ﻓﻌﻠﻴـﻪ ﺒﻜﺘـﺎﺏ )ﺍﻹﺘﻘﺎﻥ ﻓﻲ ﻋﻠﻭﻡ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ( ﻟﻠﺴﻴﻭﻁﻲ. ﺇﺫﻥ، ﻟﻭ ﺃﺭﺩﻨﺎ ﻓﻬﻡ ﺍﻵﻴـﺎﺕ ﺍﻟـﺜﻼﺙ )ﻓﺄﻭﻟﺌـﻙ ﻫـﻡ ﺍﻟﻜﺎﻓﺭﻭﻥ – ﺍﻟﻅﺎﻟﻤﻭﻥ – ﺍﻟﻔﺎﺴﻘﻭﻥ( ﻓﻬﻤﺎ ﺼﺤﻴ ﺎ، ﻭﻟﻭ ﻗﺼﺩﻨﺎ ﺤ ﺘﻔﺴﻴﺭﻫﺎ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺭ ﺍﻟﺤﻕ –ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﹸﺨﺎﻟﻁﻪ ﺸﺎﺌﺒﺔ ﻤﻥ ﻫـﻭﻯ ﺃﻭ ﺘ ﻏﺭﺽ ﻓﻌﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﻌﺭﻑ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﻨﺯﻭﻟﻬﺎ. ﻭﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﺴﻠﻔﻨﺎ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻗﺩﻭﺓ ﺤﺴﻨﺔ. ﻴﺸﺭﺡ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﻱ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﻨﺯﻭل ﺍﻵﻴﺎﺕ ﻤﻥ ﴿ ﺎ ﺃﻴ ﺎ ﻴ َ ﻬ ﺍﻟﺭ ﻭل ﻻ ﻴﺤ ﻨﻙ ﺍﻟ ِﻴﻥ ﻴ ﺎﺭ ﻭﻥ ِـﻲ ﺍﻟﻜﻔﹾـﺭ...﴾ ﺇﻟـﻰ ﹾﹸ ِ ﺴ ُ ﹶ ﺯ ﱠﺫ ﺴ ِﻋ ﻓ ﴿...ﻓُﻭﻟ ِ ﻫﻡ ﺍﻟ ﹶﺎﻓ ﻭﻥ﴾ ﺒﻘﻭﻟﻪ: ﹶﺄ ﹶﺌﻙ ﹾﻜ ِﺭ "ﻋﻥ ﺍﻟﺒﺭﺍﺀ ﺒﻥ ﻋﺎﺯﺏ ﻗﺎل: ﻤﺭ ﺭﺴﻭل ﺍﷲ -ﺼﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺴﻠﻡ- ﻋﻠﻰ ﻴﻬﻭﺩﻱ ﻤﺤﻤﻤﺎ )ﻤﺴﻭﺩ ﺍﻟﻭﺠﻪ( ﻤﺠﻠﻭﺩﺍ ﻓﺩﻋﺎﻫﻡ ﻓﻘﺎل: ﺃﻫﻜﺫﺍ ﺘﺠﺩﻭﻥ ﺤﺩ ﺍﻟﺯﺍﻨﻲ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﻜﻡ، ﻗﺎﻟﻭﺍ: ﻨﻌﻡ، ٥١
- 16. ﻓﻘﺎل ﻓﺩﻋﺎ ﺭﺠﻼ ﻤﻥ ﻋﻠﻤﺎﺌﻬﻡ ﻓﻘﺎل: ﺃﻨﺸﺩﻙ ﺍﷲ ﺍﻟـﺫﻱ ﺃﻨـﺯل ﺍﻟﺘﻭﺭﺍﺓ ﻋﻠﻰ ﻤﻭﺴﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻫﻜﺫﺍ ﺘﺠﺩﻭﻥ ﺤﺩ ﺍﻟﺯﺍﻨﻲ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﻜﻡ؟ ﻗﺎل: ﻻ، ﻭﻟﻭﻻ ﺃﻨﻙ ﻨﺸﺩﺘﻨﻲ ﺍﷲ ﻟﻡ ﺃﺨﺒﺭﻙ، ﺘﺠﺩ ﺤـﺩ ﺍﻟﺯﺍﻨﻲ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﻨﺎ ﺍﻟﺭﺠﻡ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻜﺜﺭ ﻓﻲ ﺃﺸﺭﺍﻓﻨﺎ، ﻓﻜﻨﺎ ﺇﺫﺍ ﺃﺨﺫﻨﺎ ﺍﻟﺸﺭﻴﻑ ﺘﺭﻜﻨﺎﻩ، ﻭﺇﺫﺍ ﺃﺨﺫﻨﺎ ﺍﻟﻭﻀﻴﻊ ﺃﻗﻤﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺤﺩ، ﻓﻘﻠﻨـﺎ: ﻨﺠﺘﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﺸﻲﺀ ﻨﻘﻴﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺭﻴﻑ ﻭﺍﻟﻭﻀـﻴﻊ، ﻓﺎﺠﺘﻤﻌﻨـﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺤﻤﻴﻡ )ﺘﺴﻭﻴﺩ ﺍﻟﻭﺠﻪ( ﻭﺍﻟﺠﻠﺩ ﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﺭﺠﻡ، ﻓﻘﺎل ﺭﺴﻭل ﺍﷲ -ﺼﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺴﻠﻡ-: ))ﺍﻟﻠﻬﻡ ﺇﻨﻲ ﺃﻭل ﻤﻥ ﺃﺤﻴﺎ ﺃﻤﺭﻙ ﺇﺫ ﺃﻤﺎﺘﻭﻩ(( ﻓﺄﻤﺭ ﺒﻪ ﻓﺭﺠﻡ، ﻓـﺄﻨﺯل ﺍﷲ ﺘﻌـﺎﻟﻰ: ﴿ ـﺎ ﺃﻴ ـﺎ ﻴ َ ﻬ ﺍﻟﺭ ﻭل﴾. ﺴ ُ ﺃﻤﺎ ﺍﻹﻤﺎﻡ ﺠﻼل ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺍﻟﺴﻴﻭﻁﻲ – ﻓﻲ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﻨﺯﻭل – ﻓﻬﻭ ﻴﺭﻭﻱ ﺴﺒﺒﺎ ﺠﺩﻴﺩﺍ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻵﻴﺎﺕ: "ﻋﻥ ﺃﺤﻤﺩ ﻭﺃﺒﻲ ﺩﺍﻭﺩ، ﻋﻥ ﺍﺒﻥ ﻋﺒﺎﺱ ﻗﺎل: ﺃﻨﺯﻟﻬﺎ ﺍﷲ ﻓﻲ ﻁﺎﺌﻔﺘﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻴﻬﻭﺩ ﻗﻬﺭﺕ ﺇﺤﺩﺍﻫﻤﺎ ﺍﻷﺨﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﺤﺘﻰ ﺍﺭﺘﻀﻭﺍ، ﻓﺎﺼﻁﻠﺤﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻜل ﻗﺘﻴل ﻗﺘﻠﺘﻪ ﺍﻟﻌﺯﻴﺯﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﺫﻟﻴﻠﺔ ﻓﺩﻴﺘﻪ ﺨﻤﺴـﻭﻥ ﻭﺴـﻘﺎ، ﹰ ﻭﻜل ﻗﺘﻴل ﻗﺘﻠﺘﻪ ﺍﻟﺫﻟﻴﻠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺯﻴﺯﺓ ﻓﺩﻴﺘﻪ ﻤﺎﺌﺔ ﻭﺴﻕ، ﻓﻜـﺎﻨﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺤﺘﻰ ﻗﺩﻡ ﺭﺴﻭل ﺍﷲ -ﺼﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺴﻠﻡ- ﻓﻘﺘﻠﺕ ﺍﻟﺫﻟﻴﻠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺯﻴﺯﺓ ﻗﺘﻴﻼ، ﻓﺄﺭﺴﻠﺕ ﺍﻟﻌﺯﻴﺯﺓ ﺃﻥ ﺍﺒﻌﺜـﻭﺍ ﺇﻟﻴﻨـﺎ ٦١
- 17. ﺒﻤﺎﺌﺔ ﻭﺴﻕ، ﻓﻘﺎﻟﺕ ﺍﻟﺫﻟﻴﻠﺔ: ﻭﻫل ﻜﺎﻥ ﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﻗﻁ؟ ﺩﻴﻨﻬﻤﺎ ﻭﺍﺤﺩ ﻭﻨﺴﺒﺘﻬﻤﺎ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻭﺒﻠﺩﻫﻤﺎ ﻭﺍﺤﺩ، ﺩﻴﺔ ﺒﻌﻀﻬﻡ ﻨﺼﻑ ﺩﻴﺔ ﺒﻌﺽ؟ ﺇﻨﺎ ﺃﻋﻁﻴﻨﺎﻜﻡ ﻫﺫﺍ ﻀﻴﻤﺎ ﻤﻨﻜﻡ ﻟﻨﺎ، ﻭﺨﻭﻓﺎ ﻭﻓﺭﻗﺎ، ﻓﺄ ـﺎ ﻤ ﺇﺫﺍ ﻗﺩﻡ ﻤﺤﻤﺩ، ﻓﻼ ﻨﻌﻁﻴﻜﻡ، ﻓﻜﺎﺩﺕ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺘﻬﻴﺞ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ، ﺜـﻡ ﺍﺭﺘﻀﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺠﻌﻠﻭﺍ ﺭﺴﻭل ﺍﷲ -ﺼﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺴـﻠﻡ- ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ، ﻓﺄﺭﺴﻠﻭﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﻨﺎﺴﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻴﻥ ﻟﻴﺨﺘﺒﺭﻭﺍ ﺭﺃﻴﻪ ﻓـﺄﻨﺯل ﺍﷲ: ﴿ ﺎ ﺃﻴ ﺎ ﺍﻟﺭ ﻭل...﴾ ﺇﻟﻰ ﺁﺨﺭ ﺍﻵﻴﺎﺕ". ﻫﺫﺍ ﺒﺎﻹﻀـﺎﻓﺔ ﻴ َ ﻬ ﺴ ُ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺒﺏ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻭﺭﺩﻩ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﻱ ﺍﻟﻨﻴﺴﺎﺒﻭﺭﻱ. ﻭﺍﻹﻤﺎﻡ ﺍﺒﻥ ﻜﺜﻴﺭ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﻪ ﺍﻟﻤﻌﺭﻭﻑ )ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺍﻟﻘـﺭﺁﻥ ﺍﻟﻌﻅﻴﻡ( ﻴﺭﻭﻱ "ﺃﻨﻬﺎ ﻨﺯﻟﺕ ﻓﻲ ﺃﻗﻭﺍﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﻴﻬﻭﺩ ﻗﺘﻠـﻭﺍ ﻗﺘـﻴﻼ ﻭﻗﺎﻟﻭﺍ: ﺘﻌﺎﻟﻭﺍ ﻨﺘﺤﺎﻜﻡ ﺇﻟﻰ ﻤﺤﻤﺩ، ﻓﺈﻥ ﺃﻓﺘﺎﻨﺎ ﺒﺎﻟﺩﻴﺔ ﻓﺨﺫﻭﺍ ﻤـﺎ ﻗﺎل، ﻭﺇﻥ ﺤﻜﻡ ﺒﺎﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﻼ ﺘﺴﻤﻌﻭﺍ ﻤﻨﻪ، ﺜﻡ ﺫﻜﺭ ﻭﺍﻗﻌﺔ ﺯﻨﺎ ﺍﻟﻴﻬﻭﺩﻴﻴﻥ ﻭﻭﺍﻗﻌﺔ ﺍﺨﺘﻼﻑ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺩﻴﺔ ﺒـﻴﻥ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠـﺔ ﺍﻟﻌﺯﻴـﺯﺓ ﻭﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﺍﻟﺫﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻴﻬﻭﺩﻴﺘﻴﻥ". ﻭﺨﺘﻡ ﺫﻟﻙ ﺒﻘﻭﻟﻪ: "ﻭﻗﺩ ﺭﻭﻯ ﺍﻟﻌﻭﻓﻲ ﻭﻋﻠﻲ ﺒﻥ ﻁﻠﺤﺔ ﺍﻟﻭﺍﻟﺒﻲ ﻋﻥ ﺍﺒـﻥ ﻋﺒﺎﺱ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻵﻴﺎﺕ ﻨﺯﻟﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻬﻭﺩﻴﻴﻥ ﺍﻟﻠﺫﻴﻥ ﺯﻨﻴـﺎ ﻜﻤـﺎ ﺘﻘﺩﻤﺕ ﺍﻷﺤﺎﺩﻴﺙ ﺒﺫﻟﻙ. ﻭﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﺠﺘﻤﻊ ﻫﺫﺍﻥ ﺍﻟﺴﺒﺒﺎﻥ ﻓـﻲ ٧١
- 18. ﻭﻗﺕ ﻭﺍﺤﺩ، ﻓﻨﺯﻟﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻵﻴﺎﺕ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﻜﻠﻪ، ﻭﺍﷲ ﺃﻋﻠﻡ" ﻫـﺫﻩ ﻫﻲ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﻨﺯﻭل ﻫﺫﻩ ﺍﻵﻴﺎﺕ ﻜﻤﺎ ﺭﻭﺍﻫﺎ ﺍﻷﺌﻤﺔ ﺍﻟﺜﻘـﺎﺕ ﻓـﻲ ﻜﺘﺒﻬﻡ ﺍﻟﻤﻌﺘﻤﺩﺓ ﻨﻘﻼ ﻋﻥ ﺍﻷﺤﺎﺩﻴﺙ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺭﺩﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺼـﺤﺎﺡ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻨﻴﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺠﻤﻊ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻭﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻭﻴﺘﻀﺢ ﻤﻨﻬﺎ ﺠﻤﻴﻌﻬـﺎ ﺒﻼ ﺨﻼﻑ ﺃﻨﻬﺎ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺘﺘﻌﻠﻕ ﺒﺈﻗﺎﻤﺔ ﺍﻟﺤﺩﻭﺩ؛ ﺴﻭﺍﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺘل ﺃﻭ ﺍﻟﺯﻨﺎ، ﻭﺒﺫﻟﻙ ﺘﻜﻭﻥ ﺼﻠﺘﻬﺎ ﺒﺎﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﻤﺒﺘﻭﺘﺔ، ﻭﻤﻥ ﹶـﻡ ﻓـﺈﻥ ﺜ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺠﺭﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﻨﻁﺎﻕ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻤﻥ ﻗ ل ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﻴﻥ ﺍﻟﺠﺩﺩ ﻀﺭﺏ ِﺒ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻌﺴﻑ ﺍﻟﻌﺎﺭﻱ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻨﺩ ﺍﻟﻭﺜﻴﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺅﺍﺯﺭﻩ، ﻭﺩﻓﻌﻬـﻡ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﻁﻤﻭﺡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻜﻡ. ﻭﻨﻌﻭﺫ ﺒﺎﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ ﺃﻥ ﺘﺘﺨﺫ ﺁﻴﺎﺘﻪ ﻤﻁﻴﺔ ﻟﻸﻏﺭﺍﺽ.. ﻭﻻ ﻴﺼﺢ ﻫﻨﺎ ﺍﻻﺤﺘﺠﺎﺝ ﺒﺎﻟﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﻤﺸﻬﻭﺭ ﻓﻲ ﺃﺼـﻭل ﺍﻟﻔﻘﻪ )ﺍﻟﻌﺒﺭﺓ ﺒﻌﻤﻭﻡ ﺍﻟﻠﻔﻅ ﻻ ﺒﺨﺼﻭﺹ ﺍﻟﺴﺒﺏ(؛ ﻷﻥ ﺇﻋﻤـﺎل ﺍﻟﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭ ﻤﻭﻗﻭﻑ ﻋﻠﻰ ﺸﺭﻁ ﻭﻀـﻭﺡ ﺍﻟﻠﻔـﻅ ﻭﻋـﺩﻡ ﺍﻟﺘﺒﺎﺴﻪ ﺒﺎﻟﻐﻴﺭ، ﻭﺃﻨﻪ ﻴﻔﻴﺩ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ، ﻭﻟﻴﺱ ﺍﻷﻤﺭ ﻜﺫﻟﻙ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﻟﻔﻅ )ﺍﻟﺤﻜﻡ( ﺍﻟﻭﺍﺭﺩ ﻓﻲ ﺍﻵﻴﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﻤﺩﺍﺭ ﺍﻟﺤـﺩﻴﺙ؛ ﺇﺫ ﺍﻟﺘﺒﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺌﻠﻴﻥ ﺒﺎﻟﺤﺎﻜﻤﻴﺔ ﻓﺎﻋﺘﺒﺭﻭﻩ ﻋﺎﻤﺎ ﻓﺴـﺤﺒﻭﺍ ﺃﺜـﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﺃﻭ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻋﺘﺒﺭﻭﻫﻤﺎ ﻤﺘﺭﺍﺩﻓﻴﻥ، ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﻭﺍﺭﺩ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻵﻴﺎﺕ ﺨﺎﺹ ﺒﺎﻟﻘﻀﺎﺀ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨـﺎﺱ، ٨١
- 19. ﻭﻻ ﺼﻠﺔ ﻟﻪ ﺒﺎﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻜﻤﺎ ﻨﻌﺭﻓﻪ ﻓﻲ ﺃﻴﺎﻤﻨﺎ ﻫﺫﻩ، ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﺴﻭﻑ ﻴﺘﺄﻜﺩ ﻤﻥ ﺘﻔﺎﺴﻴﺭ ﺍﻟﻘﺩﻤﺎﺀ. ﻴﻘﻭل ﺍﻟﺭﺍﻏﺏ ﺍﻷﺼﻔﻬﺎﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﻓﻲ ﻏﺭﻴـﺏ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ: )ﻭﺍﻟﺤﻜﻡ ﺒﺎﻟﺸﻲﺀ ﺃﻥ ﺘﻘﻀﻲ ﺒﺄﻨﻪ ﻜﺫﺍ ﻭﻟـﻴﺱ ﺒﻜـﺫﺍ ﺴﻭﺍﺀ ﺃﻟﺯﻤﺕ ﻏﻴﺭﻙ ﺃﻭ ﻟﻡ ﺘﻠﺯﻤﻪ، ﻗﺎل ﺘﻌﺎﻟﻰ: ﴿ﻭﺇ ﹶﺍ ﺤﻜﻤـﺘﻡ ِ ﺫ ﹶ ﹸ ﺒﻴﻥ ﺍﻟ ﱠﺎﺱ َﻥ ﺘﺤﻜ ﻭﺍ ِﺎﻟﻌﺩل﴾ )ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ٨٥(، ﻭ ﻗﺎل ﺘﻌـﺎﻟﻰ: ﻨ ِ ﺃ ﹶ ﹸﻤ ﺒ ﹾ ِ ﴿ﻴﺤ ﹸﻡ ﺒﻪ ﺫ ﺍ ﻋﺩل ﻤﻨﻜﻡ﴾. ﻜ ِ ِ ﹶ ﻭ ٍ ﹾ ﹸ ﻭﻗﺎل: ﻓﺎﺤﻜﻡ ﻜﺤﻜﻡ ﻓﺘﺎﺓ ﺍﻟﺤﻲ ﺇﺫ ﻨﻅﺭﺕ ﺇﻟﻰ ﺤﻤﺎﻡ ﺴﺭﺍﻉ ﻭﺍﺭﺩ ﺍﻟﺜﻤﺩ ﻴﻘﺼﺩ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﻫﻭ ﻤﺎ ﺘﻌﺭﻓﻪ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻤﻥ ﻜﻠﻤﺔ )ﺤﻜﻡ( ﻭﺃﻭﺭﺩ ﺃﻤﺜﻠﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻜﺜﻴﺭﺓ: ﻤﻨﻬﺎ ﻗﻭﻟﻪ ﺘﺒﺎﺭﻙ ﻭﺘﻌﺎﻟﻰ: ﴿ﺤ ﱠﻰ ﻴﺤﻜ ﻭﻙ ِﻴ ﺎ ﺸ ﺒﻴﻨﻬﻡ﴾ ﻭﻋ ﻑ ﺍﻟﺠﺭﺠـﺎﻨﻲ ﻓـﻲ ﺭ ﺘ ﱢ ﻤ ﻓ ﻤ ﹶﺠ ﺭ ﹶ ﺍﻟﺘﻌﺭﻴﻔﺎﺕ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺒﺄﻨﻪ )ﺇﺴﻨﺎﺩ ﺃﻤﺭ ﺇﻟﻰ ﺁﺨﺭ ﺇﻴﺠﺎﺒﺎ ﻭﺴـﻠﺒﺎ( ﻭﻻ ﺼﻠﺔ ﻟﻬﺫﺍ ﺒﺈﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ، ﻭﺍﻟﻘـﺭﺁﻥ ﻴﻔﺴـﺭ ﺒﻌ ـﻪ ﺒﻌ ـﺎ، ﻀ ﻀ ﻓﺎﻵﻴﺎﺕ: ﴿...ﻭﺇﻥ ﻜﻤﺕ ﹶﺎﺤﻜﻡ ﺒﻴﻨﻬﻡ ِﺎﻟﻘﺴﻁ...﴾ )ﺍﻟﻤﺎﺌـﺩﺓ: ِﺤ ﹶ ﹶ ﻓ ﹸ ﹶ ﺒ ﹾ ِ ِ ٢٤(. ٩١
- 20. ﴿...ﻭﺇ ﹶﺍ ﺤﻜﻤﺘﻡ ﺒﻴﻥ ﺍﻟ ﱠﺎﺱ َﻥ ﺘﺤﻜ ﻭﺍ ِﺎﻟ ـﺩل...﴾ ِ ﺫ ﹶ ﹸ ﻨ ِ ﺃ ﹶ ﹸﻤ ﺒ ﹾﻌ ِ )ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ: ٨٥(. ﴿...ﺨﺼ ﺎﻥ ﺒ ﹶﻰ ﺒﻌﻀ ﹶﺎ ﻋ ﹶﻰ ﺒﻌﺽ ﹶـﺎﺤﻜﻡ ﻴﻨ ﹶـﺎ ﹶ ﻤ ِ ﻐ ﻨ ﻠ ٍ ﻓ ﹸ ﺒ ﹶﻨ ِﺎﻟﺤﻕ...﴾ )ﺹ: ٢٢(. ﺒﹾ ﱢ ﴿...ﻓ ِﻥ ﺎ ﻭﻙ ﹶﺎﺤﻜﻡ ﺒﻴﻨﻬﻡ ﺃﻭ ﺃﻋﺭﺽ ﻋﻨﻬﻡ...﴾ ﹶﺈ ﺠ ﺀ ﻓ ﹸ ﹶ ِ َ َ ﹾ )ﺍﻟﻤﺎﺌﺩﺓ: ٢٤(. ﻤﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﻭل ﻋﻨﻬﺎ: ﺇﻨﻬﺎ ﺘﻌﻨﻲ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﺃﻱ ﺴﻴﺎﺴـﺔ ﺍﻷﻤﺔ، ﻭﻻ ﺘﻌﻨﻲ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ. ﻭﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻠﺒﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻬﻡ -ﺴﻭﺍﺀ ﻋﻥ ﻗﺼـﺩ ﺃﻭ ﻏﻴـﺭ ﻗﺼﺩ- ﻟﻶﻴﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ، ﻭﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻋﺎﻤﺎ -ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻨﻪ ﺨﺎﺹ- ﻤﺎﻨﻊ ﻤﻥ ﺇﻨﺯﺍل ﻤﺒﺩﺃ )ﺍﻟﻌﺒﺭﺓ ﺒﻌﻤـﻭﻡ ﺍﻟﻠﻔـﻅ ﻻ ﺒﺨﺼـﻭﺹ ﺍﻟﺴﺒﺏ(. ﻭﻋﻠﻤﺎﺀ ﺃﺼﻭل ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺸﺭﺤﻭﺍ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺒﺩﺃ ﺃﺘـﻭﺍ ﺒﺄﻤﺜﻠﺔ ﻟﻔﻅﻬﺎ ﻭﺍﻀﺢ ﻭﻀﻭﺡ ﺍﻟﺸﻤﺱ ﻓﻲ ﺭﺍﺒﻌﺔ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻓﻲ ﻴﻭﻡ ﺼﺎﺌﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ، ﻤﺜل ﺤﺩﻴﺙ ﺍﻟﺭﺴﻭل -ﺼﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺴﻠﻡ- ﻋﻥ ﻤﺎﺀ ﺍﻟﺒﺤﺭ: ))ﻫﻭ ﺍﻟﻁﻬﻭﺭ ﻤﺎﺅﻩ، ﺍﻟﺤـل ﻤﻴﺘﺘﻪ(( ﺍﻟﺫﻱ ﺭﻭﺘﻪ ﻜﺘﺏ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ، ﻭﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟـﺩﺍﺭﻗﻁﻨﻲ ﻓﻲ ﺴﻨﻨﻪ ﻓﻲ ﺴﺕ ﻋﺸﺭﺓ ﺼﻴﻐﺔ، ﻓﻬﻨﺎ ﻓﻼ ﻏﻤﻭﺽ ﻓـﻲ ﻟﻔـﻅ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﻴﺘﺔ، ﻭﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﺸﺎﻤﻼ ﻟﻤﻥ ﺴﺄل ﻋﻨﻪ ﻭﻟﺴـﺎﺌﺭ ٠٢
- 21. ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺤﺩﻴﺙ ﺠﻠﺩ ﺍﻟﺸﺎﺓ ﺍﻟﻤﻴﺘﺔ ﺍﻟﺫﻱ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟـﺩﺍﺭﻗﻁﻨﻲ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﻘﺭﺏ ﻤﻥ ﺜﻼﺜﻴﻥ ﺭﻭﺍﻴﺔ ))ﺇﺫﺍ ﺩﺒﻎ ﺍﻹﻫﺎﺏ ﻓﻘـﺩ ﻁﻬـﺭ(( ﻓﺄﻟﻔﺎﻅﻪ ﻋﺎﻤﺔ ﻭﻟﻴﺱ ﻓﻴﻬﺎ ﻏﻤﻭﺽ ﺃﻭ ﺇﺒﻬﺎﻡ، ﻭﻴﻜﻭﻥ ﻤﻥ ﻴﻘـﻭل ﻋﻥ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﺃﻨﻪ ﺨﺎﺹ ﺒﺸﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺩﺓ ﻤﻴﻤﻭﻨـﺔ ﺃﻡ ﺍﻟﻤـﺅﻤﻨﻴﻥ - ﺭﻀﻭﺍﻥ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻬﺎ- ﻗﺩ ﺃﺨﻁﺄ. ﺇﺫﻥ، ﺍﻨﺴﺤﺎﺏ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺘﻠﻙ ﺍﻵﻴﺎﺕ ﻤﺩﺍﺭ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻻ ﺘﺸﻔﻊ ﻟﻪ ﻗﺎﻋﺩﺓ )ﺍﻟﻌﺒﺭﺓ ﺒﻌﻤﻭﻡ ﺍﻟﻠﻔﻅ ﻻ ﺒﺨﺼﻭﺹ ﺍﻟﺴﺒﺏ(؛ ﻷﻥ ﻟﻴﺱ ﻋﺎﻤﺎ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺨﺎﺹ ﺒﺎﻟﻘﻀـﺎﺀ ﻭﺤـﺩﻩ ﺩﻭﻥ ﺴﻴﺎﺴـﺔ ﺍﻷﻤﺔ. ١٢
- 22. א א א ٢٢
- 23. ﻟﻡ ﻴﻘل ﺃﺤـﺩ ﻤـﻥ ﻗـﺩﺍﻤﻰ ﺍﻟﻤﻔﺴـﺭﻴﻥ: ﺇﻥ ﺍﻵﻴـﺎﺕ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ: )ﻓﺄﻭﻟﺌـﻙ ﻫـﻡ ﺍﻟﻜـﺎﻓﺭﻭﻥ –ﺍﻟﻅـﺎﻟﻤﻭﻥ– ﺍﻟﻔﺎﺴﻘﻭﻥ( ﺘﻌﻨﻲ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﻴﺔ ﷲ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴـﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﻜـﻡ ﺒﺎﻟﺤﻕ ﺍﻹﻟﻬﻲ – ﺇﻨﻤﺎ ﺫﻫﺏ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺴـﻠﻔﻴﻴﻥ ﺍﻟﺠـﺩﺩ، ﻭﺍﻟﺫﻴﻥ ﺘﺩﻓﻌﻬﻡ ﻁﻤﻭﺤﺎﺕ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻪ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺩ. ﻭﻨﺤﻥ ﻻ ﻨﺯﻋﻡ ﺃﻨﻨﺎ ﺍ ﱠﻠﻌﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺠﻤﻴﻊ ﻤﺎ ﺨﻠﻔﻪ ﺍﻟﻘﺩﺍﻤﻰ ﻁ ﻤﻥ ﺘﻔﺎﺴﻴﺭ، ﻓﺫﻟﻙ ﺘﺭﺍﺙ ﺠﻠﻴل ﻴﺴﺘﺤﻴل ﻋﻠﻰ ﻓـﺭﺩ ﻭﺍﺤـﺩ ﺃﻥ ﻴﺴﺘﻭﻋﺒﻪ، ﻭﻟﻜﻨﻨﺎ ﻨﻜﺘﻔﻲ ﺒﺒﻌﻀﻬﺎ ﻟﺘﺄﻜﻴﺩ ﻤﺎ ﻨﺫﻫﺏ، ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﺤﺎﺯ ﺸﻬﺭﺓ ﻭﺍﺴﻌﺔ، ﻭﺘﻠﻘﺘﻪ ﺍﻷ ﺔ ﺒﺎﻟﻘﺒﻭل. ﻤ ﻭﻨﺒﺩﺃ ﺒﺘﻔﺴﻴﺭ ﺤﺒﺭ ﺍﻷﻤﺔ، ﻭﺍﻟﺫﻱ ﺩﻋﺎ ﻟﻪ ﺍﻟﺭﺴـﻭل - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ- ﺒﺎﻟﻔﻘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻭﺍﻟﻌﻠﻡ ﺒﺎﻟﺘﺄﻭﻴل. ﻭﺍﻟﻤﻌﺭﻭﻑ ﺒـ )ﺘﻨﻭﻴﺭ ﺍﻟﻤﻘﺒﺎﺱ ﻤﻥ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺍﺒﻥ ﻋﺒﺎﺱ( ﺍﻟﺫﻱ ﺠﻤﻌﻪ ﺍﻟﻔﻴﺭﻭﺯﺒﺎﺩﻱ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﻘﺎﻤﻭﺱ، ﻭﻨﺤﻥ ﻨﻌﺭﻑ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﺸﻜﻙ ﻓﻲ ﻨﺴﺒﺘﻪ ﻻﺒﻥ ﻋﺒﺎﺱ -ﺭﻀﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ- ﻭﻤﻊ ﺫﻟﻙ، ﻓﻬﻭ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ؛ ﻷﻥ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﻤﻥ ﺃﻋـﻼﻡ ﺍﻟﻘـﺭﻥ ﺍﻟﺘﺎﺴﻊ ﺍﻟﻬﺠﺭﻱ )ﺒﻴﻨﻨﺎ ﻭﺒﻴﻨﻪ ﺴﺘﺔ ﻗﺭﻭﻥ(، ﻓﺈﺫﺍ ﻟﻡ ﻴﺴـﻔﺭ ﻋـﻥ ﺭﺃﻱ ﺍﺒﻥ ﻋﺒﺎﺱ، ﻓﻬـﻭ ﻋﻠـﻰ ﺍﻷﻗـل ﻴﺤﻤـل ﺭﺃﻱ ﺠﺎﻤﻌـﻪ ﺍﻟﻔﻴﺭﻭﺯﺒﺎﺩﻱ: ٣٢
- 24. )ﻭﻤﻥ ﻟﻡ ﻴﺤﻜﻡ ﺒﻤﺎ ﺃﻨﺯل ﺍﷲ( ﻭﻤﻥ ﻟﻡ ﻴﺒﻴﻥ ﻤﺎ ﺒـﻴﻥ ﺍﷲ ﻤﻥ ﺼﻔﺔ ﻤﺤﻤﺩ ﻭﻨﻌﺘﻪ ﻭﺁﻴﺔ ﺍﻟﺭﺠﻡ )ﻓﺄﻭﻟﺌﻙ ﻫﻡ ﺍﻟﻜﺎﻓﺭﻭﻥ( ﺒﺎﷲ ﻭﺍﻟﺭﺴﻭل ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺏ. )ﻭﻤﻥ ﻟﻡ ﻴﺤﻜﻡ ﺒﻤﺎ ﺃﻨﺯل ﻓﺄﻭﻟﺌﻙ ﻫﻡ ﺍﻟﻅﺎﻟﻤﻭﻥ( ﻴﻘﻭل: ﻭﻤﻥ ﻟﻡ ﻴﺒﻴﻥ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﷲ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﻭﻟﻡ ﻴﻌﻤل ﺒﻪ، ﻓﺄﻭﻟﺌﻙ ﻫﻡ ﺍﻟﻀﺎﺭﻭﻥ ﻷﻨﻔﺴﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺔ. ﻭﻟﻴﺤﻜﻡ ﺃﻫل ﺍﻹﻨﺠﻴل ﺒﻤﺎ ﺃﻨﺯل ﺍﷲ ﻓﻴﻪ، ﻭﻤﻥ ﻟﻡ ﻴﺤﻜﻡ ﺒﻤﺎ ﺃﻨﺯل ﺍﷲ ﻓﺄﻭﻟﺌﻙ ﻫﻡ ﺍﻟﻔﺎﺴﻘﻭﻥ(. )ﺘﻔﺴﻴﺭﻫﺎ: ﻭﻟﻴﺒﻴﻥ ﺃﻫل ﺍﻹﻨﺠﻴل ﺒﻤـﺎ ﺒـ ﻥ ﺍﷲ ﻓـﻲ ﻴ ﺍﻹﻨﺠﻴل ﻤﻥ ﺼﻔﺔ ﻤﺤﻤﺩ -ﺼﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺴـﻠﻡ- ﻭﻨﻌﺘـﻪ ﻭﺍﻟﺭﺠﻡ، ﻭﻤﻥ ﻟﻡ ﻴﺒﻴﻥ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﷲ ﻓﻲ ﺍﻷﻨﻴﺭﻴل ﻓﺄﻭﻟﺌـﻙ ﻫـﻡ ﺍﻟﻌﺎﺼﻭﻥ ﺍﻟﻜﺎﻓﺭﻭﻥ(. ﻭﺴﻴﺎﻕ ﺍﻵﻴﺎﺕ ﻴﺩﻭﺭ ﺤﻭل ﺍﻟﺭﺠﻡ ﻭﺍﻟﻘﺘل ﻭﺍﻟﺠـﺭﻭﺡ، ﻭﻓﻘﺄ ﻟﻠﻌﻴﻥ، ﻭﺠﺩﻉ ﺍﻷﻨﻑ، ﻭﻗﻁﻊ ﺍﻷﺫﻥ، ﻭﻗﻠﻊ ﺍﻟﺴﻥ، ﻭﻟـﻴﺱ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﺸﺎﺭﺓ -ﻻ ﻤﻥ ﻗﺭﻴﺏ ﻭﻻ ﻤﻥ ﺒﻌﻴﺩ- ﻋـﻥ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤـﺔ ﺃﻭ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ.... ﺇﻟﺦ. ٤٢
- 25. ﺃﻤﺎ ﺃﺒﻭ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﺃﺤﻤﺩ ﺍﻷﻨﺼﺎﺭﻱ ﺍﻟﻘﺭﻁﺒـﻲ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﻪ ﺍﻟﺠﺎﻤﻊ ﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﺍﻟﻤﻌﺭﻭﻑ ﺒﺘﻔﺴﻴﺭ ﺍﻟﻘﺭﻁﺒـﻲ ﻓﻴﻘﻭل: )ﻭﻜﻴﻑ ﻴﺤﻜﻤﻭﻨﻙ ﻭﻋﻨﺩﻫﻡ ﺍﻟﺘﻭﺭﺍﺓ ﻓﻴﻬﺎ ﺤﻜﻡ ﺍﷲ( ﻗﺎل ﺍﻟﺤﺴﻥ: ﻫﻭ ﺍﻟﺭﺠﻡ. ﻭﻗﺎل ﻗﺘﺎﺩﺓ: ﻫﻭ ﺍﻟﻘﻭﺩ. ﻭﻤﻌﻨﺎﻩ ﺒﺼﺭﻴﺢ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﻭﺍﺭﺩ ﻓﻲ ﺍﻵﻴـﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﻤﺩﺍﺭ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻴﺘﻌﻠﻕ ﺒﺤﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺤـﺩﻭﺩ ﻻ ﺒﺎﻟﺤﻜﻭﻤـﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ. )ﺜﻡ ﻴﺄﺘﻲ ﺍﻟﻘﺭﻁﺒﻲ ﺇﻟﻰ ﺘﻔﺴﻴﺭ )ﻓﺄﻭﻟﺌﻙ ﻫﻡ ﺍﻟﻜـﺎﻓﺭﻭﻥ ﻭﺍﻟﻅﺎﻟﻤﻭﻥ ﻭﺍﻟﻔﺎﺴﻘﻭﻥ( ﻓﻴﻘﻭل: ﻨﺯﻟﺕ ﻜﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ، ﺜﺒـﺕ ﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺼﺤﻴﺢ ﻤﺴﻠﻡ ﻤﻥ ﺤﺩﻴﺙ ﺍﻟﺒﺭﺍﺀ، ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻌﻅﻡ، ﺃﻱ: ﻤﺎ ﺍﺴﺘﻘﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﻤﻌﻅﻡ ﺍﻟﻤﻔﺴﺭﻴﻥ(. ﻭﻓﺴﺭ ﺃﺒﻭ ﺍﻟﻘﺎﺴﻡ ﺍﻟﺯﻤﺨﺸﺭﻱ ﺍﻟﺨﻭﺍﺭﺯﻤﻲ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒـﻪ ﺍﻟﻜﺸﺎﻑ ﻋﻥ ﺤﻘﺎﺌﻕ ﺍﻟﺘﻨﺯﻴل ﻭﻋﻴﻭﻥ ﺍﻷﻗﺎﻭﻴـل ﻓـﻲ ﻭﺠـﻭﻩ ﺍﻟﺘﺄﻭﻴل: ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﻭﺍﺭﺩ ﻓﻲ ﺍﻵﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭﺓ ﺒﺄﻨﻪ: ﻴﺤﻜﻡ ﺒﺄﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺘﻭﺭﺍﺓ ﺍﻟﻨﺒﻴﻭﻥ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﻤﻭﺴﻰ ﻭﻋﻴﺴﻰ، ﻭﻜﺎﻥ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ﺃﻟـﻑ ﻨﺒﻲ، ﻭﻋﻴﺴﻰ ﻟﻠﺫﻴﻥ ﻫﺎﺩﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺘﻭﺭﺍﺓ ﻻ ﻴﺘﺭﻜـﻭﻨﻬﻡ ﺃﻥ ﻴﺒﺩﻟﻭﺍ ﻋﻨﻬﺎ؛ ﻜﻤﺎ ﻓﻌـل ﺭﺴـﻭل ﺍﷲ -ﺼـﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ ٥٢
- 26. ﻭﺴﻠﻡ- ﻤﻥ ﺤﻤﻠﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺤﻜﻡ ﺍﻟﺭﺠﻡ ﻭﺇﺭﻏﺎﻡ ﺃﻨﻭﻓﻬﻡ ﻭﺇﺒﺎﺌـﻪ ﻋﻠﻴﻬﻡ ﻤﺎ ﺍﺸﺘﻬﻭﻩ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻠﺩ. ﻭ ﻨﻘل ﻋﻥ ﺍﺒﻥ ﻋﺒﺎﺱ – ﺭﻀﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ– ﻗﻭﻟﻪ ﺃﻥ ﻴ ﺍﻟﻜﺎﻓﺭﻴﻥ ﻭﺍﻟﻅﺎﻟﻤﻴﻥ ﻭﺍﻟﻔﺎﺴﻘﻴﻥ ﺃﻫل ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ. ﻭﻓﻲ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﻤﻘﺎﺘل ﺒﻥ ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ، ﻭﻫﻭ ﻤﻥ ﺃﻗﺩﻡ ﺍﻟﺘﻔﺎﺴﻴﺭ ﺘﻭﻀﻴﺢ ﺼﺭﻴﺢ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻘﺼﻭﺩ ﺒﺎﻟﺤﻜﻡ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻵﻴـﺎﺕ ﻴﻌﻨـﻲ ﺍﻟﺭﺠﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﺼﻨﺔ ﻭﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻤﺎﺀ ﺴـﻭﺍﺀ، ﻗﺎﻟـﻪ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻓﺴﺭ )ﻭﻜﻴﻑ ﻴﺤﻜﻤﻭﻨﻙ ﻭﻋﻨﺩﻫﻡ ﺍﻟﺘﻭﺭﺍﺓ ﻭﻓﻴﻬـﺎ ﺤﻜـﻡ ﺍﷲ( ﻭﻴﻘﻭل ﻓﻲ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺍﻵﻴﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ: )ﻭﻤﻥ ﻟﻡ ﻴﺤﻜﻡ ﺒﻤﺎ ﺃﻨﺯل ﺍﷲ( ﻓﻲ ﺍﻟﺘـﻭﺭﺍﺓ ﺒـﺎﻟﺭﺠﻡ ﻭﻨﻌﺕ ﻤﺤﻤﺩ )ﻓﺄﻭﻟﺌﻙ ﻫﻡ ﺍﻟﻜﺎﻓﺭﻭﻥ( )ﻭﻤﻥ ﻟﻡ ﻴﺤﻜﻡ ﺒﻤﺎ ﺃﻨﺯل ﺍﷲ( ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻭﺭﺍﺓ ﻤﻥ ﺃﻤﺭ ﺍﻟﺭﺠﻡ ﻭﺍﻟﻘﺘل ﻭﺍﻟﺠﺭﺍﺤﺎﺕ )ﻓﺄﻭﻟﺌـﻙ ﻫﻡ ﺍﻟﻅﺎﻟﻤﻭﻥ(. )ﻭﻤﻥ ﻟﻡ ﻴﺤﻜﻡ ﺒﻤﺎ ﺃﻨﺯل ﺍﷲ )ﻓﻲ ﺍﻹﻨﺠﻴل ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻔـﻭ ﻭﺍﻗﺘﺹ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺎﺘـل ﻭﺍﻟﺠـﺎﺭﺡ ﻭﺍﻟﺼـﺎﺭﺏ )ﻓﺄﻭﻟﺌـﻙ ﻫـﻡ ﺍﻟﻔﺎﺴﻘﻭﻥ(. ﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﻴﻘﻭﻟﻪ ﺍﺒﻥ ﻤﻘﺎﺘل ﺍﻟﺫﻱ ﻋﺎﺵ ﺸﺒﺎﺒﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘـﺭﻥ ﺍﻷﻭل ﻭﺍﻤﺘﺩ ﺒﻪ ﺍﻟﻌﻤﺭ ﺤﺘﻰ ﻤﻨﺘﺼﻑ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻬﺠﺭﺓ ٦٢
- 27. ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻜﺔ ﻋﻠﻰ ﺼﺎﺤﺒﻬﺎ ﺃﻓﻀل ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ – ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﻭل ﻋﻨﻪ ﻤﺤﻘﻘﻪ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﻤﺤﻤﻭﺩ ﺸﺤﺎﺘﺔ ﺭﺌﻴﺱ ﻗﺴﻡ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺒﻜﻠﻴﺔ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ، ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﻅـﻰ ﺒﺎﺤﺘﺭﺍﻡ ﻜﺒﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﻴﻥ ﺍﻟﺠﺩﺩ )ﺃﻗﺩﻡ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﻜﺎﻤل ﻟﻠﻘـﺭﺁﻥ ﻭﺼل ﺇﻟﻴﻨﺎ ﺠﻤﻊ ﻓﻴﻪ ﻤﻘﺎﺘل ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻘل ﻭﺍﻟﻌﻘل، ﺃﻭ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﺭﺍﻴﺔ ﻭﺘﻤﻴﺯ ﺒﺎﻟﺒﺴﺎﻁﺔ ﻭﺍﻟﻴﺴﺭ ﻓﻲ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺘﻔﺴـﻴﺭ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﺒﺎﻟﻘﺭﺁﻥ(. ﻭﻓﺴﺭ ﺍﻹﻤﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﻭﻁﻲ ﻓﻲ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺍﻟﺠﻼﻟﻴﻥ ﺤﻜـﻡ ﺍﷲ ﺍﻟﻭﺍﺭﺩ ﻓﻲ ﺴﻴﺎﻕ ﻫﺫﻩ ﺍﻵﻴﺔ ﺒﺄﻨﻪ ﺤﻜﻡ ﺍﷲ ﺒﺎﻟﺭﺠﻡ. )ﻭﻤﻥ ﻟﻡ ﻴﺤﻜﻡ ﺒﻤﺎ ﺃﻨﺯل ﺍﷲ( ﻗـﺎل ﻓـﻲ ﺍﻟﻘﺼـﺎﺹ ﻭﻏﻴﺭﻩ )ﻓﺄﻭﻟﺌﻙ ﻫﻡ ﺍﻟﻅﺎﻟﻤﻭﻥ( ﻭﻴﻘﺼﺩ ﺒﻐﻴﺭ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ، ﺍﻟﺩﻴﺔ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﻤﻤﺎ ﻴﺩﻭﺭ ﻓﻲ ﻨﻁﺎﻕ ﺇﻗﺎﻤﺔ ﺍﻟﺤﺩﻭﺩ. ﻭﻟﻠﺤﺎﻓﻅ ﺍﺒﻥ ﻜﺜﻴﺭ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺫﺍﺌﻊ ﺍﻟﺼﻴﺕ ﻴﺴﻤﻰ )ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺭ ﺍﻟﻌﻅﻴﻡ( ﻴﻭﺭﺩ ﻨﺹ ﺍﻵﻴﺎﺕ ﻤﻥ ١٤ ﺇﻟﻰ ٤٤ ﻤﻥ ﺴﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﺎﺌﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺘﻬﻲ ﺒـ)ﻫﻡ ﺍﻟﻜﺎﻓﺭﻭﻥ( ﻭﻴﻘﻭل ﻤﻔﺴﺭﺍ ﻟﻬﺎ: ﻗﻴل: ﻨﺯﻟﺕ ﻓﻲ ﺃﻗﻭﺍﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﻴﻬﻭﺩ، ﻗﺘﻠﻭﺍ ﻗﺘﻴﻼ ﻭﻗـﺎﻟﻭﺍ ﺘﻌﺎﻟﻭﺍ ﻨﺘﺤﺎﻜﻡ ﺇﻟﻰ ﻤﺤﻤﺩ، ﻓﺈﻥ ﺃﻓﺘﺎﻨﺎ ﺒﺎﻟﺩﻴﺔ ﻓﺨﺫﻭﺍ، ﻭﺇﻥ ﺤﻜﻡ ﺒﺎﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﻼ ﺘﺴﻤﻌﻭﺍ ﻤﻨﻪ. ٧٢
- 28. ﺜﻡ ﻴﺴﺘﻁﺭﺩ ﻗﺎﺌﻼ ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺃﻨﻬﺎ ﻨﺯﻟﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻬﻭﺩﻴﻴﻥ ﺍﻟﻠﺫﻴﻥ ﺯﻨﻴﺎ ﻭﺴﺭﺩ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻭﺭﺩﻨﺎﻫﺎ ﺁﻨﻔﺎ ﻓﻲ ﺒﺎﺏ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﻨﺯﻭل ﻭﺇﻥ ﺍﺨﺘﻠﻔﺕ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ، ﻭﻤـﻥ ﺜـﻡ ﻓـﻼ ﺃﺭﻯ ﻤﻭﺠﺒـﺎ ﻟﺘﻜﺭﺍﺭﻫﺎ. ﺜﻡ ﻴﻘﻭل: )ﻭﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﺠﺘﻤﻊ ﻫﺫﺍﻥ ﺍﻟﺴﺒﺒﺎﻥ ﻓﻲ ﺫﻟـﻙ ﻜﻠﻪ ﻭﺍﷲ ﺃﻋﻠﻡ(. ﺃﻱ ﺇﻥ ﺍﻵﻴﺎﺕ ﺠﺎﺀﺕ ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ﻟﺘﻌﺎﻟﺞ ﻤﺴـﺄﻟﺔ ﻤﺤـﺩﺩﺓ ﻭﻫﻲ ﺇﻗﺎﻤﺔ ﺍﻟﺤﺩﻭﺩ ﻭﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺭﺩﺕ ﻓﻲ ﻜﺘﺏ ﺍﷲ. ﻭﻟﻴﻌﺫﺭﻨﺎ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺇﺫﺍ ﺃﻁﻠﻨﺎ ﺍﻻﺴﺘﺸﻬﺎﺩ ﺒﻔﻘـﺭﺍﺕ ﻤـﻥ ﺍﻟﺘﻔﺎﺴﻴﺭ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ، ﻭﻟﻜﻥ ﻗﺼﺩﻨﺎ ﻤﻥ ﺫﻟـﻙ ﺃﻥ ﻨﺜﺒـﺕ ﻟﻸﺨـﻭﺓ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﻴﻥ ﺍﻟﻤﺤﺩﺜﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺤﺭﻓﻭﻥ ﺍﻟﻜﻠﻡ ﻋﻥ ﻤﻭﺍﻀﻌﻪ ﺃﻥ ﻫـﺫﻩ ﺍﻵﻴﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺴﻨﺩﻫﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﻴـﺔ ﷲ. ﻭﺍﻟﺤﻜﻭﻤـﺔ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴـﺔ ﺍﻟﺜﻴﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺒﻌﻴﺩﺓ ﻜل ﺍﻟﺒﻌﺩ ﻋﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻁﺎﻕ، ﻭﺇﻥ ﺍﷲ ﺘﺒـﺎﺭﻙ ﻭﺘﻌﺎﻟﻰ ﺃﻨﺯﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺭﺴﻭﻟﻪ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ – ﺼﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺴـﻠﻡ– ﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﺍﻟﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﻤﻨﺼﻭﺹ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ ﺍﷲ، ﺍﻟﻤﻨﺯﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺭﺴﻠﻪ ﻭﻋﺩﻡ ﺍﻟﺘﺠﺎﻭﺯ ﻋﻨﻬﺎ ﻷﻱ ﺴﺒﺏ ﻤﻥ ﺍﻷﺴﺒﺎﺏ، ﺨﺎﺼﺔ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻤﺭﺘﻜﺏ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﺘﻭﺠﺏ ﺍﻟﺤـﺩ ﻤـﻥ ﺍﻹﺸـﺭﺍﻑ )ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻔﺎﺠﺭﺓ ﻭﺍﻟﺒﺭﺠﻭﺍﺯﻴﺔ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭﺓ ﺍﻟﻤﺘﺴﻠﻁﺔ(. ٨٢
- 29. ﻭﺇﻥ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺘﻌﻤﻴﻡ ﻫﺫﻩ ﺍﻵﻴﺎﺕ ﻟﺘﺸﻤل ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﻭﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻫﻭ ﻟﻭﻱ ﻷﻋﻨﺎﻕ ﺘﻠﻙ ﺍﻵﻴﺎﺕ، ﻭﺘﺤﺭﻴـﻑ ﻟﻠﻜﻠـﻡ ﻋـﻥ ﻤﻭﺍﻀﻌﻪ. ﻭﻻ ﻨﻌﺘﻘﺩ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﻴﻥ ﺍﻟﺠﺩﺩ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺨﻔﻭﻥ ﺃﻁﻤـﺎﻋﻬﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺭﺍﺀ ﺃﻗﻨﻌﺔ ﺩﻴﻨﻴﺔ، ﻭﻴﺴﺘﺭﻭﻥ ﺸﻬﻭﺍﺘﻬﻡ ﺇﻟـﻰ ﺍﻟﺤﻜـﻡ ﺨﻠﻑ ﺸﻌﺎﺭﺍﺕ ﺇﺴﻼﻤﻴﺔ – ﻻ ﻨﻌﺘﻘﺩ ﺃﻨﻬﻡ ﻴﺴـﻤﺤﻭﻥ ﻷﻨﻔﺴـﻬﻡ ﺒﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﺤﺒﺭ ﺍﻷﻤﺔ ﺍﺒﻥ ﻋﺒﺎﺱ، ﺃﻭ ﻤﻘﺎﺘـل ﺒـﻥ ﺴـﻠﻴﻤﺎﻥ، ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻴﻭﻁﻲ ﺃﻭ ﺍﺒﻥ ﻜﺜﻴﺭ ﺃﻭ ﺍﻟﺯﻤﺨﺸﺭﻱ ﻓﻲ ﻓﻬﻡ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﺍﻟﻜـﺭﻴﻡ ﻭﺘﺄﻭﻴﻠﻪ ﻭﺘﻔﺴﻴﺭﻩ. ﺇﻥ ﺍﻷﻤﺭ ﻫﻨﺎ ﻻ ﻴﻌﺩﻭ ﺍﺤﺘﻤﺎﻟﻴﻥ ﻻ ﺜﺎﻟﺙ ﻟﻬﻤﺎ: ﺍﻷﻭل: ﺇﻥ ﺍﺒﻥ ﻋﺒﺎﺱ –ﺭﻀﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ– ﻭﻤﻥ ﺫﻜﺭﻨﺎ ﻤﻥ ﺃﺌﻤﺔ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺭ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﻌﻠﻤﻭﻥ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻵﻴﺎﺕ ﺘﺸﻤل ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﻭﺍﻟﺤﺩﻭﺩ ﻤ ﺎ، ﻭﻟﻜﻨﻬﻡ ﻗﺼﺭﻭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺩﻭﺩ، ﻭﺤﺎﺸـﺎ ﷲ ﺃﻥ ﻌ ﻴﻨﺴﺏ ﺇﻟﻴﻬﻡ ﺫﻟﻙ. ﻤﻊ ﺍﺴﺘﺤﺎﻟﺔ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﺘﻭﺍﻁﺌﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﻘـﺭﻥ ﺍﻷﻭل ﺍﻟﻬﺠﺭﻱ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻌﺎﺸﺭ ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻩ. ٩٢
- 30. ﺍﻵﺨﺭ: ﺇﻥ ﺇﺨﻭﺍﻨﻨﺎ ﺍﻷﻓﺎﻀل ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﻴﻥ ﺍﻟﻤﺤﺩﺜﻴﻥ ﺃﻋﻠـﻡ ﺒﻜﺘﺎﺏ ﺍﷲ ﻤﻥ ﺍﺒﻥ ﻋﺒﺎﺱ ﻭﺴﺎﺌﺭ ﻤـﻥ ﺫﻜﺭﻨـﺎ ﻤـﻥ ﺃﻋـﻼﻡ ﺍﻟﻤﻔﺴﺭﻴﻥ. ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﻨﻨﺘﻅﺭ ﻤﻨﻬﻡ ﺠﻭﺍﺒﻬﻡ ﻋﻠﻴﻪ. ﻭﻫﻜﺫﺍ ﻴﺒﻴﻥ ﺃﻨﻪ ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﻨﺯﻭل ﻫـﺫﻩ ﺍﻵﻴـﺎﺕ ﻗﻁﻌﺕ ﺒﺒﻌﺩﻫﺎ ﻋﻥ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻭﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﻭﺍﻟﺩﻭﻟﺔ، ﻜﺫﻟﻙ ﻓﺈﻥ ﺃﺌﻤـﺔ ﺍﻟﻤﻔﺴﺭﻴﻥ ﻴﺠﺯﻤﻭﻥ ﺒﻘﺼﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻨﻁﺎﻕ ﺇﻗﺎﻤﺔ ﺍﻟﺤﺩﻭﺩ. ٠٣
- 31. – א ٣١
- 32. ﻫﻭ ﺍﻟﺸﻬﻴﺩ ﺴﻴﺩ ﻗﻁﺏ ﺭﺤﻤﻪ ﺍﷲ. ﺒﺩﺍﻴﺔ، ﻓﻨﺤﻥ ﻨﻜﻥ ﻟﻪ ﻜل ﺘﻘﺩﻴﺭ، ﻭﻴﻜﻔﻴﻪ ﻤﻜﺎﻨﺔ ﻋﺎﻟﻴـﺔ ﹰ ﻋﻨﺩ ﺍﷲ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻨﻪ ﺍﺴﺘﺸﻬﺩ ﻓﻲ ﺴﺒﻴل ﺩﻋﻭﺓ ﺁﻤﻥ ﺒﻬﺎ. ﻭﻤﺨﺎﻟﻔﺘﻨﺎ ﻟﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺫﻫﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﻓـﻲ ﻤﺴـﺄﻟﺔ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﻴـﺔ ﻭﺍﻨﺴﺤﺎﺏ ﺍﻵﻴﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﻜﺎﻓﺔ ﺍﻟﺸـﺌﻭﻥ ﺒﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ، ﻭﻤﺤﺎﻭﻟﺘﻨﺎ ﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﺁﺭﺍﺌﻪ ﺒﻌﺩ ﻗﻠﻴل ﻻ ﻴﻨﺎل ﻤﻥ ﺘﻘﺩﻴﺭﻨﺎ ﻟﻪ، ﻭﻻ ﻴﻨﻘﺹ ﻤﻥ ﻗﻴﻤﺔ ﺘﻔﺴـﻴﺭﻩ ﺍﻟﻤﻌـﺭﻭﻑ )ﻓﻲ ﻅﻼل ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ( ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻁﺒﻊ ﺤﺘﻰ ﺍﻵﻥ ﻤـﺎ ﻴﻘـﺭﺏ ﻤـﻥ ﻋﺸﺭﻴﻥ ﻁﺒﻌﺔ. ﻭﻓﻲ ﺭﺃﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﺠﺭ ﺍﻟﺸﻬﻴﺩ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻘﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘـﻲ ﺘﺘﻨﺎﻓﻰ ﻤﻊ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﻨﺯﻭل ﻭﻤﺎ ﺍﺴﺘﻘﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺌﻤﺔ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺭ ﻤﻨـﺫ ﻋﻬﺩ ﺍﻟﺼﺤﺎﺒﺔ -ﺭﻀﻭﺍﻥ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻬﻡ- ﻫﻭ ﺇﻋﺠﺎﺒـﻪ ﺒﺎﻟﺠﻤﺎﻋـﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺸﺄﺕ ﻤﻨﺫ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﻌﺸـﺭﻴﻥ ﺍﻟﻤـﻴﻼﺩﻱ ١٤٩١ ﻡ – ٠٦٣١ ﻫـ ﻓﻲ ﺸﺒﻪ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺍﻟﻬﻨﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻭﻗـﻑ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺴﻬﺎ ﺃﺒﻭ ﺍﻷﻋﻼ ﺍﻟﻤﻭﺩﻭﺩﻱ ﺭﺤﻤﻪ ﺍﷲ، ﻭﻴﺘﺎﺒﻊ ﺍﻟﻤﺴـﻴﺭﺓ ﻤﻥ ﺒﻌﺩﻩ ﺘﻼﻤﻴﺫﻩ، ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻹﺨﻭﺓ ﺍﻟﻬﻨﻭﺩ ﺭﻏﻡ ﻋﻠﻤﻬﻡ ﺍﻟﻐﺯﻴـﺭ، ﻭﻓﻀﻠﻬﻡ ﻭﺜﻘﺎﻓﺘﻬﻡ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﺘﻌﺩﺩﺓ ﺍﻟﺠﻭﺍﻨﺏ، ﻭﺇﺠـﺎﺩﺓ ﺍﻟﻜﺜﻴـﺭ ﻤﻨﻬﻡ ﻟﻠﻐﺎﺕ ﺍﻷﺠﻨﺒﻴﺔ ﻭﺃﺨﺼﻬﺎ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻹﻨﺠﻠﻴﺯﻴﺔ. ٢٣
- 33. ﻓﺈﻨﻬﻡ ﻟﻸﺴﻑ ﺍﻟﺸﺩﻴﺩ ﻟﻡ ﻴﺴﺘﻁﻴﻌﻭﺍ ﺃﻥ ﻴﺴﺘﻭﻋﺒﻭﺍ ﺃﺴﺭﺍﺭ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ، ﻭﺇﻥ ﺃﻟﻡ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﻤﻨﻬﻡ ﺒﻬﺎ ﻗﺭﺍﺀﺓ ﻭﻜﺘﺎﺒﺔ، ﻭﺃﻗﻠﻬﻡ ﻨﻁﻘﺎ ﻭﺤﺩﻴﺜﺎ. ﻭﻤﺭﺠﻊ ﻫﺫﺍ ﺇﻟﻰ ﻋﺯﻟﺘﻬﻡ ﻓﻲ ﺸﺒﻪ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺍﻟﻬﻨﺩﻴﺔ، ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻭﻗﻑ ﺤﺎﺌﻼ ﺒﻴﻨﻬﻡ ﻭﺒﻴﻥ ﻓﻬﻡ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻤﻁﻬﺭﺓ ﻭﻋﻠﻭﻡ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ، ﻭﺴﺎﺌﺭ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴـﺔ ﻜﻤـﺎ ﻴﻔﻬﻤﻬﺎ ﺍﻟﻌﺭﺏ. ﻤﺜﻠﻬﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﺭﻗﻭﻥ، ﻓﺭﻏﻡ ﺠﻬﻭﺩﻫﻡ ﺍﻟﻤﻀـﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘـﻲ ﺒﺫﻟﻭﻫﺎ ﻹﺠﺎﺩﺓ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻓﺈﻨﻬﺎ ﺍﺴﺘﻌﺼﺕ ﻋﻠﻴﻬﻡ. ﻭﻟﻜﻥ ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻷﺨﻴﺭﻴﻥ، ﺃﻭ -ﺇﺫﺍ ﺸﺌﻨﺎ ﺍﻟﺩﻗﺔ- ﺍﻟﻜﺜﻴـﺭ ﻤﻨﻬﻡ ﻴﺯﻴﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﻨﺎﺩﻜﺔ ﺒﺴﻭﺀ ﺍﻟﻁﻭﻴﺔ ﻭﺨﺒﺙ ﺍﻟﻨﻴﺔ، ﺍﻟﺒﺎﻋـﺙ ﻟﻬﻤﺎ ﺍﻷﺤﻘﺎﺩ ﺍﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ ﺍﻟﺩﻓﻴﻨﺔ، ﻭﺘﻤﺜل ﺫﻟﻙ ﻜﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﻻﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﻴﺘﺔ ﻤﻥ ﺃﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﻓﻲ ﺍﻟﻁﻌﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﻭﺍﻹﺴﺎﺀﺓ ﺇﻟﻰ ﺸﺨﺹ ﺍﻟﺭﺴﻭل -ﺼﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺴﻠﻡ- ﻭﺇﺸـﺎﻋﺔ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻬﺯﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ؛ ﺘﺤﻘﻴﻘﺎ ﻟﻠﻤﻁﺎﻤﻊ ﺍﻻﺴـﺘﻌﻤﺎﺭﻴﺔ ﻟـﺩﻭﻟﻬﻡ ﺨﺎﺼﺔ، ﻭﻗﺩ ﺜﺒﺕ ﺃﻥ ﻜﺜﻴﺭﺍ ﻤﻨﻬﻡ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻤـﻭﻅﻔﻴﻥ ﻓـﻲ ﺃﻗـﻼﻡ ﺍﺴﺘﺨﺒﺎﺭﺍﺕ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺩﻭل. ٣٣
- 34. ﻭﻗﺩ ﺃﺩﻯ ﻀﻌﻑ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺸﺒﻪ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺍﻟﻬﻨﺩﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐـﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻁﻠﻌﻭﺍ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺒﻤﻘﻭﻻﺕ ﻭﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻤﺎ ﺃﻨﺯل ﺍﷲ ﺒﻬﺎ ﻤﻥ ﺴﻠﻁﺎﻥ، ﻭﻟﻡ ﻴﻘل ﺒﻬﺎ ﺃﺤﺩ ﻤﻥ ﺍﻷﻭﻟﻴﻥ. ﻭﻟﺫﻟﻙ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻋﺠﺒﺎ ﺃﻥ ﻴﻜـﻭﻥ ﺭﺃﻱ ﺃﺒـﻲ ﺍﻷﻋـﻼ ﺍﻟﻤﻭﺩﻭﺩﻱ ﻓﻲ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﻭﺍﻟﺤﺠﺎﺏ ﻤﻭﻏﻼ ﻓـﻲ ﺍﻟﺠﻤـﻭﺩ ﻭﺍﻟﺘﺤﺠﺭ ﻭﺍﻻﻨﻐﻼﻕ، ﻤﺘﺄﺜﺭﺍ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺒﺎﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺩ ﺍﻟﺴﺎﺌﺩﺓ ﻓﻲ ﻤﻨﻁﻘﺘﻪ، ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﺩﻓﻊ ﺭﺠﺎﺀ ﺠﺎﺭﻭﺩﻱ –ﺍﻟﺫﻱ ﻓـﺭﺡ ﺒـﻪ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﻭﻥ ﺍﻟﺠﺩﺩ ﻭﺒﺈﺴﻼﻤﻪ، ﻭﺃﺼﺒﺢ ﺒﻌﺩ ﺫﻟـﻙ ﺍﻟﺒـﺩﺭ ﺍﻟﻁـﺎﻟﻊ ﻭﺍﻟﻨﺠﻡ ﺍﻟﺴﺎﻁﻊ ﻓﻲ ﻜل ﻤﺅﺘﻤﺭ ﺇﺴﻼﻤﻲ– ﺩﻓﻌﻪ ﺫﻟﻙ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻭل ﺒﺄﻥ ﺤﺠﺎﺏ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﻟﻴﺱ ﻟﻪ ﺴﻨﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ، ﺇﻨﻤﺎ ﻫـﻭ ﻋﺎﺩﺓ ﻓﺎﺭﺴﻴﺔ ﻗﺩﻴﻤﺔ )ﻭﻋﻭﺩ ﺍﻹﺴﻼﻡ، ﺘﺭﺠﻤﺔ ﺫﻭﻗﺎﻥ ﻗﺭﻗﻭﻁ – ﻁﺒﻌﺔ ﻤﺩﺒﻭﻟﻲ( ﻭﻴﻨﻜـﺭ ﺃﺒـﻭ ﺍﻷﻋـﻼ ﺍﻟﻤـﻭﺩﻭﺩﻱ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴـﺔ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ، ﻭﻟﻡ ﻴﺴﺘﻁﻊ ﺃﻥ ﻴﻔـﺭﻕ ﺒﻴﻨﻬـﺎ ﻭﺒـﻴﻥ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﻬﻰ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﺼﻭﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻭﻤﺯﺝ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ﻭﻁﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺒﻨﻅﺭﻴﺔ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﺃﻁﻠـﻕ ﻋﻠﻴﻬـﺎ )ﺍﻟﻌﺼـﺒﻴﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ( ﻭﺃﻜﺩ ﺃﻨﻬﺎ ﻗﻤﺔ ﺍﻟﻌﺩﺍﺀ ﻟﻺﺴﻼﻡ – )ﺍﻨﻅﺭ ﻜﺘﺎﺒﻪ: )ﺒـﻴﻥ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴـﺔ ﻭﺍﻟﺭﺍﺒﻁـﺔ ﺍﻹﺴـﻼﻤﻴﺔ( – ﺩﺍﺭ ﺍﻷﻨﺼـﺎﺭ ﺒﺎﻟﻘﺎﻫﺭﺓ(، ﻭﻻ ﻤﺠﺎل ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﻨﺎ ﻫﺫﺍ ﻟﻠﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺫﻟـﻙ ﺍﻟﺨﻠـﻁ ٤٣
- 35. ﺍﻟﻐﺭﻴﺏ. ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﻬﻤﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﻫﻭ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﻴﺔ ﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﺘـﻲ ﺸﺭﺤﻬﺎ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﻪ )ﻨﻅﺭﻴـﺔ ﺍﻹﺴـﻼﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴـﻴﺔ( ﻭ)ﻤﻨﻬـﺎﺝ ﺍﻻﻨﻘﻼﺏ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ(، )ﺇﻥ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘـﻭﻡ ﻋﻠﻴـﻪ ﺒﻨـﺎﺀ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺘﺼﻭﺭ – ﻤﻔﻬﻭﻡ– ﺤﺎﻜﻤﻴﺔ ﺍﷲ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ﺍﻷﺤﺩ – ﻭﺃﻥ ﻨﻅﺭﻴﺘﻬﺎ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺃﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﻜﻠﻬﺎ ﷲ، ﻭﻫـﻭ ﺭﺒﻬـﺎ ﻭﺍﻟﻤﺘﺼﺭﻑ ﻓﻲ ﺸﺌﻭﻨﻬﺎ، ﻓﺎﻷﻤﺭ ﻭﺍﻟﺤﻜﻡ ﻭﺍﻟﺘﺸـﺭﻴﻊ، ﻜﻠﻬـﺎ ﻤﺨﺘﺼﺔ ﺒﺎﷲ ﻭﺤﺩﻩ ﻭﻟﻴﺱ ﻟﻔﺭﺩ ﺃﻭ ﺃﺴﺭﺓ ﺃﻭ ﻁﺒﻘﺔ ﺃﻭ ﺸﻌﺏ، ﺒل ﻻ ﻟﻠﻨﻭﻉ ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ ﻜﺎﻓﺔ ﻤﻥ ﺴﻠﻁﺔ ﺍﻷﻤﺭ ﻭﺍﻟﺘﺸـﺭﻴﻊ، ﻓـﻼ ﻤﺠﺎل ﻓﻲ ﺤﻅﻴﺭﺓ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻭﺩﺍﺌﺭﺓ ﻨﻔﻭﺫﻩ ﺇﻻ ﻟﺩﻭﻟﺔ ﻴﻘﻭﻡ ﻓﻴﻬـﺎ ﺍﻟﻤﺭﺀ ﺒﻭﻅﻴﻔﺔ ﺨﻠﻴﻔﺔ ﷲ ﺘﺒﺎﺭﻜﺕ ﺃﺴﻤﺎﺅﻩ، ﻭﻻ ﺘﺘـﺄﺘﻰ ﻫـﺫﻩ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ﺒﻭﺠﻪ ﺼﺤﻴﺢ ﺇﻻ ﻤﻥ ﻭﺠﻬﺘﻴﻥ: ﺇﻤﺎ ﺃﻥ ﻴﻜـﻭﻥ ﺫﻟـﻙ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺭﺴﻭﻻ ﻤﻥ ﺍﷲ، ﺃﻭ ﺭﺠﻼ ﻴﺘﺒﻊ ﺍﻟﺭﺴﻭل ﻓﻴﻤﺎ ﺠﺎﺀ ﺒـﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﺭﻉ ﻭﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻤﻥ ﻋﻨﺩ ﺭﺒـﻪ( ﺹ ٣١ ﻤـﻥ ﻤﻨﻬـﺎﺝ ﺍﻻﻨﻘﻼﺏ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ – ﺩﺍﺭ ﺍﻷﻨﺼﺎﺭ ﺒﻤﺼﺭ. ﻫﻜﺫﺍ -ﺒﻤﻨﺘﻬـﻰ ﺍﻟﻭﻀـﻭﺡ- ﻻ ﺭﺃﻱ ﻟﻠﺸـﻌﺏ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻫﻭ ﺨﻠﻴﻔﺔ ﺍﷲ ﺃﻱ ﻅل ﺍﷲ ﻓـﻲ ﺍﻷﺭﺽ، ﻭﻻ ﻴﺠـﺩﻱ ﺍﻟﺘﺤﻔﻅ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻭﺭﺩﻩ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻴﺘﺒﻊ ﺍﻟﺭﺴﻭل ﻓﻴﻤﺎ ﺠﺎﺀ ﺒﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﺭﻉ ﻭﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻤﻥ ﻋﻨﺩ ﺭﺒﻪ. ٥٣
- 36. ﻷﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﺴﻴﺤﺩﺙ -ﻭﻗﺩ ﺤﺩﺙ ﻓﻌﻼ- ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ﻴﺩﻋﻲ ﺃﻨﻪ ﻴﺘﺒﻊ ﺍﻟﺭﺴﻭل -ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ– ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺼـﺩﺭ ﻋﻨﻪ ﻤﻥ ﻗﻭل ﺃﻭ ﻋﻤل ﺃﻭ ﺘﺸﺭﻴﻊ، ﻜﻤﺎ ﺍﺩﻋـﻰ ﺫﻟـﻙ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔـﺔ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ )ﻨﻌﻨﻲ ﺒﻪ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﺠﻌﻔﺭ ﺍﻟﻨﻤﻴﺭﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻭﺩﺍﻥ( ﻤﻨﺫ ﻗﻠﻴل، ﻭﻜﻤﺎ ﻴﻔﻌل ﺤﺎﻟﻴﺎ ﻤﺤﻤﺩ ﻀﻴﺎﺀ ﺍﻟﺤﻕ ﻁﺎﻏﻴـﺔ ﺒﺎﻜﺴـﺘﺎﻥ. ﻭﻟﻴﺱ ﺒﺒﻌﻴﺩ ﺍﻻﺴﺘﻔﺘﺎﺀ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻡ ﺒﻤﻌﺭﻓﺔ ﺃﺠﻬﺯﺓ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﻭﺠﻨﺭﺍﻻﺕ ﺍﻟﺘﻌﺫﻴﺏ )ﺘﺒﻌﻪ( ﻭﺍﺩﻋﺎﺅﻩ ﺃﻥ ﺘﻭﻟﻴﻪ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴـﺔ ﻤﻌﻨـﺎﻩ ﺘﻁﺒﻴـﻕ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ، ﻓﻬﻭ ﻭﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺴﻭﺍﺀ. ﻭﻜﻤﺎ ﻴﺤﻜﻡ ﺍﻟﺨﻤﻴﻨﻲ ﺇﻴﺭﺍﻥ ﺤﻜﻤﺎ ﻤﻁﻠﻘﺎ ﻤـﺩﻋﻴﺎ ﺃﻨـﻪ ﻴﻁﺒﻕ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ، ﻓﻘﺩ ﺫﻜـﺭ ﺃﺤـﺩ ﺍﻟﻤﺘﺤﻤﺴـﻴﻥ ﻟـﻪ ﻭﺍﻟﻤﻌﺠﺒﻴﻥ ﺒﻪ ﻭﻫﻭ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﻤﺤﻤﺩ ﺤﺴﻨﻴﻥ ﻫﻴﻜل -ﺒﻌﺩ ﺯﻴﺎﺭﺘﻪ ﻹﻴﺭﺍﻥ- ﺃﻥ ﺴﻠﻁﺎﺕ ﺍﻟﺨﻤﻴﻨﻲ ﻤﻁﻠﻘﺔ ﻭﺒﻼ ﺤﺩﻭﺩ، ﻭﺃﻨﻬﺎ ﻓﺎﻗـﺕ ﺒﻤﺎ ﻻ ﻴﻘﺎﺱ ﻋﻠﻴﻪ ﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺸﺎﻩ ﺍﻟﻤﺨﻠـﻭﻉ )ﻤـﺩﺍﻓﻊ ﺁﻴـﺔ ﺍﷲ – ﻁﺒﻌﺔ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺸﺭﻭﻕ ﺒﻤﺼﺭ(. ﻫﻜﺫﺍ ﺘﻜﻭﻥ ﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻓﻲ ﻨﻅﺭ ﺍﻟﻤﻭﺩﻭﺩﻱ -ﺭﺤﻤـﻪ ﺍﷲ ﻭﻏﻔﺭ ﻟﻪ- ﻫﻲ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﺭﺍﺩ ﻟﻪ. ﺇﺫ ﺴﻭﻑ ﻴﺩﻋﻲ ﻜل ﺤﺎﻜﻡ – ﻭﻫﺫﺍ ﺒﺩﻫﻲ– ﺃﻨﻪ ﻤﺘﺒـﻊ ﻟﻠﻤﻌﺼﻭﻡ -ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ- ﺩﻭﻥ ﺭﻗﺎﺒﺔ ﻤﻥ ﻤﺅﺴﺴـﺎﺕ ٦٣
- 37. ﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ﻭﺒﻼ ﺃﺤﺯﺍﺏ ﻤﻌﺎﺭﻀﺔ، ﻭﺒﻼ ﺼﺤﻑ ﻤﻨﺎﻭﺌﺔ، ﻭﻫـﺫﺍ ﻫﻭ ﺒﻴﺕ ﺍﻟﻘﺼﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻬﺩﻑ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﻭﻥ ﺍﻟﺠﺩﺩ ﻓﻲ ﻤﺼـﺭ ﺍﻟﻤﺤﺭﻭﺴﺔ، ﻭﺍﻟﺤﻠﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺩﺍﻋﺏ ﺠﻔﻭﻨﻬﻡ ﻤـﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﺭﻓﻌﻬـﻡ ﻟﺸﻌﺎﺭ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ، ﻭﺘﻤﺴﺤﻬﻡ ﺒﺎﻵﻴﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ. ﻭﺤﺘﻰ ﻴﺨﻠﻭﺍ ﻟﻬﻡ ﺍﻟﺠﻭ، ﻓﻬﻡ ﺤـﺯﺏ ﺍﷲ، ﻭﻏﻴـﺭﻫﻡ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺸﻴﻁﺎﻥ، ﻜﻤﺎ ﺨﻼ ﺍﻟﺠﻭ ﻟﺭﻭﺡ ﺍﷲ ﺍﻟﺨﻤﻴﻨـﻲ ﻭﺯﻤﺭﺘـﻪ ﺍﻟﻔﺎﺸﻴﺔ. ﻭﻟﻨﻘﺎﺭﻥ ﺒﻴﻥ ﻓﻬﻡ ﺍﻟﺼ ﻴﻕ -ﺭﻀﻭﺍﻥ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ- ﻭﺒﻴﻥ ﺩ ﻓﻬﻡ ﺍﻟﻤﻭﺩﻭﺩﻱ ﻟﻺﺴﻼﻡ ﻨﺼﺎ ﻭﺭﻭﺤﺎ، ﻓﻤﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﻌﻠﻭﻡ ﺃﻥ ﺃﺒـﺎ ﺒﻜﺭ ﺍﻟﺼﺩﻴﻕ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺘﻭﻟﻰ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ﻨﺎﺩﺍﻩ ﺃﺤﺩ ﺍﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻥ )ﻴـﺎ ﺨﻠﻴﻔﺔ ﺍﷲ( ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺃﺒﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺫﻟﻙ ﻭﻗﺎل: )ﺃﻨﺎ ﺨﻠﻴﻔﺔ ﺭﺴﻭل ﺍﷲ(. ﻓﻬﻭ ﺒﻔﻬﻤﻪ ﺍﻟﻌﻤﻴﻕ ﻟﻺﺴﻼﻡ، ﻭﺒﻭﻋﻴﻪ ﺍﻟﻨﻔﺎﺫ ﻋﻠﻡ ﺃﻥ ﻟﻘﺏ ﺨﻠﻴﻔﺔ ﺍﷲ ﺴﻭﻑ ﻴﺤ ل ﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻤﻥ ﺒﻌﺩﻩ ﺇﻟﻰ ﻁﻭﺍﻏﻴﺕ ﻭ ﻻ ﻴﺠﺭﺅ ﺃﺤﺩ ﻋﻠﻰ ﻤﻨﺎﻗﺸﺘﻬﻡ ﻭﻻ ﻨﻘﻭل ﻤﻌﺎﺭﻀﺘﻬﻡ؛ ﻷﻨﻬﻡ ﻅل ﺍﷲ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ– ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻟﻤﻭﺩﻭﺩﻱ ﻟﻡ ﻴﺴﺘﻁﻊ ﺃﻥ ﻴﺴﺘﻭﻋﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﺎﺭﻕ ﺍﻟﺩﻗﻴﻕ ﻭﺍﻟﺨﻁﻴﺭ ﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻭﻗﺕ، ﻓﺄﺒﺎﺡ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺤﺎﻜﻡ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ )ﺨﻠﻴﻔﺔ ﷲ( ﻜﻤﺎ ﺃﻭﺭﺩﻨﺎﻩ ﻓﻴﻤﺎ ﺴﻠﻑ– ﻭﻫـﺫﺍ ﺍﻟﻔﻬـﻡ ٧٣
- 38. ﺍﻟﻤﻐﻠﻭﻁ ﻨﺸﺄ ﻋﻥ ﺍﺴﺘﺤﺎﻟﺔ ﺘﻌﻤﻘﻪ ﻷﺴﺭﺍﺭ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ. ﻭﻨﻌﻴﺫ ﺒﺎﷲ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ﺃﻥ ﻴﻅﻥ ﺒﻜﺎﺘﺏ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻁﻭﺭ ﺍﻟﺘﻌﺼﺏ ﺃﻭ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ، ﻭﻟﻜﻥ ﻫﺫﺍ ﻫـﻭ ﺭﺃﻱ ﺃﺌﻤـﺔ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺘﺠﻠﻬﻡ ﺍﻷﻤﺔ: ﻴﻘﻭل ﺍﻹﻤﺎﻡ ﺍﻟﺸـﺎﻁﺒﻲ -ﻭﻫـﻭ ﺍﻟﻌﻼﻤـﺔ ﺍﻟﻤﺤﻘـﻕ ﺍﻷﺼﻭﻟﻲ- ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﻪ )ﺍﻻﻋﺘﺼﺎﻡ(: "ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﻅﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﻤـﺘﻜﻠﻡ ﻓﻴﻬـﺎ ﺃﺼـﻭﻻ ﻭﻓﺭﻭﻋﺎ ﺃﻻ ﻴﺘﻜﻠﻡ ﻓﻲ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺤﺘﻰ ﻴﻜﻭﻥ ﻋﺭﺒﻴـﺎ، ﺃﻭ ﻜﺎﻟﻌﺭﺏ ﻓﻲ ﻜﻭﻨﻪ ﻋﺎﺭﻓﺎ ﺒﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ، ﺒﺎﻟﻐﺎ ﻓﻴﻪ ﻤﺒﺎﻟﻎ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺃﻭ ﻤﺒﺎﻟﻎ ﺍﻷﺌﻤﺔ ﺍﻟﻤﺘﻘﺩﻤﻴﻥ ﻜﺎﻟﺨﻠﻴـل ﻭﺴـﻴﺒﻭﻴﻪ ﻭﺍﻟﻜﺴـﺎﺌﻲ ﻭﺍﻟﻔﺭﺍﺀ ﻭﻤﻥ ﺃﺸﺒﻬﻬﻡ ﻭﺩﺍﻨﺎﻫﻡ". ﻭﺃﺒﻭ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻭﺩﻭﺩﻱ ﻤﻊ ﺍﻻﺤﺘﺭﺍﻡ – ﻟﻴﺱ ﻋﺭﺒﻴـﺎ ﻭﻻ ﺘﺒﻠﻎ ﻤﻌﺭﻓﺘﻪ ﺒﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻤﺒﻠﻎ ﺍﻟﻌﺭﺏ، ﻭﺩﻋﻙ ﻤﻥ ﻤﺒﻠﻎ ﺍﻟﺨﻠﻴل ﻭﻨﻅﺭﺍﺌﻪ، ﺒل )ﺇﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﻜـﻥ ﻤـﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤـﺎﺀ ﺒـﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻱ( )ﺍﻨﻅﺭ ﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺘﻭﺤﻴﺩ ﻭﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺦ ﻟﻠﺩﻜﺘﻭﺭ ﻜﻠﻴﻡ ﺼﺩﻴﻘﻲ ﻤﻥ ﻤﻨﺸﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺯﻫﺭﺍﺀ ﻟﻺﻋﻼﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺒﻤﺼﺭ(. ٨٣
- 39. ﻭﻴﻘﻭل ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ: "ﻋﺎﻟﻡ ﻗﺭﻴﺵ ﺍﻟﺫﻱ ﻤﻸ ﻁﺒﺎﻕ ﺍﻷﺭﺽ ﻋﻠﻤﺎ )ﻓﻤﻥ ﺠﻬل ﻫﺫﺍ ﻤﻥ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻓﺘﻜﻠـﻑ ﺍﻟﻘـﻭل ﻓـﻲ ﻋﻠﻤﻬﺎ، ﺘﻜﻠﻑ ﻤﺎ ﻴﺠﻬل ﻟﻔﻅـﻪ؛ ﺇﺫ ﺒﻠﺴـﺎﻨﻬﻡ ﻨـﺯل ﺍﻟﻘـﺭﺁﻥ ﻭﺠﺎﺀﺕ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺒﻪ(. ﻭﻋﻥ ﺍﻟﺤﺴﻥ )ﺃﺭ ﺢ ﺃﻨﻪ ﺍﻟﺒﺼﺭﻱ(. ﺠ )ﺃﻫﻠﻜﺘﻬﻡ ﺍﻟﻌﺠﻤﺔ ﻴﺘﺄ ﻟﻭﻨﻪ ﻏﻴﺭ ﺘﺄﻭﻴﻠﻪ(. ﻭ ﺭﺤﻤﻪ ﺍﷲ ﻜﺄﻨﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﻨﻅﺭ ﻤﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﺤﺠﺏ ﺍﻟﻐﻴـﺏ، ﻭﻜﺄﻨﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﻭﻟﻲ ﻭﺠﻬﻪ ﺼﻭﺏ ﺸﺒﻪ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺍﻟﻬﻨﺩﻴـﺔ، ﺤﻴـﺙ ﺍﺒﺘﺩﻉ ﺍﻟﻤﻭﺩﻭﺩﻱ -ﺭﺤﻤﻪ ﺍﷲ– ﺒﻌﺩ ﺃﺭﺒﻌﺔ ﻋﺸﺭ ﻗﺭﻨﺎ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﻟﻡ ﻴﻘل ﺒﻬﺎ ﺃﺌﻤﺔ ﺍﻟﻬﺩﻯ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﻭﻥ. ﻭﻋﻔﺎ ﺍﷲ ﻋﻥ ﺍﻟﺸﻬﻴﺩ ﺴﻴﺩ ﻗﻁﺏ، ﻗﺭﺃ ﻫـﺫﻩ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴـﺔ )ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﻴﺔ( ﻓﺄﻋﺠﺒﺘﻪ ﻭﻻﻗﺕ ﻫﻭﻯ ﻓﻲ ﻨﻔﺴﻪ، ﻓﻨﻘﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻅﻼل ﻭﻓﻲ ﻜﺘﺒﻪ ﺍﻷﺨﺭﻯ ﺒﻨﺼﻬﺎ ﻭﻓﺼﻬﺎ ﻤـﻊ ﺍﻟﺯﻴـﺎﺩﺓ ﻭﺍﻹﻁﻨـﺎﺏ ﻭﺍﻹﻁﺎﻟﺔ ﻭﺍﻟﺸﺭﺡ ﻭﺍﻟﺘﻔﺼﻴل، ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻟﺴﻨﺩ ﺃﻋﻭﺩﻩ ﻭﺍﻓﺘﻘﺭ ﺇﻟـﻰ ﺍﻟﺩﻟﻴل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺅﺍﺯﺭﻩ –ﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﻬﻨﺩﻴﺔ– ﻷﺴـﺒﺎﺏ ﺍﻟﻨﺯﻭل ﻭﺘﻔﺎﺴﻴﺭ ﺃﺌﻤﺔ ﺍﻟﻬﺩﻯ ﻤﻥ ﺍﻷﻗﺩﻤﻴﻥ. ﺍﻟﺸﻬﻴﺩ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﻅﻼل –ﺭﺤﻤﻪ ﺍﷲ- ﻓﻲ ﺸﺄﻥ ﺍﻵﻴﺎﺕ ﻤﻥ ﴿ ﺎ ﺃﻴ ﺎ ﺍﻟﺭ ﻭل ﻻ ﻴﺤ ﻨﻙ ﺍﻟ ِﻴﻥ ﻴ ﺎﺭ ﻭﻥ ِﻲ ﺍﻟﻜﻔﹾـﺭ﴾ ﻴ َ ﻬ ﺴ ُ ﹶ ﺯ ﱠﺫ ﺴ ِﻋ ﻓ ﹾ ﹸ ِ ٩٣
- 40. )ﺍﻟﻤﺎﺌﺩﺓ ١٤( ﺇﻟﻰ ﴿ﺃﻓﺤﻜ ﺍﻟ ﺎﻫﻠﻴﺔ ﻴﺒ ﹸﻭﻥ ﻭﻤﻥ ﺃﺤﺴﻥ ِـﻥ َ ﹶ ﹾﻡ ﹾﺠ ِ ِ ِ ﻐ َ ﻤ ﺍﷲ ﺤﻜ ﺎ ﻟﻘﻭ ٍ ﻭﻗ ﹸﻭﻥ﴾ )ﺍﻟﻤﺎﺌﺩﺓ ٠٥( ﻭﻗﺩ ﺘﻀﻤﻨﺕ ﺍﻵﻴـﺎﺕ ِ ﹾﻤ ﱢ ﹶ ﻡ ﻴ ِﻨ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﻤﺩﺍﺭ ﺍﻟﺒﺤﺙ – ﻗﺎل ﻤﺎ ﻴﻠﻲ: )ﻭﺍﷲ -ﺴﺒﺤﺎﻨﻪ- ﻴﻘﻭل ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﻫـﺫﺍ ﻜﻠـﻪ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺇﻴﻤﺎﻥ ﻭﻜﻔﺭ، ﺃﻭ ﺇﺴﻼﻡ ﻭﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺸﺭﻉ ﻭﻫﻭﻯ، ﻭﺃﻨﻪ ﻻ ﻭﺴﻁ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﻤﺭ ﻭﻻ ﻫﺩﻨﺔ ﻭﻻ ﺼﻠﺢ، ﻓﺎﻟﻤﺅﻤﻨﻭﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺤﻜﻤﻭﻥ ﺒﻤﺎ ﺃﻨﺯﻟﻪ ﺍﷲ، ﻻ ﻴﺨﺘﺭﻤﻭﻥ ﻤﻨﻪ ﺤﺭﻓﺎ – ﻭﻻ ﻴﺒﺩﻟﻭﻥ ﻤﻨﻪ ﺸﻴﺌﺎ ﻭﺍﻟﻜﺎﻓﺭﻭﻥ ﺍﻟﻅـﺎﻟﻤﻭﻥ ﺍﻟﻔﺎﺴـﻘﻭﻥ ﻫـﻡ ﺍﻟـﺫﻴﻥ ﻻ ﻴﺤﻜﻤﻭﻥ ﺒﻤﺎ ﺃﻨﺯﻟﻪ، ﺇﻨﻪ ﺃﻤﺎ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ﻗـﺎﺌﻤﻴﻥ ﻋﻠـﻰ ﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﷲ ﻜﺎﻤﻠﺔ ﻓﻲ ﻨﻁﺎﻕ ﺍﻹﻴﻤﺎﻥ، ﻭﺇﻤﺎ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻨﻭﺍ ﻗﺎﺌﻤﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺸﺭﻴﻌﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻤﻤﺎ ﻟﻡ ﻴﺄﺫﻥ ﺍﷲ ﺒـﻪ، ﻓﻬـﻡ ﺍﻟﻜـﺎﻓﺭﻭﻥ ﺍﻟﻅﺎﻟﻤﻭﻥ ﺍﻟﻔﺎﺴﻘﻭﻥ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻤﺎ ﻴﻘﺒﻠـﻭﻥ ﻤـﻥ ﺍﻟﺤﻜـﺎﻡ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺓ ﺤﻜﻡ ﺍﷲ ﻭﻗﻀﺎﺀﻩ ﻓﻲ ﺃﻤﻭﺭﻫﻡ ﻓﻬﻡ ﻤﺅﻤﻨـﻭﻥ، ﻭﺇﻻ ﹼ ﻓﻤﺎ ﻫﻡ ﺒﺎﻟﻤﺅﻤﻨﻴﻥ، ﻭﻻ ﻭﺴﻁ ﺒﻴﻥ ﻫـﺫﺍ ﺍﻟﻁﺭﻴـﻕ ﻭﺫﺍﻙ –ﻭﻻ ﺤﺠﺔ ﻭﻻ ﻤﻌﺫﺭﺓ ﻭﻻ ﺍﺤﺘﺠﺎﺝ ﺒﻤﺼﻠﺤﺔ– ﻓﺎﷲ ﺭﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻴﻌﻠﻡ ﻤﺎ ﻴﺼﻠﺢ ﻟﻠﻨﺎﺱ، ﻭﻴﻀﻊ ﺸﺭﺍﺌﻌﻪ ﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﻤﺼـﺎﻟﺢ ﺍﻟﻨـﺎﺱ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ، ﻭﻟﻴﺱ ﺃﺤﺴﻥ ﻤﻥ ﺤﻜﻤﻪ ﻭﺸﺭﻴﻌﺘﻪ ﺤﻜﻡ ﺃﻭ ﺸﺭﻴﻌﺔ، ﻭﻟﻴﺱ ﻷﺤﺩ ﻤﻥ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺃﻥ ﻴﻘﻭل: ﺇﻨﻨﻲ ﺃﺭﻓﺽ ﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﷲ ﺃﻭ: ٠٤
- 41. ﺇﻨﻨﻲ ﺃﺒﺼﺭ ﺒﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﺨﻠﻕ ﻤﻥ ﺍﷲ، ﻓﺈﻥ ﻗﺎﻟﻬـﺎ ﺒﻠﺴـﺎﻨﻪ ﺃﻭ ﺒﻔﻌﻠﻪ ﻓﻘﺩ ﺨﺭﺝ ﻤﻥ ﻨﻁﺎﻕ ﺍﻹﻴﻤﺎﻥ(. ﻨﻔﺱ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﻭﺩﻭﺩﻱ ﻭﻟﻜﻥ ﺒﺘﻭﺴﻊ ﻭﺘﻔﺼﻴل ﻭﺍﻟﺘـﻲ ﻟﻡ ﻴﻘل ﺒﻬﺎ ﺃﺤﺩ ﻤﻥ ﺃﺌﻤﺔ ﺍﻟﻬﺩﻯ ﻤﻥ ﺴﻠﻔﻨﺎ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻤﻤﻥ ﻓﺴـﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺸﺭﻴﻑ، ﻭﻻ ﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﻨﺯﻭل ﺍﻵﻴﺎﺕ ﺘﺴﻌﻔﻪ، ﻭﻟﻡ ﻴﻘل ﻟﻨﺎ ﺭﺤﻤﻪ ﺍﷲ، ﺴﻨﺩﻩ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ، ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺘﺤﺫﻴﺭ ﺨﻁﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﷲ ﻭﻤـﻥ ﺭﺴﻭﻟﻪ -ﺼﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺴﻠﻡ- ﻭﻤﻥ ﺒﻌﺩﻩ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﺤﺎﺒﺔ ﻭﻤﻥ ﺍﻟﺘﺎﺒﻌﻴﻥ ﻤﻥ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﺒﺎﻟﻬﻭﻯ ﴿ﻓﺄ ﺎ ﺍﻟ ِﻴﻥ ِـﻲ ﻗﹸـﻭﺒﻬﻡ ﹸﻠ ِ ِ ﹶ َ ﻤ ﱠﺫ ﻓ ﺯﻴﻎ ﻓﻴﺘﺒ ﻭﻥ ﺎ ﺘ ﹶﺎﺒﻪ ﻤﻨﻪ ﺍﺒﺘ ﹶﺎﺀ ﺍﻟ ِﺘﻨ ِ ﺍﺒﺘ ﹶﺎﺀ ﺘﺄ ِﻴﻠﻪ ﻭ ﺎ ﹲ ﹶ ﱠ ِﻌ ﻤ ﹶﺸ ِ ﹾ ِ ﻐ ﹾﻔ ﹾ ﹶﺔ ﻭ ِ ﻐ ﹶ ْﻭ ِ ِ ﻤ ﻴﻌﻠﻡ ﺘﺄ ِﻴﻠﻪ ﺇﻻ ﺍﷲ﴾ ﻭﻋﻥ ﺍﻟﺭﺴﻭل -ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴـﻼﻡ- ﹶ ﹶ ْﻭ ﹶ ِ ﱠ ُ )ﻤﻥ ﺘﻜﻠﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﺒﺭﺃﻴﻪ ﻓﺄﺼﺎﺏ ﻓﻘﺩ ﺃﺨﻁﺄ(. ﻭﻴﻘﻭل ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﺒﻥ ﻋﻤﺭ ﺭﻀـﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻤـﺎ: )ﻟﻘـﺩ ﺃﺩﺭﻜﺕ ﻓﻘﻬﺎﺀ ﺍﻟﻤﺩﻴﻨﺔ ﻭﺇﻨﻬﻡ ﻟﻴﻐﻁﻤﻭﻥ ﺍﻟﻘﻭل ﻓـﻲ ﺍﻟﺘﻔﺴـﻴﺭ، ﻭﺫﻜﺭ ﻤﻨﻬﻡ ﺴﻌﻴﺩ ﺒﻥ ﺍﻟﻤﺴﻴﺏ – ﻭﻫﻭ ﺇﻤﺎﻡ ﺠﻠﻴل(. ﻭﻜﺎﻥ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ -ﻭﻫﻭ ﻤﻥ ﻓﻀﻼﺀ ﺍﻟﺘـﺎﺒﻌﻴﻥ- ﻴﻘـﻭل: )ﺜﻼﺙ ﻻ ﺃﻗﻭل ﻓﻴﻬﻥ ﺤﺘﻰ ﺃﻤﻭﺕ: ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ، ﺍﻟﺭﻭﺡ، ﺍﻟﺭﺃﻱ(. ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻟﺸﻬﻴﺩ ﺴﻴﺩ ﻗﻁﺏ -ﻏﻔﺭ ﺍﷲ ﻟﻪ– ﺘﺠـﺭﺃ ﻋﻠـﻰ ﻜﺘﺎﺏ ﺍﷲ ﺍﻟﺫﻱ ﻋ ﱠﻡ ﺍﻟﻘﻭل ﻓﻴﻪ ﺠﻠﺔ ﺍﻟﺼـﺤﺎﺒﺔ ﻭﺍﻟﺘـﺎﺒﻌﻴﻥ – ﹸ ﻅ ١٤
- 42. ﺭﻀﻭﺍﻥ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻬﻡ – ﻭﻗﺎل ﻓﻴﻪ ﺒﺭﺃﻴﻪ ﺤﺴﺏ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﻴـﺔ ﻤﻥ ﻨﻁﺎﻗﻬﺎ ﺍﻟﻤﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﻀﻴﻕ، ﻭﻫﻭ ﺇﻗﺎﻤﺔ ﺍﻟﺤﺩﻭﺩ ﺤﺘﻰ ﺠﻌﻠﻬـﺎ ﺘﺸﻤل ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺠﻤﻴﻌﻬﺎ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺴﻬﺎ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺤﻜـﻡ ﻤﺨﺎﻟﻔـﺎ ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻟﺴﻠﻑ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻭﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﻨﺯﻭل. ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻌﺠﻴﺏ ﺃﻥ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﻨﺯﻭل ﺒﺩﺍﻫـﺔ ﻟـﻡ ﺘﻔﺘـﻪ، ﻓﺫﻜﺭﻫﺎ ﺃﻭ ﺫﻜﺭ ﺒﻌﻀﻬﺎ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺒﻌﺩ ﻗﻠﻴل ﻴﻘﻭل: )ﻭﺍﻟﺭﺴﻭل - ﺼﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺴﻠﻡ- ﺍﻟﻤﺴﻠﻡ ﻭﺍﻟﻘﺎﻀﻲ ﺇﻨﻤﺎ ﻴﺘﻌﺎﻤل ﻤﻊ ﺍﷲ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﺎﻟﻘﺴﻁ ﷲ(. ﻭﺃﻤﺎ ﻋﻥ ﺍﻟﻘﺎﻀﻲ ﺍﻟﻤﺴﻠﻡ ﻓﻨﻭﺍﻓﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟـﻙ ﻭﻟﻜـﻥ ﺍﻵﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭﺓ ﻻ ﺘﻨﺹ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺤﺩﻭﺩ، ﺃ ﺎ ﺩﻋـﻭﺍﻩ ﻤ ﺒﺨﺭﻭﺝ ﻤﻥ ﻻ ﻴﻁﺒﻕ ﺘﻠﻙ ﺍﻵﻴﺎﺕ ﺤﺘﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺩﻭﺩ ﻤﻥ ﻨﻁـﺎﻕ ﺍﻹﻴﻤﺎﻥ، ﻓﻠﻡ ﻴﻘل ﺒﻬﺎ ﺃﺤﺩ ﺴﻭﺍﻩ– ﻭﺩﻓﻌﻪ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﺜﺭﺓ ﺇﻋﺠﺎﺒﻪ ﺍﻟﺸﺩﻴﺩ ﺒﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺒﺘﺩﻋﻬﺎ ﺇﺨﻭﺘﻨﺎ ﺍﻟﻬﻨﻭﺩ -ﺘﺠـﺎﻭﺯ ﺍﷲ ﻋﻥ ﺴﻴﺌﺎﺘﻬﻡ– ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﺍﻟﺩﻭﺍﻤﻎ: ﻗﺎل ﻭﻜﻴﻊ ﻋﻥ ﺴﻔﻴﺎﻥ ﻋﻥ ﺴﻌﻴﺩ ﺍﻟﻤﻜﻲ ﻋـﻥ ﻁـﺎﻭﺱ ﴿ﻭ ﻥ ﻟﻡ ﻴﺤﻜﻡ ﺒ ﺎ ﺃﻨ ل ﺍﷲ ﻓُﻭﻟ ِ ﻫﻡ ﺍﻟ ﹶـﺎﻓ ﻭﻥ﴾، ﻗـﺎل: ﻤ ﱠ ﹸ ِ ﻤ َ ﹾﺯ َ ُ ﹶﺄ ﹶﺌﻙ ﹾﻜ ِﺭ ﻟﻴﺱ ﺒﻜﻔﺭ ﻴﻨﻘل ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻠﺔ. ٢٤
- 43. ﻭﻋﻥ ﺍﺒﻥ ﻋﺒﺎﺱ ﻓﻲ ﻗﻭﻟﻪ: ﴿ﻭ ﻥ ﻟﻡ ﻴﺤﻜﻡ ﺒ ﺎ ﺃﻨﹾـ ل ﻤ ﱠ ﹸ ِ ﻤ َ ﺯ َ ﺍﷲ ﻓُﻭﻟ ِ ﻫﻡ ﺍﻟﻜﺎﻓ ﻭﻥ﴾ ﻗﺎل: "ﻟﻴﺱ ﺒﺎﻟﻜﻔﺭ ﺍﻟـﺫﻱ ﻴـﺫﻫﺒﻭﻥ ُ ﹶﺄ ﹶﺌﻙ ﹾ ﹶ ِﺭ ﺇﻟﻴﻪ". ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻓﻲ ﻤﺴﺘﺩﺭﻜﻪ ﻤﻥ ﺤﺩﻴﺙ ﺴﻔﻴﺎﻥ ﺒﻥ ﻴﻴﻨﺔ ﻋ ﻭﻗﺎل: ﺼﺤﻴﺢ ﻋﻠﻰ ﺸﺭﻁ ﺍﻟﺸﻴﺨﻴﻥ، ﺒل ﺇﻥ ﻋﺩﺩﺍ ﻤﻥ ﻋﻠﻤـﺎﺀ ﺍﻟﺼﺤﺎﺒﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺒﻌﻴﺔ ﻗﺎﻟﻭﺍ ﻓﻲ ﺁﻴﺔ ﴿...ﻓُﻭﻟ ِ ﻫﻡ ﺍﻟ ﹶـﺎﻓ ﻭﻥ﴾ ﹶﺄ ﹶﺌﻙ ﹾﻜ ِﺭ ﻤﻨﻬﻡ ﺍﻟﺒﺭﺍﺀ ﺒﻥ ﻋﺎﺯﺏ ﻭﺤﺫﻴﻔﺔ ﺒﻥ ﺍﻟﻴﻤـﺎﻥ، ﻭﺍﺒـﻥ ﻋﺒـﺎﺱ ﻭﻋﻜﺭﻤﺔ ﻭﺍﻟﺤﺴﻥ ﺍﻟﺒﺼﺭﻱ "ﺃﻨﻬﺎ ﻨﺯﻟﺕ ﻓﻲ ﺃﻫل ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ". ﻭﺤﺘﻰ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻗﺎﻟﻭﺍ: "ﺇﻨﻬﺎ ﻨﺯﻟﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ" ﻓﻘﺩ ﻗﺎﻟﻭﺍ "ﻟﻴﺱ ﻜﻤﻥ ﻜﻔﺭ ﺒﺎﷲ ﻭﻤﻼﺌﻜﺘﻪ ﻭﻜﺘﺒﻪ ﻭﺭﺴﻠﻪ" ﻋﻥ ﻁﺎﻭﺱ ﻜﻤﺎ ﺭﻭﺍﻩ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺍﺯﻕ. ﻭﻓﻲ ﺭﺃﻱ ﻋﻁﺎﺀ، ﻜﻤﺎ ﻨﻘﻠﻪ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﺜﻭﺭﻱ ﻋﻥ ﺍﺒﻥ ﺠﺭﻴﺢ ﺃﻨﻪ "ﻜﻔﺭ ﺩﻭﻥ ﻜﻔﺭ ﻭﻅﻠﻡ ﺩﻭﻥ ﻅﻠﻡ ﻭﻓﺴﻕ ﺩﻭﻥ ﻓﺴﻕ" ﻭﻓﺭﻴـﻕ ﺁﺨﺭ )ﻴﻔﺭﻕ ﺒﻴﻥ ﺠﺤﻭﺩ ﺍﻵﻴﺎﺕ، ﻭﺃﻨﻬﺎ ﻤﻥ ﻋﻨـﺩ ﺍﷲ ﻭﺘﺤﻤـل ﺤﻜﻡ ﺍﷲ ﻭﻻ ﻴﻁﻴﻘﻬﺎ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺴﺒﺏ، ﻓﻴﻜﻭﻥ –ﺇ ﹰﺍ- ﻜﺎﻓ ﺍ، ﺃﻤـﺎ ﺭ ﺫ ﻤﻥ ﺃﻗﺭ ِﻬﺎ ﻭﻟﻜﻥ ﻟﻡ ﻴﺤﻜﻡ ﺒﻬﺎ ﻟﺴﺒﺏ ﺃﻭ ﻵﺨﺭ، ﻓﻴﻜﻭﻥ ﻅﺎﻟﻤﺎ ﺒ ﻭﻓﺎﺴﻘﺎ – ﻭﻟﻴﺱ ﺒﻜﺎﻓﺭ( ﻭﻗﺩ ﺭﻭﻱ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﺘﻭﻯ ﻋﻠﻲ ﺒﻥ ﺃﺒـﻲ ﻁﻠﺤﺔ، ﻋﻥ ﺤﺒﺭ ﺍﻷﻤﺔ ﺍﺒﻥ ﻋﺒﺎﺱ ﺭﻀﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ. ٣٤
- 44. ﻫﺫﻩ ﻫﻲ ﺁﺭﺍﺀ ﻜﺒﺎﺭ ﻋﻠﻤـﺎﺀ ﺍﻟﺼـﺤﺎﺒﺔ ﻭﺍﻟﺘـﺎﺒﻌﻴﻥ، ﺒﻌﻀﻬﻡ ﻴﺭﻯ ﺃﻨﻬﺎ ﻨﺯﻟﺕ ﻓﻲ ﺃﻫل ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ، ﻭﻻ ﺸﺄﻥ ﻟﻠﻤﺴـﻠﻤﻴﻥ ﺒﻬﺎ ﻭﺍﻟﺫﻴﻥ ﺭﺃﻭﺍ ﺃﻨﻬﺎ ﻟﻡ، ﺍﻨﻘﺴﻤﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﻓﺭﻴﻘﻴﻥ: ﺍﻷﻭل: ﻗﺎل ﺇﻨﻪ ﻜﻔﺭ ﺩﻭﻥ ﻜﻔﺭ ﻭﻻ ﺨﺭﺝ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻠﺔ. ﻴ ﻭﺍﻵﺨﺭ: ﻓﺭﻕ ﺒﻴﻥ ﻋﺩﻡ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﺍﻵﻴﺎﺕ ﺠﺤـﻭﺩﺍ ﻟﻬـﺎ ﻓﻬﺫﺍ ﻫﻭ ﺍﻟﻜﻔﺭ، ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻹﻗﺭﺍﺭ ﺒﻬـﺎ، ﻭﻟﻜـﻥ ﻻ ﻴﻁﺒﻘﻬـﺎ ﻷﻱ ﺴﺒﺏ؛ ﻓﻬﺫﺍ ﻅﻠﻡ ﻭﻓﺴﻕ. ﻓﻤﻥ ﺃﻴﻥ ﺠﺎﺀ ﺍﻟﺸﻬﻴﺩ ﺴﻴﺩ ﻗﻁﺏ ﺒﺄﻥ ﻋـﺩﻡ ﺘﻁﺒﻴﻘﻬـﺎ ﻴﺨﺭﺝ ﻋﻥ ﻨﻁﺎﻕ ﺍﻹﻴﻤﺎﻥ ﺒﺎﻟﻜﻠﻴﺔ، ﻭﻤﺎ ﺴﻨﺩﻩ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ، ﻭﻫل ﻫﻭ ﺃﻋﻠﻡ ﺒﻜﺘﺎﺏ ﺍﷲ ﻤﻥ ﻜﺒﺎﺭ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺼﺤﺎﺒﺔ ﻭﺍﻟﺘـﺎﺒﻌﻴﻥ ﺍﻟـﺫﻴﻥ ﺫﻜﺭﻨﺎﻫﻡ؟ ﻨﺴﺄل ﺍﷲ ﺃﻥ ﻴﻐﻔﺭ ﻟﻠﺸﻬﻴﺩ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﺜﺭﺓ، ﻭﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻗـﺩ ﺘﺭﺩﻯ ﻓﻴﻬﺎ ﺒﺤﺴﻥ ﻨﻴﺔ. ٤٤
- 45. א א ٤٥
- 46. ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺅﺭﺨﻭﻥ ﻟﻠﺤﺭﻜﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ﻓـﻲ ﻤﺼﺭ ﻴﺅﻜﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻌﺘﻨﻘﻪ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋـﺎﺕ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻭﻨﻅﺭﻴﺔ ﺘﻜﻔﻴﺭ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻭﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤـﻊ، ﺘﺭﺠـﻊ ﺠﻤﻴﻌﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻤﺭﻴﻥ: ﺍﻷﻭل: ﺍﻨﺒﻬﺎﺭ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺒﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺒﻨﺎﻫﺎ ﻭﺃﺸﺎﻋﻬﺎ ﺍﻟﺸﻬﻴﺩ ﺴﻴﺩ ﻗﻁﺏ ﻤﺘﺄﺜﺭﺍ ﺒـﺄﺒﻲ ﺍﻷﻋـﻼ ﺍﻟﻤﻭﺩﻭﺩﻱ ﻜﻤﺎ ﺴﺒﻕ ﺃﻥ ﺃﻭﻀﺤﻨﺎ. ﺍﻵﺨﺭ: ﻤﺎ ﻟﻘﻴﻪ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﻭﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻭﻥ ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻼﺕ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻗﺒﺽ ﻋﻠﻴﻬﻡ ﻓﻲ ٥٦٩١، ﺜـﻡ ﻤﺤﺎﻜﻤﺎﺘﻬﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻨﺘﻬﺕ ﺒﺈﻋﺩﺍﻡ ﺍﻟﺸﻬﻴﺩ ﺴﻴﺩ ﻗﻁﺏ ﻭﺯﻤﻼﺌﻪ. ﻫﺫﻩ ﻭﺘﻠﻙ ﺃﻓﻌﻤﺘﺎ ﻨﻔﻭﺱ ﺃﻭﻟﺌـﻙ ﺍﻟﺸـﺒﺎﺏ ﺒـﺎﻟﻤﺭﺍﺭﺓ، ﻭﻭﻟﺩﺘﺎ ﻟﺩﻴﻬﻡ ﺸﻌﻭﺭﺍ ﺒﺎﻹﺤﺒﺎﻁ ﻭﺍﻟﻴﺄﺱ، ﻤﻤﺎ ﺠﻌﻠﻬﻡ ﻴﺠﻨﺤـﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﻜﺭﺩ ﻓﻌل ﻤﺒﺎﺸﺭ، ﻟﻤﺎ ﻭﻗﻊ ﻋﻠﻴﻬﻡ ﻤﻥ ﺘﻌﺫﻴﺏ ﻭﺤﺸﻲ ﻭﺇﻟﻰ ﺘﻜﻔﻴﺭ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺠﺎﺯ ﻷﺠﻬﺯﺘﻪ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﻘﻤـﻊ، ﺒـل ﻭﺇﻟﻰ ﺘﻜﻔﻴﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺫﻱ ﻋﻠﻡ ﺒﻪ ﻭﺭﻀﻲ ﻋﻨﻪ، ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل ﺴﻜﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻟﻡ ﺘﻅﻬﺭ ﻓﻴﻪ ﺃﻴﺔ ﺒﺎﺩﺭﺓ ﺍﺤﺘﺠﺎﺝ. ﻭﻭﺠـﺩﻭﺍ ﻓـﻲ ﺭﺤﺎﺏ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﻴﺔ ﻤﺎ ﻏﺫﻯ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﻭﻨﻔﺦ ﺒﻴﻥ ﻨـﺎﺭﻩ ﻭﺃﻭﺭﻯ ﺯﻨﺩﻩ. ﻫﺫﺍ ﻤﻠﺨﺹ ﻤﺎ ﺫﻫﺒﻭﺍ ﺇﻟﻴﻪ. ٦٤
- 47. ﻭﻓﻲ ﺭﺃﻴﻨﺎ ﺃﻨﻪ ﺘﻌﻠﻴل ﻴﺸﻭﺒﻪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺼﻭﺭ، ﻭﺃﻥ ﻅﺎﻫﺭﺘﻲ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﻭﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺭ ﺘﺤﺘﺎﺠﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻤﺘﻌﻤﻘﺔ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﻬﺎ ﻋﺩﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻭﻋﻠﻡ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﻭﺍﻟـﺩﻴﻥ )ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﻭﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ؛ ﻷﻥ ﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺨﺹ ﻟـﻡ ﺘﻘﺘﺼﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻭﺤﺩﻫﺎ(. ﻭﻨﺭﻯ ﺃﻴ ﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺅﺭﺨﻴﻥ ﺴﺎﻟﻔﻲ ﺍﻟﺫﻜﺭ ﻗـﺩ ﺃﻏﻔﻠـﻭﺍ ﻀ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻫﺎﻤﺔ، ﻭﻫﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻋﺘﻨﻘﺘﻪ ﻭﻤﺎﺯﺍﻟـﺕ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ، ﺨﺭﺝ ﻤﻥ ﻜﻡ ﻤﻌﻁـﻑ ﺍﻟﺠﻬـﺎﺯ ﺍﻟﺴﺭﻱ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻨﺸﺄﻩ ﺍﻹﻤﺎﻡ ﺍﻟﺸﻬﻴﺩ ﺤﺴﻥ ﺍﻟﺒﻨﺎ ﺍﻟﻤﺭﺸﺩ ﺍﻷﻭل ﻟﺠﻤﺎﻋـﺔ ﺍﻹﺨـﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻥ ﻓـﻲ ﺃﻭﺍﺌـل ﺍﻷﺭﺒﻌﻴﻨﻴﺎﺕ ﺒﻘﺼﺩ ﺤﻤﺎﻴﺘﻬﺎ ﻤﻥ ﺃﻋﺩﺍﺌﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﺭﺒﺼﻴﻥ ﺒﻬﺎ ﺁﻨﺫﺍﻙ؛ ﺍﻟﻘﺼﺭ ﻭﺍﻹﻨﺠﻠﻴﺯ، ﻭﻟﺭﺩﻉ ﻋﺴﻜﺭ ﺍﻟﺤﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﻌﺭﺒﺩﻭﻥ ﻓﻲ ﺸﻭﺍﺭﻉ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ﻭﺍﻹﺴﻜﻨﺩﺭﻴﺔ، ﻭﻏﻴﺭﻫﻤـﺎ ﻤـﻥ ﻋﻭﺍﺼـﻡ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻅﺎﺕ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴـﺔ، ﻭﻜـﺎﻨﻭﺍ ﻴﻘﻭﻤـﻭﻥ ﺒﺄﻋﻤﺎل ﻤﺨﻠﺔ ﺍﺴﺘﻔﺯﺕ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭﻴﻥ ﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ﻭﺍﻟـﻭﻁﻨﻲ، ﻭﻟﻜـﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺨﺎﺹ )ﺍﻟﺠﻬﺎﺯ ﺍﻟﺴﺭﻱ( ﺘﻌﺎﻅﻤﺕ ﻗﻭﺘﻪ ﻭﺃﺼﺒﺢ ﻓـﻲ ﺇﻁﺎﺭ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻴﺸﻜل ﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺴﻤﻰ: )ﺩﻭﻟﺔ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ( ٧٤
- 48. ﻭﻁﻔﻕ ﻴﺘﻤﺭﺩ ﺤﺘﻰ ﻋﻠﻰ ﺘﻌﻠﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺭﺸﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻜـﺎﻥ ﻴﺘﻤﺘـﻊ ﺒﻤﻜﺎﻨﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﺘﺒﻠﻎ ﺤﺩ ﺍﻟﻘﺩﺍﺴﺔ ﻓﻲ ﻨﻔﻭﺱ ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ. ﻓﺒﻌﺽ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺘﻨﻘﺔ ﻟﻤﺒـﺩﺃ ﺍﻟﻌﻨـﻑ، ﻻﺸﻙ ﺃﻨﻬﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺭﻨﻭ ﺒﺒﺼﺭﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺴﺎﺒﻘﺔ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺠﻬﺎﺯ ﻭﻤـﺎ ﺤﻘﻘﻪ ﻤﻥ ﺃﻓﻌﺎل، ﻭﻫﺫﺍ ﺃﺤﺩ ﺍﻷﺴﺒﺎﺏ. ﻭﻴﺴﺘﻁﺭﺩ ﺍﻟﻤﺅﺭﺨﻭﻥ ﺃﻥ ﻟﻘﺎﺀ ﻋﺎﺼﻔﺎ ﺤـﺩﺙ ﺩﺍﺨـل ﺍﻟﺴﺠﻭﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ / ﺤﺴﻥ ﺇﺴﻤﺎﻋﻴل ﺍﻟﻬﻀﻴﺒﻲ ﺍﻟﻤﺭﺸﺩ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻥ ﻭﺒـﻴﻥ ﺯﻋـﻴﻡ ﺸـﺎﺏ ﻹﺤـﺩﻯ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ، ﻭﺩﺍﺭ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ﺤﻭﺍﺭ ﻤﻠﺘﻬﺏ ﺤﻭﺭ ﻅﺎﻫﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﻨـﻑ ﻭﺘﻜﻔﻴﺭ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻭﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻟﻡ ﻴﺴﻔﺭ ﻋـﻥ ﻨﺘﻴﺠـﺔ؛ ﻷﻥ ﺍﻟﺯﻋﻴﻡ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﻟﻡ ﻴﻘﺘﻨﻊ ﺒﺎﻟﺤﺠﺞ ﺍﻟﺘﻲ ﻁﺭﺤﻬﺎ ﺍﻟﻤﺭﺸﺩ ﻋﻠﻴﻪ. ﻭﻟﻘﺩ ﺩﻭﻥ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺍﻟﻬﻀﻴﺒﻲ ﺫﻟـﻙ ﺍﻟﻨﻘـﺎﺵ ﻭﻁـﻭﺭﻩ ﻭﺃﻀﺎﻑ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﺒﺤﺎﺜﺎ ﺃﺨﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻴـﺩﺓ ﺍﻹﺴـﻼﻤﻴﺔ، ﻭﻤـﻨﻬﺞ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﷲ -ﺘﺒﺎﺭﻙ ﻭﺘﻌﺎﻟﻰ- ﻭﺃﺨﺭﺠﻬﺎ ﺠﻤﻴﻌﺎ ﻓﻲ ﺸـﻜل ﻜﺘﺎﺏ ﺃﻋﻁﺎﻩ ﻋﻨﻭﺍﻥ: ﺩﻋﺎﺓ.. ﻻ ﻗﻀﺎﺓ. ﻭﻫﻭ ﻤﻠﻲﺀ ﺒﺎﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻨﻲ ﻟﺩﺭﺠﺔ ﺃﻨﻬﺎ ﻀـﻐﻁﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﺼﺎﺏ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ، ﺤﺘﻰ ﻴﺨﻴل ﺇﻟﻴﻙ ﻭﺃﻨﺕ ﺘﻘﺭﺃ ﺃﻨﻬﺎ ﺘﻀﻴﻕ ٨٤