1. عشرون مثالا على ما صيغته الخبر و لكنه إنشائي المعنى
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على
من أتبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :
فإن لعلم أصول الفقه أهمية بالغة في استنباط الأحكام الشرعية من مصادرها المعتبرة في الشرع ،و عن طريقه
يتمكن الفقيه من الوصول للحكم بسهولة ويسر ،ويتمكن من معرفة الراجح من المرجوح من أقوال الفقهاء
و تمييز الأقوال الصحيحة من السقيمة ، وكان أصول الفقه ولازال وسيلة لدفاع عن الدين .
و فائدة أصول الفقه لا تقتصر على استنباط الأحكام الفقهية وحسب بل تتعدي إلى جميع
الأحكام الشرعية فلا يستغني عن أصول الفقه فقيه و لا مفسر و لا محدث و لا شارح للعقيدة فهو علم
لتفسير النصوص ،والترجيح بين الأقوال ،و به يفهم مراد الله و مراد رسوله - صلى الله عليه وسلم - .
ولذلك التعمق في أصول الفقه ،و تطبيق الأصول على الفروع ينمى الملكة الفقهية و القدرة على
الاستنباط ، ومع كثرة التطبيقات على مباحث الأصول تزداد الملكة و كفى بهذه فائدة .
وسوف نتناول في هذا البحث عشرين مثالا على ما صيغته الخبر و لكنه إنشائي المعنى ،و ما كان
بصيغة الخبر لفظا و لكنه إنشائي المعنى أحد مباحث أصول الفقه أملا في تنمية الملكة الفقهية لدى القارئ و

2. لزيادة قدرته على الاستنباط بكثرة الأمثلة و التطبيقات و في مقالات لاحقة بإذن الله سنتناول تطبيقات
على مباحث أخرى و الله ولي التوفيق ربيع أمد
و قبل ذكر الأمثلة على ما صيغته الخبر و لكنه إنشائي المعنى لابد أن نعرف أن الكلام ينقسم باعتبار إمكان
وصفه بالصدق وعدمه إلى قسمين : خبر وإنشاء .
1 - فالخبر: ما يمكن أن يوصف بالصدق أو الكذب لذاته.
فخرج بقولنا: "ما يمكن أن يوصف بالصدق والكذب"؛ الإنشاء؛ لأنه لا يمكن فيه ذلك، فإن مدلوله ليس
مخبراً عنه حتى يمكن أن يقال: إنه صدق أو كذب.
وخرج بقولنا: "لذاته"؛ الخبر الذي لا يحتمل الصدق، أو لا يحتمل الكذب باعتبار المخبر به، وذلك أن الخبر
من حيث المخبر به ثلاثة أقسام:
الأول - ما لا يمكن وصفه بالكذب؛ كخبر الله ورسوله الثابت عنه.
الثاني - ما لا يمكن وصفه بالصدق؛ كالخبر عن المستحيل شرعاً أو عقلاً، فالأول: كخبر مدعي الرسالة بعد
النبي صلّى الله عليه وسلّم، والثاني: كالخبر عن اجتماع النقيضين كالحركة والسكون في عين واحدة في زمن
واحد.
الثالث: ما يمكن أن يوصف بالصدق والكذب إما على السواء، أو مع رجحان أحدهما، كإخبار شخص عن
قدوم غائب ونحوه.
2 - والإنشاء: ما لا يمكن أن يوصف بالصدق والكذب، ومنه الأمر والنهي. كقوله تعالى: ﴿ وَاعْبُدُوا ا ه للََّ
وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئ اً ﴾ ] النساء من الآية 63 [ وقد يكون الكلام خبراً إنشاء باعتبارين؛ كصيغ العقود
اللفظية مثل: بعت وقبلت، فإنها باعتبار دلالتها على ما في نفس العاقد خبر، وباعتبار ترتب العقد عليها
إنشاء.

3. . وقد يأتي الكلام بصورة الخبر والمراد به الإنشاء و بالعكس لفائدة 1
الأمثلة
مثال 1 : قوله تعالى: ﴿ وَالْمُطَلهقَاتُ يَ تَ رَبهصْنَ بِأَنْ فُسِهِ ه ن ثَلاثَةَ قُ رُو ء ﴾ ] البقرة من الآية 222 [ أي : على
المطلقات أن تمكث إحداهن بعد طلاق زوجها لها ثلاثة قروء بدون نكاح ثم لها أن تتزوج بعد ذلك إن شاءت
،والمراد بالمطلقات هنا المدخول بهن من ذوات الحيض غير الحوامل، لأن غيرهن قد بين الله- تعالى- عدتهن في
. مواضع أخرى 2
و إن سئل لماذا جاء الأمر في هذا المقام بتلك الصيغة الخبرية ، فيكون معنى يتربصن: ليتربصن؟.
والجواب عن ذلك من عدة وجوه:
أولها: الإشارة إلى أن ذلك التربص يجب أن يكون من ذات نفس المطلقة، لأنه هو الذي يليق بكرامتها، ويتفق
مع فطرتها، فإن كانت الرغبة تدفعها إلى الزواج العاجل السريع إن كان الزوج الجديد كفئا، فإن الكرامة توجب
عليها الانتظار والتريث، فلا يليق بالحرة الكريمة أن تنتقل بين الأزواج انتقالا سريعا، لَا فاصل فيه بين الزوجين.
وثانيها: أن نداء الفطرة يوجب عليها الانتظار لتستبرئ رمها، حتى إذا كان مل نسب لأبيه ولا يتنازعه
الأزواج، فهن إذا انتظرن وامتنعن عن الزواج هذه المدة فكأن ذلك من أنفسهن لَا من أمر فوقهن، وكأن ذلك
إلزام الفطرة قبل أن يكون إلزام الشرع.
11- 1 - الأصول من علم الأصول لابن عثيمين 12
705/ 2 - التفسير الوسيط لمحمد سيد طنطاوي 1

4. وثالثها: الإشارة إلى أن الأمر بالتربص أجيب وحصل التربص فعلا، فالتعبير بصيغة الخبر إشارة إلى الأمر
. والتنفيذ معا 3
] مثال 2 : قوله تعالى : ﴿ الطهلَاقُ مَهرتَانِ فَإِمْسَاكٌ بَِِعْرُو ف أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَا ن ﴾ ] البقرة من الآية 221
أي طلقوهن مرتين 4 فالقول خرج مخرج الخبر ، والمراد به الأمر ، وَال ه دلِيلُ عَلَى أَنههُ أَمْرٌ وَلَيْسَ بَِِ بر، أَنههُ لَوْ
كَانَ خَبَ رًا لَوُجِدَ مُخْبَ رُهُ على ما أخبر به; لأن أخبار الله لَا تَ نْ فَكُّ مِنْ وُجُودِ مُخْبَ رَاتهَا; فَ لَه ما وَجَدْنَا النهاسَ قَدْ
يُطَلِّقُونَ الْوَاحِدَةَ وَالثهلَاثَ مَعًا ، وَ لَوْ كان قوله تعالى : ﴿ الطهلاقُ مَهرتَانِ ﴾ اسًْْا لِلْخَبَرِ لَاسْتَ وْعَبَ جمَِيعَ مَا تََْتَهُ،
ثُمه وَجَدْنَا فِي النهاسِ مَنْ يُطَلِّقُ لَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ، عَلِمْنَا أَنههُ لََْ يُرِدْ الخْ بَ رَ 5،و التطليق الشرعي
الذي حده الله للطلاق ولَ يخرج به العصمة من أيدى الرجال هو مرتان : أي طلقتان تَلّ بكل منهما العصمة
. ثم تبرم، فالجمع بين الثنتين أو الثلاث حرام 6
مثال 6 : قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِن اً ﴾ ] ال عمران من الآية 15 [ أي اجعلوا من يدخل البيت
الحرام آمن اً 7 فالآية ، وإن كانت بصيغة الخبر لفظا لكن معناها الإنشاء و الطلب أي وأمن من دخله، والعرب
جميعا قد اتفقوا على احترامه وتعظيمه، فمن دخله أمن على نفسه من الاعتداء والإيذاء، وأمن أن يسفك دمه
530/ 3 - زهرة التفاسير لأبي زهرة 2
673/ 4 -روح البيان للألوسي 1
971/ 5 - أحكام القرآن للجصاص 1
2/ 6 - تفسير المراغي 9
126/ 7 - تفسير الشعراوي 2

5. أو تستباح حرماته مادام فيه، وقد مضوا على ذلك الأجيال الطوال في الجاهلية على كثرة ما بينهم من الأحقاد
. والضغائن، واختلاف المنازع والأهواء، وقد أقر الإسلام هذا، وكل ذلك بفضل دعوة إبراهيم عليه السلام 8
مثال 9 : قوله تعالى: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُ رْضِعْنَ أَوْلَادَهُ ه ن حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِ ه م الهرضَاعَة ﴾ ] البقرة من
الآية 266 [ أي: على الأم المطلقة أن ترضع ولدها حولين كاملين إن أرادت هي وأب الرضيع إتمام
الرضاعة 9 فالقول خرج مخرج الخبر و معناه الأمر ؛ فمعنى )يُ رْضِعْنَ أَوْلادَهُ ه ن( ليرضعن؛ أي عليهن إرضاع
أولادهن؛ وعبر عن الطلب بصيغة الخبر؛ للإشارة إلى أن ذلك الوجوب تنادي به الفطرة، ويتفق مع طبيعة
الأمومة، وأن الأمهات يلبين الطلب فيه بداع من نفوسهن؛ فلذلك عبر بالخبر، كان الإرضاع وقع من غير
. طلب خارجي، فكان ذلك التعبير مفيدًا للأمر التكليفي، ومقررًا للأمر الفطري 10
مثال 7 : قوله تعالى: ﴿ إِ ه ن ال ه صفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ ا ه للَِّ فَمَنْ حَ ه ج الْبَ يْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ
يَطههوفَ بِهِمَا ﴾ ] البقرة من الآية 172 [ يخبر الله تعالى مقرراً فريضة السعي بين الصفا والمروة، ودافعاً ما
توهمه بعض المؤمنين من وجود إثم في السعي بينهما نظراً إلى أنه كان في الجاهلية على الصفا صنم يقال له:
إساف، وآخر على المروة يقال له: نائلة، يتمسح بهما من يسعى بين الصفا والمروة، فقال تعالى: ﴿ إِ ه ن
ال ه صفَا وَالْمَرْوَةَ ﴾ يعني السعي بينهما من شعائر الله: أي عبادة من عبادته إذ تعبد بالسعي بينهما نبينه
إبراهيم وولده إسْاعيل والمسلمون من ذريتهما. فمن حج البيت لأداء فريضة الحج أو اعتمر لأداء واجب
العمرة فليسعى بينهما أداءً لركن الحج والعمرة ولا إثم عليه في كون المشركين كانوا يسعون بينهما لأجل
. الصنمين: إساف ونائلة 11
2/ 8 - تفسير المراغي 9
221/ 9 - أيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري 1
530/ 10 - زهرة التفاسير لأبي زهرة 2
163/ 11 - أيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري 1

6. وعليه فقوله تعالى: ﴿ إِ ه ن ال ه صفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ ا ه للَِّ ﴾ خبر في أن السعي بين الصفا والمروة من شعائر
الله يقتضي الأمر بِا عهد من الطواف بهما وقوله : ﴿ فَلا جُناحَ ﴾ ليس المقصد منه إباحة الطواف لمن شاء،
لأن ذلك بعد الأمر لا يستقيم، وإنما المقصد منه رفع ما وقع في نفوس قوم من العرب من أن الطواف بينهما
. فيه حرج، وإعلامهم أن ما وقع في نفوسهم غير صواب 12
مثال 3 : قوله تعالى: ﴿ الحَْجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَ رَضَ فِيهِ ه ن الحَْ ه ج فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي
الحَْجِّ ﴾ ] البقرة من الآية 115 [ أي لا يفعل الحاج شيئا من هذه الأفعال 13 فالقول خرج مخرج الخبر و
المراد به النهي ، والمعنى لا ترفثوا و لا تفسقوا و لا تجادلوا ، وإن قال قائل: الفسوق محرم في الإحرام، وغيره
. فالجواب: أنه يتأكد في الإحرام أكثر من غيره 14
مثال 5 : قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتهعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الحَْجِّ فَمَا اسْتَ يْسَرَ مِنَ الهْدَْيِ فَمَنْ لََْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَا ثَةِ
أَيها م فِي الحَْجِّ وَسَبْ عَة إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَة ﴾ ] البقرة من الآية 113 [ أي : فإذا كنتم في أمن
وص ه حة: فمن استمتع بالعمرة إلى الحج وذلك باستباحة ما حُرِّم عليه بسبب الإحرام بعد انتهاء عمرته، فعليه
ذبح ما تيسر من الهدي، فمن لَ يجد هَدْيًا يذبحه فعليه صيام ثلاثة أيام في أشهر الحج، وسبعة إذا فرغتم من
. أعمال الحج ورجعتم إلى أهليكم، تلك عشرة كاملة لا بد من صيامها 15
211/ 12 - المحرر الوجيز لابن عطية 1
100/ 13 - تفسير المراغي 2
912/ 14 - تفسير العثيمين الفاتَة والبقرة 2
15 - التفسير الميسر ص 60

7. و قوله تعالى: ﴿ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَة ﴾ أي : تِلْكَ عَشَرَةُ أَيها م فَأَكْمِلُوا صَوْمَهَا لَا تَ قْصُرُوا عَنْ هَا , لِأَنههُ فَ رَضَ
. عَلَيْكُمْ صَوْمَهَا فالآية لفظها الإخبار ومعناها الأمر أي أكملوها فذلك فرضها 16
مثال 2 : قوله تعالى: ﴿ الْآنَ خَهففَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَ ه ن فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَ غْلِبُوا مِائَ تَ يْنِ
وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَ غْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ ال ه صابِرِينَ ﴾ ] الأنفال من الآية 33 [أي : الآن بعد
علمه تعالى بضعفكم حيث لا يقوى الواحد على قتال عشرة، ولا العشرة على قتال مائة ولا المائة على قتال
الألف خفف تعالى رمة بكم ومنة عليكم، فنسخ الحكم الأول بالثاني الذي هو قتال الواحد للإثنين، والعشرة
للعشرين والمائة للمائتين، والألف للألفين، ومفاده أن المؤمن لا يجوز له أن يفر من وجه اثنين ولكن يجوز له أن
يفر إذا كانوا أكثر من اثنين وهكذا سائر النِسب فالعشرة يحرم عليهم أن يفروا من عشرين ولكن يجوز لهم أن
يفروا من ثلاثين أو أربعين مثلاً. وهذا من باب رفع الحرج فقط وإلا فإنه يجوز للمؤمن أن يقاتل عشرة أو
. أكثر، فقد قاتل ثلاثة آلاف صحابي يوم مؤتة مائة وخمسين ألفاً من الروم والعرب المتنصرة 17
والآية إن كان مخرجها مخرج الخبر، فإن معناها الأمر أي يجب ثبات الواحد للاثنين بدليل قوله : ﴿ الْآنَ
خَهففَ اللهُ عَنْكُمْ ﴾ فلم يكن التخفيف إلا بعد التثقيل ،و لو كان ثبوت العشرة منهم للمئة من عدوهم كان
. غير فرض عليهم قبل التخفيف، وكان ندبًا، لَ يكن للتخفيف وجه 18
250/ 16 - المحرر الوجيز لابن عطية 1
723/ 17 - أيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري 2
231/ 18 -تفسير الطبري 11

8. مثال 1: قوله تعالى: ﴿ الحَْمْدُ هِ للَِّ الهذِي خَلَقَ ال ه سمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمه الهذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّه مْ
يَ عْدِلُونَ ﴾ ] الأنعام الآية 1 [ مد اللَُِّّ نَ فْسَهُ تعليماُ لعباده، أي: امدوا اللََِّّ الذي خَلَقَ ال ه سمواتِ والأرْضَ
. خصمها بالذِّكر؛ لأهنهما أعْظَمُ المخَْلُوقَات فيما يرى العِبَادُ، وفيهما العبرةُ والمنافعُ للعباد 19
و قوله: ﴿ الحَمْدُ ه للَّ ﴾ إهنما جاء على صِفَةِ الخَبَرِ والمرادُ امَْدُوا ا ه للَّ لوجوه :
لَ يحصل مجموع هاتين » امدوا « : أحدهما: أن قوله: ﴿ الحَمْدُ ه للَّ ﴾ يفيد تَ عْظِيم اللفظ والمعنى، ولو قال
الفاَئدتَ يْن.
وثانيهما: أنه يُفيدُ كونه - تعالى - مُسْتحقّاً للحَمْدِ سَوَاءً مَِدّه حَامدٌ أو لَ يَحْمَدْه .
. وثالثها: أ ه ن المقَْصُودَ منه ذِكْرُ الحُ ه جة فّذكْرُهُ بصيغة الخَبَرِ أوْلَى 20
مثال 10 : قوله تعالى : ﴿ لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ ] البقرة من الآية 273 [ الكلام خبر بِعنى النهي أي لَا
. تُكْرِهُوا أَحَدًا عَلَى الدُّخُولِ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ 21
و لَ يثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكره أحدا على الدين بل ثبت عكس ذلك ، وهو أن بع ض
. الأنصار أراد أن يكره ولده على الإسلام فنهاه النبي - صلى الله عليه وسلم- عن ذلك 22
9/ 19 - اللباب في علوم الكتاب لابن عادل 2
2/ 20 - اللباب في علوم الكتاب لابن عادل 2
322/ 21 - تفسير ابن كثير 1
22 - مناظرة بين الإسلام والنصرانية ص 333

9. و لَ يثبت أن المسلمين في عصر من العصور أكره وا أح دا عل ى ال دخول في الإس لام ، و ل و ك ان المس لمون
أج بروا غ يرهم عل ى ال دخول في الإس لام و دخل وا الإس لام مك رهين فكي ف يَ ثْبت وا عَلَ ى الْإِسْ لَامِ بَ عْ دَ زَوَالِ
الْإِكْرَاهِ عَنْهمُ ؟!! فثباتهم عن الإسلام رغم زوال الإكراه عنهم لدليل على أنه م دخل وه برض اهم لا مغص وبين
، و أن المسلمين لَ يجبروهم على الدخول في الإسلام .
و لو ك ان دخول الإسلام بالإكراه لما ترك المسلمون أحداً على غير الإسلام ولأدخل وهم في ه كراهي ة أو قتل وا
من يأبى دخوله ، و هذا لَ يحدث ، و لو حدث لنقل لتوافر الدواعي على نقله .
و من المعلوم أن البلاد التي فتحها الإسلام رجع بعض هذه البلاد للكفار مرة أخرى ،و مع ذلك من أسلم
لَ يرجع للكفر مرة أخرى بل حارب الكفار و ك ان في صفوف المسلمين ، و هذا دليل على أنهم دخلوه
برضاهم لا مغصوبين ، و أن المسلمين لَ يجبروهم على الدخول في الإسلام .
و ك ون الإنس ان لا يج بر عل ى ال دخول في ال دين الح ق ل يس مع نى ه ذا أن إي يره مج رد ب ل إن اخت ار الإنس ان
الكفر عن الإيمان استحق م ا توع د ب ه الله الكف ار م ن الع ذاب فل يس مع نى حري ة الاختي ار أن يفع ل الإنس ان
الحرام أو أن يكفر و أمثال هذا كثير .

10. مثال 11 : قوله تعالى : ﴿ وَقُلِ الحَْقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَ لْيُ ؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَ لْيَكْفُرْ إِنها أَعْتَ دْنَا لِلظه الِمِينَ نَ ارًا
أَحَ اطَ بِهِ مْ سُ رَادِقُ هَا وَإِنْ يَسْ تَغِيثُوا يُ غَ اثُوا بِِ ا ء كَالْمُهْ لِ يَشْ وِي الْوُجُ وهَ بِ ئْسَ ال ه ش رَابُ وَسَ اءَتْ مُرْت فَقً ا ﴾
]الكهف الآية 21 [ أي : قل لهؤلاء الغافلين: ما جئتكم به هو الحق من ربكم، فمن أراد م نكم أن يص دق
ويعم ل ب ه، فليفع ل فه و خ ير ل ه، وم ن أراد أن يجح د فليفع ل، فم ا .َلَ م إلا نفس ه. إن ا أعت دنا للك افرين ن ارًا
شديدة أحاط بهم سورها، وإن يستغيث هؤلاء الكفار في النار بطل ب الم اء مِ ن ش دة العط ؤ، يُ ؤتَ له م بِ اء
كالزيت العَكِر شديد الحرارة يشوي وجوههم. قَ بُح هذا الشراب ال ذي لا ي روي .م أهم ب ل يزي ده، وقَ بُحَ تْ
النار منزلا لهم ومقامًا. وفي هذا وعيد وتهديد شديد لمن أعرض عن الحق، فلم يؤمن برسالة محمد - ص لى الله
. عليه وسلم - ، ولَ يعمل بِقتضاها 23
و قوله: ﴿ فَمَنْ شَاءَ فَ لْيُ ؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَ لْيَكْفُرْ ﴾ خ رج مخ رج الخ بر و معن اه التهدي د و الوعي د لم ن كف ر ،و
م ن أمثل ة الواق ع أن ك تق ول لابن ك أن ت ح ر في أن ت ذاكر أو لا ت ذاكر لك ن إن لَ ت نجح في الامتح ان
سأعاقبك أو أهْمِلْ دروسك ، و سترى عاقبة ذلك أو أمضِ وقتك في اللعب واللهو فسوف ترى عاقبة ذلك
.
مثال 12 : قوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّ هَا الهذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَ يْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيهةِ اثْ نَانِ ذَوَا
عَدْ ل مِنْكُمْ ﴾ ] المائدة من الآية 103 [ يخبر تعالى خبرا متضمنا للأمر بإشهاد اثنين على الوصية، إذا
حضر الإنسان مقدماتُ الموت وعلائمه. فينبغي له أن يكتب وصيته، ويشهد عليها اثنين ذوي عدل ممن تعتبر
. شهادتهما 24
23 - التفسير الميسر ص 215
293/ 24 - تفسير السعدي 1

11. 25 خ رج مخ رج الخ بر ، و الم راد » لا ي رث القات ل ش يئاً « : – مثال 33 : قول النبي - صلى الله عليه وس لم
النه ي فم ن قت ل م ن ي رث من ه ش رعاً لا يج وز أن ي ورث ؛ لأن قتل ه س بب في حرمان ه ، و ذل ك أن س بب
التوارث هو التراحم و الصلة فلما قت ل القات ل م ن ل ه مع ه س بب للم يراث فإن ه ب ذلك يك ون ق د قط ع الص لة
التي يتوصل بها إلى الميراث فيعاقب بنقيض قصده ، و القاعدة من تعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه .
26 خرج » لا يرث المسلم الكافر ،و لا الكافر المسلم « : مثال 31 : قول النبي - صلى الله عليه وسلم
مخرج الخبر و المراد النهي فالمسلم لا يجوز أن يرث الكافر ، والكافر لا يجوز أن يرث المسلم .
27 و.اهر » إِ ه ن المؤُْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُ نْ يَانِ يَشُدُّ بَ عْضُهُ بَ عْضًا « : مثال 31 : قول النبي - صلى الله عليه وسلم
. الحديث الإخبار ومعناه الأمر وفيه التحريض على التعاون 28
29 أي ينبغي » لاَ يُ لْدَغُ المؤُْمِنُ مِنْ جُحْ ر وَاحِ د مَهرتَ يْنِ « : مثال 31 : قول النبي - صلى الله عليه وسلم
على المؤمن الحذر من الناس، وألا يكون غافلاً بحيث تتكرر الإساءة إليه ، فيكون شأنه كشأن الإنسان الذي
يلدغ من جحر ولا يتنبه حتى يخرج منه شيء مرة أخرى ويلدغه ، و الحديث لفظه خبر ، و معناه الأمر،
25 - رواه أبو داوود في سننه رقم 9739
26 - متفق عليه
27 - رواه البخاري في صحيحه رقم 921 ورواه مسلم في صحيحه رقم 2727
17/ 28 - التوضيح لشرح الجامع الصحيح لابن الملقن 3
29 - رواه البخاري في صحيحه رقم 3166 ورواه مسلم في صحيحه رقم 2116

12. يقول: ليكونن المؤمن حازمًا حذرًا لا يؤتى من ناحية الغفلة فيخدع مرة بعد أخرى 30 ،و قال أبو عبيد :
تأويل هذا الحديث عنا أنه ينبغي للمؤمن إذا نكب من وجه أن لا يعود لمثله 31
32» طَعَامُ الِاثْ نَ يْنِ كَافِي الثهلاَثَةِ، وَطَعَامُ الثهلاَثَةِ كَافِي الأَرْبَ عَة « : مثال 33 : قول النبي - صلى الله عليه وسلم
، خبر بَِِعْنى الْأَمر أَن أطعموا طَعَام الاثنين للثهلَاثَة أَو هُوَ تَ نْبِيه على أَنه يقوت الْأَرْبَع أَو طَعَام الاثنين إِذا أكلا
مُتَ فَرّقين يَكْفِي ثَلَاثَة اجْتَمعُوا 33 ،و الحديث لفظُهُ لفظ الخبر، ومعناه الأمر، كأنّه أراد المواساة والمكارمة وأن لا
. يأكل أحد وحده 34
مثال 12 : عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَ يْ ف، قَالَ: أَهْوَى رَسُولُ اللهِ -صَلهى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلهمَ - بِيَدِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَ قَالَ:
35 ،و الحديث لفظُهُ لفظ الخبر، ومعناه الأمر أي اجعلوا من يدخل المدينة آمن اً . » إِنه هَا حَرَمٌ آمِنٌ «
إِذَا سَجَدَ الْعَبْدُ سَجَدَ مَعَهُ سَبْ عَةُ أَطْرَا ف: وَجْهُهُ، وَكَهفاهُ، « : مثال 31 : قول النبي - صلى الله عليه وسلم
36 ،وَهَذَا الحَدِيث لَفظه لفظ الخَْبَر وَمَعْنَاهُ الْأَمر أي إذا سجد العبد ليسجد معه سبعة » وَرُكْبَتَاهُ، وَقَدَمَاه
أعضاء .
713/ 30 - التوضيح لشرح الجامع الصحيح لابن الملقن 22
605/ 31 - شرح صحيح البخارى لابن بطال 1
32 - رواه البخاري في صحيحه رقم 7612 ورواه مسلم في صحيحه رقم 2072
119/ 33 - التيسير بشرح الجامع الصغير لعبد الرءوف المناوي 2
627/ 34 - المسالِك في شرح مُوَطهأ مالك لابن العربي 5
35 - رواه مسلم في صحيحه رقم 1657
36 - رواه مسلم في صحيحه رقم 113

13. مثال 20 : قولنا لشخص : بارك الله فيه هذا الكلام بصيغة الخبر لفظا لكن معناه الإنشاء و الطلب أي
ادعو الله أن يبارك فيك ،و قولنا لشخص : رمه الله هذا الكلام بصيغة الخبر لفظا لكن معناه الإنشاء و
الطلب أي ادعو الله أن يرمه ،وقولنا لشخص :حفظه الله هذا الكلام بصيغة الخبر لفظا لكن معناه الإنشاء و
الطلب أي ادعو الله أن يحفظه .
هذا و الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات