SlideShare a Scribd company logo
1 of 196
Download to read offline
‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫فلسفة التكوين الفكري‬


                       ‫-  -‬
‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫--‬
‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫فلسفة التكوين الفكري‬
          ‫الجزء األول‬




  ‫الدكتور املهندس نبيل طعمة‬




        ‫94 - 800‬




             ‫-  -‬
‫فلسفة التكوين الفكري‬




                ‫الناشر دار الشرق للطباعة والنشر‬
                     ‫الدكتور املهندس نبيل طعمة‬
                  ‫الطبعة الثانية - نسخة منقحة‬
                         ‫عدد النسخ 000 نسخة‬
                   ‫تاريخ النشر 94 هـ - 800 م‬
‫مجيع احلقوق حمفوظة لدار الشرق للطباعة والنشر‬




                      ‫-4-‬
‫فلسفة التكوين الفكري‬



                                                  ‫مقـدمـة‬
‫توقفت عند هذا العنوان (( فلسفة التكوين الفكري ))، ونظرت‬
‫ً‬      ‫ُ‬                                          ‫ً‬
‫مليا متأمال فتولدت الفكرة... حبثت فيها ألعرف، فنلت علما‬      ‫ً‬
‫قليال هبا دفعين إىل العمل فكان هذا نتاجه بني أيدينا، تراه‬  ‫ً‬
‫أعيننا فتقرأه شفاهنا، وتقلب صفحاته أناملنا، نستجمع احلواس‬
‫اخلمس ونضيف إليها احلاسة العاقلة واحلاسة الناطقة، لتتشكل‬
‫لدينا منظومة اإلنسان املنطلق ملعرفة مكنون الكتاب الذي بني‬
                                                         ‫يديه .‬
                                             ‫ُّ‬
‫إنه تأمل وتفكر وعلم وعمل يف األرض ولن نبلغها والسماء لن‬
‫نطاهلا، واإلنسان ومهما علمنا منه ففيه انطوى العامل األكرب‬
‫واملطلق انطوى الذي يدركنا ولن ندركه، واملوجدات واحلركات‬
‫والسكنات، واملتالحقات والدانيات واآلفالت واألبعاد األربعة يف‬
‫الثابت واملتحول: املخلوق والزمن وكل شيء خملوق بقدر وحنن‬
‫اإلنسان يف اجململ نبحث يف استمرارنا وتطوير عقلنا، كي يتطور‬
                                     ‫ً‬
‫حميطه فينعكس عائدا إلينا فإذا أدركنا تداركنا والتدارك‬
‫يكون بااللتفات إىل احمليط القريب منا والتأمل فيه كي نعود‬
‫إىل اإلبداع واإلسراع يف العمل بعد التعلم كي نبقي لالستمرار‬
                                                    ‫ً‬
                              ‫استمرارا وللوجود معنى وغاية .‬
                                                      ‫ُّ‬
‫إن تعلم الصرب والزهد الفكري، واألمل ومقاومة اليأس، والتطور‬
‫الذي ال حيدث إال بعد القبول حبذف املتخلف من العقل، وإحالل‬
‫املتقدم من العلم حمله وقبوله ليتسارع عزم اإلجناب الفكري وإن‬
‫حرث األرض وبذر البذرة ورعايتها، وانتظار منو الشجرة لتظهر‬
‫الثمرة وتعلم أن جين الثمرة ال يتم بقطع الشجرة كي نصل إليها‬

                             ‫-  -‬
‫فلسفة التكوين الفكري‬


    ‫ً‬      ‫ً‬
‫بل حيتاج جهد احلفاظ على الشجرة والصعود رويدا رويدا كي‬
‫يتم جنيها والتمتع باستساغتها ومنظرها وإمتاع اآلخرين ومن‬
                                           ‫كافة املخلوقات هبا .‬
‫هكذا جند أن فلسفة التكوين الفكري مجلة معرفية غايتها‬
‫ترتيب الفكر املمتلئ باألفكار وإسقاط الضوء على املوجود، كي‬
‫يسهل تناول الفكرة ومعاجلتها، ومن ثم االنطالق لتحقيقها،‬
‫واالنتباه الدائم للمحيط فاحمليط أي حميط الفرد واجملتمع‬
‫واألمة مليء بكل ما تريد، واملطلـوب منـك ان تلتفـت إليـه وتنهـل‬
                                      ‫ً‬      ‫ً‬      ‫ً‬
‫منـه تفكـرا وتأمـال وتعلما لتعمل وال ميكن لإلسفنجة أن تأخذ‬
                                                      ‫ً‬
‫ماء جديدا قبل أن تقوم بعصرها، وال للشجرة أن تنمو قبل أن‬     ‫ً‬
‫تقوم بتقليمها، هكذا يا صديقي أقدم لك هذا اجلهد الفين‬
‫باالجتهاد الذي حتبه إن أحببت أن تتأمل فيه فستجد كلماته‬
        ‫َ ُ‬    ‫ُ َ‬
‫البسيطة قوية وسهلة يف آن، واحبث يف املعاني تسر وتسر واقرأه‬
          ‫جتد فيه السهل املمتنع وطرق املسري وآليات الصعود .‬
                ‫ٍ‬
‫أرجو اهلل أن أكون قد وفقت يف تقديم كلمات تراها عيناك‬
‫وتتمتم هبا شفتاك لتصل إىل تالفيف العقل فننتصر للفعل‬
        ‫بالعلم املفيد للجمع الكثري ونأخذ بنواصينا إىل العال .‬
             ‫ُ‬


‫الدكتور املهندس نبيل طعمة‬




                             ‫--‬
‫فلسفة التكوين الفكري‬




                                            ‫إىل من أهوى‬
                                           ‫أقول هي احلياة‬
                                                ‫كائن وكون‬
                                                ‫وكن فيكون‬
                                    ‫فيها الغزل وبها األمل‬
                                       ‫وسعادة منضي هلا‬
                                       ‫ننجز بها حبا اليها‬
                                             ‫باقيا إىل األزل‬

‫الدكتور املهندس نبيل طعمة‬


                            ‫***‬


                            ‫-  -‬
‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫-8-‬
‫هّ‬
‫بناية الل‬                                  ‫فلسفة التكوين الفكري‬




                                                  ‫بناية اهلل‬

                                                         ‫ً‬
‫طبعا أنت أيها اإلنســـان املقصود يف هذا العنوان انظر لنفسك‬
‫ً‬
‫وتأمل ما يف داخلك لتعلم أنه بناك ليسكن فيك وشكلك هندسيا‬
‫فبدأ بك إنشـــاء حيث صاغ هيكلك العظمـــي وأعمرك فأخذت‬
                                                ‫ً‬
                        ‫ً‬
‫الشـــكل املعماري واختربك ميكانيكيـــا لتنجح حركاتك وأنارك‬
                    ‫ً‬                  ‫ً‬             ‫ً‬
‫كهربائيـــا وأطلقك ذريـــا فعملت إلكرتونيا مـــن خالل امتالكك‬
‫للنواة نرتون وبروتون وإلكرتون، وكساك بشكل مدني فأصبحت‬
‫مدنيا رأســـك طابق التأمل والتفكر والرؤية واالختيار وصدرك‬  ‫ً‬
‫طابق االســـتقبال، مركـــز النبض والفعـــل واالنفعال وجبانبيك‬
‫يدان وخصرك طابق املعيشة وعمليات اهلضم والطعام واملاء كي‬
‫تقوى وتتقوى على احلياة ووســـطك هـــو الطابق األرضي الذي‬
‫فيه عمليات الصرف الصحي واإلجناب، والقبو املالك لألساسات‬
                           ‫ً‬      ‫ً‬
‫قدميـــك وما عليهمـــا جمتمعا كامال يف بدن وجلـــد ناعم دقيق‬
‫لتأخذ الشـــكل املدني أنظر إىل نفســـك ألســـت عمـــارة مدنية‬
‫هندســـية رائعة اإلجناز أجنزك ووضع فيك القلب والعقل وصاغ‬
‫البدن كي يســـكن فيك فكيف بك خترجه مـــن داخلك لتبحث‬
  ‫ً‬          ‫ً‬        ‫ً‬
‫عنـــه وهتيم على وجهك تتضرع تارة خائفا خاشـــعا وتارة عنيدا‬
                                              ‫ً‬        ‫ً‬
‫متبجحا وجمحفا تارة أخرى فتنشـــأ قـــوة بني كل ذلك تتفاعل‬
‫فيها اهلواجـــس واألفكار متنقلـــة بني املعرفـــة وعدمها والكفر‬


                             ‫- 9 -‬
‫هّ‬
‫بناية الل‬                                 ‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫واالميان واهلمة والكســـل وسهولة تقبل أي قادم فكري سليب أم‬
                ‫اجيابي وكل ذلك نتيجة لنشوء الفراغ الروحي.‬
‫انظر بعد أن صاغك ونفخ فيك من روحه أي دخل فيك وأطلقك‬
‫لتســـتعمر األرض مبعنى ان تعمرها فهو بناك كي تبين وتشتغل‬
‫وتنجز بناك من األرض اســـتخدم املاء والرتاب وعجنك وأخرج‬
‫شـــكلك وقال لك بعد ان ســـكنك بروحه هيا اعمل وأنا بداخلك‬
‫أراقـــب عملك فلماذا حتـــاول أن خترجه منـــك والكثري الكثري‬
        ‫ً‬
‫أخرجه لشدة ضيق صدره فأصبح وأمسى بدون اهلل شيئا كان به‬
‫ال شـــيء وأخذ يبحث عنه يف احمليط األعلى تارة واألسفل تارة‬
‫أخرى وعندما يفرغ الشـــيء من روح اهلل تســـكنه أرواح خمتلفة‬
‫كروح الشـــر واخلبث والضغينة والعداوة واحلسد والبغاء واملنكر‬
‫والتسلط، وهذا واقع خارج إطار قضايا التأمل فهو سكنك لتعود‬
‫وتســـكنه ورافقك لتكون رفيقه وبناك من أجل ان تبين له انظر‬
‫معنى ويف أنفســـكم أفال تبصـــرون ومعنى ان يف خلق الســـموات‬
‫واألرض واختـــالف الليل والنهار آليـــات لقوم يتفكرون. ما معنى‬
‫هذا ؟ يعنى أنه بداخلك ويساعدك ويلهمك ويقرؤك ما ال تقرأ‬
‫ويعلمـــك ما ال تعلم فكيف بك خترجه من ســـكنه الذي هو أنت‬
                                                        ‫ُ‬
‫ســـكنه هل تفكرت مبا ســـيحصل لك عندما تبعـــده عن عمارته‬
‫اليت بدونه أنت خراب انظر إىل مســـكنك الذي أنت تســـكن فيه‬
                              ‫ِ َ‬
‫ألســـت أنت روحه وأنت ربه (فلم يقال لك رب املنزل ) ان غادرته‬


                            ‫- 0 -‬
‫هّ‬
‫بناية الل‬                                 ‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫ً‬       ‫ً‬
‫ماذا حيصل له أال تســـكنه احلشرات والغبار ويصبح قدميا هرما‬
          ‫ً‬ ‫ً‬
‫على الرغم من مجـــال منظره اخلارجي الذي رويدا رويدا ينهار‬
                                                   ‫تأمل ذلك.‬
                                                      ‫ً‬
‫طبعا يف هذا الشرح حناول ان نتحدث عنك من خالل علم البنيان‬
‫أي هندســـة اخللق اإلنساني واليت حوت كل أنواع اهلندسة اليت‬
‫ذكرهتا باإلضافة إىل اهلندسة الوراثية واجلينية وما سيكتشف‬
‫بـــك بعد ذلك ويف ما ســـيأتي من الزمن ومعك ومـــن خاللك أيها‬
‫االنسان العظيم النشأة فأين أنت منك ومن ذاتك ومن عمقك هل‬
                                        ‫ً‬
‫تريـــد أن تتطور حقا كيف ؟ تأمل ذاتـــك قف إىل مرآتك وانظر‬
‫إىل شـــكلك واخرتق بدنـــك حاول ان ترى خلـــف عينيك وعمق‬
‫أذنيك وارتباطهما بلســـانك وشفتيك ادخل من فمك مع طعامك‬
‫وشرابك وتسلل من أنفك عرب هواء حياتك جتول يف عقلك عرب‬
‫طرقه املديدة واسبح مع دمك يف شرايينك ثم اخرج وعد وتفكر‬
                         ‫ً‬
‫يف إجنابـــك وكيف أنك تصنع وليـــدا يف داخلك ثم اخرج وتفكر‬
      ‫ً‬       ‫ً‬     ‫ً‬
‫يف حياتك ومســـريهتا تأمل حميطك نباتا ومجادا وحيوانا تأمل‬
‫جنســـك إخطو اخلطوة األوىل حاول ان ال خترج من جلدك عد‬
‫إىل داخلك تصاحل معه لتجد أن اهلل عاد إىل بنائه يرشدك فال‬
‫ختطئ ويلهمك فتنجز ويســـاعدك على احلياة فتساعد احلياة‬
                                              ‫على االستمرار.‬
‫اعمـــل على ان يبقى بداخلك توحـــد معه من خالل تصاحلك‬


                           ‫-  -‬
‫العامل اإلفرتاضي‬                            ‫فلسفة التكوين الفكري‬




     ‫ً‬      ‫ً‬    ‫ً‬
‫مع ذاتك تأكد من انه إذا غادرك عشت فراغا قاتال ومميتا على‬
‫شكل االهنيارات وإن أحببت إسكانه فيك عمرت وأعمرت وعملت‬
                                                     ‫ً‬
‫حســـنا بكونه رقيبك ومرشـــدك وحبيبك ألنك أنت حبيبه فما‬
‫أمجل أن يكـــون احملب يف احلبيب حبيب وما أحســـن املصنوع يف‬
‫الصانـــع قبل ظهور الصنيع هو هكذا وحـــدة متكاملة بك ومعك‬
           ‫فكيف أنت تكون بدونه هل تعتقد أنك بدونه تكون.‬

                                       ‫العامل االفرتاضي‬

‫فكرة تســـكن أعماقنـــا تعيش حالة الســـكون يف عقلنا الباطن‬
                                                  ‫ً‬
‫متخفيـــة أبـــدا يف حياتنا الظاهرة وكأني هبـــا تنتظر الولوج من‬
‫حياتنا حلياهتا، وهي الوحيدة اليت تتابع مسرية احلياة بعد ان‬
‫يرتاح اجلســـد املادي وتتوقف كل عملياته، أي بعد ان ننتقل من‬
‫عامل التدفق واحليوية والنبض إىل عامل الســـبات، حيث يرتاح‬
‫اجلسد املادي لتبدأ هي مسرية العمل الروحي فكيف هي...؟ وما‬
                       ‫ً‬
‫هو العامل اآلخر الـــذي نتداوله افرتاضا متلؤه الرهبة واخلوف‬
‫وقليل قليل من احلب...؟ ســـؤال كبري وخطري وعاملي مبعنى انه‬
‫خيص البشـــرية مجعاء وله عالقة مبكونات احلياة واستمرارها،‬
                     ‫وتسليمنا لبعضنا مهام احلياة املوكلة إلينا.‬
‫ً‬
‫اآلن لنحـــاول أن نذهـــب إىل ذلـــك العـــامل ولنبحث بـــه، أوال‬


                              ‫-  -‬
‫العامل اإلفرتاضي‬                            ‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫موجوداته عالقته بنا وعالقتنا به، وما هي األطر اليت سنعيش‬
‫ضمنها، وهل عيشنا مادي أم روحي، وهل لدى ذاك العامل مكونات‬
‫وملاذا ال نســـتطيع ان نتواصل معه، وإذا انتقلنا إليه هل نستطيع‬
‫من هناك ان نتواصـــل مع هنا، أي مع عاملنا املعاش، هل هو عامل‬
‫حيوي بيئي أم هو نسيج خيايل إبداعي نعيش هواجسه ليعطينا‬
                                                            ‫ً‬
‫دفعا يف احلياة املادية اليت نتناساها كي ال خييفنا، فهل هو رعب‬
‫وخـــوف أم أنه حقيقـــة احلقائق اليت ال حنب ان نؤمن هبا وال أن‬
             ‫ً‬
‫نراها وهل هو احلق الذي نؤمن به والذي يبقى باقيا بقاء احلياة،‬
‫ومعنـــى ذلك اننا نبقى معه بعد انقضاء مدة حياة املادي املقدرة‬
‫منـــذ بدايتها، بأن هنايتها حمتومة أي نبقى مع احلق الذي يكون‬
‫الكون يف مجلتـــه وحيق احلق علينا فننتهي ونـــدرك أن هنايتنا‬
                                                  ‫املادية حتمية.‬
‫هل حنن أشـــكال وصور يف هـــذه احلياة املاديـــة...؟ وهل الروح‬
‫تفنـــى أم تبقـــى تدور يف فلك حاملها األســـاس بعد رحيل كتلته‬
‫املاديـــة..؟ هل تتقمص األشـــياء احليوية أم ال.. هي تبقى أزلية‬
‫ترافق وترتافق وحتضر ضمـــن امللكات اخلاصة يف كوننا البديع،‬
‫ينبغي علينا ان نسأل أنفسنا كل هذه األسئلة ولكن هل نستطيع‬
‫اإلجابة عليها، مبعنى آخر هل حنب ان نتبادل هذه احلواريات أم‬
‫ال...؟ من وجهة نظري جيب ان نغين هذه احلواريات وان نتبادل‬
‫معها أســـئلة وتكون هلا األجوبة، فمن خالل ذلك تنشأ جدليات‬


                             ‫-  -‬
‫العامل اإلفرتاضي‬                            ‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫هي غاية البحث يف وجود عاملنا املادي وعاملنا االفرتاضي بدليل‬
   ‫ً‬
‫انه ومهمـــا حاولنا ان نبقى يف عاملنا املـــادي فلن نبقى طويال إذ‬
‫جيـــب علينا الرحيل، إىل أين ؟ إىل العامل اآلخر الذي نســـميه‬
                    ‫ً‬
‫العـــامل االفرتاضي بكونه يعيش افرتاضيـــا يف خيالنا الواقعي‬
‫جنة ونار، سعادة وشـــقاء، آالم وصحة، خري وشر، طيبة وقسوة،‬
‫حمبـــة وكراهيـــة، ان نعيش فيها كل اخلري وضـــده فهل كل هذا‬
‫ينتقـــل معنا إىل العـــامل اآلخـــر بكونه يعيـــش يف عقلنا ضمن‬
‫عاملنا االفرتاضي، اعتقد انه ينبغـــي علينا ان نتداول ونتذاكر‬
        ‫ً‬         ‫ً‬                         ‫ً‬
‫يف هذه العوامل بعيدا عن التشـــنجات وحبثـــا حقيقيا من اجل‬
‫االســـتمرار بعد االنتقـــال إىل العامل اآلخر الـــذي يعيش فينا‬
                                                ‫كعامل افرتاضي.‬
‫اغادركـــم اآلن إىل العامل اآلخر ألعيـــش يف عاملي االفرتاضي‬
‫الذي أمحله كما حتملونه، ســـأدع كل شـــيء وأســـري إليه بغاية‬
‫استكشـــافه وألروي لكـــم ماذا سأشـــاهد والذي ســـيجري معي،‬
‫معنى ان ادخـــل إليه هي حماولة مغادرة املوجـــود ملراقبته فإذا‬
                           ‫ً‬
‫افرتضنـــا انين فارقت احليـــاة مؤقتا فماذا ســـيجري لتكويين‬
‫الـــذي منه أســـرتي وعملـــي وعالقاتـــي وأصدقائـــي وللمحبني‬
‫واحلاقدين واحلاســـدين، وملن يهمهم األمر وملن ال يهمهم األمر،‬
‫وما هي األحاديث اليت ستجري بعد ان يضمين الثرى، سأنتظر‬
                                          ‫ً‬
‫ليغادروا واهنض متسلال أراقب وأجتول عن بعد عما سيتحدثون‬


                              ‫- 4 -‬
‫العامل اإلفرتاضي‬                          ‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫به عين وعـــن حياتي، وكيف كانت وماذا فعلت وكيف فعلت وهل‬
                                           ‫ً‬       ‫ً‬
‫كنت صاحلا أم طاحلا، وهل استساغتين احلياة أم كانت تلفظين،‬
‫وكيف سيتصرف أهلي وزوجيت وأوالدي وكيف سيتدبرون أمورهم‬
‫ً‬                   ‫ً‬
‫من بعـــدي وأصدقائي ورفاقي وهل كنت مهما يف احلياة أم عاديا‬
                          ‫ً‬        ‫ً‬     ‫ً‬       ‫ً‬
‫وهل كنت رقما حقيقيا أم عددا مكمال، لنســـرتق السمع ونسمع‬
‫ماذا ســـيقولون وكم حيتاجون من وقت كي حيدث هلم النســـيان‬
‫أو أهنم انشـــغلوا يف قضايا التكوين (اإلرث واملرياث وهل هو ارث‬
                ‫ثقيل أي مبعنى عبء عليهم أم انه انفراج هلم).‬
                                                       ‫ً‬
‫طبعـــا هي حماولـــة للعيش يف حالة االفـــرتاض وختيل العامل‬
‫اآلخر، فإذا اســـتعرنا حالة التقمص ودخلنا كروح افرتاضية يف‬
‫محامة أو قطة مجيلة لنســـكن على نوافـــذ منازلنا وجنول بني‬
‫أصدقاءنـــا وحوارينا ومدننا اليت كنا نعيـــش فيها أو ندخل إىل‬
‫مســـاحتنا اخلاصة جنلس بني أناســـنا ماذا سنسمع وماذا سنرى‬
        ‫هل سننفر ونقول ان النهاية ضرورية أم نتمنى لو بقينا.‬
                                             ‫ً‬
‫دعـــين أجبك أوال ماذا وجـــدت هناك أي يف العـــامل اآلخر..!‬
‫طبعا وجدت حياة هي ذات احلياة اليت نعيشـــها يف عامل الواقع‬‫ً‬
‫ولكن أنت هنا وأنا هناك، أنا أســـتطيع ان أحدثك مباشـــرة ولكن‬
‫دون ان تســـمعين فأنا اخـــرتق عقلك وروحك أي انين أجتول يف‬
‫املساحات املسموحه واملمنوعة لديك، أنت تسمعين دون ان تنبس‬
‫ببنت شـــفة، فكيف حيصل ذلك وأنـــا أراك وأنت ال تراني فأنا يف‬


                            ‫-  -‬
‫العامل اإلفرتاضي‬                           ‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫عامل األرواح وأنتـــم يف عامل املادة وبكون األرض هلا غالف فكلنا‬
  ‫منحصرون عليها وحوهلا أنتم على األرض وأنا أسبح يف احمليط.‬
                               ‫ً‬       ‫ً‬
‫لتعلم انين لســـت خياال أو ظال بل أنا أحتدث وأعيش جبانبك‬
‫حقيقة كما تعيش، الفرق بيين وبينك أنين خرجت وعدت وأنت‬
‫اعتقدت أنين خرجت بال عودة، وها أنا ذا أروي لك وأنا جبانبك‬
     ‫ً‬
‫مـــا جيري معي والذي هو بذات عينه ســـيجري معك الحقا، من‬
‫هذا الحـــظ ان البحث يف آلية العامل اآلخـــر يبدأ من افرتاض‬
‫الشـــيء وهـــذا االفرتاض يتكـــون منذ نشـــأتك األوىل أي يولد‬
‫معك ومع ســـنني الوعي واالكتساب بكل أشكاله الديين اإلمياني‬
‫العشـــوائي والعلمي واملادي وعالقة الرفـــض والقبول، فكيف به‬
‫يتفاعل مع وجـــودك وحتمله بني جنباتـــك يتحرك فيك، رمبا‬
‫عندما تشاهد حدوث هنايات لآلخرين ورمبا ال وهذا يكون تقبل‬
                          ‫عالقته باملوعظة االجيابية أو رفضها.‬
‫ان حوارييت هذه معك ومع ذاتي حتمل غاية البحث والســـؤال‬
‫ً‬              ‫ً‬
‫عـــن الرحلة اجلديدة يف العامل االفرتاضـــي، أوال العقلي وثانيا‬
‫العـــامل اآلخر وهل هذا العامل ممتلـــئ باحلياة كما هو احلال يف‬
           ‫ّ‬            ‫ً‬
‫حياتنـــا املادية قد أكون كررت ذلك مرارا وغاييت أال ننســـى ما‬
                                 ‫حنن فيه اآلن وما ندخل عليه.‬
‫مرة ثانية أعود ألتنصت على احلياة املادية اليت دخلتها بعد ان‬
‫خرجت أجتول واســـتمع وأشاهد ما يقال عين فأجد أنين اسعد‬


                             ‫-  -‬
‫العامل اإلفرتاضي‬                            ‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫وأحزن فهنا يكال يل املديح وهنا أُذم وهنا منســـي وأقول حمدثا‬
‫ً‬
                                                   ‫نفسي ملاذا..؟‬
‫جيب علي أن استعيد كل ما فعلته يف حياتي منذ ان بدأت رحلة‬
‫التســـجيل يف ذاكرة الوعي وفهم الصح واخلطأ الذي أبعدني عن‬
‫أكل اجلمـــرة وتناول التمرة، إىل أن مـــررت مبرحلة االكتواء بنار‬
‫اجلمرة وأنا احبث عن التمرة النتقل بعدها إىل البحث والتفريق‬
‫بـــني اجلمرة والتمره وأنا ضمن الدائرة الكربى عن مســـلك فيه‬
‫هدف أســـري عليه، فهل أنـــا وصلت أو قطعت مرحلـــة جزئية أو‬
‫نصف الطريق أو حققت كل ما أردت وما أريد يل أن أحققه ليس‬
‫يل فقط بل لآلخرين، وهل عملت لنفســـي أم عملت ألســـرتي أم‬
  ‫ً‬
‫عملت حمليطـــي أم عملت هلذا العامل اآلخر الذي عاش افرتاضا‬
                              ‫ً‬        ‫ً‬
‫يف عقلي ورافقين ترغيبا وترهيبا طيلة مســـرية معاشـــي أم مل‬
                 ‫ً‬
    ‫أعمل ألي من هؤالء وال حتى يل فكنت هامشا ال معنى له .‬
‫جيب علـــي ان أجيـــب على كل األســـئلة الـــيت طرحتها هلذه‬
‫احلواريـــة، ورمبا أســـئل وان أجيب على أســـئلة تتولد من خالل‬
              ‫األجوبة اليت أرد هبا بكون هذا استمرار ال ينتهي.‬
                                               ‫ّ‬
‫ان االبعـــاد الثالثية املتشـــكلة من البعد املـــادي احلي والبعد‬
                          ‫ً‬
‫الـــال مادي الروح الذي ســـيكون ال حقا (العـــامل اآلخر ) والبعد‬
‫االفرتاضي املعاش بـــني حاليت العامل احلايل والعامل اآلخر هي‬
‫قضية البحـــث وغاية التعمق به غاية الوصـــول إىل فهم الفكر‬


                             ‫-  -‬
‫العامل اإلفرتاضي‬                              ‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫احملمول يف العقل اإلنســـاني وضرورة فتـــح وإهلام هذا العقل كي‬
‫حيدث التنوير االضاءات اليت حناول ان نسقطها على الظلمات‬
‫الســـاكنة يف العقل وهي اليت ســـتعطينا الفهم األوســـع بالعامل‬
                         ‫اآلخر من التوسع يف العامل االفرتاضي.‬
‫هذا الثالثي الذي نشـــكله من فهم التسلســـل الزمين للتطور‬
‫العقلـــي الذي أوجـــد بالتصاعد رؤى فهم اإلنســـان املتطور عرب‬
‫التاريـــخ القديـــم بغاية الســـيطرة على الفرد البشـــري ال على‬
‫الفرد اإلنســـاني وأوجدوا نواظم الرعب واخلوف بل من اخلشية‬
‫مـــن احملـــب للمحبوب فمن خيشـــى حيب ومن خيـــاف يكره، من‬
‫ذلـــك تكون العامل العلوي والعامل الســـفلي الذي أجنب من هذه‬
‫العاموديـــة أفقية هي العامل املاضي وعامل املســـتقبل أي العامل‬
‫اآلخر والعامل االفرتاضي من اللحظة املعاشـــة اليت تتداخل يف‬
‫املـــادي والالمادي، واليت توصل إىل عملية الفناء والبقاء وظهور‬
‫الروح واجلسد فالتجانس حياة واالفرتاق بينهما فناء وخلود أي‬
                         ‫عامل أخر وعامل افرتاضي وعامل مادي.‬
‫لنعلم أن كل إنسان ميتلك حياتني تتجسدان يف شخصه املادي،‬
‫األوىل متالمحـــة ومتصلة وتقوده ماديته، والثانية حاملة هلا أي‬
‫الشكل املادي والصورة اليت يظهر هبا كشكل إنساني وعند انتهاء‬
‫احليـــاة الثانية أي املادية واملقدر عليهـــا االنتهاء والفناء تنتقل‬
‫احلياة األوىل أي الروحية إىل العامل اآلخر، من حالة االفرتاض‬


                               ‫- 8 -‬
‫العامل اإلفرتاضي‬                              ‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫اليت اتفقنا على أهنا القائدة للحالتني وهذا إن دل على شيء فإمنا‬
‫يدل على أن علم احلقائق هو علم اإلميان بالشـــيء وإدراكه وأال‬
‫نكون يف حالة االستقرار الطبيعي واليت تعين التشابه مع باقي‬
      ‫املوجودات حبيث يبتعد العقل عن التفكري وآليات التفكر.‬
‫وهـــذا يقودنا إىل ســـؤال : هل احلياة الثانيـــة يف العامل اآلخر‬
‫تبقى تعيـــش يف حميطنا أي ترافقنا وتراقـــب حميطنا ونتاجنا‬
‫لتفـــرح وحتزن بعد رحيل عاملنا املـــادي، وهل العامل اآلخر عامل‬
‫روحي يتشـــابه مع العـــامل املـــادي يف كل أشـــكاله املادية أي ان‬
‫هناك منازل ومركبـــات وطائرات وأغذية نباتية وحلومية، أم ان‬
‫املوجودات يف ذلك العامل كلها فقط روحية واالفرتاض من عاملنا‬
‫االفرتاضي لدى العامل اآلخر الذي ننتقل إليه حيدث يف العقل‬
‫فقط وأثناء احلياة املادية من أجل ان نستمر ونستمر ولكي يكون‬
                        ‫للحياة املادية معنى وطعم ورائحة وغنى.‬
‫هل ميكن ان يكون لإلنسان عقالن عقل مادي خيتص يف احلياة‬
‫املادية وعقل روحي خيتص يف احلياة الروحية وله عالقة وطيدة‬
‫ً‬          ‫ً‬                ‫ً‬
‫مع العامل اآلخر الذي نعلمه افرتاضا، فإذا أخذنا خما إنســـانيا‬
         ‫ً‬
‫لوجدنـــا ان له فصني متشـــاهبني فهل يعين هـــذا اثباتا ملا نقول‬
‫حبيث يتم التبـــادل املعريف من خالل التطور البنيوي للجســـد‬
              ‫ً‬
‫املادي اإلنســـاني فكون الفص األول من املخ خمتصا باملادة وبناء‬
                                                    ‫ً‬
‫اإلنســـان شـــكال، والفص الثاني له عالقة بالبناء الروحي، وهذا‬


                              ‫- 9 -‬
‫العامل اإلفرتاضي‬                             ‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫جتســـيد حي ملفصل اإلنســـان بأنه روحي ومادي وعلوي وسفلي‬
‫وميني ويســـار ومشال وجنـــوب متوحد ومنفصل قوي ومنكســـر‬
               ‫صحيح وضعيف مستقبل ومرسل خيال وحقيقة.‬
‫ان وجـــود العامل االفرتاضي وجود حقيقي يف العقل البشـــري‬
‫فمثال إحساســـك بوجود مشـــكلة يأخذ بك لتصـــور وافرتاض‬     ‫ً‬
‫الكثري من التوقعات وينشـــئ لديك األزمات واحللول الســـالبة‬
‫واملوجبة ويف النتيجة رمبا جتد ان ال مشـــكلة لديك أو ان هناك‬
‫مشـــكلة لديك، من هنـــا تطور العامل االفرتاضي وقســـم العقل‬
‫وجلس يف اهلـــوة املوجودة بني املادي والروحي فتارة يطور املادي‬
                                     ‫ً‬
‫وتـــارة يطور الروحي وأحيانا قليلة ما ينجز ذاك التوازن احملبب‬
‫بينهمـــا، فيظهر اإلنســـان متزن ومن هنا تكـــون نقطة االنطالق‬
‫لعملية اإلبداع والتطور والصعود وحيدث التمايز وتنشأ الندرة‬
                                                      ‫أمام الكثرة.‬
‫ان فهم العامل الكثيف (البشـــري املادي ) واالرتقاء منه يأخذ‬
‫بك إىل العامل اللطيف ذو اخلصائص العلمية الراقية والروحية‬
‫السامية ضمن احلياة املادية الثانية، فإذا انتقلت إىل العامل اآلخر‬
                                   ‫ً‬      ‫ً‬
‫يكون انتقالـــك انتقاال هادئا بكونك دجمـــت عاملك االفرتاضي‬
‫ً‬      ‫ً‬
‫بعاملك الروحي مع عاملك املـــادي وحققت يف احلياة وجودا فعاال‬
‫منطقيا وإذا عدت تكون عودتك مرحية ومشرقة تعطيك السعادة‬     ‫ً‬
‫لعاملك اآلخـــر فتحلق يف أجواء حميطـــك االبداعي والتكويين‬


                              ‫- 0 -‬
‫العامل اإلفرتاضي‬                           ‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫كما حتلق االنســـام الطيبة فوق الورود كالفراشات اجلميلة وان‬
‫امليل للشكل أي للحياة املادية يلغي لديك التوازن ويظهرك على‬
‫انك أحادي اجلانب ومهما جتنبت ذلك ســـتصبغ بصبغته فتأخذ‬
‫شـــكله وإذا أدركت أنك صورته وحاولـــت العودة فال جمال إال ان‬
‫تعرب العامل االفرتاضي لتدخـــل يف العامل الروحي وان دخولك‬
‫للعامل الروحي واالحنصار به يعطيك صفة التخصص الكهنوتي‬
        ‫ً‬       ‫ً‬               ‫ً‬
‫أو الالهوتي أو املشـــيخي وأيضا يفرزك مبتعدا به أخذا بك إىل‬
‫الالدنيوية وال يســـتطيع الكثرة على ذلك فأين أنا وأنتم من كل‬
                                  ‫ما تداولناه يف هذه احلواريات.‬
‫العامل االفرتاضي ليس بعامل شعوذة وليس لديه صكوك متلك‬
‫يف العـــامل اآلخر فال يبيعك ممتلكات مادية وال عينية هو عامل‬
‫يفرتض حصول األشياء فان عملت هلا بتوازنك العقلي حققتها‬
‫يف عاملك املادي احلي املعاش أو عاملك الروحي بعد االنتقال إليه‬
                                    ‫والذي نسميه العامل اآلخر.‬
‫فمـــا تزرعه حتصده والذكرى الـــيت تبقى لك بعد رحيلك هي‬
‫مقـــدار ما تفرتضـــه يف حياتك احلية فإذا عـــدت بروحك وكان‬
‫معك االفرتاض يف األساس ترى ذكراه كما افرتضته فكيف كنت‬
                                                         ‫يكون.‬
‫للعلـــم ان االفرتاض وعاملـــه غري اخليال فاخليال يف نســـبته‬
‫العظمـــى وهـــم والباقي قابـــل للتحقق بينما االفـــرتاض حالة‬


                            ‫-  -‬
‫العامل اإلفرتاضي‬                             ‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫جتانـــس بني الـــروح واملادة تقبـــل اخلطأ وتظهر مـــن واقع ان ال‬
‫مشـــكلة بال سبب وال نار بال دخان وال دخان بال فضاء وال فضاء‬
                                      ‫بال كون وال كون بال إنسان.‬
‫هـــذا الكون اإلنســـاني هـــل يكـــون ان مل يكن به إنســـان فهو‬
‫كائـــن الكـــون وبدونه ال كـــون فمن الذي ســـيعرف عـــن الكون‬
‫لذلك كان ســـبب الوجود وفرضه مـــن حقيقة احلقائق أي احلق‬
‫ليعـــرف االفرتاض والفرض والفرائض ومـــا دام حبثنا يف العامل‬
‫االفرتاضي فلنفرتض ان هناك عوامل معاشـــة يف كواكب أخرى‬
‫فهـــل حنن مبغادرتنا لكوننا هذا ننتقل إليها أم نتبادل معها أم ال‬
‫يوجد غرينا فنحن أحيينا هذا الكوكب من قوة الذي فرضنا يف‬
                      ‫ً‬            ‫ً‬
              ‫حقيقة الكون لنفرتض وجودا أخر حميطا ضمنه.‬
‫ان اخلوض واإلحبار يف هكذا حبث دقيق حيمل خماطر اإلحبار‬
‫بكونه فيه الســـكون واألمواج كما انه ميتلك الســـطح واألعماق‬
‫والكنوز والآللئ واألخطار هو شـــبيه ومتشـــابه بني العامل املادي‬
‫الروحي يف جتانســـه والعامل اآلخر الروحي يف افرتاضه فاخلطأ‬
                                                ‫ً‬
‫فيـــه ينقلك فورا إىل العامل اآلخـــر وتعلم البحث فيه من خالل‬
‫اخلوص يأخذك إىل ذلك العامل لرتى ما به ويعيدك كما حيلم‬
‫ويأمل ويفرتض كل إنسان ان يرى ما يف ذلك العامل اآلخر ليعود‬
‫ويـــروي لنا ماذا شـــاهد ورأى ومبا ان ذلك العامل اآلخر يعيش يف‬
                                                  ‫ً‬
‫داخلنا افرتاضا ومل يعد أحد من ذلك العامل لريوي لنا ماذا حدث‬


                              ‫-  -‬
‫املاضي‬                                        ‫فلسفة التكوين الفكري‬




                     ‫ً‬        ‫ً‬     ‫ً‬        ‫ً‬
‫معه فلنفرتضـــه عاملا مجيال رائعا متكامـــال يف احلياة الروحية‬
‫الســـامية اليت نتخلد هبا تاركني اعباء احليـــاة املادية ومهومها‬
‫وتعبها ومشاكلها لنفرتضه عامل التألق (العامل اآلخر ) ولنعيده‬
‫ً‬
‫إىل موقعه يف العقل ونركنه يف احدى زواياه نســـتخدمه أحيانا‬
                                          ‫ً‬       ‫ً‬      ‫ً‬
‫ترغيبـــا وأحيانا ترهيبا ضمن حوارية حســـاب الذات علنا نصل‬
‫إىل األفضل يف الشـــكل والفعل اإلنســـاني ونسلم لآلخر اإلنسان‬
‫بعد انتقالنا الشكل الصحيح من احلياة فنسعد يف العامل اآلخر‬
‫افرتاضا وحقيقة ونســـتمع من هناك اننـــا حصلنا على التقييم‬ ‫ً‬
‫االجيابـــي فنرتاح، هذا هو العامل االفرتاضـــي يرتبع يف العقل‬
‫اإلنســـاني بني عاملني عـــامل املادة وعـــامل الروح لنحـــاول فهمه‬
                                            ‫واستيعابه والتمتع به.‬

                                                 ‫املــــــاضي‬

‫إنه أمسك الذي استفقت منه والبارحة الذي أمضيته وأسبوعك‬
‫وعمرك كيف عشته وراءك إىل أن وصلت إىل يومك الذي أصبحت‬
‫عليه هو ما مضى من عمرك وما تعلمته ومحلته يف فكرك ومسرية‬
‫حياتك ال بل هو املخزون املشـــاهد من بصرك وبصريتك وما ورد‬
‫إليك من أخبـــار اآلخرين يف حميطك وما ســـجلته ذاكرتك عن‬
‫جمتمعـــك وأمتك وكم قطعت من املســـافة اليت تريد أن تقطعها‬


                              ‫-  -‬
‫املاضي‬                                    ‫فلسفة التكوين الفكري‬




                   ‫ً‬
‫والســـنني اليت تراكمت فأوجـــدت لك عمرا وعند ســـؤالك عن‬
‫عمرك تقول ثالثون سنه أو أربعون أو مخسون أو أكثر إهنا مضت‬
‫ودخلت ســـجل التاريخ الذي هو املاضي سجلك أجل املاضي زمن‬
‫مضى وميضي عرب مســـارات خطية كل يوم تقتطع منه مســـافة‬
‫تدخل يف املاضي وأنت تسري إىل األمام وحاضرك ميضي من بني‬
‫يدك إن كنت تعلم أوال ومســـتقبلك تسعى إليه ليمسي حاضرك‬
                          ‫ً‬
‫يف إصباحك ماضيا ومستقبلك حاضرا وهكذا دواليك فإذا أحبرت‬
‫وإياك يف رحلة البحث لفهم املاضي واحلاضر واملستقبل نبدأ من‬
‫اللحظة ونسري فأول حلظة متضي هبا هي املاضي واللحظة اليت‬
‫نصل هلا هي احلاضر وما سنصل إليه هو املستقبل وعند وصولنا‬
‫إىل اهلـــدف يغـــدو اجلميع يف املاضي لنبدأ مـــن جديد يف رحلة‬
‫البحث واالستكشـــاف، فلســـفة تكوينية غايتها اجناز وإثبات أن‬
‫املاضي هو األســـاس وأن احلاضر هو املعاش والعيش وأن املستقبل‬
                               ‫هو املنظور املراد الوصول إليه.‬
                                    ‫ً‬
‫طبعا هو املاضي كبري جدا واسع وعريض موغل يف أعماق أعماق‬ ‫ً‬
‫احلياة اإلنسانية والكونية خزان هائل للحاضر الضئيل املتجسد‬
‫يف ســـاحة عيش اإلنســـان واملســـتقل الذي يراد اإلنسان العاقل‬
                                        ‫ً‬       ‫ً‬
‫خططا وأحالما وأهدافا قد ال تتجاوز عمره وقد يصل إليها وقد‬
‫ال يصل وامليزة يف املاضي هي أنك تســـتطع أن تصل إليه وتنبش‬
‫فيه وتبحث عن ما تريد لتجد أكثر مما تطلب ويلفت نظرك إىل‬


                            ‫- 4 -‬
‫املاضي‬                                      ‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫أشـــياء وقضايا مل تكن لرتاها لوال وجوده فهو وباإلضافة لكونه‬
‫خزان كبـــري جتد فيه كل ما تبحث عنه جتده يســـاعدك فهم‬
            ‫حاضرك وبدونه ال تستطيع االنتقال إىل املستقبل.‬
‫هو هكذا املاضي من مضى ورحل وابتعد وأوغل يف اخللف البعيد‬
‫وبالرغم من وجود ميزة النســـيان يف العقل اإلنســـاني واليت هلا‬
‫عالقـــة يف االســـتذكار وفقدان األشـــياء أؤكد علـــى أن الذاكرة‬
‫اإلنســـانية العقلية هـــي ماضي خمزن حناول اســـتعادته حينما‬
‫نريـــد ومن هنا أســـجل ما أفعل أو أحـــاول االحتفاظ يف ذاكرتي‬
‫العقليـــة الال متناهيـــة يف الدقـــة إن أردت تنظيمها وبرجمتها.‬
                                               ‫ً‬
‫املاضي قريب جدا وقريب ومتوسط البعد وبعيد موغل يف البعد‬
‫أولـــه بني يديك وأوســـطه تتابعه عينيك وأبعـــده ذاكره وتذكر‬
‫واملوغل منه حبث وتفتيش وتنقيب وإذا حتدثت إليك وقلت لك‬
‫زمان فيعين ماضي وزمن جـــزء من الزمان الذي حيتوي األزمنة‬
‫الثالثة املاضي واحلاضر واملســـتقبل والوقت عداد زمن احلاضر‬
‫ميضي إىل الوراء من ســـاعته والساعة والدقيقة والثانية ما هي‬
‫إال مواقيت صحيح أهنا تسري إىل األمام ولكنها تسجل كل حلظة‬
‫منك يف املاضي من حاضرك الذي هو بعد حلظة يغدو إىل الوراء‬
                                                           ‫ً‬
                         ‫ماضيا دون أن يلتفت إليك أو تنتبه له.‬
‫تأكد أن املاضي هو إجنابك يضاف إىل إجناب اآلخرين اللذين‬
‫جبانبك وحول حميطك وعندما تنجب تدخل يف رحلة الرحيل‬


                             ‫-  -‬
‫احلاضر‬                                    ‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫إىل املاضي ليتقدم إجنابك إىل املســـتقبل فاآلن ختيل أنك أنت‬
‫احلاضر تنجب املاضي واملســـتقبل فكم أنت عظيم أيها اإلنســـان‬
‫أنت الزمان والزمن واألزمان أنت املاضي واحلاضر واملســـتقبل أنت‬
‫احلياة وجدت لتعمل هلا وبدونك ال حياة فعندما نقول دون ذاك‬
             ‫ً‬
‫وأخربنا هذا واكتشـــفنا ما فعل أولئـــك ووجدنا أثرا صنعه قوم‬
‫ســـومر وأكاد وعاد وإرم ذات العماد واملسماريون واهلريوغليفيون‬
‫كل أولئـــك وهؤالء وحنن مـــاض بعيد وبســـيط وقريب وحاضر‬
‫ينتظر وينظر إىل أن يدخل إىل كل أولئك ومنســـي ماضيا يصبح‬
          ‫عليه احلاضرون لينتظروا دخوهلم بالتتابع إىل املاضي‬
               ‫ً‬
‫هيـــا فإننا نعمـــل للماضي وليكـــن عملنا جيـــدا فكلنا ماضون‬
‫ومعنى ذلك أن أرواح أعمالنا هي الباقية يف شواهد املاضي الذي‬
‫سيتحدث عنه املستقبل إنه املاضي الذي ال يستقبل بدونه فهو‬
‫خمزون احلاضر الذي سينقلنا إىل املستقبل وبدونه ال مستقبل‬
                                  ‫ٍ‬
‫أنت أيها اإلنســـان إنســـان ماض إىل حاضر ومســـتقبل لتصل يف‬
                                           ‫النهاية إىل املاضي.‬

                                                  ‫احلاضـــر‬

‫يكفيك ان تنظر يف املرآة أو تلتقي باألخر أو مع أي شيء لتعلم‬
‫أنك حاضر موجود وأنك تتعرف إىل شـــخصك من خالل دائرتك‬


                            ‫-  -‬
‫احلاضر‬                                     ‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫الـــيت تعيش فيها صغرية أو كبـــرية حينما ينادى عليك وجتيب‬
‫بأنك حاضر فتشعر بالطمأنينة وهدوءك وتالحظ قدرتك على‬
‫جتاوز اجملهول وتنظيم أمورك هبدوء وتنخرط يف يومك تشاهد‬
‫اآلخريـــن أفراد وجمتمعات وتتكون لديـــك حقيقة حضورك يف‬
‫احلاضـــر فتنفعل فيه وتفعل وتنصهر وتذوب وتنشـــغل يف حوار‬
‫احلاضـــر غايتـــك صناعة املاضـــي والتهيئـــة والتحضري لتصور‬
                 ‫ً‬
‫املســـتقبل وفهمك حلاضرك يعطيـــك اختصارا تنجـــزه يف الال‬
‫اختيـــار ملاضـــي الذي ال تعـــرف أنت بقرارة ذاتك كيف ســـيكون‬
‫عليك ان فضاءاتك املتجســـدة يف املاضي واملستقبل ال تظهر إال‬
‫من خالل حاضرك فهو الذي يسجل وينبؤك كما ينبؤا اآلخرين‬
                                                         ‫عنك.‬
‫ومن سياق حبثنا يف احلاضر ال بد أن نقول ان املاضي زمن لديه‬
‫ســـجل نكتب فيه تارخينـــا وميكن ان نطلق عنـــه (إنه التاريخ )‬
‫كما ان املســـتقبل وتطلعنـــا إليه وحبثنا فيه هـــو حاضر عندما‬
‫نصل إليه ونتجاوزه يصبـــح ماضي ومن احلاضر هو املاضي الذي‬
                                               ‫ً‬
‫ســـنصنعه غـــدا من هـــذا نقول عـــن احلاضر بأنـــه مركز لديه‬
‫اجتاهان متعاكسان وهذا املركز رابطة بني زمين املاضي واحلاضر‬
              ‫ً‬
‫يعطي للماضي ويسجل فيه ويصنع للمستقبل أمال على أن يكون‬
                                                     ‫ً‬
‫فيه وأيضا يســـتند احلاضر يف صناعتـــه إىل املاضي فيأخذ منه‬
                     ‫ويستفيد من ما سيأتي يراقبه ويتهيأ إليه.‬


                            ‫-  -‬
‫احلاضر‬                                      ‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫احلاضر ليس أنا الفرد وال اإلنسان مبفرده بل هي كلمة احلياة‬
‫مـــا ان تتفتـــح عيناك حتى تراه بطوهلـــا وعرضها وحميطها هي‬
                   ‫ً‬
‫األرض ما عليها والسماء وما هبا وما بينهما إذا احلاضر هو احلياة‬
‫فعندما تستيقظ تضع يدك على قلبك فتشعر بأنه ينبض وتنهض‬
‫متحركا لتعلم أنك حي فتعلم أنك حاضر وال ينتهي حضورك إال‬   ‫ً‬
                                  ‫ً‬
‫باختصار حضورك الكبري جدا إىل نقطة متناهية يف الصغر هي‬
‫ً‬
‫املوت حينها تنتقل من احلاضر إىل املاضي واملســـتقبل يف آن معا‬
                                        ‫ً‬       ‫ً‬
‫وتغدو مســـتقبال ماضيا ال رجعـــة فيه وحضورك من نتاج عملك‬
                      ‫خيال روحي ال جسد فيه بل صورة خيال.‬
‫ان تعريف احلاضر واحلضور وفهمه وتعزيز فهمه ضرورة فكرية‬
‫حياتية له عالقة بآلية التطور اإلنســـاني وأشـــكاله الصناعية‬
‫والزراعية واالقتصادية والسياسية والعلمية ومعرفتك حلاضرك‬
‫هو اجناز مقدر ومقيم يف أعلى مراتب احلياة بكون أنك ال تستطيع‬
‫ان تنجـــز دون تواجدك فيه، كما أنـــه ال ميكنك من احلاضر ان‬
‫تكـــون يف املاضـــي أو يف املســـتقبل فهو وكما ذكـــرت وجودك بني‬
‫األمـــام واخللف وفعلك قيمتك احلاضـــرة اليت جيب ان تنجزها‬
‫إذا أردت الوصول إىل املســـتقبل لتتخلـــد يف املاضي قد تقول ملا‬
‫هذا التعقيد وانـــا اختلف معك ورمبا اتفق بكون احلاضر متاهة‬
‫هلا مدخالن مدخـــل وأنت حاضر يأخذك إىل املاضي فينســـاك‬
                                    ‫ً‬
‫احلاضر الذي أنت فيه فعال ويهملك وال يراك وال أنت تراه وهنا‬


                              ‫- 8 -‬
‫املستقبل‬                                  ‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫أطلـــق عليك أنك موجود ولســـت موجود بكونك مل تســـتطع ان‬
‫تفعل للحاضر شـــيء أما إن فعلت وأجنزت فســـيأخذ بك املدخل‬
               ‫ً‬       ‫ً‬
‫الثاني إىل املستقبل ليسجلك فيه حاضرا وماضيا وأما إن مهت ما‬
‫بينهما فإنك ستضيع ال حمالة يف حاضرك وستنتهي فيه وستكون‬
‫هامشـــا غري مرئي تبحث عن حضورك فـــال جتده لذلك أحتاور‬‫ً‬
‫معـــك وأخاطبك بان حاضرك هو أهم ما متلك يف حياتك املقدرة‬
‫بني نقطتني املاضي واملســـتقبل فكيف ســـتصل بينهما وهل هذه‬
‫املسافة بينهما بطوهلا وعرضها هي حاضرك الذي تبحث كل يوم‬
                     ‫ً‬
 ‫عنه سؤال كبري ادعه لك وبني يديك أمال منك ان تبحث فيه.‬
‫الحـــظ معـــي ان قرار تتخـــذه وتريـــد ان تفعله هـــو جمموع‬
‫تصـــورات املاضـــي كي تعيـــش يف احلاضر وهو بالتايل ســـينقلك‬
    ‫ً‬
‫إىل املســـتقبل فإذا تفكرت وختيلت تتفكـــر وتتخيل ماضيا منه‬
                           ‫ً‬      ‫ً‬
‫تستنبط احلاضر لتصبح عاملا عارفا ما تريد ان تعلمه لتعمله يف‬
‫حاضرك هي فلســـفة تكوينك الفكري ماضية حلاضرك تنقلك‬
‫إىل املســـتقبل ليدرس كل واحد منا حاضـــره الذي فيه ماضيه‬
        ‫ومستقبله وليخرت إىل أين يريد من احلاضر ان ينتقل.‬

                                                 ‫املستقبل‬

‫أن يكون لك هدف تعمل له، وجتهد لتصل إليه، يكون بالنسبة‬


                            ‫- 9 -‬
‫املستقبل‬                                     ‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫لك املستقبل القادم من خالل مشروع قابل للتحقيق، عندما ترسم،‬
‫أو ختطط، وتثبت نقطيت البداية والنهاية، وتبدأ باملسري يعين‬
‫أنك تنطلق إىل املســـتقبل، فاحلاضر هو التكتيك، واملستقبل هو‬
‫االسرتاتيجية، والفرق بني املستقبل واحللم أن املستقبل واقعي،‬
                                       ‫ً‬
‫واحللم أداته، ويبقى حلما يف العقل طاملا أنك مل تسع لتحقيقه،‬
            ‫َ‬
‫ومل خترجـــه إىل الواقـــع، وال ميكن لك أن تنطلـــق إليه دون أن‬
‫تكون حاضرا يف احلاضر الذي يبين يف أعماقك الفكرية حاجة‬‫ً‬
‫التطور، وفهمك ألســـباب وجودك وإرادتـــك فيما تنوي أن تصل‬
‫إليه، وأن تدعـــه بعد أدائك ملهامك احلياتيـــة، وانتقالك للعامل‬
‫الروحي اجلديد، فمن هنا ننطلق لفهم فلسفة تكوين املستقبل،‬
‫واليت هي يف شكلها األويل والنهائي فلسفتك ودراستك لتكوينك‬
‫بشكل فردي، وطموحك وأحالمك هو ختصص علمي إن سعيت له‬
                                                       ‫ً‬
‫تعلما، وعلما به وصلت إليه، ونلت منه ما صبوت إليه، وإن درسته‬   ‫ً‬
‫ً‬
‫بشكل عام، واهتممت بذلك، أدخلك يف فلسفته، وأوجد لك نوعا‬
        ‫من أنواع الوعي يف املصري الكلي، أي التخيل زائد العلم.‬
‫وإذا كان املســـتقبل هـــو أحـــد أبعاد الزمن الكبري املقســـم إىل‬
‫أزمنة، ماض وحاضر ومستقبل، منحنا هذا البعد قوة التطلع من‬  ‫ٍ‬
  ‫ً‬
‫خالل تراكـــم املعرفة من املاضي إىل احلاضر، فكون البعدين معا‬
‫تطلعا يف العقل ويف البصرية إىل أين نســـري، ففهمنا أننا منضي‬
‫إىل املســـتقبل ال إىل املوت، لكون املوت ال عالقة له باملســـتقبل،‬


                              ‫- 0 -‬
‫املستقبل‬                                    ‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫ولكوننا ننتقـــل من حياة إىل حياة يف العقل الروحي، معنى ذلك‬
‫أننا نستمر يف املســـتقبل، وعلينا أن نعمل له دون املساس حبالة‬
                                                           ‫املوت.‬
‫املســـتقبل حيتاج إىل خطوة لتبدأ يف املســـري إليه، وهنا أعين‬
                                         ‫ً‬
‫التقدم إىل األمام انطالقا مـــن أداء مهمات احلاضر ومتطلباته،‬
‫فـــال ميكنك أن تنتقـــل إليه دون إكمالك لشـــروط احلاضر، فإذا‬
‫انشغلت يف مهام احلاضر، ومل تنجزها فإنك لن تستطيع أن تنتقل‬
‫إىل املســـتقبل، وبشـــكل أدق إن مل تنجز احلاضر لن تتقدم، وإذا‬
‫تقدمت، معنى هذا أنك سرت إىل األمام، وإىل األعلى، فاملستقبل‬
‫يتعامل مع مسريك املتقدم، مبعنى أدق، كلما خطوت خطوة إىل‬
‫األمام، اتســـع فكرك، وفتحت له اآلفاق، وازدادت األحالم، وطال‬
‫مدى التطلع يف البصر والبصرية، أي أن املستقبل مساران، األول‬
         ‫ً‬
‫ممكن بشـــرط أن تفعله ومتارســـه، فيكون بذلك إراديا حتققه‬
       ‫ً‬
‫مـــن خالل رمسك له، وفعلك للوصول إليـــه، والثاني أيضا ممكن‬
‫ودون شروط، لكنه موجود ضروري، ومتعلق باملستقبل اإلنساني،‬
                               ‫ً‬       ‫ً‬      ‫ً‬
‫فتكون به مشـــاركا مزدوجا، إراديا وال إرادي، وترابط املســـارين،‬
‫ترابط عضوي عنـــد العاقل الباحث يف العلـــم واملعرفة وعنهما‬
‫بدليـــل أنك ال ميكن أن حتقق مســـتقبلك الفردي دون حفاظك‬
‫على املســـتقبل اإلنساني اجلماعي بكل ظروف حياته الذي أنت‬
                                   ‫موجود فيه كجزء من حميط.‬


                             ‫-  -‬
‫املستقبل‬                                     ‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫املستقبل أوجده اإلنسان من أجل استمرار الطبيعة واملخلوقات‬
                                                       ‫ً‬
‫لكونه مالكا للعقل، وبذلك ال مســـتقبل للطبيعة إال من خالله،‬
                                 ‫ً‬
‫فالطبيعـــة ثابتـــة، فمـــا هو مثال مســـتقبل القمر، أو مســـتقبل‬
‫الشـــمس، أو مستقبل النجوم، أو مســـتقبل الليل والنهار، فالعلم‬
                                       ‫ً‬    ‫ً‬
‫الروحي أعطاها وصفا دقيقا، حيث ورد يف الكتب املقدســـة «وكل‬
‫يف فلك يسبحون»، وأكد على أن أي خلل حيدث هلا ينهي احلياة‬
‫الكونية، فمن هنا نثبت أن كلها ثوابت، واإلنسان وحده هو الذي‬
                    ‫ً‬
‫يصنع بفكـــره التطور، وآثاره كانت مســـتقبال يف املاضي، ليتعلم‬
                            ‫إنشاء مستقبل من احلاضر إىل القادم.‬
‫لقد بدأ علم املســـتقبل مع ولوج اإلنسان للحياة، وتعرفه على‬
         ‫ّ‬
‫ذاتـــه، وحبثه الـــدؤوب للحفاظ على جنســـه، ومحايته كان هو‬
‫هدفـــه الرئيس، والـــذي يكون يف حقيقته املســـتقبل، أجل بعد‬
‫حدوث الوعي الكبري، وإجنازه للثورة الفكرية وعطاءاهتا املتعددة،‬
‫ومنها أوجد الفكر اإلنساني مساحة كربى للمستقبل الذي أخذنا‬
‫نسميه املستقبل القريب، واملستقبل املتوسط واملستقبل البعيد،‬
       ‫ً‬                  ‫ً‬          ‫ً‬
‫وغايـــة كل ذلك أن جنعل غدا واضحـــا، وبعد غد حمققا، وبعده‬
                                                             ‫ً‬
‫أمينـــا، لذلك يتـــم اآلن العمل لتحويل الغـــد وبعده من جمهول‬
‫إىل معلوم واضـــح املعامل كحد أدنى، الكثافة البشـــرية الكبرية‬
                                                  ‫ً‬
‫وتســـارعها منوا دعا اجلميع للتخطيط للمستقبل، سواء كان يف‬
                  ‫ً‬
‫املســـكن، أو امللبس، أو املطعم، فلم يعد مقتصرا على اليوم لكونه‬


                              ‫-  -‬
‫الرتاب‬                                      ‫فلسفة التكوين الفكري‬




                         ‫ال يعيش لليوم، بل لغده، ولبعد غده.‬
‫إن القضاء على فكرة االستســـالم للحاضـــر إلزاحة الكثري من‬
‫الصور الفكرية املنتشرة يف ذهنية البشر، واليت أثرت على الكثرة،‬
‫وحولتهم ملتقاعدين، عاجزين عن املشاركة يف صناعة املستقبل،‬
‫واحلصـــار املفروض عليه القـــادم من األفكار اجلامدة، وتســـلط‬
‫اإلنسان على أخيه اإلنسان، أصبح ضرورة إجنازه، فاإلنسان ولد‬
                          ‫ً‬       ‫ً‬        ‫ً‬     ‫ً‬     ‫ً‬
‫طموحا، حاملا، فاعال، ومنفعال، مشكال منهم املستقبل، وبدون ذلك‬
          ‫ّ‬
‫كان قد انتهى منذ ذلك الزمن البعيد، فلكل واحد منا مستقبله‬
             ‫ً‬                           ‫ً‬
‫الذي حيلم به، مرهونا مبدى ما يعمل له، ومسؤوال ضمن اجملموع‬
      ‫العام عن مستقبل اإلنسانية ومستقبل الكون بشكل عام.‬

                                                  ‫التـــــــراب‬

‫مكون رئيســـي يف تشـــكيل الكون بصـــورة كواكبـــه ومنه جبل‬
‫اإلنسان وأُعمر ومت بنائه وكذلك النبات واحليوان وإليه يعودون‬
‫بعد انتهاء رحلة حياهتم املقدرة يضمهم يتفاعل معهم ونســـتمر‬
‫هبم بعد ان يتحولـــوا إىل موضوعنا الذي نتحدث عنه الرتاب،‬
‫انه الشـــكل املدني لإلنســـان وبدونه ال شـــكل وال صورة وال بناء‬
‫ليس لـــه نوع فهو أديم األرض ومنه كان اســـم آدم، مثل مكونات‬
‫الطعـــام أيضا حتتاج إىل االيدام فاملاء واهلواء ال يكفيان لصنعه‬


                             ‫-  -‬
‫الرتاب‬                                     ‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫بـــل حيتاجان منتجات الـــرتاب وبإضافة املاء واهلـــواء إليه تتم‬
         ‫ً‬
‫عملية تكوين املادة وحتويلها إىل حقيقة مشـــاهبة متاما لتحول‬
‫الـــرتاب إىل طـــني الزب أو صلصـــال كالفخار، هـــو جمموع ذري‬
‫يضم املعادن العشـــرة إضافة إىل سيليكات األملنيوم واملنغنيزيوم‬
‫والبوتاسيوم والكوارتز وامليكا وأكاسيد احلديد والرماد الربكاني‬
‫ودقائق األمالح وفيه بقايا النبات والبكترييا وأثار الغبار الكوني‬
‫وغبار الشهب وأهم ما فيه هو تراب اإلنسان بعد فنائه لذلك كله‬
                  ‫ً‬
‫الرتاب هو اإلنسان فإذا حللنا اإلنسان كيميائيا جند التشابه يف‬
                             ‫التحليل فمنه كان اخللق وإليه يعود.‬
‫الرتاب طبيعة األرض ومنه حنمل طباعنا ننجز منه وننجذب‬
‫إليـــه فيه اجلاذبية وطهرنا ففيـــه الطهر ولذلك يأخذ به إن مل‬
‫ً‬
‫يتوفر املاء للتطهر فكما املاء واهلواء حنمل طباعها حنمله أيضا‬
‫ليـــس فقط كمكون بل مؤثر نتأثـــر به وهو يف ذات الوقت حامل‬
‫لكل هـــذه الطباع املاديـــة والروحية وبدون جتمعـــه كان بقائنا‬
‫مثل الذرات هنيم يف الفراغ الال متناهي حيضن املاء ويســـيل على‬
                                                    ‫ً‬
‫وجهه جداوال واهنارا لنعيش على حميطه فنزرع به ونبين عليه‬
‫املدن والبلدان هو مولد وأســـاس كل أنواع املادة وعند فناء املادة‬
                                             ‫كاإلنسان تعود تراب.‬
‫الـــرتاب من تـــرب، وترب الشـــيء مبعنى أصابه الـــرتاب وترب‬
‫الرجـــل أي افتقر وكأنه التصق بالـــرتاب وتربت يداه مبعنى مل‬


                             ‫- 4 -‬
‫الرتاب‬                                     ‫فلسفة التكوين الفكري‬




                                              ‫ً‬
‫تعـــد تصب خريا وأترب الرجل أي اســـتغنى وكان به صار له من‬
                               ‫ِ‬
‫املـــال بقدر حبات الرتاب والرتب بالكســـرة اللذة ومجعه أتراب‬
‫والرتائب هي عظام الصدر والرتاب تراب فقري مثل اإلنســـان ما‬
‫مل يعمـــل له ويكد من أجله ال نفع فيه ان بقي مبفرده ونفعه يف‬
‫حتريكه وتقليبه وزراعته وصناعته ودراســـتنا له تعين دراســـة‬
‫لبنية أجســـامنا وحمتوياهتا الـــيت تتكون مجيعهـــا منه كمواد‬
                                             ‫جمموعة يف مادة.‬
‫للرتاب رائحة، ذكية مثل العطر نستمد منها حب احلياة فعندما‬
‫يهطل املطر أول مرة على تراب األرض حاول ان تستنشق رائحته‬
‫وعلم اهنا رائحة احلياة وروحها يف الالشـــعور ويف الشعور تعطيك‬
‫حبهـــا بكونك مولود منهـــا وأينما حتل وترحتل حتمل الشـــوق‬
‫والتشـــوق بني جنباتك ويكفيك شم تربة أرضك املولود منها مرة‬
‫واحدة لتعرف لونك وشكلك الذي تكونت منه وعند التقائك مع‬
‫اآلخرين أول ما يسألونك من أين أنت فلون ترابك يستدل عليه‬
‫من لون بشـــرتك وعندما صاغنا اإلله قبض من كل مكان قبضة‬
‫من تراب هذه األرض، لنشـــاهد اليوم ألوان تربتنا على وجوهنا‬
‫فاألبيض واألمسر واألسود واحلنطي واألمحر واألصفر هي ألوان‬
        ‫تراب انتماءاتنا اليت قدمنا منها من وجه هذه البسيطة.‬
‫ان الرتاب جســـد احلياة وأجســـامها احلية فبعد عملية اخللق‬
‫اإلنســـاني واحليواني والنباتـــي عاد اإلنســـان ليبحث يف ترابه‬


                            ‫-  -‬
‫املاء‬                                        ‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫ً‬
‫ويشـــتق منه آليات تطـــوره وتطويره ويصنـــع كل ماديته مقلدا‬
                          ‫ً‬
‫بذلك كل احلاالت الروحية ومشكال يف عودته بعد رحلة معاشه‬
        ‫مع مادته مادة الرتاب فالكل من تراب والكل إىل تراب.‬

                                                     ‫املــــــاء‬

‫أحد أهم مكونات اإلنسان مع الرتاب واهلواء وهو مجلة احلياة‬
‫اإلنســـانية واحليوانيـــة والنباتية ومل يكـــن لكوكبنا األرضي أن‬
‫حييا بدونه ومعه ســـمي الكوكب احلي وباقي الكواكب غري حيه‬
                                            ‫ُ ِّ‬
‫بكون املاء غري موجود فيها فاملاء حياة و به حنيا وحييا كل شيء‬
                                                             ‫معه.‬
‫املاء اسم مطلق ومجعه مياه وهو على نوعني صاف عذب حنصل‬
‫عليـــه من األهنار والينابيـــع واألمطار والثلـــوج والقطب املتجمد‬
‫الشمايل واجلنوبي وماحل مياه البحار واحمليطات ومللوحتها أسباب‬
‫وجود عوامل حبرية وســـر من أســـرار التوازن الكوني، حيتل املاء‬
‫نســـبة % من مســـاحة كوكـــب األرض الذي نعيـــش عليه وهو‬
‫متواجد يف اخللية احلية بنســـبة 0- 0% ويشـــكل يف اإلنسان‬
‫اجلســـد ما يعادل من 4% إىل 0% وهذا ما يعادل مســـاحة املاء‬
‫على الكـــرة األرضية وحجم اليابســـة هو كتلة اإلنســـان املادية‬
                                                         ‫اجلامدة.‬


                              ‫-  -‬
‫املاء‬                                       ‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫وأيضـــا له عالقة بعلـــم الطبائع اإلنســـانية الـــذي يؤثر على‬
‫اإلنســـان الطبع املائي والطبـــع اهلوائي والطبع النـــاري والطبع‬
‫الرتابـــي وحنن منتلك منه كل ذلـــك ومن خصائصه أن ال لون له‬
‫وال طعم وال رائحة وال ميســـك بل يعبأ وميكن أن خيزن املاء ذلك‬
‫املركب الروحي يف الالمادي والكيميائي السائل الشفاف يف املادي‬
‫الـــذي يتألف من ذرتني هيدروجني وذرة أوكســـجني وصاحب رمز‬
‫ً‬
‫(‪ ) HO‬عرفنـــا ذلك بعد حتليله وال ميكن تركيبه إال كيميائيا‬
‫دون استطاعة صناعته أو تقليده وكل حالة روحية طبيعية ميكن‬
                                                   ‫ً‬
‫تقليدها ماديا واالســـتفادة منها يف مكونات احلياة األساسية إال‬
‫املاء واهلواء والرتاب والروح اليت تكون ضمنهم ال ميكن صناعتها‬
‫حتى أشـــباه هلا إنه موجود يف حياة الكـــون وبني الكواكب وحول‬
‫األرض على شـــكل رطوبة يف اهلواء وخبـــار داخل وخارج الغالف‬
                                                         ‫اجلوي.‬
‫إن روح احلياة املاء ولذلك هو يف حركة دائمة فإذا سكنت احلياة‬
‫وتوقفت سكن املاء لينشئ األوبئة واملكروبات والفطريات ويتجول‬
‫إىل مـــاء ميت روائحه كريهة كاجليفـــة بروائحها ولذلك ال يكف‬
‫املاء عن اجلريان واحلركة مد وجزر ودوران وســـيالن لذلك أقول‬
‫نعـــم ميوت املـــاء إن فقد روحـــه كما ميوت اإلنســـان عند صعود‬
‫روحه فاملاء حياة وحياته يف عذوبته يتعامل معه البشـــر يدرون‬
‫أو ال يـــدرون أنه حياهتم على الرغم من جهل قيمته يف كثري من‬


                             ‫-  -‬
‫املاء‬                                         ‫فلسفة التكوين الفكري‬




                                                 ‫ً‬
‫األحيان طبعـــا املاء حياة يدخل علـــى األرض اجلدباء اجلرداء‬
                            ‫ليعمرها باإلنسان من خالل وجوده .‬
‫حيق لنـــا أن نبحر يف حبر العلم غايتنـــا الوصول حلقيقة املاء‬
‫وجوهره أهو روح أم أنه مثل اإلنسان خملوق روح ومادة وإذا سألنا‬
‫أنفســـنا كيف جيري املاء ويتحرك ما هي القوة الدافعة لصعوده‬
‫ومن ثم مســـيله وآلية املـــد واجلزر البحري وعالقتـــه مع القمر‬
‫والشمس واألرض وسر اجلاذبية ودوراهنما وظهورمها واختفائهما‬
‫لعرفنا أنه روح اإلنســـان يأخذها منه ويطـــرح مادته وما عملية‬
‫صعوده إىل الســـماء وتشـــكيل الغيوم والسحاب إال عملية صعود‬
                                    ‫ً‬
‫الروح وتطهريها لتصبح زالال ينعش اإلنســـان والنبات واحليوان‬
                                               ‫ً‬
‫ليطهرهـــم مجيعا بطهـــره الظاهر والباطن الكائـــن فيه وكل ذرة‬
‫تعيش وتســـبح يف هذا الفلك تبحث عنه نعم ال ميكننا أن نشـــرب‬
‫ً‬       ‫ً‬
‫املاء اآلســـن والقاسي والراكد أي املاء امليت بل نشربه عذبا صافيا‬
‫حنـــس به وهو يدخـــل جوفنا كيف به ينجزلنا احلياة فنســـتمر‬
‫وتســـتمر نعم املاء حياة وســـر اخللود والبقاء وأهم من أهم مكون‬
‫من مكوناهتا فمنه أجنـــزت جنان عدن وغاباهتا وظهر التفاح فيها‬
‫والتـــني وبه نعـــرف نظافتنا الظاهـــرة واملخفية بـــدأت احلياة به‬
‫وبانتهائـــه تنتهي وال ميكن االســـتغناء عنه فهو مضاف يف حياتنا‬
‫اليومية مضاف على شـــرابنا وطعامنا وكســـائنا وحركتنا وخوفنا‬
‫عليـــه خوف على حياتنـــا وروحنا وضرورة رعايتـــه وإجياد آليات‬


                               ‫- 8 -‬
‫اهلواء‬                                      ‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫بقائة وعدم نفاذه مســـؤولية كوكبنـــا وحياتنا اجلماعية إن أردنا‬
‫احلفاظ على جنسنا البشري ومع ازدياد الكثافة السكانية الغري‬
                   ‫ً‬
‫طبيعية وذوبان القطبني املتجمدين تدرجييا ومها خزانا األرض‬
‫اهلائالن اللذان ننهبهما ونتعدى عليهما بوقاحة والتصحر القادم‬
‫نتاج نقص املاء وارتفاع مناسيب البحار يؤدي إىل عملية غزو املياه‬
‫املاحلـــة لليابســـة اليت تزيد يف ملوحة األراضي وتســـرع يف قضم‬
‫األراضي اخلضراء مما يساهم يف إهناء احلياة الكوكبية اليت ختص‬
‫كوكبنا احلي باملاء فقط بني كل الكواكب، إنه املاء حيتاج الرعاية‬
‫فهو يتأمل ويئن من استخدامنا اجلائر له فهو مثلنا له روح تصعد‬
   ‫ً‬
‫وهو مثل النار ال مادي يصعد إىل السماء ويبقى فيها منحبسا إن‬
‫أصرينا على اإلســـاءة إليه املاء املـــاء لنحافظ عليه حنافظ على‬
                                             ‫احلياة بكل تنوعها .‬

                                                  ‫اهلـــــــواء‬

‫ال لون وال طعم وال ميســـك به ميلؤنا حيـــاة وهو أحد مكونات‬
‫احليـــاة الكاملة ومير يف كل مفاصلها ويدخل إىل أجســـادها عرب‬
             ‫ً‬
‫فتحـــات وجدت يف أجســـامها وهـــو مثل املاء متامـــا روح األحياء‬
‫ً‬
‫لذلك وجد األنف يف اإلنســـان واحليوان واعتقد أن للنبات أنفا‬
‫ال مرئي على شكل مســـامات يف جذوعه وعروقه وأغصانه حتى‬


                             ‫- 9 -‬
‫اهلواء‬                                       ‫فلسفة التكوين الفكري‬




            ‫ً‬
‫الرتبة تتنفس من شـــقوقها وفجواهتا والصبح أيضا يتنفس كما‬
‫اآلية الكرمية حتدثت (والصبح إذا تنفس ) ويكون تنفسه عند‬
‫انبالج الصبح وظهور خط الشفق نعم إنه احلياة وال حياة بدون‬
‫هـــواء فهو الضلع الثاني الرئيس لوجود احلياة ويســـمى النفس‬
‫فـــإذا زاد مت إنقاصه بالتنفـــس أي إزالة جزء منه لتعتدل الروح‬
‫واملادة مثل إطار الســـيارة واالنتفاخات البطنية وإال ستؤدي إىل‬
                                                        ‫االنفجار.‬
‫اهلواء خليط غازي طبيعي متجانس ميأل الكون وحميط كوكبنا‬
‫األرضـــي احلي خيص كوكبنا ويعيش حتـــت الغالف فال خنتلط‬
‫بالغبار الكوني يتكون يف األســـاس من غازي ثاني األزوت بنسبة‬
                ‫ً‬
‫8% وثنائي األوكســـجني بنســـبة % تقريبا كما أنه يرافقهم‬
‫ثاني أكسيد الكربون بنسبة أقل من % وفيه من خبار املاء وبعض‬
‫الغازات اخلاملة الكثري الكثري املتنوع. ونســـبة األوكسجني اليت‬
‫نســـميها اهلواء النقي ضرورة حتمية حلياة احلياة بكل تنوعاهتا‬
‫وال عيش بدونه بكونه يدخل يف تركيب كل أنواع اخلاليا احلية‬
‫بنســـبة تعادل ربع جمموع الذرات الداخليـــة يف تركيبها لذلك‬
‫نرى أن عملية التوازن والتكامل يف احلياة الروحية حتتاج اهلواء‬
‫احلامل لألوكســـجني املوجود يف اهلواء احمليـــط وإذا نقص تقوم‬
‫النباتات بعملية تعويضه من خالل عمليات التكامل الضوئي يف‬
                                  ‫ً‬
‫نظـــم البناء الكوني الكامل، إذا اهلـــواء مع املاء والرتاب مكونات‬


                              ‫- 04 -‬
‫اهلواء‬                                      ‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫حقيقة الكون املشـــكلة ملعادلة اخللق الكامل اإلنســـان واحليوان‬
‫والنبات واجلماد وفقـــدان عنصر من هذه العناصر يعين فقدان‬
‫جلملة احلياة ودفعة واحده وإىل غري رجعه فإذا قارنا جند أنه‬
                        ‫ً‬
‫يقـــرتب من الروح بكونه ال مـــادي أيضا وإذا منعته تصعد الروح‬
‫فورا وتبقى املادي وهذا يدلنا على أن الروح هي اليت تتنفسه ال‬  ‫ً‬
‫املادي الذي يستفيد منه يف فعله وحركته املادية إن حاجة املاء‬
‫لألوكســـجني كحاجة اإلنسان له فلوال ذرة األوكسجني مع ذرتي‬
                                        ‫اهليدروجني ملا كان املاء.‬
‫جيب ان نعلم أن اهلواء الذي حييطنا هو خاصية كوكبنا احلي‬
‫يعيش معنا فقـــط حتت غالف االوزونات احلافظة حلياتنا اليت‬
‫ال تكون بـــدون اهلواء واملاء وطبقة الغـــالف اجلوي اليت حتوي‬
‫االوزونات حتتاج الهتمام كبري بكوهنا متنع دخول اهلواء الذري‬
‫احلامل للغبار خارجها كما متنع األشعة الكونية ودرجات احلرارة‬
‫اهلائلـــة من النفـــاذ إىل حميطنا األرضي الـــذي منه حنيا، فكم‬
‫احلاجة اليوم كبريه للحفاظ على غالفنا اجلوي الذي حيمينا‬
                     ‫وحيمي مائنا وهوائنا املسؤوله عن حياتنا.‬
‫اهلـــواء بعد كل هذا احلوار عنه مل يســـلم مـــن التعدي عليه‬
‫وتلويثه مبخلفات الصراع والتطور البشري وعدم نظافة البيئة‬
‫يلـــوث اهلـــواء الذي يوثـــر على النفـــس اإلنســـاني فيزيد فيه‬
‫األمراض من خالل األوبئة اليت ينتجها اإلنسان يف األساس نتاج‬


                             ‫- 4 -‬
‫اهلواء‬                                     ‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫حركته وصناعته وزراعته وفشـــله يف إجياد عالقات اجتماعية‬
‫إنســـانية راقية وكذلك نتاج لعدم فهم فلســـفة تكوينه ووجوده‬
‫اليت تطالبه باحلفاظ على جنســـه البشـــري وأجناس الطبيعة‬
                                       ‫املوجودة يف حميط بيئته.‬
‫إن اجلـــدل العلمي التارخيي والذي ترافق مـــع الرؤى الدينية‬
                                                ‫ً‬
‫مل خيلـــق تنافرا بل ســـعى كل منهما لفهم اآلخـــر أثناء حبثهما‬
‫عن عملية تكوين اإلنسان ومجلته احلياتية إن كان عرب حادثة‬
‫االنفجار الكوني العظيم ونشـــوء الغبـــار الذري الذي مجع هذا‬
‫الكوكـــب وصاغه اإلله مبكوناته أو عـــرب الفتق والرتق اإلمياني‬
‫الذي أخضعه اإلله ملشـــيئته من هنا تنشأ ضرورة ربط األشياء‬
‫ببعضها فوجود اإلنســـان وتركيبه البيولوجـــي والفيزيولوجي‬
                                                  ‫ً‬
‫مرتبـــط عضويا مبكونات الوجـــود اهلواء واملـــاء والرتاب وهذا‬
‫الرتابـــط يدعونا للحفاظ على هوائنـــا وحماولة تنقيته وعدم‬
‫العبث بـــه وتنظيم حياتنا باحملافظة علـــى الغابات واإلكثار من‬
‫زراعتهـــا واالهتمام بالنباتات واحلد من انبعاث الغازات وفلرتهتا‬
‫قدر املستطاع وتنظيم األسرة والنظر يف التكاثر اإلنساني اهلائل‬
‫وبرجمته إىل البشـــرية أقول تفكروا وتأملوا يف اهلواء وأين أنتم‬
    ‫ً‬
‫منه وما حاجتكم إليه لتعلموا وتضيفوا إىل معلوماتكم سببا من‬
‫أسباب حياتكم الرئيسة اعملوا على أن تكونوا سليمني من خالل‬
                     ‫سالمته فبدونه ال حياة ومعه تكون احلياة.‬


                             ‫- 4 -‬
‫النار‬                                       ‫فلسفة التكوين الفكري‬




                                                         ‫النـار‬

‫مبا أن اإلنسان حمور احلياة الكونية وطاقته حمركه ومتحركة‬
‫حمرضة ومتحرضة ويرى وينظر ويبصر احمليط الذي هو مركزه‬
‫يبحث يف أدواته وموجوداته لريى أنه احلجارة أهم مواد التقدم‬
                                          ‫ً‬
‫مـــن أجل تطـــوره مدنيا لذلك عندما قـــدح حبجرين مع بعضها‬
‫بتناغم وتســـارع فطـــري حدثت الشـــرارة األوىل من خالل ذلك‬
‫االحتكاك لتتولد النار الـــيت تعود لتلتهمه مع حجارته فيكون‬
‫بذلك مع أدواته وقودها اليت أعين ان اإلنسان وأدواته يف مسرية‬
‫حياته البناءه هي أدوات البناء وتعين احلجارة أي املاديات اليت‬
                 ‫ينجزها اإلنسان تكون وقودها الناس واحلجارة .‬
‫فهـــل ميكن أن تعرفهـــا وندخل عليهـــا لنجد ألواهنـــا احلمراء‬
               ‫ً‬         ‫ً‬
‫والصفراء والزرقاء وأيهما أشـــد احرتاقا وحرقـــا وأيهما يعطي‬
‫الدفء أكثر وأيهما يفيد ويغين يف هذه احلياة وأين يكمن سرها‬
‫هـــل يكون يف جاذبيتها فتقدم إليها األشـــياء املادية لتلتهمها أم‬
‫أن جاذبية األشياء تنادي هلا فتحضر لتتناوهلا كمائدة املضيف‬
‫للمضاف ويف اإلدراك العلمي الذي أدى لتعريف ماهية الظواهر‬
‫اليت حتولـــت إىل حقائق وأجنـــزت القوانـــني الفيزيائية ومنها‬
‫قانون نيوتني القائل أن لكل جســـم يف الكـــون يؤثر بقوة جذب‬


                             ‫- 4 -‬
‫النار‬                                         ‫فلسفة التكوين الفكري‬




                  ‫ً‬
‫على جسم آخر، مقدار هذه القوة يتناسب طردا مع حاصل ضرب‬
                                                ‫ً‬
‫الكتلتني وعكســـيا مع مربع املســـافة بينهما، فهل النار كتلة وهل‬
‫الضـــوء كتله وهل تعاني النار من أي نوع من اجلذب حنو األرض‬
‫عنـــد صعودها إىل الفضاء وكيف هبا تتغلب على قوة اجلذب وما‬
                       ‫هي آلية اجنذاهبا إىل املاديات احمليطة هبا.‬
‫النـــار ليســـت مادة أو شـــيء حبدود ذاهتا فال متســـك وال توزن‬
‫ومضموهنا طاقة حرارية وطاقة ضوئية وهي وصف لشيء له شكل‬
‫متصاعـــد ويتصاعد إىل األعلى هلبـــأ حبكم خفة وزهنا وكثافتها‬
‫اليت تقرتب من الصفر ولذلك تتطاول إىل األشياء وتطاهلا حتى‬
‫تصل الفراغ لتمتلكه وتســـيطر على كل األبعاد املكانية بكوهنا ال‬
‫متتلـــك األبعاد إال يف حلظة انطالقها من نقطة حتول إىل طاقة‬
‫النار اليت تتشـــكل من جمموع طاقتـــني احلرارة والضوء وأدواهتا‬
‫(الشمعة العيارية واجلول ) إن ضبط النار وضغطها يعطيها اللون‬
‫األزرق وهو لون قوة طاقتها املنظمة يف حلظة االحرتاق الكامل‬
‫أما األمحـــر واألصفر فهو لـــون عبثيتها وفوضويتهـــا وهجومها‬
‫وانقضاضها على األشـــياء تبدأ باليابس اهلش الســـريع وجتفف‬
‫األخضر منتشـــرة يف كامل املكان ويف عزم تســـارع نوعي ال يقف‬
‫أمامها أي شـــيء حتى اهلواء حتلله فتسحب األوكسجني منه كي‬
                                                  ‫ً‬       ‫ً‬
‫تزداد هنما والتهاما وتستمد منه قوهتا اإلضافية وإذا أردت منحها‬
                                                     ‫القوة انفخ هبا.‬


                               ‫- 44 -‬
‫النار‬                                       ‫فلسفة التكوين الفكري‬




‫لقد قدســـت النار يف العهـــود القدمية وقبل امليـــالد كانت هلا‬
‫العبـــادة وبدأت معهـــا فكرة الطواف حوهلا للتقـــرب إليها بكوهنا‬
‫الشيء الوحيد الذي يصعد إىل السماء وكل شيء ينتهي حتتها‬
                              ‫ً‬
‫فتبقيه على األرض فناء ورمادا تذروه الرياح ورمست هلا الطقوس‬
                                     ‫ً‬
                      ‫والقواعد لتكون عبادة نادرة هلا ملريديها.‬
‫النـــار فعل حياة منها الال إرادي وله عالقـــة بالكونية املمتلكة‬
           ‫ً‬
‫بـــإرادة املطلق والثواب والعقاب وغضب الطبيعة أيضا املتمثل يف‬
‫التجسيد احلي من قبل احلي األزيل عند التعدي الصارخ الفاضح‬
‫عليهـــا لتنتقم وتأخذ حبقها من أي متعـــد عليها ومنها اإلرادي‬
‫اإلنســـاني الـــذي ميتلكها حبكمة عقله وجهلـــه فيكون عمله يف‬
                                                  ‫ً‬
‫احلياة نارا اجيابية مفيدة له ان ســـيطر عليها وسخرها خلدمة‬
‫اإلنســـانية فتكون إجيابية يف عمله احلياتي تضيء له مساراته‬
‫وتســـاعده فتكون أداة طيبة طيعة بيده هي هكذا النار نار تبدأ‬
‫من شـــعلة هي بيدنا حنن نشـــعلها فتفيدنـــا وتفيد اآلخرين ان‬
‫عرفنا اســـتخدامها تكون فاكهة ليس للشتاء فقط بل على مدار‬
‫العمر تعطينا من مثرها حاجتنا إليها كما اهنا أداة رعب عظيمة‬
      ‫ٍ‬
‫فـــذرة منها ال تبقي وال تذر وكلنا يعلم ان معظم النار من قدحة‬
‫حجر الذي يولد مستصغر الشرر أو من عدم وعي وفهم لطاقتها‬
                                              ‫املكنونة يف ذراهتا.‬



                             ‫- 4 -‬
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول

More Related Content

What's hot

المعرفة ...مصادر ووسائل
المعرفة ...مصادر ووسائلالمعرفة ...مصادر ووسائل
المعرفة ...مصادر ووسائلOsamaGhawji
 
الذكاء الروحي - واحد من أربعة
الذكاء الروحي - واحد من أربعةالذكاء الروحي - واحد من أربعة
الذكاء الروحي - واحد من أربعةMohammadSeiffiddineH
 
الاسرار الربانية في النفس البشرية
الاسرار الربانية في النفس البشرية الاسرار الربانية في النفس البشرية
الاسرار الربانية في النفس البشرية chamithami
 
سحر الشخصية وفروسية الذات -الفصل الثالث : القسم الأول
سحر الشخصية وفروسية الذات -الفصل الثالث : القسم الأولسحر الشخصية وفروسية الذات -الفصل الثالث : القسم الأول
سحر الشخصية وفروسية الذات -الفصل الثالث : القسم الأولmahersalameh
 
القائد بين الفنان والمزارع وشخصياته الخمسة
القائد  بين الفنان والمزارع وشخصياته الخمسةالقائد  بين الفنان والمزارع وشخصياته الخمسة
القائد بين الفنان والمزارع وشخصياته الخمسةBaker AbuBaker
 
سحر الشخصية و فروسية الذات : ألفصل الثاني
سحر الشخصية و فروسية الذات : ألفصل الثاني سحر الشخصية و فروسية الذات : ألفصل الثاني
سحر الشخصية و فروسية الذات : ألفصل الثاني mahersalameh
 
أنماط الشخصية
أنماط الشخصيةأنماط الشخصية
أنماط الشخصيةMaged Ramadan
 
المهارة 2 و3 من المهارات الـ 21
المهارة 2 و3 من المهارات الـ 21المهارة 2 و3 من المهارات الـ 21
المهارة 2 و3 من المهارات الـ 21MohammadSeiffiddineH
 

What's hot (10)

bayynat205
bayynat205bayynat205
bayynat205
 
المعرفة ...مصادر ووسائل
المعرفة ...مصادر ووسائلالمعرفة ...مصادر ووسائل
المعرفة ...مصادر ووسائل
 
الذكاء الروحي - واحد من أربعة
الذكاء الروحي - واحد من أربعةالذكاء الروحي - واحد من أربعة
الذكاء الروحي - واحد من أربعة
 
الاسرار الربانية في النفس البشرية
الاسرار الربانية في النفس البشرية الاسرار الربانية في النفس البشرية
الاسرار الربانية في النفس البشرية
 
سحر الشخصية وفروسية الذات -الفصل الثالث : القسم الأول
سحر الشخصية وفروسية الذات -الفصل الثالث : القسم الأولسحر الشخصية وفروسية الذات -الفصل الثالث : القسم الأول
سحر الشخصية وفروسية الذات -الفصل الثالث : القسم الأول
 
القائد بين الفنان والمزارع وشخصياته الخمسة
القائد  بين الفنان والمزارع وشخصياته الخمسةالقائد  بين الفنان والمزارع وشخصياته الخمسة
القائد بين الفنان والمزارع وشخصياته الخمسة
 
سحر الشخصية و فروسية الذات : ألفصل الثاني
سحر الشخصية و فروسية الذات : ألفصل الثاني سحر الشخصية و فروسية الذات : ألفصل الثاني
سحر الشخصية و فروسية الذات : ألفصل الثاني
 
فن التأمل
فن التأملفن التأمل
فن التأمل
 
أنماط الشخصية
أنماط الشخصيةأنماط الشخصية
أنماط الشخصية
 
المهارة 2 و3 من المهارات الـ 21
المهارة 2 و3 من المهارات الـ 21المهارة 2 و3 من المهارات الـ 21
المهارة 2 و3 من المهارات الـ 21
 

Viewers also liked

9 the prince from the river arabic
9 the prince from the river arabic9 the prince from the river arabic
9 the prince from the river arabicAt Minacenter
 
قصة مصورة و مسابقة الطفل فى السلة
قصة مصورة و مسابقة الطفل فى السلةقصة مصورة و مسابقة الطفل فى السلة
قصة مصورة و مسابقة الطفل فى السلةmagdy-f
 
العشاء السرى
العشاء السرىالعشاء السرى
العشاء السرىmagdy-f
 
38 a terrible time for jesus arabic
38 a terrible time for jesus arabic38 a terrible time for jesus arabic
38 a terrible time for jesus arabicAt Minacenter
 
33 the men who would not bend arabic
33 the men who would not bend arabic33 the men who would not bend arabic
33 the men who would not bend arabicAt Minacenter
 
34 daniel and the lions den arabic
34 daniel and the lions den arabic34 daniel and the lions den arabic
34 daniel and the lions den arabicAt Minacenter
 
44 rich man poor man arabic
44 rich man poor man arabic44 rich man poor man arabic
44 rich man poor man arabicAt Minacenter
 
شرح سفر يهوديت بوربوينت
شرح سفر يهوديت بوربوينتشرح سفر يهوديت بوربوينت
شرح سفر يهوديت بوربوينتmagdy-f
 
الكتاب المقدس1
الكتاب المقدس1الكتاب المقدس1
الكتاب المقدس1At Minacenter
 

Viewers also liked (10)

9 the prince from the river arabic
9 the prince from the river arabic9 the prince from the river arabic
9 the prince from the river arabic
 
قصة مصورة و مسابقة الطفل فى السلة
قصة مصورة و مسابقة الطفل فى السلةقصة مصورة و مسابقة الطفل فى السلة
قصة مصورة و مسابقة الطفل فى السلة
 
العشاء السرى
العشاء السرىالعشاء السرى
العشاء السرى
 
38 a terrible time for jesus arabic
38 a terrible time for jesus arabic38 a terrible time for jesus arabic
38 a terrible time for jesus arabic
 
33 the men who would not bend arabic
33 the men who would not bend arabic33 the men who would not bend arabic
33 the men who would not bend arabic
 
34 daniel and the lions den arabic
34 daniel and the lions den arabic34 daniel and the lions den arabic
34 daniel and the lions den arabic
 
44 rich man poor man arabic
44 rich man poor man arabic44 rich man poor man arabic
44 rich man poor man arabic
 
شرح سفر يهوديت بوربوينت
شرح سفر يهوديت بوربوينتشرح سفر يهوديت بوربوينت
شرح سفر يهوديت بوربوينت
 
الكتاب المقدس1
الكتاب المقدس1الكتاب المقدس1
الكتاب المقدس1
 
052412 Arabic
052412   Arabic052412   Arabic
052412 Arabic
 

Similar to فلسفة التكوين الفكري د. نبيل طعمة -الجزء الأول

مفاتيح السعادة بين يديك د إبراهيم حبيب
مفاتيح السعادة بين يديك د إبراهيم حبيبمفاتيح السعادة بين يديك د إبراهيم حبيب
مفاتيح السعادة بين يديك د إبراهيم حبيبIbrahim Barakat
 
ديكارت-ppt.pptx
ديكارت-ppt.pptxديكارت-ppt.pptx
ديكارت-ppt.pptxOtmanBassay
 
الخلايا المرآة Mirror neurons
الخلايا المرآة     Mirror neuronsالخلايا المرآة     Mirror neurons
الخلايا المرآة Mirror neuronsنورة محفوف
 
ملف انجاز
ملف انجازملف انجاز
ملف انجازfile2017
 
Anmat alsha5siia
Anmat alsha5siiaAnmat alsha5siia
Anmat alsha5siianido nana
 
40 Rules Of Love
40 Rules Of Love40 Rules Of Love
40 Rules Of LoveEman Deabil
 
أبي.. أمي.. كيف أكون مبدعاً ؟
أبي.. أمي.. كيف أكون مبدعاً ؟أبي.. أمي.. كيف أكون مبدعاً ؟
أبي.. أمي.. كيف أكون مبدعاً ؟FadwaBadawy
 
الوقت الضائع
الوقت الضائعالوقت الضائع
الوقت الضائعMrooj Aljnh
 
01 قوة التفكير الإيجابي
01 قوة التفكير الإيجابي01 قوة التفكير الإيجابي
01 قوة التفكير الإيجابيAbdallah Yakoub
 
02 العادات السبع لأكثر الناس فاعلية
02  العادات السبع لأكثر الناس فاعلية02  العادات السبع لأكثر الناس فاعلية
02 العادات السبع لأكثر الناس فاعليةAbdallah Yakoub
 
4+5 المدرسة الكلاسيكية مدارس علم النفس-ppt S4.pptx
4+5 المدرسة الكلاسيكية  مدارس علم النفس-ppt S4.pptx4+5 المدرسة الكلاسيكية  مدارس علم النفس-ppt S4.pptx
4+5 المدرسة الكلاسيكية مدارس علم النفس-ppt S4.pptxlinariachy2
 
أسس بناء المنهج _الاساس العقدي الفلسفي
أسس بناء المنهج _الاساس العقدي الفلسفيأسس بناء المنهج _الاساس العقدي الفلسفي
أسس بناء المنهج _الاساس العقدي الفلسفيKhadijah Alsenani
 
مفاتيح النجاح في الحياة
مفاتيح النجاح في الحياةمفاتيح النجاح في الحياة
مفاتيح النجاح في الحياةOURAHOU Mohamed
 
نبض الذات.. تأملات في إستراحة محارب
نبض الذات.. تأملات في إستراحة محاربنبض الذات.. تأملات في إستراحة محارب
نبض الذات.. تأملات في إستراحة محاربemadhusseindr
 
دليل استخدام-2012 -محمد عادل عبد العزيز
دليل استخدام-2012 -محمد عادل عبد العزيز دليل استخدام-2012 -محمد عادل عبد العزيز
دليل استخدام-2012 -محمد عادل عبد العزيز ahmed rahmouni
 

Similar to فلسفة التكوين الفكري د. نبيل طعمة -الجزء الأول (20)

مفاتيح السعادة بين يديك د إبراهيم حبيب
مفاتيح السعادة بين يديك د إبراهيم حبيبمفاتيح السعادة بين يديك د إبراهيم حبيب
مفاتيح السعادة بين يديك د إبراهيم حبيب
 
516 (1)
516 (1)516 (1)
516 (1)
 
ديكارت-ppt.pptx
ديكارت-ppt.pptxديكارت-ppt.pptx
ديكارت-ppt.pptx
 
الخلايا المرآة Mirror neurons
الخلايا المرآة     Mirror neuronsالخلايا المرآة     Mirror neurons
الخلايا المرآة Mirror neurons
 
11 ____
11  ____11  ____
11 ____
 
ملف انجاز
ملف انجازملف انجاز
ملف انجاز
 
Anmat alsha5siia
Anmat alsha5siiaAnmat alsha5siia
Anmat alsha5siia
 
40 Rules Of Love
40 Rules Of Love40 Rules Of Love
40 Rules Of Love
 
أبي.. أمي.. كيف أكون مبدعاً ؟
أبي.. أمي.. كيف أكون مبدعاً ؟أبي.. أمي.. كيف أكون مبدعاً ؟
أبي.. أمي.. كيف أكون مبدعاً ؟
 
إدارة الذات
إدارة الذاتإدارة الذات
إدارة الذات
 
مفهوم الروح
مفهوم الروحمفهوم الروح
مفهوم الروح
 
الوقت الضائع
الوقت الضائعالوقت الضائع
الوقت الضائع
 
01 قوة التفكير الإيجابي
01 قوة التفكير الإيجابي01 قوة التفكير الإيجابي
01 قوة التفكير الإيجابي
 
02 العادات السبع لأكثر الناس فاعلية
02  العادات السبع لأكثر الناس فاعلية02  العادات السبع لأكثر الناس فاعلية
02 العادات السبع لأكثر الناس فاعلية
 
4+5 المدرسة الكلاسيكية مدارس علم النفس-ppt S4.pptx
4+5 المدرسة الكلاسيكية  مدارس علم النفس-ppt S4.pptx4+5 المدرسة الكلاسيكية  مدارس علم النفس-ppt S4.pptx
4+5 المدرسة الكلاسيكية مدارس علم النفس-ppt S4.pptx
 
أسس بناء المنهج _الاساس العقدي الفلسفي
أسس بناء المنهج _الاساس العقدي الفلسفيأسس بناء المنهج _الاساس العقدي الفلسفي
أسس بناء المنهج _الاساس العقدي الفلسفي
 
مفاتيح النجاح في الحياة
مفاتيح النجاح في الحياةمفاتيح النجاح في الحياة
مفاتيح النجاح في الحياة
 
نبض الذات.. تأملات في إستراحة محارب
نبض الذات.. تأملات في إستراحة محاربنبض الذات.. تأملات في إستراحة محارب
نبض الذات.. تأملات في إستراحة محارب
 
دليل استخدام-2012 -محمد عادل عبد العزيز
دليل استخدام-2012 -محمد عادل عبد العزيز دليل استخدام-2012 -محمد عادل عبد العزيز
دليل استخدام-2012 -محمد عادل عبد العزيز
 
Cort
CortCort
Cort
 

More from Mohammad Kettani

مراتب العشق ال5 وفيها بحث كامل قريبا يوضح العلاقة بينهم معرفيا وعلميا وفلسفيا...
مراتب العشق ال5 وفيها بحث كامل قريبا يوضح العلاقة بينهم معرفيا وعلميا وفلسفيا...مراتب العشق ال5 وفيها بحث كامل قريبا يوضح العلاقة بينهم معرفيا وعلميا وفلسفيا...
مراتب العشق ال5 وفيها بحث كامل قريبا يوضح العلاقة بينهم معرفيا وعلميا وفلسفيا...Mohammad Kettani
 
اهم قاعدة واسلوب وباب للتعليم الراقي الروحاني وهو
اهم قاعدة واسلوب وباب للتعليم الراقي الروحاني وهواهم قاعدة واسلوب وباب للتعليم الراقي الروحاني وهو
اهم قاعدة واسلوب وباب للتعليم الراقي الروحاني وهوMohammad Kettani
 
تفسير القوة المتزنة الشاملة للأمراض والمشاكل والوقاية منهما
تفسير القوة المتزنة الشاملة للأمراض والمشاكل والوقاية منهماتفسير القوة المتزنة الشاملة للأمراض والمشاكل والوقاية منهما
تفسير القوة المتزنة الشاملة للأمراض والمشاكل والوقاية منهماMohammad Kettani
 
الرجل ~ مريم نور
الرجل ~ مريم نورالرجل ~ مريم نور
الرجل ~ مريم نورMohammad Kettani
 
الأخلاق والقيم في الحضارة الإسلامية
الأخلاق والقيم في الحضارة الإسلاميةالأخلاق والقيم في الحضارة الإسلامية
الأخلاق والقيم في الحضارة الإسلاميةMohammad Kettani
 
الذكاءات المتعدد
الذكاءات المتعددالذكاءات المتعدد
الذكاءات المتعددMohammad Kettani
 
مواقع إنترنت وقنوات وتقنيات ومنتجات وكتب (للوقاية + معرفة الحلول للمشاكل بأنو...
مواقع إنترنت وقنوات وتقنيات ومنتجات وكتب (للوقاية + معرفة الحلول للمشاكل بأنو...مواقع إنترنت وقنوات وتقنيات ومنتجات وكتب (للوقاية + معرفة الحلول للمشاكل بأنو...
مواقع إنترنت وقنوات وتقنيات ومنتجات وكتب (للوقاية + معرفة الحلول للمشاكل بأنو...Mohammad Kettani
 
تطوير الذاكرة - كاملة دكتور نزار كمال
تطوير الذاكرة - كاملة دكتور نزار كمالتطوير الذاكرة - كاملة دكتور نزار كمال
تطوير الذاكرة - كاملة دكتور نزار كمالMohammad Kettani
 
الجاذبية الشخصية - تعلم كيف تلهم الأخرين وتؤثر فيهم
الجاذبية الشخصية - تعلم كيف تلهم الأخرين وتؤثر فيهمالجاذبية الشخصية - تعلم كيف تلهم الأخرين وتؤثر فيهم
الجاذبية الشخصية - تعلم كيف تلهم الأخرين وتؤثر فيهمMohammad Kettani
 
الغناء والموسيقى نظرات ومراجعات - دكتور صالح الراشد
 الغناء والموسيقى نظرات ومراجعات - دكتور صالح الراشد   الغناء والموسيقى نظرات ومراجعات - دكتور صالح الراشد
الغناء والموسيقى نظرات ومراجعات - دكتور صالح الراشد Mohammad Kettani
 
علم العلاج بالطاقة
علم العلاج بالطاقةعلم العلاج بالطاقة
علم العلاج بالطاقةMohammad Kettani
 
مبادئ علم السياسة
مبادئ علم السياسةمبادئ علم السياسة
مبادئ علم السياسةMohammad Kettani
 
مجاهدة النفس والصراع مع الشيطان The struggle against oneself & the battle wit...
مجاهدة النفس والصراع مع الشيطان The struggle against oneself & the battle wit...مجاهدة النفس والصراع مع الشيطان The struggle against oneself & the battle wit...
مجاهدة النفس والصراع مع الشيطان The struggle against oneself & the battle wit...Mohammad Kettani
 
الفكر الإسلامي الحديث والمعاصر
الفكر الإسلامي الحديث والمعاصرالفكر الإسلامي الحديث والمعاصر
الفكر الإسلامي الحديث والمعاصرMohammad Kettani
 
اقتصاديات الأسرة المسلمة
اقتصاديات الأسرة المسلمةاقتصاديات الأسرة المسلمة
اقتصاديات الأسرة المسلمةMohammad Kettani
 
إدارة الوقت من المنظور الإسلامي والإداري
إدارة الوقت من المنظور الإسلامي والإداريإدارة الوقت من المنظور الإسلامي والإداري
إدارة الوقت من المنظور الإسلامي والإداريMohammad Kettani
 
التكوين الثقافي للشباب
التكوين الثقافي للشبابالتكوين الثقافي للشباب
التكوين الثقافي للشبابMohammad Kettani
 
مرشد حقوق المستهلك
مرشد حقوق المستهلكمرشد حقوق المستهلك
مرشد حقوق المستهلكMohammad Kettani
 

More from Mohammad Kettani (20)

مراتب العشق ال5 وفيها بحث كامل قريبا يوضح العلاقة بينهم معرفيا وعلميا وفلسفيا...
مراتب العشق ال5 وفيها بحث كامل قريبا يوضح العلاقة بينهم معرفيا وعلميا وفلسفيا...مراتب العشق ال5 وفيها بحث كامل قريبا يوضح العلاقة بينهم معرفيا وعلميا وفلسفيا...
مراتب العشق ال5 وفيها بحث كامل قريبا يوضح العلاقة بينهم معرفيا وعلميا وفلسفيا...
 
اهم قاعدة واسلوب وباب للتعليم الراقي الروحاني وهو
اهم قاعدة واسلوب وباب للتعليم الراقي الروحاني وهواهم قاعدة واسلوب وباب للتعليم الراقي الروحاني وهو
اهم قاعدة واسلوب وباب للتعليم الراقي الروحاني وهو
 
تفسير القوة المتزنة الشاملة للأمراض والمشاكل والوقاية منهما
تفسير القوة المتزنة الشاملة للأمراض والمشاكل والوقاية منهماتفسير القوة المتزنة الشاملة للأمراض والمشاكل والوقاية منهما
تفسير القوة المتزنة الشاملة للأمراض والمشاكل والوقاية منهما
 
The eternal quest
The eternal questThe eternal quest
The eternal quest
 
الفرح اﻷبدي
الفرح اﻷبديالفرح اﻷبدي
الفرح اﻷبدي
 
الرجل ~ مريم نور
الرجل ~ مريم نورالرجل ~ مريم نور
الرجل ~ مريم نور
 
الأخلاق والقيم في الحضارة الإسلامية
الأخلاق والقيم في الحضارة الإسلاميةالأخلاق والقيم في الحضارة الإسلامية
الأخلاق والقيم في الحضارة الإسلامية
 
الذكاءات المتعدد
الذكاءات المتعددالذكاءات المتعدد
الذكاءات المتعدد
 
مواقع إنترنت وقنوات وتقنيات ومنتجات وكتب (للوقاية + معرفة الحلول للمشاكل بأنو...
مواقع إنترنت وقنوات وتقنيات ومنتجات وكتب (للوقاية + معرفة الحلول للمشاكل بأنو...مواقع إنترنت وقنوات وتقنيات ومنتجات وكتب (للوقاية + معرفة الحلول للمشاكل بأنو...
مواقع إنترنت وقنوات وتقنيات ومنتجات وكتب (للوقاية + معرفة الحلول للمشاكل بأنو...
 
تطوير الذاكرة - كاملة دكتور نزار كمال
تطوير الذاكرة - كاملة دكتور نزار كمالتطوير الذاكرة - كاملة دكتور نزار كمال
تطوير الذاكرة - كاملة دكتور نزار كمال
 
الجاذبية الشخصية - تعلم كيف تلهم الأخرين وتؤثر فيهم
الجاذبية الشخصية - تعلم كيف تلهم الأخرين وتؤثر فيهمالجاذبية الشخصية - تعلم كيف تلهم الأخرين وتؤثر فيهم
الجاذبية الشخصية - تعلم كيف تلهم الأخرين وتؤثر فيهم
 
الغناء والموسيقى نظرات ومراجعات - دكتور صالح الراشد
 الغناء والموسيقى نظرات ومراجعات - دكتور صالح الراشد   الغناء والموسيقى نظرات ومراجعات - دكتور صالح الراشد
الغناء والموسيقى نظرات ومراجعات - دكتور صالح الراشد
 
علم العلاج بالطاقة
علم العلاج بالطاقةعلم العلاج بالطاقة
علم العلاج بالطاقة
 
مبادئ علم السياسة
مبادئ علم السياسةمبادئ علم السياسة
مبادئ علم السياسة
 
مجاهدة النفس والصراع مع الشيطان The struggle against oneself & the battle wit...
مجاهدة النفس والصراع مع الشيطان The struggle against oneself & the battle wit...مجاهدة النفس والصراع مع الشيطان The struggle against oneself & the battle wit...
مجاهدة النفس والصراع مع الشيطان The struggle against oneself & the battle wit...
 
الفكر الإسلامي الحديث والمعاصر
الفكر الإسلامي الحديث والمعاصرالفكر الإسلامي الحديث والمعاصر
الفكر الإسلامي الحديث والمعاصر
 
اقتصاديات الأسرة المسلمة
اقتصاديات الأسرة المسلمةاقتصاديات الأسرة المسلمة
اقتصاديات الأسرة المسلمة
 
إدارة الوقت من المنظور الإسلامي والإداري
إدارة الوقت من المنظور الإسلامي والإداريإدارة الوقت من المنظور الإسلامي والإداري
إدارة الوقت من المنظور الإسلامي والإداري
 
التكوين الثقافي للشباب
التكوين الثقافي للشبابالتكوين الثقافي للشباب
التكوين الثقافي للشباب
 
مرشد حقوق المستهلك
مرشد حقوق المستهلكمرشد حقوق المستهلك
مرشد حقوق المستهلك
 

فلسفة التكوين الفكري د. نبيل طعمة -الجزء الأول

  • 1. ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫- -‬
  • 3. ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫الجزء األول‬ ‫الدكتور املهندس نبيل طعمة‬ ‫94 - 800‬ ‫- -‬
  • 4. ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫الناشر دار الشرق للطباعة والنشر‬ ‫الدكتور املهندس نبيل طعمة‬ ‫الطبعة الثانية - نسخة منقحة‬ ‫عدد النسخ 000 نسخة‬ ‫تاريخ النشر 94 هـ - 800 م‬ ‫مجيع احلقوق حمفوظة لدار الشرق للطباعة والنشر‬ ‫-4-‬
  • 5. ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫مقـدمـة‬ ‫توقفت عند هذا العنوان (( فلسفة التكوين الفكري ))، ونظرت‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫مليا متأمال فتولدت الفكرة... حبثت فيها ألعرف، فنلت علما‬ ‫ً‬ ‫قليال هبا دفعين إىل العمل فكان هذا نتاجه بني أيدينا، تراه‬ ‫ً‬ ‫أعيننا فتقرأه شفاهنا، وتقلب صفحاته أناملنا، نستجمع احلواس‬ ‫اخلمس ونضيف إليها احلاسة العاقلة واحلاسة الناطقة، لتتشكل‬ ‫لدينا منظومة اإلنسان املنطلق ملعرفة مكنون الكتاب الذي بني‬ ‫يديه .‬ ‫ُّ‬ ‫إنه تأمل وتفكر وعلم وعمل يف األرض ولن نبلغها والسماء لن‬ ‫نطاهلا، واإلنسان ومهما علمنا منه ففيه انطوى العامل األكرب‬ ‫واملطلق انطوى الذي يدركنا ولن ندركه، واملوجدات واحلركات‬ ‫والسكنات، واملتالحقات والدانيات واآلفالت واألبعاد األربعة يف‬ ‫الثابت واملتحول: املخلوق والزمن وكل شيء خملوق بقدر وحنن‬ ‫اإلنسان يف اجململ نبحث يف استمرارنا وتطوير عقلنا، كي يتطور‬ ‫ً‬ ‫حميطه فينعكس عائدا إلينا فإذا أدركنا تداركنا والتدارك‬ ‫يكون بااللتفات إىل احمليط القريب منا والتأمل فيه كي نعود‬ ‫إىل اإلبداع واإلسراع يف العمل بعد التعلم كي نبقي لالستمرار‬ ‫ً‬ ‫استمرارا وللوجود معنى وغاية .‬ ‫ُّ‬ ‫إن تعلم الصرب والزهد الفكري، واألمل ومقاومة اليأس، والتطور‬ ‫الذي ال حيدث إال بعد القبول حبذف املتخلف من العقل، وإحالل‬ ‫املتقدم من العلم حمله وقبوله ليتسارع عزم اإلجناب الفكري وإن‬ ‫حرث األرض وبذر البذرة ورعايتها، وانتظار منو الشجرة لتظهر‬ ‫الثمرة وتعلم أن جين الثمرة ال يتم بقطع الشجرة كي نصل إليها‬ ‫- -‬
  • 6. ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بل حيتاج جهد احلفاظ على الشجرة والصعود رويدا رويدا كي‬ ‫يتم جنيها والتمتع باستساغتها ومنظرها وإمتاع اآلخرين ومن‬ ‫كافة املخلوقات هبا .‬ ‫هكذا جند أن فلسفة التكوين الفكري مجلة معرفية غايتها‬ ‫ترتيب الفكر املمتلئ باألفكار وإسقاط الضوء على املوجود، كي‬ ‫يسهل تناول الفكرة ومعاجلتها، ومن ثم االنطالق لتحقيقها،‬ ‫واالنتباه الدائم للمحيط فاحمليط أي حميط الفرد واجملتمع‬ ‫واألمة مليء بكل ما تريد، واملطلـوب منـك ان تلتفـت إليـه وتنهـل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫منـه تفكـرا وتأمـال وتعلما لتعمل وال ميكن لإلسفنجة أن تأخذ‬ ‫ً‬ ‫ماء جديدا قبل أن تقوم بعصرها، وال للشجرة أن تنمو قبل أن‬ ‫ً‬ ‫تقوم بتقليمها، هكذا يا صديقي أقدم لك هذا اجلهد الفين‬ ‫باالجتهاد الذي حتبه إن أحببت أن تتأمل فيه فستجد كلماته‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫البسيطة قوية وسهلة يف آن، واحبث يف املعاني تسر وتسر واقرأه‬ ‫جتد فيه السهل املمتنع وطرق املسري وآليات الصعود .‬ ‫ٍ‬ ‫أرجو اهلل أن أكون قد وفقت يف تقديم كلمات تراها عيناك‬ ‫وتتمتم هبا شفتاك لتصل إىل تالفيف العقل فننتصر للفعل‬ ‫بالعلم املفيد للجمع الكثري ونأخذ بنواصينا إىل العال .‬ ‫ُ‬ ‫الدكتور املهندس نبيل طعمة‬ ‫--‬
  • 7. ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫إىل من أهوى‬ ‫أقول هي احلياة‬ ‫كائن وكون‬ ‫وكن فيكون‬ ‫فيها الغزل وبها األمل‬ ‫وسعادة منضي هلا‬ ‫ننجز بها حبا اليها‬ ‫باقيا إىل األزل‬ ‫الدكتور املهندس نبيل طعمة‬ ‫***‬ ‫- -‬
  • 9. ‫هّ‬ ‫بناية الل‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫بناية اهلل‬ ‫ً‬ ‫طبعا أنت أيها اإلنســـان املقصود يف هذا العنوان انظر لنفسك‬ ‫ً‬ ‫وتأمل ما يف داخلك لتعلم أنه بناك ليسكن فيك وشكلك هندسيا‬ ‫فبدأ بك إنشـــاء حيث صاغ هيكلك العظمـــي وأعمرك فأخذت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الشـــكل املعماري واختربك ميكانيكيـــا لتنجح حركاتك وأنارك‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كهربائيـــا وأطلقك ذريـــا فعملت إلكرتونيا مـــن خالل امتالكك‬ ‫للنواة نرتون وبروتون وإلكرتون، وكساك بشكل مدني فأصبحت‬ ‫مدنيا رأســـك طابق التأمل والتفكر والرؤية واالختيار وصدرك‬ ‫ً‬ ‫طابق االســـتقبال، مركـــز النبض والفعـــل واالنفعال وجبانبيك‬ ‫يدان وخصرك طابق املعيشة وعمليات اهلضم والطعام واملاء كي‬ ‫تقوى وتتقوى على احلياة ووســـطك هـــو الطابق األرضي الذي‬ ‫فيه عمليات الصرف الصحي واإلجناب، والقبو املالك لألساسات‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫قدميـــك وما عليهمـــا جمتمعا كامال يف بدن وجلـــد ناعم دقيق‬ ‫لتأخذ الشـــكل املدني أنظر إىل نفســـك ألســـت عمـــارة مدنية‬ ‫هندســـية رائعة اإلجناز أجنزك ووضع فيك القلب والعقل وصاغ‬ ‫البدن كي يســـكن فيك فكيف بك خترجه مـــن داخلك لتبحث‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫عنـــه وهتيم على وجهك تتضرع تارة خائفا خاشـــعا وتارة عنيدا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫متبجحا وجمحفا تارة أخرى فتنشـــأ قـــوة بني كل ذلك تتفاعل‬ ‫فيها اهلواجـــس واألفكار متنقلـــة بني املعرفـــة وعدمها والكفر‬ ‫- 9 -‬
  • 10. ‫هّ‬ ‫بناية الل‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫واالميان واهلمة والكســـل وسهولة تقبل أي قادم فكري سليب أم‬ ‫اجيابي وكل ذلك نتيجة لنشوء الفراغ الروحي.‬ ‫انظر بعد أن صاغك ونفخ فيك من روحه أي دخل فيك وأطلقك‬ ‫لتســـتعمر األرض مبعنى ان تعمرها فهو بناك كي تبين وتشتغل‬ ‫وتنجز بناك من األرض اســـتخدم املاء والرتاب وعجنك وأخرج‬ ‫شـــكلك وقال لك بعد ان ســـكنك بروحه هيا اعمل وأنا بداخلك‬ ‫أراقـــب عملك فلماذا حتـــاول أن خترجه منـــك والكثري الكثري‬ ‫ً‬ ‫أخرجه لشدة ضيق صدره فأصبح وأمسى بدون اهلل شيئا كان به‬ ‫ال شـــيء وأخذ يبحث عنه يف احمليط األعلى تارة واألسفل تارة‬ ‫أخرى وعندما يفرغ الشـــيء من روح اهلل تســـكنه أرواح خمتلفة‬ ‫كروح الشـــر واخلبث والضغينة والعداوة واحلسد والبغاء واملنكر‬ ‫والتسلط، وهذا واقع خارج إطار قضايا التأمل فهو سكنك لتعود‬ ‫وتســـكنه ورافقك لتكون رفيقه وبناك من أجل ان تبين له انظر‬ ‫معنى ويف أنفســـكم أفال تبصـــرون ومعنى ان يف خلق الســـموات‬ ‫واألرض واختـــالف الليل والنهار آليـــات لقوم يتفكرون. ما معنى‬ ‫هذا ؟ يعنى أنه بداخلك ويساعدك ويلهمك ويقرؤك ما ال تقرأ‬ ‫ويعلمـــك ما ال تعلم فكيف بك خترجه من ســـكنه الذي هو أنت‬ ‫ُ‬ ‫ســـكنه هل تفكرت مبا ســـيحصل لك عندما تبعـــده عن عمارته‬ ‫اليت بدونه أنت خراب انظر إىل مســـكنك الذي أنت تســـكن فيه‬ ‫ِ َ‬ ‫ألســـت أنت روحه وأنت ربه (فلم يقال لك رب املنزل ) ان غادرته‬ ‫- 0 -‬
  • 11. ‫هّ‬ ‫بناية الل‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ماذا حيصل له أال تســـكنه احلشرات والغبار ويصبح قدميا هرما‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫على الرغم من مجـــال منظره اخلارجي الذي رويدا رويدا ينهار‬ ‫تأمل ذلك.‬ ‫ً‬ ‫طبعا يف هذا الشرح حناول ان نتحدث عنك من خالل علم البنيان‬ ‫أي هندســـة اخللق اإلنساني واليت حوت كل أنواع اهلندسة اليت‬ ‫ذكرهتا باإلضافة إىل اهلندسة الوراثية واجلينية وما سيكتشف‬ ‫بـــك بعد ذلك ويف ما ســـيأتي من الزمن ومعك ومـــن خاللك أيها‬ ‫االنسان العظيم النشأة فأين أنت منك ومن ذاتك ومن عمقك هل‬ ‫ً‬ ‫تريـــد أن تتطور حقا كيف ؟ تأمل ذاتـــك قف إىل مرآتك وانظر‬ ‫إىل شـــكلك واخرتق بدنـــك حاول ان ترى خلـــف عينيك وعمق‬ ‫أذنيك وارتباطهما بلســـانك وشفتيك ادخل من فمك مع طعامك‬ ‫وشرابك وتسلل من أنفك عرب هواء حياتك جتول يف عقلك عرب‬ ‫طرقه املديدة واسبح مع دمك يف شرايينك ثم اخرج وعد وتفكر‬ ‫ً‬ ‫يف إجنابـــك وكيف أنك تصنع وليـــدا يف داخلك ثم اخرج وتفكر‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يف حياتك ومســـريهتا تأمل حميطك نباتا ومجادا وحيوانا تأمل‬ ‫جنســـك إخطو اخلطوة األوىل حاول ان ال خترج من جلدك عد‬ ‫إىل داخلك تصاحل معه لتجد أن اهلل عاد إىل بنائه يرشدك فال‬ ‫ختطئ ويلهمك فتنجز ويســـاعدك على احلياة فتساعد احلياة‬ ‫على االستمرار.‬ ‫اعمـــل على ان يبقى بداخلك توحـــد معه من خالل تصاحلك‬ ‫- -‬
  • 12. ‫العامل اإلفرتاضي‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مع ذاتك تأكد من انه إذا غادرك عشت فراغا قاتال ومميتا على‬ ‫شكل االهنيارات وإن أحببت إسكانه فيك عمرت وأعمرت وعملت‬ ‫ً‬ ‫حســـنا بكونه رقيبك ومرشـــدك وحبيبك ألنك أنت حبيبه فما‬ ‫أمجل أن يكـــون احملب يف احلبيب حبيب وما أحســـن املصنوع يف‬ ‫الصانـــع قبل ظهور الصنيع هو هكذا وحـــدة متكاملة بك ومعك‬ ‫فكيف أنت تكون بدونه هل تعتقد أنك بدونه تكون.‬ ‫العامل االفرتاضي‬ ‫فكرة تســـكن أعماقنـــا تعيش حالة الســـكون يف عقلنا الباطن‬ ‫ً‬ ‫متخفيـــة أبـــدا يف حياتنا الظاهرة وكأني هبـــا تنتظر الولوج من‬ ‫حياتنا حلياهتا، وهي الوحيدة اليت تتابع مسرية احلياة بعد ان‬ ‫يرتاح اجلســـد املادي وتتوقف كل عملياته، أي بعد ان ننتقل من‬ ‫عامل التدفق واحليوية والنبض إىل عامل الســـبات، حيث يرتاح‬ ‫اجلسد املادي لتبدأ هي مسرية العمل الروحي فكيف هي...؟ وما‬ ‫ً‬ ‫هو العامل اآلخر الـــذي نتداوله افرتاضا متلؤه الرهبة واخلوف‬ ‫وقليل قليل من احلب...؟ ســـؤال كبري وخطري وعاملي مبعنى انه‬ ‫خيص البشـــرية مجعاء وله عالقة مبكونات احلياة واستمرارها،‬ ‫وتسليمنا لبعضنا مهام احلياة املوكلة إلينا.‬ ‫ً‬ ‫اآلن لنحـــاول أن نذهـــب إىل ذلـــك العـــامل ولنبحث بـــه، أوال‬ ‫- -‬
  • 13. ‫العامل اإلفرتاضي‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫موجوداته عالقته بنا وعالقتنا به، وما هي األطر اليت سنعيش‬ ‫ضمنها، وهل عيشنا مادي أم روحي، وهل لدى ذاك العامل مكونات‬ ‫وملاذا ال نســـتطيع ان نتواصل معه، وإذا انتقلنا إليه هل نستطيع‬ ‫من هناك ان نتواصـــل مع هنا، أي مع عاملنا املعاش، هل هو عامل‬ ‫حيوي بيئي أم هو نسيج خيايل إبداعي نعيش هواجسه ليعطينا‬ ‫ً‬ ‫دفعا يف احلياة املادية اليت نتناساها كي ال خييفنا، فهل هو رعب‬ ‫وخـــوف أم أنه حقيقـــة احلقائق اليت ال حنب ان نؤمن هبا وال أن‬ ‫ً‬ ‫نراها وهل هو احلق الذي نؤمن به والذي يبقى باقيا بقاء احلياة،‬ ‫ومعنـــى ذلك اننا نبقى معه بعد انقضاء مدة حياة املادي املقدرة‬ ‫منـــذ بدايتها، بأن هنايتها حمتومة أي نبقى مع احلق الذي يكون‬ ‫الكون يف مجلتـــه وحيق احلق علينا فننتهي ونـــدرك أن هنايتنا‬ ‫املادية حتمية.‬ ‫هل حنن أشـــكال وصور يف هـــذه احلياة املاديـــة...؟ وهل الروح‬ ‫تفنـــى أم تبقـــى تدور يف فلك حاملها األســـاس بعد رحيل كتلته‬ ‫املاديـــة..؟ هل تتقمص األشـــياء احليوية أم ال.. هي تبقى أزلية‬ ‫ترافق وترتافق وحتضر ضمـــن امللكات اخلاصة يف كوننا البديع،‬ ‫ينبغي علينا ان نسأل أنفسنا كل هذه األسئلة ولكن هل نستطيع‬ ‫اإلجابة عليها، مبعنى آخر هل حنب ان نتبادل هذه احلواريات أم‬ ‫ال...؟ من وجهة نظري جيب ان نغين هذه احلواريات وان نتبادل‬ ‫معها أســـئلة وتكون هلا األجوبة، فمن خالل ذلك تنشأ جدليات‬ ‫- -‬
  • 14. ‫العامل اإلفرتاضي‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫هي غاية البحث يف وجود عاملنا املادي وعاملنا االفرتاضي بدليل‬ ‫ً‬ ‫انه ومهمـــا حاولنا ان نبقى يف عاملنا املـــادي فلن نبقى طويال إذ‬ ‫جيـــب علينا الرحيل، إىل أين ؟ إىل العامل اآلخر الذي نســـميه‬ ‫ً‬ ‫العـــامل االفرتاضي بكونه يعيش افرتاضيـــا يف خيالنا الواقعي‬ ‫جنة ونار، سعادة وشـــقاء، آالم وصحة، خري وشر، طيبة وقسوة،‬ ‫حمبـــة وكراهيـــة، ان نعيش فيها كل اخلري وضـــده فهل كل هذا‬ ‫ينتقـــل معنا إىل العـــامل اآلخـــر بكونه يعيـــش يف عقلنا ضمن‬ ‫عاملنا االفرتاضي، اعتقد انه ينبغـــي علينا ان نتداول ونتذاكر‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يف هذه العوامل بعيدا عن التشـــنجات وحبثـــا حقيقيا من اجل‬ ‫االســـتمرار بعد االنتقـــال إىل العامل اآلخر الـــذي يعيش فينا‬ ‫كعامل افرتاضي.‬ ‫اغادركـــم اآلن إىل العامل اآلخر ألعيـــش يف عاملي االفرتاضي‬ ‫الذي أمحله كما حتملونه، ســـأدع كل شـــيء وأســـري إليه بغاية‬ ‫استكشـــافه وألروي لكـــم ماذا سأشـــاهد والذي ســـيجري معي،‬ ‫معنى ان ادخـــل إليه هي حماولة مغادرة املوجـــود ملراقبته فإذا‬ ‫ً‬ ‫افرتضنـــا انين فارقت احليـــاة مؤقتا فماذا ســـيجري لتكويين‬ ‫الـــذي منه أســـرتي وعملـــي وعالقاتـــي وأصدقائـــي وللمحبني‬ ‫واحلاقدين واحلاســـدين، وملن يهمهم األمر وملن ال يهمهم األمر،‬ ‫وما هي األحاديث اليت ستجري بعد ان يضمين الثرى، سأنتظر‬ ‫ً‬ ‫ليغادروا واهنض متسلال أراقب وأجتول عن بعد عما سيتحدثون‬ ‫- 4 -‬
  • 15. ‫العامل اإلفرتاضي‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫به عين وعـــن حياتي، وكيف كانت وماذا فعلت وكيف فعلت وهل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كنت صاحلا أم طاحلا، وهل استساغتين احلياة أم كانت تلفظين،‬ ‫وكيف سيتصرف أهلي وزوجيت وأوالدي وكيف سيتدبرون أمورهم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫من بعـــدي وأصدقائي ورفاقي وهل كنت مهما يف احلياة أم عاديا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وهل كنت رقما حقيقيا أم عددا مكمال، لنســـرتق السمع ونسمع‬ ‫ماذا ســـيقولون وكم حيتاجون من وقت كي حيدث هلم النســـيان‬ ‫أو أهنم انشـــغلوا يف قضايا التكوين (اإلرث واملرياث وهل هو ارث‬ ‫ثقيل أي مبعنى عبء عليهم أم انه انفراج هلم).‬ ‫ً‬ ‫طبعـــا هي حماولـــة للعيش يف حالة االفـــرتاض وختيل العامل‬ ‫اآلخر، فإذا اســـتعرنا حالة التقمص ودخلنا كروح افرتاضية يف‬ ‫محامة أو قطة مجيلة لنســـكن على نوافـــذ منازلنا وجنول بني‬ ‫أصدقاءنـــا وحوارينا ومدننا اليت كنا نعيـــش فيها أو ندخل إىل‬ ‫مســـاحتنا اخلاصة جنلس بني أناســـنا ماذا سنسمع وماذا سنرى‬ ‫هل سننفر ونقول ان النهاية ضرورية أم نتمنى لو بقينا.‬ ‫ً‬ ‫دعـــين أجبك أوال ماذا وجـــدت هناك أي يف العـــامل اآلخر..!‬ ‫طبعا وجدت حياة هي ذات احلياة اليت نعيشـــها يف عامل الواقع‬‫ً‬ ‫ولكن أنت هنا وأنا هناك، أنا أســـتطيع ان أحدثك مباشـــرة ولكن‬ ‫دون ان تســـمعين فأنا اخـــرتق عقلك وروحك أي انين أجتول يف‬ ‫املساحات املسموحه واملمنوعة لديك، أنت تسمعين دون ان تنبس‬ ‫ببنت شـــفة، فكيف حيصل ذلك وأنـــا أراك وأنت ال تراني فأنا يف‬ ‫- -‬
  • 16. ‫العامل اإلفرتاضي‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫عامل األرواح وأنتـــم يف عامل املادة وبكون األرض هلا غالف فكلنا‬ ‫منحصرون عليها وحوهلا أنتم على األرض وأنا أسبح يف احمليط.‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫لتعلم انين لســـت خياال أو ظال بل أنا أحتدث وأعيش جبانبك‬ ‫حقيقة كما تعيش، الفرق بيين وبينك أنين خرجت وعدت وأنت‬ ‫اعتقدت أنين خرجت بال عودة، وها أنا ذا أروي لك وأنا جبانبك‬ ‫ً‬ ‫مـــا جيري معي والذي هو بذات عينه ســـيجري معك الحقا، من‬ ‫هذا الحـــظ ان البحث يف آلية العامل اآلخـــر يبدأ من افرتاض‬ ‫الشـــيء وهـــذا االفرتاض يتكـــون منذ نشـــأتك األوىل أي يولد‬ ‫معك ومع ســـنني الوعي واالكتساب بكل أشكاله الديين اإلمياني‬ ‫العشـــوائي والعلمي واملادي وعالقة الرفـــض والقبول، فكيف به‬ ‫يتفاعل مع وجـــودك وحتمله بني جنباتـــك يتحرك فيك، رمبا‬ ‫عندما تشاهد حدوث هنايات لآلخرين ورمبا ال وهذا يكون تقبل‬ ‫عالقته باملوعظة االجيابية أو رفضها.‬ ‫ان حوارييت هذه معك ومع ذاتي حتمل غاية البحث والســـؤال‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫عـــن الرحلة اجلديدة يف العامل االفرتاضـــي، أوال العقلي وثانيا‬ ‫العـــامل اآلخر وهل هذا العامل ممتلـــئ باحلياة كما هو احلال يف‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫حياتنـــا املادية قد أكون كررت ذلك مرارا وغاييت أال ننســـى ما‬ ‫حنن فيه اآلن وما ندخل عليه.‬ ‫مرة ثانية أعود ألتنصت على احلياة املادية اليت دخلتها بعد ان‬ ‫خرجت أجتول واســـتمع وأشاهد ما يقال عين فأجد أنين اسعد‬ ‫- -‬
  • 17. ‫العامل اإلفرتاضي‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫وأحزن فهنا يكال يل املديح وهنا أُذم وهنا منســـي وأقول حمدثا‬ ‫ً‬ ‫نفسي ملاذا..؟‬ ‫جيب علي أن استعيد كل ما فعلته يف حياتي منذ ان بدأت رحلة‬ ‫التســـجيل يف ذاكرة الوعي وفهم الصح واخلطأ الذي أبعدني عن‬ ‫أكل اجلمـــرة وتناول التمرة، إىل أن مـــررت مبرحلة االكتواء بنار‬ ‫اجلمرة وأنا احبث عن التمرة النتقل بعدها إىل البحث والتفريق‬ ‫بـــني اجلمرة والتمره وأنا ضمن الدائرة الكربى عن مســـلك فيه‬ ‫هدف أســـري عليه، فهل أنـــا وصلت أو قطعت مرحلـــة جزئية أو‬ ‫نصف الطريق أو حققت كل ما أردت وما أريد يل أن أحققه ليس‬ ‫يل فقط بل لآلخرين، وهل عملت لنفســـي أم عملت ألســـرتي أم‬ ‫ً‬ ‫عملت حمليطـــي أم عملت هلذا العامل اآلخر الذي عاش افرتاضا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يف عقلي ورافقين ترغيبا وترهيبا طيلة مســـرية معاشـــي أم مل‬ ‫ً‬ ‫أعمل ألي من هؤالء وال حتى يل فكنت هامشا ال معنى له .‬ ‫جيب علـــي ان أجيـــب على كل األســـئلة الـــيت طرحتها هلذه‬ ‫احلواريـــة، ورمبا أســـئل وان أجيب على أســـئلة تتولد من خالل‬ ‫األجوبة اليت أرد هبا بكون هذا استمرار ال ينتهي.‬ ‫ّ‬ ‫ان االبعـــاد الثالثية املتشـــكلة من البعد املـــادي احلي والبعد‬ ‫ً‬ ‫الـــال مادي الروح الذي ســـيكون ال حقا (العـــامل اآلخر ) والبعد‬ ‫االفرتاضي املعاش بـــني حاليت العامل احلايل والعامل اآلخر هي‬ ‫قضية البحـــث وغاية التعمق به غاية الوصـــول إىل فهم الفكر‬ ‫- -‬
  • 18. ‫العامل اإلفرتاضي‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫احملمول يف العقل اإلنســـاني وضرورة فتـــح وإهلام هذا العقل كي‬ ‫حيدث التنوير االضاءات اليت حناول ان نسقطها على الظلمات‬ ‫الســـاكنة يف العقل وهي اليت ســـتعطينا الفهم األوســـع بالعامل‬ ‫اآلخر من التوسع يف العامل االفرتاضي.‬ ‫هذا الثالثي الذي نشـــكله من فهم التسلســـل الزمين للتطور‬ ‫العقلـــي الذي أوجـــد بالتصاعد رؤى فهم اإلنســـان املتطور عرب‬ ‫التاريـــخ القديـــم بغاية الســـيطرة على الفرد البشـــري ال على‬ ‫الفرد اإلنســـاني وأوجدوا نواظم الرعب واخلوف بل من اخلشية‬ ‫مـــن احملـــب للمحبوب فمن خيشـــى حيب ومن خيـــاف يكره، من‬ ‫ذلـــك تكون العامل العلوي والعامل الســـفلي الذي أجنب من هذه‬ ‫العاموديـــة أفقية هي العامل املاضي وعامل املســـتقبل أي العامل‬ ‫اآلخر والعامل االفرتاضي من اللحظة املعاشـــة اليت تتداخل يف‬ ‫املـــادي والالمادي، واليت توصل إىل عملية الفناء والبقاء وظهور‬ ‫الروح واجلسد فالتجانس حياة واالفرتاق بينهما فناء وخلود أي‬ ‫عامل أخر وعامل افرتاضي وعامل مادي.‬ ‫لنعلم أن كل إنسان ميتلك حياتني تتجسدان يف شخصه املادي،‬ ‫األوىل متالمحـــة ومتصلة وتقوده ماديته، والثانية حاملة هلا أي‬ ‫الشكل املادي والصورة اليت يظهر هبا كشكل إنساني وعند انتهاء‬ ‫احليـــاة الثانية أي املادية واملقدر عليهـــا االنتهاء والفناء تنتقل‬ ‫احلياة األوىل أي الروحية إىل العامل اآلخر، من حالة االفرتاض‬ ‫- 8 -‬
  • 19. ‫العامل اإلفرتاضي‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫اليت اتفقنا على أهنا القائدة للحالتني وهذا إن دل على شيء فإمنا‬ ‫يدل على أن علم احلقائق هو علم اإلميان بالشـــيء وإدراكه وأال‬ ‫نكون يف حالة االستقرار الطبيعي واليت تعين التشابه مع باقي‬ ‫املوجودات حبيث يبتعد العقل عن التفكري وآليات التفكر.‬ ‫وهـــذا يقودنا إىل ســـؤال : هل احلياة الثانيـــة يف العامل اآلخر‬ ‫تبقى تعيـــش يف حميطنا أي ترافقنا وتراقـــب حميطنا ونتاجنا‬ ‫لتفـــرح وحتزن بعد رحيل عاملنا املـــادي، وهل العامل اآلخر عامل‬ ‫روحي يتشـــابه مع العـــامل املـــادي يف كل أشـــكاله املادية أي ان‬ ‫هناك منازل ومركبـــات وطائرات وأغذية نباتية وحلومية، أم ان‬ ‫املوجودات يف ذلك العامل كلها فقط روحية واالفرتاض من عاملنا‬ ‫االفرتاضي لدى العامل اآلخر الذي ننتقل إليه حيدث يف العقل‬ ‫فقط وأثناء احلياة املادية من أجل ان نستمر ونستمر ولكي يكون‬ ‫للحياة املادية معنى وطعم ورائحة وغنى.‬ ‫هل ميكن ان يكون لإلنسان عقالن عقل مادي خيتص يف احلياة‬ ‫املادية وعقل روحي خيتص يف احلياة الروحية وله عالقة وطيدة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مع العامل اآلخر الذي نعلمه افرتاضا، فإذا أخذنا خما إنســـانيا‬ ‫ً‬ ‫لوجدنـــا ان له فصني متشـــاهبني فهل يعين هـــذا اثباتا ملا نقول‬ ‫حبيث يتم التبـــادل املعريف من خالل التطور البنيوي للجســـد‬ ‫ً‬ ‫املادي اإلنســـاني فكون الفص األول من املخ خمتصا باملادة وبناء‬ ‫ً‬ ‫اإلنســـان شـــكال، والفص الثاني له عالقة بالبناء الروحي، وهذا‬ ‫- 9 -‬
  • 20. ‫العامل اإلفرتاضي‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫جتســـيد حي ملفصل اإلنســـان بأنه روحي ومادي وعلوي وسفلي‬ ‫وميني ويســـار ومشال وجنـــوب متوحد ومنفصل قوي ومنكســـر‬ ‫صحيح وضعيف مستقبل ومرسل خيال وحقيقة.‬ ‫ان وجـــود العامل االفرتاضي وجود حقيقي يف العقل البشـــري‬ ‫فمثال إحساســـك بوجود مشـــكلة يأخذ بك لتصـــور وافرتاض‬ ‫ً‬ ‫الكثري من التوقعات وينشـــئ لديك األزمات واحللول الســـالبة‬ ‫واملوجبة ويف النتيجة رمبا جتد ان ال مشـــكلة لديك أو ان هناك‬ ‫مشـــكلة لديك، من هنـــا تطور العامل االفرتاضي وقســـم العقل‬ ‫وجلس يف اهلـــوة املوجودة بني املادي والروحي فتارة يطور املادي‬ ‫ً‬ ‫وتـــارة يطور الروحي وأحيانا قليلة ما ينجز ذاك التوازن احملبب‬ ‫بينهمـــا، فيظهر اإلنســـان متزن ومن هنا تكـــون نقطة االنطالق‬ ‫لعملية اإلبداع والتطور والصعود وحيدث التمايز وتنشأ الندرة‬ ‫أمام الكثرة.‬ ‫ان فهم العامل الكثيف (البشـــري املادي ) واالرتقاء منه يأخذ‬ ‫بك إىل العامل اللطيف ذو اخلصائص العلمية الراقية والروحية‬ ‫السامية ضمن احلياة املادية الثانية، فإذا انتقلت إىل العامل اآلخر‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يكون انتقالـــك انتقاال هادئا بكونك دجمـــت عاملك االفرتاضي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بعاملك الروحي مع عاملك املـــادي وحققت يف احلياة وجودا فعاال‬ ‫منطقيا وإذا عدت تكون عودتك مرحية ومشرقة تعطيك السعادة‬ ‫ً‬ ‫لعاملك اآلخـــر فتحلق يف أجواء حميطـــك االبداعي والتكويين‬ ‫- 0 -‬
  • 21. ‫العامل اإلفرتاضي‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫كما حتلق االنســـام الطيبة فوق الورود كالفراشات اجلميلة وان‬ ‫امليل للشكل أي للحياة املادية يلغي لديك التوازن ويظهرك على‬ ‫انك أحادي اجلانب ومهما جتنبت ذلك ســـتصبغ بصبغته فتأخذ‬ ‫شـــكله وإذا أدركت أنك صورته وحاولـــت العودة فال جمال إال ان‬ ‫تعرب العامل االفرتاضي لتدخـــل يف العامل الروحي وان دخولك‬ ‫للعامل الروحي واالحنصار به يعطيك صفة التخصص الكهنوتي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أو الالهوتي أو املشـــيخي وأيضا يفرزك مبتعدا به أخذا بك إىل‬ ‫الالدنيوية وال يســـتطيع الكثرة على ذلك فأين أنا وأنتم من كل‬ ‫ما تداولناه يف هذه احلواريات.‬ ‫العامل االفرتاضي ليس بعامل شعوذة وليس لديه صكوك متلك‬ ‫يف العـــامل اآلخر فال يبيعك ممتلكات مادية وال عينية هو عامل‬ ‫يفرتض حصول األشياء فان عملت هلا بتوازنك العقلي حققتها‬ ‫يف عاملك املادي احلي املعاش أو عاملك الروحي بعد االنتقال إليه‬ ‫والذي نسميه العامل اآلخر.‬ ‫فمـــا تزرعه حتصده والذكرى الـــيت تبقى لك بعد رحيلك هي‬ ‫مقـــدار ما تفرتضـــه يف حياتك احلية فإذا عـــدت بروحك وكان‬ ‫معك االفرتاض يف األساس ترى ذكراه كما افرتضته فكيف كنت‬ ‫يكون.‬ ‫للعلـــم ان االفرتاض وعاملـــه غري اخليال فاخليال يف نســـبته‬ ‫العظمـــى وهـــم والباقي قابـــل للتحقق بينما االفـــرتاض حالة‬ ‫- -‬
  • 22. ‫العامل اإلفرتاضي‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫جتانـــس بني الـــروح واملادة تقبـــل اخلطأ وتظهر مـــن واقع ان ال‬ ‫مشـــكلة بال سبب وال نار بال دخان وال دخان بال فضاء وال فضاء‬ ‫بال كون وال كون بال إنسان.‬ ‫هـــذا الكون اإلنســـاني هـــل يكـــون ان مل يكن به إنســـان فهو‬ ‫كائـــن الكـــون وبدونه ال كـــون فمن الذي ســـيعرف عـــن الكون‬ ‫لذلك كان ســـبب الوجود وفرضه مـــن حقيقة احلقائق أي احلق‬ ‫ليعـــرف االفرتاض والفرض والفرائض ومـــا دام حبثنا يف العامل‬ ‫االفرتاضي فلنفرتض ان هناك عوامل معاشـــة يف كواكب أخرى‬ ‫فهـــل حنن مبغادرتنا لكوننا هذا ننتقل إليها أم نتبادل معها أم ال‬ ‫يوجد غرينا فنحن أحيينا هذا الكوكب من قوة الذي فرضنا يف‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حقيقة الكون لنفرتض وجودا أخر حميطا ضمنه.‬ ‫ان اخلوض واإلحبار يف هكذا حبث دقيق حيمل خماطر اإلحبار‬ ‫بكونه فيه الســـكون واألمواج كما انه ميتلك الســـطح واألعماق‬ ‫والكنوز والآللئ واألخطار هو شـــبيه ومتشـــابه بني العامل املادي‬ ‫الروحي يف جتانســـه والعامل اآلخر الروحي يف افرتاضه فاخلطأ‬ ‫ً‬ ‫فيـــه ينقلك فورا إىل العامل اآلخـــر وتعلم البحث فيه من خالل‬ ‫اخلوص يأخذك إىل ذلك العامل لرتى ما به ويعيدك كما حيلم‬ ‫ويأمل ويفرتض كل إنسان ان يرى ما يف ذلك العامل اآلخر ليعود‬ ‫ويـــروي لنا ماذا شـــاهد ورأى ومبا ان ذلك العامل اآلخر يعيش يف‬ ‫ً‬ ‫داخلنا افرتاضا ومل يعد أحد من ذلك العامل لريوي لنا ماذا حدث‬ ‫- -‬
  • 23. ‫املاضي‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫معه فلنفرتضـــه عاملا مجيال رائعا متكامـــال يف احلياة الروحية‬ ‫الســـامية اليت نتخلد هبا تاركني اعباء احليـــاة املادية ومهومها‬ ‫وتعبها ومشاكلها لنفرتضه عامل التألق (العامل اآلخر ) ولنعيده‬ ‫ً‬ ‫إىل موقعه يف العقل ونركنه يف احدى زواياه نســـتخدمه أحيانا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ترغيبـــا وأحيانا ترهيبا ضمن حوارية حســـاب الذات علنا نصل‬ ‫إىل األفضل يف الشـــكل والفعل اإلنســـاني ونسلم لآلخر اإلنسان‬ ‫بعد انتقالنا الشكل الصحيح من احلياة فنسعد يف العامل اآلخر‬ ‫افرتاضا وحقيقة ونســـتمع من هناك اننـــا حصلنا على التقييم‬ ‫ً‬ ‫االجيابـــي فنرتاح، هذا هو العامل االفرتاضـــي يرتبع يف العقل‬ ‫اإلنســـاني بني عاملني عـــامل املادة وعـــامل الروح لنحـــاول فهمه‬ ‫واستيعابه والتمتع به.‬ ‫املــــــاضي‬ ‫إنه أمسك الذي استفقت منه والبارحة الذي أمضيته وأسبوعك‬ ‫وعمرك كيف عشته وراءك إىل أن وصلت إىل يومك الذي أصبحت‬ ‫عليه هو ما مضى من عمرك وما تعلمته ومحلته يف فكرك ومسرية‬ ‫حياتك ال بل هو املخزون املشـــاهد من بصرك وبصريتك وما ورد‬ ‫إليك من أخبـــار اآلخرين يف حميطك وما ســـجلته ذاكرتك عن‬ ‫جمتمعـــك وأمتك وكم قطعت من املســـافة اليت تريد أن تقطعها‬ ‫- -‬
  • 24. ‫املاضي‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫ً‬ ‫والســـنني اليت تراكمت فأوجـــدت لك عمرا وعند ســـؤالك عن‬ ‫عمرك تقول ثالثون سنه أو أربعون أو مخسون أو أكثر إهنا مضت‬ ‫ودخلت ســـجل التاريخ الذي هو املاضي سجلك أجل املاضي زمن‬ ‫مضى وميضي عرب مســـارات خطية كل يوم تقتطع منه مســـافة‬ ‫تدخل يف املاضي وأنت تسري إىل األمام وحاضرك ميضي من بني‬ ‫يدك إن كنت تعلم أوال ومســـتقبلك تسعى إليه ليمسي حاضرك‬ ‫ً‬ ‫يف إصباحك ماضيا ومستقبلك حاضرا وهكذا دواليك فإذا أحبرت‬ ‫وإياك يف رحلة البحث لفهم املاضي واحلاضر واملستقبل نبدأ من‬ ‫اللحظة ونسري فأول حلظة متضي هبا هي املاضي واللحظة اليت‬ ‫نصل هلا هي احلاضر وما سنصل إليه هو املستقبل وعند وصولنا‬ ‫إىل اهلـــدف يغـــدو اجلميع يف املاضي لنبدأ مـــن جديد يف رحلة‬ ‫البحث واالستكشـــاف، فلســـفة تكوينية غايتها اجناز وإثبات أن‬ ‫املاضي هو األســـاس وأن احلاضر هو املعاش والعيش وأن املستقبل‬ ‫هو املنظور املراد الوصول إليه.‬ ‫ً‬ ‫طبعا هو املاضي كبري جدا واسع وعريض موغل يف أعماق أعماق‬ ‫ً‬ ‫احلياة اإلنسانية والكونية خزان هائل للحاضر الضئيل املتجسد‬ ‫يف ســـاحة عيش اإلنســـان واملســـتقل الذي يراد اإلنسان العاقل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫خططا وأحالما وأهدافا قد ال تتجاوز عمره وقد يصل إليها وقد‬ ‫ال يصل وامليزة يف املاضي هي أنك تســـتطع أن تصل إليه وتنبش‬ ‫فيه وتبحث عن ما تريد لتجد أكثر مما تطلب ويلفت نظرك إىل‬ ‫- 4 -‬
  • 25. ‫املاضي‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫أشـــياء وقضايا مل تكن لرتاها لوال وجوده فهو وباإلضافة لكونه‬ ‫خزان كبـــري جتد فيه كل ما تبحث عنه جتده يســـاعدك فهم‬ ‫حاضرك وبدونه ال تستطيع االنتقال إىل املستقبل.‬ ‫هو هكذا املاضي من مضى ورحل وابتعد وأوغل يف اخللف البعيد‬ ‫وبالرغم من وجود ميزة النســـيان يف العقل اإلنســـاني واليت هلا‬ ‫عالقـــة يف االســـتذكار وفقدان األشـــياء أؤكد علـــى أن الذاكرة‬ ‫اإلنســـانية العقلية هـــي ماضي خمزن حناول اســـتعادته حينما‬ ‫نريـــد ومن هنا أســـجل ما أفعل أو أحـــاول االحتفاظ يف ذاكرتي‬ ‫العقليـــة الال متناهيـــة يف الدقـــة إن أردت تنظيمها وبرجمتها.‬ ‫ً‬ ‫املاضي قريب جدا وقريب ومتوسط البعد وبعيد موغل يف البعد‬ ‫أولـــه بني يديك وأوســـطه تتابعه عينيك وأبعـــده ذاكره وتذكر‬ ‫واملوغل منه حبث وتفتيش وتنقيب وإذا حتدثت إليك وقلت لك‬ ‫زمان فيعين ماضي وزمن جـــزء من الزمان الذي حيتوي األزمنة‬ ‫الثالثة املاضي واحلاضر واملســـتقبل والوقت عداد زمن احلاضر‬ ‫ميضي إىل الوراء من ســـاعته والساعة والدقيقة والثانية ما هي‬ ‫إال مواقيت صحيح أهنا تسري إىل األمام ولكنها تسجل كل حلظة‬ ‫منك يف املاضي من حاضرك الذي هو بعد حلظة يغدو إىل الوراء‬ ‫ً‬ ‫ماضيا دون أن يلتفت إليك أو تنتبه له.‬ ‫تأكد أن املاضي هو إجنابك يضاف إىل إجناب اآلخرين اللذين‬ ‫جبانبك وحول حميطك وعندما تنجب تدخل يف رحلة الرحيل‬ ‫- -‬
  • 26. ‫احلاضر‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫إىل املاضي ليتقدم إجنابك إىل املســـتقبل فاآلن ختيل أنك أنت‬ ‫احلاضر تنجب املاضي واملســـتقبل فكم أنت عظيم أيها اإلنســـان‬ ‫أنت الزمان والزمن واألزمان أنت املاضي واحلاضر واملســـتقبل أنت‬ ‫احلياة وجدت لتعمل هلا وبدونك ال حياة فعندما نقول دون ذاك‬ ‫ً‬ ‫وأخربنا هذا واكتشـــفنا ما فعل أولئـــك ووجدنا أثرا صنعه قوم‬ ‫ســـومر وأكاد وعاد وإرم ذات العماد واملسماريون واهلريوغليفيون‬ ‫كل أولئـــك وهؤالء وحنن مـــاض بعيد وبســـيط وقريب وحاضر‬ ‫ينتظر وينظر إىل أن يدخل إىل كل أولئك ومنســـي ماضيا يصبح‬ ‫عليه احلاضرون لينتظروا دخوهلم بالتتابع إىل املاضي‬ ‫ً‬ ‫هيـــا فإننا نعمـــل للماضي وليكـــن عملنا جيـــدا فكلنا ماضون‬ ‫ومعنى ذلك أن أرواح أعمالنا هي الباقية يف شواهد املاضي الذي‬ ‫سيتحدث عنه املستقبل إنه املاضي الذي ال يستقبل بدونه فهو‬ ‫خمزون احلاضر الذي سينقلنا إىل املستقبل وبدونه ال مستقبل‬ ‫ٍ‬ ‫أنت أيها اإلنســـان إنســـان ماض إىل حاضر ومســـتقبل لتصل يف‬ ‫النهاية إىل املاضي.‬ ‫احلاضـــر‬ ‫يكفيك ان تنظر يف املرآة أو تلتقي باألخر أو مع أي شيء لتعلم‬ ‫أنك حاضر موجود وأنك تتعرف إىل شـــخصك من خالل دائرتك‬ ‫- -‬
  • 27. ‫احلاضر‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫الـــيت تعيش فيها صغرية أو كبـــرية حينما ينادى عليك وجتيب‬ ‫بأنك حاضر فتشعر بالطمأنينة وهدوءك وتالحظ قدرتك على‬ ‫جتاوز اجملهول وتنظيم أمورك هبدوء وتنخرط يف يومك تشاهد‬ ‫اآلخريـــن أفراد وجمتمعات وتتكون لديـــك حقيقة حضورك يف‬ ‫احلاضـــر فتنفعل فيه وتفعل وتنصهر وتذوب وتنشـــغل يف حوار‬ ‫احلاضـــر غايتـــك صناعة املاضـــي والتهيئـــة والتحضري لتصور‬ ‫ً‬ ‫املســـتقبل وفهمك حلاضرك يعطيـــك اختصارا تنجـــزه يف الال‬ ‫اختيـــار ملاضـــي الذي ال تعـــرف أنت بقرارة ذاتك كيف ســـيكون‬ ‫عليك ان فضاءاتك املتجســـدة يف املاضي واملستقبل ال تظهر إال‬ ‫من خالل حاضرك فهو الذي يسجل وينبؤك كما ينبؤا اآلخرين‬ ‫عنك.‬ ‫ومن سياق حبثنا يف احلاضر ال بد أن نقول ان املاضي زمن لديه‬ ‫ســـجل نكتب فيه تارخينـــا وميكن ان نطلق عنـــه (إنه التاريخ )‬ ‫كما ان املســـتقبل وتطلعنـــا إليه وحبثنا فيه هـــو حاضر عندما‬ ‫نصل إليه ونتجاوزه يصبـــح ماضي ومن احلاضر هو املاضي الذي‬ ‫ً‬ ‫ســـنصنعه غـــدا من هـــذا نقول عـــن احلاضر بأنـــه مركز لديه‬ ‫اجتاهان متعاكسان وهذا املركز رابطة بني زمين املاضي واحلاضر‬ ‫ً‬ ‫يعطي للماضي ويسجل فيه ويصنع للمستقبل أمال على أن يكون‬ ‫ً‬ ‫فيه وأيضا يســـتند احلاضر يف صناعتـــه إىل املاضي فيأخذ منه‬ ‫ويستفيد من ما سيأتي يراقبه ويتهيأ إليه.‬ ‫- -‬
  • 28. ‫احلاضر‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫احلاضر ليس أنا الفرد وال اإلنسان مبفرده بل هي كلمة احلياة‬ ‫مـــا ان تتفتـــح عيناك حتى تراه بطوهلـــا وعرضها وحميطها هي‬ ‫ً‬ ‫األرض ما عليها والسماء وما هبا وما بينهما إذا احلاضر هو احلياة‬ ‫فعندما تستيقظ تضع يدك على قلبك فتشعر بأنه ينبض وتنهض‬ ‫متحركا لتعلم أنك حي فتعلم أنك حاضر وال ينتهي حضورك إال‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫باختصار حضورك الكبري جدا إىل نقطة متناهية يف الصغر هي‬ ‫ً‬ ‫املوت حينها تنتقل من احلاضر إىل املاضي واملســـتقبل يف آن معا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وتغدو مســـتقبال ماضيا ال رجعـــة فيه وحضورك من نتاج عملك‬ ‫خيال روحي ال جسد فيه بل صورة خيال.‬ ‫ان تعريف احلاضر واحلضور وفهمه وتعزيز فهمه ضرورة فكرية‬ ‫حياتية له عالقة بآلية التطور اإلنســـاني وأشـــكاله الصناعية‬ ‫والزراعية واالقتصادية والسياسية والعلمية ومعرفتك حلاضرك‬ ‫هو اجناز مقدر ومقيم يف أعلى مراتب احلياة بكون أنك ال تستطيع‬ ‫ان تنجـــز دون تواجدك فيه، كما أنـــه ال ميكنك من احلاضر ان‬ ‫تكـــون يف املاضـــي أو يف املســـتقبل فهو وكما ذكـــرت وجودك بني‬ ‫األمـــام واخللف وفعلك قيمتك احلاضـــرة اليت جيب ان تنجزها‬ ‫إذا أردت الوصول إىل املســـتقبل لتتخلـــد يف املاضي قد تقول ملا‬ ‫هذا التعقيد وانـــا اختلف معك ورمبا اتفق بكون احلاضر متاهة‬ ‫هلا مدخالن مدخـــل وأنت حاضر يأخذك إىل املاضي فينســـاك‬ ‫ً‬ ‫احلاضر الذي أنت فيه فعال ويهملك وال يراك وال أنت تراه وهنا‬ ‫- 8 -‬
  • 29. ‫املستقبل‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫أطلـــق عليك أنك موجود ولســـت موجود بكونك مل تســـتطع ان‬ ‫تفعل للحاضر شـــيء أما إن فعلت وأجنزت فســـيأخذ بك املدخل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الثاني إىل املستقبل ليسجلك فيه حاضرا وماضيا وأما إن مهت ما‬ ‫بينهما فإنك ستضيع ال حمالة يف حاضرك وستنتهي فيه وستكون‬ ‫هامشـــا غري مرئي تبحث عن حضورك فـــال جتده لذلك أحتاور‬‫ً‬ ‫معـــك وأخاطبك بان حاضرك هو أهم ما متلك يف حياتك املقدرة‬ ‫بني نقطتني املاضي واملســـتقبل فكيف ســـتصل بينهما وهل هذه‬ ‫املسافة بينهما بطوهلا وعرضها هي حاضرك الذي تبحث كل يوم‬ ‫ً‬ ‫عنه سؤال كبري ادعه لك وبني يديك أمال منك ان تبحث فيه.‬ ‫الحـــظ معـــي ان قرار تتخـــذه وتريـــد ان تفعله هـــو جمموع‬ ‫تصـــورات املاضـــي كي تعيـــش يف احلاضر وهو بالتايل ســـينقلك‬ ‫ً‬ ‫إىل املســـتقبل فإذا تفكرت وختيلت تتفكـــر وتتخيل ماضيا منه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تستنبط احلاضر لتصبح عاملا عارفا ما تريد ان تعلمه لتعمله يف‬ ‫حاضرك هي فلســـفة تكوينك الفكري ماضية حلاضرك تنقلك‬ ‫إىل املســـتقبل ليدرس كل واحد منا حاضـــره الذي فيه ماضيه‬ ‫ومستقبله وليخرت إىل أين يريد من احلاضر ان ينتقل.‬ ‫املستقبل‬ ‫أن يكون لك هدف تعمل له، وجتهد لتصل إليه، يكون بالنسبة‬ ‫- 9 -‬
  • 30. ‫املستقبل‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫لك املستقبل القادم من خالل مشروع قابل للتحقيق، عندما ترسم،‬ ‫أو ختطط، وتثبت نقطيت البداية والنهاية، وتبدأ باملسري يعين‬ ‫أنك تنطلق إىل املســـتقبل، فاحلاضر هو التكتيك، واملستقبل هو‬ ‫االسرتاتيجية، والفرق بني املستقبل واحللم أن املستقبل واقعي،‬ ‫ً‬ ‫واحللم أداته، ويبقى حلما يف العقل طاملا أنك مل تسع لتحقيقه،‬ ‫َ‬ ‫ومل خترجـــه إىل الواقـــع، وال ميكن لك أن تنطلـــق إليه دون أن‬ ‫تكون حاضرا يف احلاضر الذي يبين يف أعماقك الفكرية حاجة‬‫ً‬ ‫التطور، وفهمك ألســـباب وجودك وإرادتـــك فيما تنوي أن تصل‬ ‫إليه، وأن تدعـــه بعد أدائك ملهامك احلياتيـــة، وانتقالك للعامل‬ ‫الروحي اجلديد، فمن هنا ننطلق لفهم فلسفة تكوين املستقبل،‬ ‫واليت هي يف شكلها األويل والنهائي فلسفتك ودراستك لتكوينك‬ ‫بشكل فردي، وطموحك وأحالمك هو ختصص علمي إن سعيت له‬ ‫ً‬ ‫تعلما، وعلما به وصلت إليه، ونلت منه ما صبوت إليه، وإن درسته‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بشكل عام، واهتممت بذلك، أدخلك يف فلسفته، وأوجد لك نوعا‬ ‫من أنواع الوعي يف املصري الكلي، أي التخيل زائد العلم.‬ ‫وإذا كان املســـتقبل هـــو أحـــد أبعاد الزمن الكبري املقســـم إىل‬ ‫أزمنة، ماض وحاضر ومستقبل، منحنا هذا البعد قوة التطلع من‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫خالل تراكـــم املعرفة من املاضي إىل احلاضر، فكون البعدين معا‬ ‫تطلعا يف العقل ويف البصرية إىل أين نســـري، ففهمنا أننا منضي‬ ‫إىل املســـتقبل ال إىل املوت، لكون املوت ال عالقة له باملســـتقبل،‬ ‫- 0 -‬
  • 31. ‫املستقبل‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫ولكوننا ننتقـــل من حياة إىل حياة يف العقل الروحي، معنى ذلك‬ ‫أننا نستمر يف املســـتقبل، وعلينا أن نعمل له دون املساس حبالة‬ ‫املوت.‬ ‫املســـتقبل حيتاج إىل خطوة لتبدأ يف املســـري إليه، وهنا أعين‬ ‫ً‬ ‫التقدم إىل األمام انطالقا مـــن أداء مهمات احلاضر ومتطلباته،‬ ‫فـــال ميكنك أن تنتقـــل إليه دون إكمالك لشـــروط احلاضر، فإذا‬ ‫انشغلت يف مهام احلاضر، ومل تنجزها فإنك لن تستطيع أن تنتقل‬ ‫إىل املســـتقبل، وبشـــكل أدق إن مل تنجز احلاضر لن تتقدم، وإذا‬ ‫تقدمت، معنى هذا أنك سرت إىل األمام، وإىل األعلى، فاملستقبل‬ ‫يتعامل مع مسريك املتقدم، مبعنى أدق، كلما خطوت خطوة إىل‬ ‫األمام، اتســـع فكرك، وفتحت له اآلفاق، وازدادت األحالم، وطال‬ ‫مدى التطلع يف البصر والبصرية، أي أن املستقبل مساران، األول‬ ‫ً‬ ‫ممكن بشـــرط أن تفعله ومتارســـه، فيكون بذلك إراديا حتققه‬ ‫ً‬ ‫مـــن خالل رمسك له، وفعلك للوصول إليـــه، والثاني أيضا ممكن‬ ‫ودون شروط، لكنه موجود ضروري، ومتعلق باملستقبل اإلنساني،‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فتكون به مشـــاركا مزدوجا، إراديا وال إرادي، وترابط املســـارين،‬ ‫ترابط عضوي عنـــد العاقل الباحث يف العلـــم واملعرفة وعنهما‬ ‫بدليـــل أنك ال ميكن أن حتقق مســـتقبلك الفردي دون حفاظك‬ ‫على املســـتقبل اإلنساني اجلماعي بكل ظروف حياته الذي أنت‬ ‫موجود فيه كجزء من حميط.‬ ‫- -‬
  • 32. ‫املستقبل‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫املستقبل أوجده اإلنسان من أجل استمرار الطبيعة واملخلوقات‬ ‫ً‬ ‫لكونه مالكا للعقل، وبذلك ال مســـتقبل للطبيعة إال من خالله،‬ ‫ً‬ ‫فالطبيعـــة ثابتـــة، فمـــا هو مثال مســـتقبل القمر، أو مســـتقبل‬ ‫الشـــمس، أو مستقبل النجوم، أو مســـتقبل الليل والنهار، فالعلم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الروحي أعطاها وصفا دقيقا، حيث ورد يف الكتب املقدســـة «وكل‬ ‫يف فلك يسبحون»، وأكد على أن أي خلل حيدث هلا ينهي احلياة‬ ‫الكونية، فمن هنا نثبت أن كلها ثوابت، واإلنسان وحده هو الذي‬ ‫ً‬ ‫يصنع بفكـــره التطور، وآثاره كانت مســـتقبال يف املاضي، ليتعلم‬ ‫إنشاء مستقبل من احلاضر إىل القادم.‬ ‫لقد بدأ علم املســـتقبل مع ولوج اإلنسان للحياة، وتعرفه على‬ ‫ّ‬ ‫ذاتـــه، وحبثه الـــدؤوب للحفاظ على جنســـه، ومحايته كان هو‬ ‫هدفـــه الرئيس، والـــذي يكون يف حقيقته املســـتقبل، أجل بعد‬ ‫حدوث الوعي الكبري، وإجنازه للثورة الفكرية وعطاءاهتا املتعددة،‬ ‫ومنها أوجد الفكر اإلنساني مساحة كربى للمستقبل الذي أخذنا‬ ‫نسميه املستقبل القريب، واملستقبل املتوسط واملستقبل البعيد،‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وغايـــة كل ذلك أن جنعل غدا واضحـــا، وبعد غد حمققا، وبعده‬ ‫ً‬ ‫أمينـــا، لذلك يتـــم اآلن العمل لتحويل الغـــد وبعده من جمهول‬ ‫إىل معلوم واضـــح املعامل كحد أدنى، الكثافة البشـــرية الكبرية‬ ‫ً‬ ‫وتســـارعها منوا دعا اجلميع للتخطيط للمستقبل، سواء كان يف‬ ‫ً‬ ‫املســـكن، أو امللبس، أو املطعم، فلم يعد مقتصرا على اليوم لكونه‬ ‫- -‬
  • 33. ‫الرتاب‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫ال يعيش لليوم، بل لغده، ولبعد غده.‬ ‫إن القضاء على فكرة االستســـالم للحاضـــر إلزاحة الكثري من‬ ‫الصور الفكرية املنتشرة يف ذهنية البشر، واليت أثرت على الكثرة،‬ ‫وحولتهم ملتقاعدين، عاجزين عن املشاركة يف صناعة املستقبل،‬ ‫واحلصـــار املفروض عليه القـــادم من األفكار اجلامدة، وتســـلط‬ ‫اإلنسان على أخيه اإلنسان، أصبح ضرورة إجنازه، فاإلنسان ولد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫طموحا، حاملا، فاعال، ومنفعال، مشكال منهم املستقبل، وبدون ذلك‬ ‫ّ‬ ‫كان قد انتهى منذ ذلك الزمن البعيد، فلكل واحد منا مستقبله‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الذي حيلم به، مرهونا مبدى ما يعمل له، ومسؤوال ضمن اجملموع‬ ‫العام عن مستقبل اإلنسانية ومستقبل الكون بشكل عام.‬ ‫التـــــــراب‬ ‫مكون رئيســـي يف تشـــكيل الكون بصـــورة كواكبـــه ومنه جبل‬ ‫اإلنسان وأُعمر ومت بنائه وكذلك النبات واحليوان وإليه يعودون‬ ‫بعد انتهاء رحلة حياهتم املقدرة يضمهم يتفاعل معهم ونســـتمر‬ ‫هبم بعد ان يتحولـــوا إىل موضوعنا الذي نتحدث عنه الرتاب،‬ ‫انه الشـــكل املدني لإلنســـان وبدونه ال شـــكل وال صورة وال بناء‬ ‫ليس لـــه نوع فهو أديم األرض ومنه كان اســـم آدم، مثل مكونات‬ ‫الطعـــام أيضا حتتاج إىل االيدام فاملاء واهلواء ال يكفيان لصنعه‬ ‫- -‬
  • 34. ‫الرتاب‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫بـــل حيتاجان منتجات الـــرتاب وبإضافة املاء واهلـــواء إليه تتم‬ ‫ً‬ ‫عملية تكوين املادة وحتويلها إىل حقيقة مشـــاهبة متاما لتحول‬ ‫الـــرتاب إىل طـــني الزب أو صلصـــال كالفخار، هـــو جمموع ذري‬ ‫يضم املعادن العشـــرة إضافة إىل سيليكات األملنيوم واملنغنيزيوم‬ ‫والبوتاسيوم والكوارتز وامليكا وأكاسيد احلديد والرماد الربكاني‬ ‫ودقائق األمالح وفيه بقايا النبات والبكترييا وأثار الغبار الكوني‬ ‫وغبار الشهب وأهم ما فيه هو تراب اإلنسان بعد فنائه لذلك كله‬ ‫ً‬ ‫الرتاب هو اإلنسان فإذا حللنا اإلنسان كيميائيا جند التشابه يف‬ ‫التحليل فمنه كان اخللق وإليه يعود.‬ ‫الرتاب طبيعة األرض ومنه حنمل طباعنا ننجز منه وننجذب‬ ‫إليـــه فيه اجلاذبية وطهرنا ففيـــه الطهر ولذلك يأخذ به إن مل‬ ‫ً‬ ‫يتوفر املاء للتطهر فكما املاء واهلواء حنمل طباعها حنمله أيضا‬ ‫ليـــس فقط كمكون بل مؤثر نتأثـــر به وهو يف ذات الوقت حامل‬ ‫لكل هـــذه الطباع املاديـــة والروحية وبدون جتمعـــه كان بقائنا‬ ‫مثل الذرات هنيم يف الفراغ الال متناهي حيضن املاء ويســـيل على‬ ‫ً‬ ‫وجهه جداوال واهنارا لنعيش على حميطه فنزرع به ونبين عليه‬ ‫املدن والبلدان هو مولد وأســـاس كل أنواع املادة وعند فناء املادة‬ ‫كاإلنسان تعود تراب.‬ ‫الـــرتاب من تـــرب، وترب الشـــيء مبعنى أصابه الـــرتاب وترب‬ ‫الرجـــل أي افتقر وكأنه التصق بالـــرتاب وتربت يداه مبعنى مل‬ ‫- 4 -‬
  • 35. ‫الرتاب‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫ً‬ ‫تعـــد تصب خريا وأترب الرجل أي اســـتغنى وكان به صار له من‬ ‫ِ‬ ‫املـــال بقدر حبات الرتاب والرتب بالكســـرة اللذة ومجعه أتراب‬ ‫والرتائب هي عظام الصدر والرتاب تراب فقري مثل اإلنســـان ما‬ ‫مل يعمـــل له ويكد من أجله ال نفع فيه ان بقي مبفرده ونفعه يف‬ ‫حتريكه وتقليبه وزراعته وصناعته ودراســـتنا له تعين دراســـة‬ ‫لبنية أجســـامنا وحمتوياهتا الـــيت تتكون مجيعهـــا منه كمواد‬ ‫جمموعة يف مادة.‬ ‫للرتاب رائحة، ذكية مثل العطر نستمد منها حب احلياة فعندما‬ ‫يهطل املطر أول مرة على تراب األرض حاول ان تستنشق رائحته‬ ‫وعلم اهنا رائحة احلياة وروحها يف الالشـــعور ويف الشعور تعطيك‬ ‫حبهـــا بكونك مولود منهـــا وأينما حتل وترحتل حتمل الشـــوق‬ ‫والتشـــوق بني جنباتك ويكفيك شم تربة أرضك املولود منها مرة‬ ‫واحدة لتعرف لونك وشكلك الذي تكونت منه وعند التقائك مع‬ ‫اآلخرين أول ما يسألونك من أين أنت فلون ترابك يستدل عليه‬ ‫من لون بشـــرتك وعندما صاغنا اإلله قبض من كل مكان قبضة‬ ‫من تراب هذه األرض، لنشـــاهد اليوم ألوان تربتنا على وجوهنا‬ ‫فاألبيض واألمسر واألسود واحلنطي واألمحر واألصفر هي ألوان‬ ‫تراب انتماءاتنا اليت قدمنا منها من وجه هذه البسيطة.‬ ‫ان الرتاب جســـد احلياة وأجســـامها احلية فبعد عملية اخللق‬ ‫اإلنســـاني واحليواني والنباتـــي عاد اإلنســـان ليبحث يف ترابه‬ ‫- -‬
  • 36. ‫املاء‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫ً‬ ‫ويشـــتق منه آليات تطـــوره وتطويره ويصنـــع كل ماديته مقلدا‬ ‫ً‬ ‫بذلك كل احلاالت الروحية ومشكال يف عودته بعد رحلة معاشه‬ ‫مع مادته مادة الرتاب فالكل من تراب والكل إىل تراب.‬ ‫املــــــاء‬ ‫أحد أهم مكونات اإلنسان مع الرتاب واهلواء وهو مجلة احلياة‬ ‫اإلنســـانية واحليوانيـــة والنباتية ومل يكـــن لكوكبنا األرضي أن‬ ‫حييا بدونه ومعه ســـمي الكوكب احلي وباقي الكواكب غري حيه‬ ‫ُ ِّ‬ ‫بكون املاء غري موجود فيها فاملاء حياة و به حنيا وحييا كل شيء‬ ‫معه.‬ ‫املاء اسم مطلق ومجعه مياه وهو على نوعني صاف عذب حنصل‬ ‫عليـــه من األهنار والينابيـــع واألمطار والثلـــوج والقطب املتجمد‬ ‫الشمايل واجلنوبي وماحل مياه البحار واحمليطات ومللوحتها أسباب‬ ‫وجود عوامل حبرية وســـر من أســـرار التوازن الكوني، حيتل املاء‬ ‫نســـبة % من مســـاحة كوكـــب األرض الذي نعيـــش عليه وهو‬ ‫متواجد يف اخللية احلية بنســـبة 0- 0% ويشـــكل يف اإلنسان‬ ‫اجلســـد ما يعادل من 4% إىل 0% وهذا ما يعادل مســـاحة املاء‬ ‫على الكـــرة األرضية وحجم اليابســـة هو كتلة اإلنســـان املادية‬ ‫اجلامدة.‬ ‫- -‬
  • 37. ‫املاء‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫وأيضـــا له عالقة بعلـــم الطبائع اإلنســـانية الـــذي يؤثر على‬ ‫اإلنســـان الطبع املائي والطبـــع اهلوائي والطبع النـــاري والطبع‬ ‫الرتابـــي وحنن منتلك منه كل ذلـــك ومن خصائصه أن ال لون له‬ ‫وال طعم وال رائحة وال ميســـك بل يعبأ وميكن أن خيزن املاء ذلك‬ ‫املركب الروحي يف الالمادي والكيميائي السائل الشفاف يف املادي‬ ‫الـــذي يتألف من ذرتني هيدروجني وذرة أوكســـجني وصاحب رمز‬ ‫ً‬ ‫(‪ ) HO‬عرفنـــا ذلك بعد حتليله وال ميكن تركيبه إال كيميائيا‬ ‫دون استطاعة صناعته أو تقليده وكل حالة روحية طبيعية ميكن‬ ‫ً‬ ‫تقليدها ماديا واالســـتفادة منها يف مكونات احلياة األساسية إال‬ ‫املاء واهلواء والرتاب والروح اليت تكون ضمنهم ال ميكن صناعتها‬ ‫حتى أشـــباه هلا إنه موجود يف حياة الكـــون وبني الكواكب وحول‬ ‫األرض على شـــكل رطوبة يف اهلواء وخبـــار داخل وخارج الغالف‬ ‫اجلوي.‬ ‫إن روح احلياة املاء ولذلك هو يف حركة دائمة فإذا سكنت احلياة‬ ‫وتوقفت سكن املاء لينشئ األوبئة واملكروبات والفطريات ويتجول‬ ‫إىل مـــاء ميت روائحه كريهة كاجليفـــة بروائحها ولذلك ال يكف‬ ‫املاء عن اجلريان واحلركة مد وجزر ودوران وســـيالن لذلك أقول‬ ‫نعـــم ميوت املـــاء إن فقد روحـــه كما ميوت اإلنســـان عند صعود‬ ‫روحه فاملاء حياة وحياته يف عذوبته يتعامل معه البشـــر يدرون‬ ‫أو ال يـــدرون أنه حياهتم على الرغم من جهل قيمته يف كثري من‬ ‫- -‬
  • 38. ‫املاء‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫ً‬ ‫األحيان طبعـــا املاء حياة يدخل علـــى األرض اجلدباء اجلرداء‬ ‫ليعمرها باإلنسان من خالل وجوده .‬ ‫حيق لنـــا أن نبحر يف حبر العلم غايتنـــا الوصول حلقيقة املاء‬ ‫وجوهره أهو روح أم أنه مثل اإلنسان خملوق روح ومادة وإذا سألنا‬ ‫أنفســـنا كيف جيري املاء ويتحرك ما هي القوة الدافعة لصعوده‬ ‫ومن ثم مســـيله وآلية املـــد واجلزر البحري وعالقتـــه مع القمر‬ ‫والشمس واألرض وسر اجلاذبية ودوراهنما وظهورمها واختفائهما‬ ‫لعرفنا أنه روح اإلنســـان يأخذها منه ويطـــرح مادته وما عملية‬ ‫صعوده إىل الســـماء وتشـــكيل الغيوم والسحاب إال عملية صعود‬ ‫ً‬ ‫الروح وتطهريها لتصبح زالال ينعش اإلنســـان والنبات واحليوان‬ ‫ً‬ ‫ليطهرهـــم مجيعا بطهـــره الظاهر والباطن الكائـــن فيه وكل ذرة‬ ‫تعيش وتســـبح يف هذا الفلك تبحث عنه نعم ال ميكننا أن نشـــرب‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫املاء اآلســـن والقاسي والراكد أي املاء امليت بل نشربه عذبا صافيا‬ ‫حنـــس به وهو يدخـــل جوفنا كيف به ينجزلنا احلياة فنســـتمر‬ ‫وتســـتمر نعم املاء حياة وســـر اخللود والبقاء وأهم من أهم مكون‬ ‫من مكوناهتا فمنه أجنـــزت جنان عدن وغاباهتا وظهر التفاح فيها‬ ‫والتـــني وبه نعـــرف نظافتنا الظاهـــرة واملخفية بـــدأت احلياة به‬ ‫وبانتهائـــه تنتهي وال ميكن االســـتغناء عنه فهو مضاف يف حياتنا‬ ‫اليومية مضاف على شـــرابنا وطعامنا وكســـائنا وحركتنا وخوفنا‬ ‫عليـــه خوف على حياتنـــا وروحنا وضرورة رعايتـــه وإجياد آليات‬ ‫- 8 -‬
  • 39. ‫اهلواء‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫بقائة وعدم نفاذه مســـؤولية كوكبنـــا وحياتنا اجلماعية إن أردنا‬ ‫احلفاظ على جنسنا البشري ومع ازدياد الكثافة السكانية الغري‬ ‫ً‬ ‫طبيعية وذوبان القطبني املتجمدين تدرجييا ومها خزانا األرض‬ ‫اهلائالن اللذان ننهبهما ونتعدى عليهما بوقاحة والتصحر القادم‬ ‫نتاج نقص املاء وارتفاع مناسيب البحار يؤدي إىل عملية غزو املياه‬ ‫املاحلـــة لليابســـة اليت تزيد يف ملوحة األراضي وتســـرع يف قضم‬ ‫األراضي اخلضراء مما يساهم يف إهناء احلياة الكوكبية اليت ختص‬ ‫كوكبنا احلي باملاء فقط بني كل الكواكب، إنه املاء حيتاج الرعاية‬ ‫فهو يتأمل ويئن من استخدامنا اجلائر له فهو مثلنا له روح تصعد‬ ‫ً‬ ‫وهو مثل النار ال مادي يصعد إىل السماء ويبقى فيها منحبسا إن‬ ‫أصرينا على اإلســـاءة إليه املاء املـــاء لنحافظ عليه حنافظ على‬ ‫احلياة بكل تنوعها .‬ ‫اهلـــــــواء‬ ‫ال لون وال طعم وال ميســـك به ميلؤنا حيـــاة وهو أحد مكونات‬ ‫احليـــاة الكاملة ومير يف كل مفاصلها ويدخل إىل أجســـادها عرب‬ ‫ً‬ ‫فتحـــات وجدت يف أجســـامها وهـــو مثل املاء متامـــا روح األحياء‬ ‫ً‬ ‫لذلك وجد األنف يف اإلنســـان واحليوان واعتقد أن للنبات أنفا‬ ‫ال مرئي على شكل مســـامات يف جذوعه وعروقه وأغصانه حتى‬ ‫- 9 -‬
  • 40. ‫اهلواء‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫ً‬ ‫الرتبة تتنفس من شـــقوقها وفجواهتا والصبح أيضا يتنفس كما‬ ‫اآلية الكرمية حتدثت (والصبح إذا تنفس ) ويكون تنفسه عند‬ ‫انبالج الصبح وظهور خط الشفق نعم إنه احلياة وال حياة بدون‬ ‫هـــواء فهو الضلع الثاني الرئيس لوجود احلياة ويســـمى النفس‬ ‫فـــإذا زاد مت إنقاصه بالتنفـــس أي إزالة جزء منه لتعتدل الروح‬ ‫واملادة مثل إطار الســـيارة واالنتفاخات البطنية وإال ستؤدي إىل‬ ‫االنفجار.‬ ‫اهلواء خليط غازي طبيعي متجانس ميأل الكون وحميط كوكبنا‬ ‫األرضـــي احلي خيص كوكبنا ويعيش حتـــت الغالف فال خنتلط‬ ‫بالغبار الكوني يتكون يف األســـاس من غازي ثاني األزوت بنسبة‬ ‫ً‬ ‫8% وثنائي األوكســـجني بنســـبة % تقريبا كما أنه يرافقهم‬ ‫ثاني أكسيد الكربون بنسبة أقل من % وفيه من خبار املاء وبعض‬ ‫الغازات اخلاملة الكثري الكثري املتنوع. ونســـبة األوكسجني اليت‬ ‫نســـميها اهلواء النقي ضرورة حتمية حلياة احلياة بكل تنوعاهتا‬ ‫وال عيش بدونه بكونه يدخل يف تركيب كل أنواع اخلاليا احلية‬ ‫بنســـبة تعادل ربع جمموع الذرات الداخليـــة يف تركيبها لذلك‬ ‫نرى أن عملية التوازن والتكامل يف احلياة الروحية حتتاج اهلواء‬ ‫احلامل لألوكســـجني املوجود يف اهلواء احمليـــط وإذا نقص تقوم‬ ‫النباتات بعملية تعويضه من خالل عمليات التكامل الضوئي يف‬ ‫ً‬ ‫نظـــم البناء الكوني الكامل، إذا اهلـــواء مع املاء والرتاب مكونات‬ ‫- 04 -‬
  • 41. ‫اهلواء‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫حقيقة الكون املشـــكلة ملعادلة اخللق الكامل اإلنســـان واحليوان‬ ‫والنبات واجلماد وفقـــدان عنصر من هذه العناصر يعين فقدان‬ ‫جلملة احلياة ودفعة واحده وإىل غري رجعه فإذا قارنا جند أنه‬ ‫ً‬ ‫يقـــرتب من الروح بكونه ال مـــادي أيضا وإذا منعته تصعد الروح‬ ‫فورا وتبقى املادي وهذا يدلنا على أن الروح هي اليت تتنفسه ال‬ ‫ً‬ ‫املادي الذي يستفيد منه يف فعله وحركته املادية إن حاجة املاء‬ ‫لألوكســـجني كحاجة اإلنسان له فلوال ذرة األوكسجني مع ذرتي‬ ‫اهليدروجني ملا كان املاء.‬ ‫جيب ان نعلم أن اهلواء الذي حييطنا هو خاصية كوكبنا احلي‬ ‫يعيش معنا فقـــط حتت غالف االوزونات احلافظة حلياتنا اليت‬ ‫ال تكون بـــدون اهلواء واملاء وطبقة الغـــالف اجلوي اليت حتوي‬ ‫االوزونات حتتاج الهتمام كبري بكوهنا متنع دخول اهلواء الذري‬ ‫احلامل للغبار خارجها كما متنع األشعة الكونية ودرجات احلرارة‬ ‫اهلائلـــة من النفـــاذ إىل حميطنا األرضي الـــذي منه حنيا، فكم‬ ‫احلاجة اليوم كبريه للحفاظ على غالفنا اجلوي الذي حيمينا‬ ‫وحيمي مائنا وهوائنا املسؤوله عن حياتنا.‬ ‫اهلـــواء بعد كل هذا احلوار عنه مل يســـلم مـــن التعدي عليه‬ ‫وتلويثه مبخلفات الصراع والتطور البشري وعدم نظافة البيئة‬ ‫يلـــوث اهلـــواء الذي يوثـــر على النفـــس اإلنســـاني فيزيد فيه‬ ‫األمراض من خالل األوبئة اليت ينتجها اإلنسان يف األساس نتاج‬ ‫- 4 -‬
  • 42. ‫اهلواء‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫حركته وصناعته وزراعته وفشـــله يف إجياد عالقات اجتماعية‬ ‫إنســـانية راقية وكذلك نتاج لعدم فهم فلســـفة تكوينه ووجوده‬ ‫اليت تطالبه باحلفاظ على جنســـه البشـــري وأجناس الطبيعة‬ ‫املوجودة يف حميط بيئته.‬ ‫إن اجلـــدل العلمي التارخيي والذي ترافق مـــع الرؤى الدينية‬ ‫ً‬ ‫مل خيلـــق تنافرا بل ســـعى كل منهما لفهم اآلخـــر أثناء حبثهما‬ ‫عن عملية تكوين اإلنسان ومجلته احلياتية إن كان عرب حادثة‬ ‫االنفجار الكوني العظيم ونشـــوء الغبـــار الذري الذي مجع هذا‬ ‫الكوكـــب وصاغه اإلله مبكوناته أو عـــرب الفتق والرتق اإلمياني‬ ‫الذي أخضعه اإلله ملشـــيئته من هنا تنشأ ضرورة ربط األشياء‬ ‫ببعضها فوجود اإلنســـان وتركيبه البيولوجـــي والفيزيولوجي‬ ‫ً‬ ‫مرتبـــط عضويا مبكونات الوجـــود اهلواء واملـــاء والرتاب وهذا‬ ‫الرتابـــط يدعونا للحفاظ على هوائنـــا وحماولة تنقيته وعدم‬ ‫العبث بـــه وتنظيم حياتنا باحملافظة علـــى الغابات واإلكثار من‬ ‫زراعتهـــا واالهتمام بالنباتات واحلد من انبعاث الغازات وفلرتهتا‬ ‫قدر املستطاع وتنظيم األسرة والنظر يف التكاثر اإلنساني اهلائل‬ ‫وبرجمته إىل البشـــرية أقول تفكروا وتأملوا يف اهلواء وأين أنتم‬ ‫ً‬ ‫منه وما حاجتكم إليه لتعلموا وتضيفوا إىل معلوماتكم سببا من‬ ‫أسباب حياتكم الرئيسة اعملوا على أن تكونوا سليمني من خالل‬ ‫سالمته فبدونه ال حياة ومعه تكون احلياة.‬ ‫- 4 -‬
  • 43. ‫النار‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫النـار‬ ‫مبا أن اإلنسان حمور احلياة الكونية وطاقته حمركه ومتحركة‬ ‫حمرضة ومتحرضة ويرى وينظر ويبصر احمليط الذي هو مركزه‬ ‫يبحث يف أدواته وموجوداته لريى أنه احلجارة أهم مواد التقدم‬ ‫ً‬ ‫مـــن أجل تطـــوره مدنيا لذلك عندما قـــدح حبجرين مع بعضها‬ ‫بتناغم وتســـارع فطـــري حدثت الشـــرارة األوىل من خالل ذلك‬ ‫االحتكاك لتتولد النار الـــيت تعود لتلتهمه مع حجارته فيكون‬ ‫بذلك مع أدواته وقودها اليت أعين ان اإلنسان وأدواته يف مسرية‬ ‫حياته البناءه هي أدوات البناء وتعين احلجارة أي املاديات اليت‬ ‫ينجزها اإلنسان تكون وقودها الناس واحلجارة .‬ ‫فهـــل ميكن أن تعرفهـــا وندخل عليهـــا لنجد ألواهنـــا احلمراء‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫والصفراء والزرقاء وأيهما أشـــد احرتاقا وحرقـــا وأيهما يعطي‬ ‫الدفء أكثر وأيهما يفيد ويغين يف هذه احلياة وأين يكمن سرها‬ ‫هـــل يكون يف جاذبيتها فتقدم إليها األشـــياء املادية لتلتهمها أم‬ ‫أن جاذبية األشياء تنادي هلا فتحضر لتتناوهلا كمائدة املضيف‬ ‫للمضاف ويف اإلدراك العلمي الذي أدى لتعريف ماهية الظواهر‬ ‫اليت حتولـــت إىل حقائق وأجنـــزت القوانـــني الفيزيائية ومنها‬ ‫قانون نيوتني القائل أن لكل جســـم يف الكـــون يؤثر بقوة جذب‬ ‫- 4 -‬
  • 44. ‫النار‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫ً‬ ‫على جسم آخر، مقدار هذه القوة يتناسب طردا مع حاصل ضرب‬ ‫ً‬ ‫الكتلتني وعكســـيا مع مربع املســـافة بينهما، فهل النار كتلة وهل‬ ‫الضـــوء كتله وهل تعاني النار من أي نوع من اجلذب حنو األرض‬ ‫عنـــد صعودها إىل الفضاء وكيف هبا تتغلب على قوة اجلذب وما‬ ‫هي آلية اجنذاهبا إىل املاديات احمليطة هبا.‬ ‫النـــار ليســـت مادة أو شـــيء حبدود ذاهتا فال متســـك وال توزن‬ ‫ومضموهنا طاقة حرارية وطاقة ضوئية وهي وصف لشيء له شكل‬ ‫متصاعـــد ويتصاعد إىل األعلى هلبـــأ حبكم خفة وزهنا وكثافتها‬ ‫اليت تقرتب من الصفر ولذلك تتطاول إىل األشياء وتطاهلا حتى‬ ‫تصل الفراغ لتمتلكه وتســـيطر على كل األبعاد املكانية بكوهنا ال‬ ‫متتلـــك األبعاد إال يف حلظة انطالقها من نقطة حتول إىل طاقة‬ ‫النار اليت تتشـــكل من جمموع طاقتـــني احلرارة والضوء وأدواهتا‬ ‫(الشمعة العيارية واجلول ) إن ضبط النار وضغطها يعطيها اللون‬ ‫األزرق وهو لون قوة طاقتها املنظمة يف حلظة االحرتاق الكامل‬ ‫أما األمحـــر واألصفر فهو لـــون عبثيتها وفوضويتهـــا وهجومها‬ ‫وانقضاضها على األشـــياء تبدأ باليابس اهلش الســـريع وجتفف‬ ‫األخضر منتشـــرة يف كامل املكان ويف عزم تســـارع نوعي ال يقف‬ ‫أمامها أي شـــيء حتى اهلواء حتلله فتسحب األوكسجني منه كي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تزداد هنما والتهاما وتستمد منه قوهتا اإلضافية وإذا أردت منحها‬ ‫القوة انفخ هبا.‬ ‫- 44 -‬
  • 45. ‫النار‬ ‫فلسفة التكوين الفكري‬ ‫لقد قدســـت النار يف العهـــود القدمية وقبل امليـــالد كانت هلا‬ ‫العبـــادة وبدأت معهـــا فكرة الطواف حوهلا للتقـــرب إليها بكوهنا‬ ‫الشيء الوحيد الذي يصعد إىل السماء وكل شيء ينتهي حتتها‬ ‫ً‬ ‫فتبقيه على األرض فناء ورمادا تذروه الرياح ورمست هلا الطقوس‬ ‫ً‬ ‫والقواعد لتكون عبادة نادرة هلا ملريديها.‬ ‫النـــار فعل حياة منها الال إرادي وله عالقـــة بالكونية املمتلكة‬ ‫ً‬ ‫بـــإرادة املطلق والثواب والعقاب وغضب الطبيعة أيضا املتمثل يف‬ ‫التجسيد احلي من قبل احلي األزيل عند التعدي الصارخ الفاضح‬ ‫عليهـــا لتنتقم وتأخذ حبقها من أي متعـــد عليها ومنها اإلرادي‬ ‫اإلنســـاني الـــذي ميتلكها حبكمة عقله وجهلـــه فيكون عمله يف‬ ‫ً‬ ‫احلياة نارا اجيابية مفيدة له ان ســـيطر عليها وسخرها خلدمة‬ ‫اإلنســـانية فتكون إجيابية يف عمله احلياتي تضيء له مساراته‬ ‫وتســـاعده فتكون أداة طيبة طيعة بيده هي هكذا النار نار تبدأ‬ ‫من شـــعلة هي بيدنا حنن نشـــعلها فتفيدنـــا وتفيد اآلخرين ان‬ ‫عرفنا اســـتخدامها تكون فاكهة ليس للشتاء فقط بل على مدار‬ ‫العمر تعطينا من مثرها حاجتنا إليها كما اهنا أداة رعب عظيمة‬ ‫ٍ‬ ‫فـــذرة منها ال تبقي وال تذر وكلنا يعلم ان معظم النار من قدحة‬ ‫حجر الذي يولد مستصغر الشرر أو من عدم وعي وفهم لطاقتها‬ ‫املكنونة يف ذراهتا.‬ ‫- 4 -‬