SlideShare una empresa de Scribd logo
1 de 24
Descargar para leer sin conexión
‫إقامة‬
 ‫المنطقة‬
‫اآلمنة في‬
  ‫سورية‬
‫تقييم للجوانب القانونية‬
   ‫واللوجستية والمخاطر‬




                               ‫إعداد:‬
                       ‫مايكل ويس‬
                             ‫مراجعة:‬
‫العقيد الركن المتقاعد عقيل هاشم‬
‫المستشار العسكري للمجلس الوطني السوري‬
                               ‫تحرير:‬
                      ‫أسامة المنجد‬




                                        ‫دراس���������������������ات‬
                                        ‫ال������م������رح������ل������ة‬
                                        ‫االن����ت����ق����ال����ي����ة‬
‫مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية‬
‫تم تأسيس مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية في عام 0102 ويقدم دراسات وأبحاث تتمتع بمهنية عالية باإلضافة‬
‫إل���ى الخدمات اإلعامية لكل من وس���ائل اإلع���ام الغربية والعربية، الدوائر الحكومية، المؤسس���ات األكاديمية ومراكز‬
                                                                                         ‫ٍ‬
‫األبح���اث، وذل���ك من خال خدمة األخبار اآلنية ومنش���وراتنا من الدراس���ات واألبحاث، باإلضافة إل���ى التحليل والتعليق‬
‫على أهم األخبار والمواضيع الراهنة. وقد أصدر المركز مجموعة دراس���ات علمية للكش���ف عن أهم التحديات السياسية‬
                          ‫واالجتماعية واالقتصادية في سورية – الفقر، البطالة، االضطهاد السياسي واالجتماعي.‬

‫إن معظ���م الدراس���ات الجيدة التي قدمت حول س���ورية تمت في الغ���رب، وبالرغم من قيمته���ا العالية وأهميتها في‬
‫فهم المنطقة، وبالرغم من النقص الذي تعانيه منطقة الش���رق األوس���ط في أبحاث السياسة والمجتمع، إال أنه يجب‬
‫عل���ى الباحثين المحليين المس���اهمة ف���ي ردم ثغرة المعلومات تلك. إن الفهم العمي���ق لقضايا المنطقة يمكن بلوغه‬
‫عندم���ا تت���م المزاوج���ة بين فكر ومناهج البحث الغربية مع المعرفة المس���تقاة من أرض الواق���ع والمعلومات التي يتم‬
                                                                                                 ‫ً‬
‫جمعها ميدانيا، لذا فإن مركز التواصل واألبحاث االس���تراتيجية ينخرط مع باحثين وأكاديميين سوريين وغربيين للوصول‬
‫إلى هذه النتيجة. إن البيانات السياس���ية واالقتصادية واالجتماعية باإلضافة إلى الدراس���ات االس���تراتيجية، س���تكون‬
‫متوفرة لصناع القرار والمراسلين والصحفيين واألكاديميين المهتمين بالقضايا السورية، كما أن باحثي مركز التواصل‬
                                                                              ‫ً‬
‫واألبحاث االس���تراتيجية س���يقومون أيضا بتحليل ودراس���ة ه���ذه البيانات وإصدار تقارير وأبحاث ف���ي القضايا المحلية،‬
‫وسيتم عرض هذه الدراسات على العامة باإلضافة إلى صناع القرار وكل من المؤثرين والمتأثرين بها. إن دراسات مركز‬
                          ‫ُ‬
‫التواصل واألبحاث االستراتيجية ستعمل على الوصول إلى فهم أعمق وأفضل للنسيج االجتماعي واالقتصادي في‬
‫س���ورية في محاولة لرفع الوعي حول كل ما يؤثر على حياة الجميع في س���ورية، إن هدفنا هو الس���عي للوصول إلى‬
                                                                                       ‫ً‬
 ‫مجتمع أكثر اطاعا، والتأثير على صناع القرار عن طريق وضع هذه المعلومات في متناول وسائل اإلعام المختلفة.‬

                                                                                         ‫دراسات المرحلة االنتقالية‬
‫ف���ي ض���وء المتغيرات والتحديات الراهنة في س���ورية، أطلق المركز برنامج دراس���ات وبحوث المرحلة االنتقالية لنش���ر‬
‫مقترحات وتوصيات الخبراء والمتخصصين والباحثين ذوي الصلة المباش���رة مع المجتمع الس���وري وتقديمها لصانعي‬
‫القرار المعنيين برس���م السياس���ات العامة في مختلف القطاعات االجتماعية واالقتصادية والسياسية. برنامج دراسات‬
‫المرحلة االنتقالية سيتناول العديد من المجاالت منها التنمية االقتصادية واإلصاح القضائي والدستوري والقانوني‬
‫وعملي���ة المصالح���ة الوطنية والعدالة االنتقالي���ة وإعادة هيكلة قطاع الطاقة وإصاح التعلي���م وإصاح النظام الصحي‬
                                                                                                  ‫والسياسة الخارجية.‬




                     ‫‪Strategic Research & Communication Centre‬‬
    ‫‪Office 36, 88-90 Hatton Garden, Holborn, London EC1N 8PN, United Kingdom‬‬

                                 ‫الموقع اإللكتروني: ‪www.strescom.org‬‬
                                 ‫البريد اإللكتروني: ‪info@strescom.org‬‬
                                      ‫الهاتف: 989868030244+‬

                  ‫جميع الحقوق محفوظة لمركز التواصل واألبحاث االستراتيجية 1102 ©‬
‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية‬
  ‫تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬




                           ‫إعداد:‬
                       ‫مايكل ويس‬
                          ‫مراجعة:‬
            ‫العقيد الركن المتقاعد عقيل هاشم‬
            ‫المستشار العسكري للمجلس الوطني السوري‬
                           ‫تحرير:‬
                       ‫أسامة المنجد‬
‫المحتويات‬




 ‫1. مقدمة .............................................................................................. 1‬
 ‫2. الشروط المسبقة للتدخل ........................................................................ 2‬
 ‫أ) انعدام الشرعية................................................................................ 2‬
 ‫ب) انعدام الوحدة................................................................................ 2‬
 ‫3. الجانب القانوني للتدخل .......................................................................... 4‬
 ‫أ) قرار مجلس األمن............................................................................. 4‬
 ‫ب) «االتحاد من أجل السالم»: الجمعية العامة لألمم المتحدة............................ 5‬
 ‫4. منطقة آمنة في سورية.......................................................................... 7‬
‫5. القدرات العسكرية للنظام ........................................................................ 01‬
‫أ) األعداد.......................................................................................... 01‬
‫ب) األسلحة ...................................................................................... 11‬
‫6. مخاطر التدخل ...................................................................................... 21‬
‫أ) حزب الله........................................................................................ 21‬
‫ب) الجماعات الجهادية........................................................................... 31‬
‫ج) إطالق سراح المجرمين....................................................................... 41‬
‫د) إيران والعراق.................................................................................. 41‬
‫ه�) روسيا ......................................................................................... 51‬
‫و) األسلحة الكيميائية ........................................................................... 61‬
‫ز) صواريخ أرض – أرض ......................................................................... 61‬
‫ح) زعزعة االستقرار في مرتفعات الجوالن/النزاع مع إسرائيل.............................. 61‬
‫خاتمة.................................................................................................... 81‬
‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية: تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬




                                         ‫1. مقدمة‬




                                              ‫ً‬
‫يدخل المجلس الوطني الس���وري مرحلة حرجة من مراحل الثورة السورية، حيث يصبح األمل‬
         ‫ُ‬
‫في اس���تمرار المقاومة السلمية لنظام وحشي ومنفلت من عقاله بشكل ال مثيل له أشبه‬
  ‫َ‬                               ‫ُ‬
‫باالنتح���ار. وق���د بدأت العقوب���ات التي فرضتها الوالي���ات المتحدة واالتح���اد األوروبي على‬
‫سورية تُ لقي بأعبائها االقتصادية على قدرة نظام األسد على تمويل جهاز الدولة القمعي؛‬
                                             ‫ً‬     ‫ً‬
‫وستُ لحق في األجل الطويل ضررا جسيما بقدرة النظام على االستمرار إلى أجل غير مسمى‬
‫في الس���يطرة عل���ى العناصر الرئيس���ية للمجتمع. بي���د أن العقوبات لم ت���ؤد إلى وقف أو‬
            ‫ِّ‬
‫إبطاء عمليات القتل واالعتق���ال واغتصاب األطفال والتعذيب التي يتعرض لها المواطنون‬
‫الس���وريون العاديون. وقد قوبلت االحتجاجات السلمية على مدى األشهر العشرة الماضية‬
                                       ‫ً‬
‫بممارس���ات همجية متواصلة لم نش���هد لها مثيال في أي بلد آخر من بلدان الربيع العربي.‬
                                                        ‫ُ‬
‫فقد قتل قرابة 000,5 شخص، وأعلن عن فقدان ما يربو على 000,05، وسجن نحو 000,95‬    ‫ُ‬
                 ‫ُ‬
                                         ‫آخرين، وحرم حوالي 000,61 شخص من ممتلكاتهم.‬
                                                                          ‫ُ‬

        ‫ً‬
‫ويتحمل األس���د المسؤولية الكاملة عن عمليات القتل الجماعي التي ترتكبها يوميا القوات‬
‫ش���به العس���كرية وقوات األمن الخاص والقوات العس���كرية التابعة ل���ه. إذ أن جميع األوامر‬
‫والخطط وعمليات صنع القرار التي تقف خلف ما أسماه مجلس حقوق اإلنسان التابع لألمم‬
‫المتحدة «جرائم ضد اإلنس���انية» مس���تمدة، بشكل مباشر أو غير مباشر، من الرئيس األسد‬
‫وحلقت���ه الداخلية. وم���ن هنا فإن الجهود الدولية الرامية إلى إضع���اف النظام يجب أن تكون‬
                                                                                ‫ً‬
‫جزءا من جهد اس���تراتيجي يهدف إلى تقديم األس���د وكبار مساعديه الموالين له إلى ساحة‬
                                                                                            ‫ً‬
                                                                                          ‫العدالة فورا.‬

‫إن العج���ز عن اس���تصدار قرار من قبل مجل���س األمن بفرض عقوبات دولية ش���املة، وعدم‬
‫التوصل إلى إجماع دولي بشأن اتخاذ مزيد من التدابير القوية لحماية السكان المستضعفين،‬
‫وتحريض النظام على العنف الطائفي، وقراره بش���ن حمالت عسكرية هجومية متعددة ضد‬
                                             ‫ً‬
‫المدنيين على نطاق واس���ع، تُ شير جميعا إلى أن إطالة الوقت للقيام بعمل حاسم لإلطاحة‬
‫بنظام األسد يمكن أن يغرق الدولة السورية في نزاع مدمر وطويل األمد. ويمكن أن يكون‬
                                                          ‫ُ‬
‫فش���ل الدولة إحدى النتائ���ج المتوقعة لتلك اإلطالة. كما أن وقوع كارثة إنس���انية، على غرار‬
         ‫ً‬      ‫ً‬                                    ‫ُ‬
‫عمليات اإلبادة الجماعية التي ارتكبت في رواندا في عام 4991، يبدو احتماال واقعيا للغاية.‬

‫ومن أجل تقييم جميع الخيارات المقترحة لتس���ريع إنهاء الديكتاتورية الش���مولية و/أو تفادي‬
‫كارثة إنسانية جماعية، فإن هذه الورقة تُ حاول تحليل واختبار الطرق التي يمكن أن ينجح فيها‬
‫التدخل العسكري األجنبي في سورية. وهي ال تدعو إلى تبني سياسة معينة، وإنما تطرح‬
‫خيارات ثم تتفحص ماهية الش���روط السياس���ية الضرورية والجوانب القانونية واللوجس���تية‬
                                                                               ‫واألخطار المحتملة.‬




‫1‬                                                                        ‫دراسات المرحلة االنتقالية‬
‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية: تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬




                        ‫2. الشروط المسبقة للتدخل‬




                                                 ‫ً‬
‫لق���د أصدر المجلس الوطني الس���وري بيانا ف���ي ختام اجتماع الهيئة العام���ة يوم 91 كانون‬
          ‫ً‬                                       ‫ً‬
‫األول/ديسمبر 1102 أيد فيه رسميا التدخل العسكري األجنبي في سورية، وداعيا «الجامعة‬
                                                             ‫َّ‬
‫العربية ومنظمة األمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة فيما يتعلق بحماية‬
‫المدنيين والنش���طاء الس���وريين من خالل خلق مالذات آمنة ومناطق محمية». وهذا يمثل‬
   ‫ُ‬
                 ‫ً‬     ‫ً‬                                          ‫ً َّ‬ ‫ً ُ‬
‫تحوال مهما عما جاء في ميثاق الوفاق الوطني الذي يرفض رفضا قاطعا التدخل العسكري.‬
‫باإلضافة إلى ذلك فبعد الموقف األولي الذي اس���تبعد خيار «المقاومة المسلحة» ووضع‬
                                                             ‫َ‬
‫المجلس على تضاد مع أهداف الجيش السوري الحر، فإن المجلس الوطني السوري «تعهد‬
                                      ‫بدعم» الجيش الحر الذي يمثل الراعي العسكري للثورة.‬
                                                                ‫ُ‬

‫إن ه���ذه التط���ورات إذ توضح موقف المجلس الوطني أكثر فإنه م���ا زال هناك تحديان اثنان‬
‫عليه أن يواجههما قبل تقديم طلب مقنع ألي ش���كل من أشكال التدخل الخارجي العسكري:‬
‫افتقاره للش���رعية الدولي���ة كحكومة منفى، وع���دم وحدته مع رموز المعارضة في س���ورية،‬
                                  ‫وأبرزها الكتائب المستقلة للمنشقين من الجيش السوري.‬


                                                                              ‫أ) انعدام الشرعية‬
                                          ‫ً‬
‫إن الحكومة الوحيدة التي اعترفت رس���ميا بالمجلس الوطني الس���وري كحكومة سورية في‬
          ‫ٍ‬
‫المنفى – أو كممثل ش���رعي ووحيد للش���عب الس���وري – هي ليبيا. أم���ا الحكومات األخرى‬
‫فقد عينت ممثلين رس���ميين لها للتنس���يق مع المجلس الوطني الس���وري، ولكنها لم تتخذ‬
                                                                         ‫ُ‬    ‫َّ‬
    ‫ً‬                                                                                ‫ً‬
‫ق���رارا باالعت���راف الكامل به حتى اآلن. باإلضافة إلى ذلك فإن البلدان الغربية ذكرت مرارا أن‬
‫االعتراف لن يمنح إال بعد إجراء مزيد من التنظيم الداخلي. ويجب أن يتأكد المجلس الوطني‬
                                                                      ‫ُ‬
‫الس���وري م���ن أن ش���رعيته تنبع من اس���تعداده لتلبي���ة احتياجات ومصالح ومطالب الش���عب‬
‫الس���وري، ال���ذي يواجه العواق���ب اليومية المترتب���ة على وقوفه في وجه وحش���ية النظام.‬
‫إن الش���رعية المطلوب توفرها لتقديم المطالب – ومنها التدخل العس���كري – إلى المجتمع‬
‫الدولي نيابة عن الشعب السوري، يجب أن تستند إلى إجماع يتم التوصل إليه مع النشطاء‬
                           ‫والمجتمعات التي تعاني األمرين في ظل استمرار حملة القمع.‬
                                                        ‫َّ‬


                                                                              ‫ب) انعدام الوحدة‬
                                                       ‫ً‬         ‫ً‬
‫إن هناك انقس���اما مس���تمرا داخل المعارضة السورية، وبالذات عدم السيطرة على المكون‬
  ‫ِّ‬
            ‫ً‬
‫العس���كري للث���ورة – أي قوات الجيش المنش���قة التي تقاتل نظام األس���د حالي���ا. فالهيكلية‬
‫الراهنة للتمرد مفتتة وبائس���ة وغير موالية ألية س���لطة ذات ق���رار. ويتم تنظيم العديد من‬
‫هذه القوات في عش���رات «الكتائب» المس���تقلة، التي تحمل أس���ماء شخصيات تاريخية أو‬
                                                               ‫ً‬
‫ضحايا سقطوا حديثا من قبيل «كتيبة حمزة الخطيب» و «كتيبة صالح الدين األيوبي». بيد‬
‫أن وسائل اإلعالم الغربية تُ صو ُر «الجيش السوري الحر» على أنه منظمة جامعة تضم جميع‬
                                                     ‫ِّ‬



‫مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية‬                                                           ‫2‬
‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية: تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬




‫الجن���ود الثوار العاملين. وتُ ش���ير بعض التقديرات إلى أن الع���دد اإلجمالي للقوات الخاضعة‬
‫مباش���رة لقيادة الجيش الس���وري الحر يتراوح بين 0021 جندي و 000,71 جندي. ويدعي كبار‬
             ‫الناطقين الرسميين بلسان الجيش السوري الحر أن الرقم الثاني هو الصحيح.‬

                                               ‫ُ‬
‫وال ي���زال هناك قدر كبير من الغموض يكتنف القدرات الحقيقية للجيش الس���وري الحر، وما إذا‬
    ‫ً‬
‫كان���ت الهجمات الكبرى ضد أه���داف تابعة للنظام تُ نفذ بناء على أوامر من هذا الجيش فعال أم‬
                   ‫ُ‬
‫أن كتائب مس���تقلة هي التي تشنُّ ها. وتُ ش���ير الغارة المفاجئة التي شنت على مجمع مخابرات‬
‫القوات الجوية في حرستا الواقعة على بعد ستة أميال من دمشق والتي قيل أن كتيبة مستقلة‬
                                                                                 ‫َّ‬
‫نفذتها، والهجمات األخرى ضد القوات ش���به العسكرية التابعة لحزب البعث في دمشق، التي‬
‫قيل أنها نُ فذت على أيدي كتيبة ذات ارتباط غير مباشر بالجيش السوري الحر، إلى أنه في حين‬
                               ‫َ‬
‫أن المنش���قين مس���لحون ومنظمون بش���كل جيد وال يخش���ون خوض قتال مباشر مع القوات‬
                 ‫ٍ‬
    ‫المسلحة التابعة للنظام، فإنهم هم الذين ُيديرون سياسة التمرد الخاصة بهم في سورية.‬
                                                    ‫ُ‬

                              ‫ً‬
‫كما أن القادة العسكريين الذين يبلغ عددهم نحو ثالثين ضابطا – بقيادة العقيد في سالح الجو‬
‫رياض األسعد – ويدعون أنهم يسيطرون على الجيش السوري الحر من مالذهم اآلمن في‬
                                               ‫ُ‬         ‫َّ‬
‫أنطاكيا بتركيا، رفضوا حتى اآلن إقامة شراكة رسمية للتنسيق مع لجان المعارضة، بل إنهم‬
                                                     ‫ً‬    ‫ً‬      ‫ً‬        ‫َّ‬
‫ش���كلوا جهازا سياسيا خاصا بهم أس���موه المجلس العسكري للجيش السوري الحر ويسعى‬
‫إل���ى اإلطاحة بالنظام وتوفي���ر الغطاء للمحتجين الس���لميين وحماية الجمه���ور والممتلكات‬
‫الخاصة والحماية من األعمال االنتقامية عند س���قوط النظام. كما أعلن المجلس العس���كري‬
‫عن عزمه على التنسيق المباشر مع الحكومات األجنبية من أجل الحصول على الدعم وتأمين‬
‫المساعدات المالية والمادية المباشرة (على األرجح). وقد سافر ممثلو الجيش السوري الحر‬
                      ‫ُ‬
                                                                          ‫ً‬
‫مؤخرا إلى واشنطن العاصمة بهدف الضغط على وزارة الخارجية األمريكية لكسب تأييدها،‬
                  ‫ولكن مسعاهم خاب بسبب افتقارهم إلى التنظيم وعدم كفاية عددهم.‬

‫وأس���فر االجتماع األخي���ر، الذي عقد بين الجيش الس���وري الحر والمجلس الوطني الس���وري‬
                                                    ‫ُ‬
‫يوم 82 تش���رين الثاني/نوفمبر 1102، عن نتيجة وحيدة وهي وعد لفظي من قبل الجيش‬
‫الس���وري الحر بإصدار أوامر إلى المنشقين للمشاركة في عمليات «دفاعية» محضة تهدف‬
‫إل���ى ضمان حماية المدنيي���ن. ومع ذلك فإنه من غير الواضح إلى أي مدى يس���يطر الجيش‬
             ‫ُ‬
‫السوري الحر على العمليات «الهجومية» الكبرى التي تُ نفذ في سورية. وعالوة على ذلك،‬
‫ف���إن هذه الضمان���ة تبدو في غير محلها عل���ى نحو متزايد في ضوء تصاع���د الفظائع التي‬
                      ‫يقترفها النظام، وخاصة في مدينة حمص التي تمثل أرض المعركة.‬

‫إن الثورة تطمح أن تكون شعلة تضيء الوطن بعد رحيل األسد. فإذا كان يراد لجيش ثائر أن يثبت‬
   ‫ُ‬                 ‫ُ‬                                ‫ُ‬
‫فعاليته وأال يعمل ألغراض تتناقض مع أهداف التدخل العسكري الدولي المحتمل، فإنه يجب‬
‫أن يوضع تحت قيادة مش���تركة لمجلس انتقالي يقوده مدنيون، ويتولى التنس���يق المباش���ر‬
‫مع القوى المتدخلة. ولذا فإنه يتعين على المجلس الوطني الس���وري والجيش السوري الحر‬
                                                 ‫َّ‬
                                           ‫ً‬
‫أن يش���رعا بإجراء محادثات مباش���رة فورا لوضع استراتيجية عمليات واضحة وتشكيل تسلسل‬
‫قيادي. وينبغي كوضع مثالي تَ صور رئيس المجلس بمثابة القائد األعلى للقوات المس���لحة‬
                                                     ‫ُّ‬
      ‫ومستشاره العسكري يعينه الجيش الحر ويخضع تحت رقابة المكتب التنفيذي للمجلس.‬
                                                             ‫ُ‬




‫3‬                                                                        ‫دراسات المرحلة االنتقالية‬
‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية: تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬




                         ‫3. الجانب القانوني للتدخل‬




‫تن���ص الم���ادة 2 (4) من ميثاق هيئة األمم المتحدة على حظر «التهديد باس���تخدام القوة أو‬
‫اس���تخدامها ضد س���المة األراضي أو االستقالل السياس���ي ألية دولة عضو في الهيئة».‬
 ‫ً‬
‫واالستثناء األول من هذا الحظر يتمثل في استصدار قرار من مجلس األمن يمنح تفويضا‬
‫باستخدام القوة. ولعل الطريق األوضح باتجاه التدخل يمر عبر قرار لمجلس األمن يدين نظام‬
                                ‫ُّ‬
‫األسد على عمليات القمع العنيفة للمحتجين المدنيين التي استمرت عشرة أشهر، وفرض‬
‫عقوبات على سورية، وإحالة الشخصيات الرئيسية في النظام إلى المحكمة الجنائية الدولية‬
‫للتحقيق معهم بش���أن جرائم الحرب والجرائم ضد اإلنس���انية، وطلب المس���اعدة العسكرية‬
                                                                ‫الدولية لحماية الشعب السوري.‬

‫ويمكن اس���تخدام قرار ينتقد نظام األس���د، ببس���اطة، كذريعة للتدخل.‬
                                         ‫ُ‬
‫فه���ذا هو المبرر الذي قدم «لعملية توفير الراحة»، وهي الحملة التي‬                  ‫يمكن استخدام قرار ينتقد نظام‬
‫ب���دأت في أبريل/نيس���ان 1991 وقدمت مس���اعدات إنس���انية وحماية‬                  ‫األسد، ببساطة، كذريعة للتدخل‬
‫عس���كرية ألك���راد العراق. وقد نُ ف���ذت تلك العملية عل���ى الرغم من أن‬
                         ‫ً‬
‫ق���رار مجلس األمن رقم 886 لم يعط تفويضا بالتدخل بحد ذاته، ولكنه‬
‫دعا الدول األعضاء إلى «اإلس���هام في ... جهود اإلغاثة اإلنس���انية». وفس���رت الحكومات‬
               ‫َّ‬
                           ‫ً‬
‫األمريكية والبريطانية والفرنس���ية والتركية ذلك النص تفس���يرا س���مح بنش���ر قوات أرضية‬
‫وجوية مشتركة للدفاع عن األكراد الفارين من العراق عبر الحدود التركية. وتم تنسيق العملية‬
‫ف���ي قاعدة إنجرليك الجوية في أضنة بتركيا، المؤجرة لحل���ف الناتو. وأعقبت «عملية توفير‬
‫الراحة» عمليتان ُأخريان، هما «عملية المراقبة الشمالية» و»عملية المراقبة الجنوبية» وهما‬
  ‫منطقتا الحظر الجوي فوق الشمال الكردي والجنوب الشيعي من العراق في عام 1991.‬


                                                                           ‫أ) قرار مجلس األمن‬
‫لقد أدى الخوف من «توس���يع المهمة»، إلى فش���ل الس���ير في طري���ق مجلس األمن في‬
‫حالة س���ورية، وكان آخر تلك المحاوالت في تش���رين األول/أكتوبر 1102، عندما اس���تخدمت‬
                              ‫ً‬
‫روس���يا والصي���ن حق النقض (فيت���و) ضد قرار مخفف ج���دا ينص على التهدي���د بالعقوبات‬
                                                  ‫ً‬
‫فق���ط. وكان الكرملين أكث���ر إفصاحا عن معارضة العقوبات الدولية على س���ورية، ومعارضة‬
           ‫ً‬
‫التدخل العس���كري. فقد صرح وزير الخارجية الروس���ي س���يرغي الفروف مؤخ���را بأنه «ليس‬
‫لمصلحة أحد أن تُ رس���ل رس���ائل إلى المعارضة في سورية أو في أي مكان آخر مفادها أنكم‬
‫إذا رفضتهم جميع العروض المعقولة، فإننا س���نأتي ونساعدكم كما فعلنا في ليبيا». ومع‬
                                                                                    ‫ُ‬
‫أنه طرح اقتراح بأنه إذا أدانت جامعة الدول العربية بش���ار األس���د، فإن روسيا والصين يمكن‬
                      ‫ً‬
‫أن تقتنعا بدعم ش���كل ما من أش���كال التقريع والعقوبات، إال أن أيا من القوتين الشرقيتين‬
                                                               ‫ً‬
‫لم تُ بد استعدادا لالنضمام إلى قرار يصدر عن مجلس األمن (وفي الحقيقة، صعدت روسيا‬
         ‫َّ‬




‫مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية‬                                                              ‫4‬
‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية: تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬




                          ‫ً‬
‫بالذات موقفها العدائي منذ أن أصدرت الجامعة العربية قرارا بتعليق عضوية سورية وأقرت‬
‫عقوبات ضد النظام). وتدعي روس���يا، التي امتنعت عن التصويت على قرار مجلس األمن‬
                                                       ‫َّ‬
‫رق���م 3791، الذي س���مح بإقام���ة منطقة حظر للطيران ف���ي ليبيا، أن حل���ف الناتو عمد إلى‬
‫توس���يع نطاق صالحياته بشكل مفرط في ذلك النزاع وذلك بمواصلة عملياته حتى إسقاط‬
‫نظ���ام معم���ر القذافي. وف���ي محاولة للحيلولة دون وقوع تدخل عس���كري آخر في الش���رق‬
     ‫ُ‬
‫األوسط، ولضمان عقد بيع األسلحة المبرم مع نظام األسد بقيمة أربعة مليار دوالر، ذكر أن‬
‫حاملة الطائرات الروسية «األميرال كوزنيتسوف» والمدمرة «األميرال شبانتكو» وغواصتين‬
‫في طريقها اآلن إلى ميناء الالذقية مع ش���حنة دبابات. وال تزال روسيا االتحادية تُ زود نظام‬
       ‫ِّ‬
                                                                                   ‫األسد باألسلحة.‬


                    ‫ب) «االتحاد من أجل السالم»: الجمعية العامة لألمم المتحدة‬
‫إن أحد الطرق النظرية لتش���كيل رأس حربة لتدخل يأخذ صفة الش���رعية بدون قرار من مجلس‬
‫األمن يتمثل في أن تلجأ الجمعية العامة لألمم المتحدة إلى استخدام قرار «االتحاد من أجل‬
‫السالم» رقم ‪ ،377A‬وهو إجراء اتُ خذ لاللتفاف على الجمود المستحكم الذي واجهه مجلس‬
                                 ‫ً‬
‫األم���ن. إذ أن ق���رار «االتحاد من أجل الس���الم»، الذي ن���ادرا ما يتم اللج���وء إليه، وال يضمن‬
   ‫ُ‬
                                                              ‫ً‬
‫نجاح���ه، ق���د نج���ح فعال في ع���ام 0591 بموجب «خطة أشيس���ون» (على اس���م وزير خارجية‬
‫الوالي���ات المتحدة آنذاك دين أشيس���ون). وفي تلك الحالة اس���تُ خدم الق���رار كطريقة إلجازة‬
‫اس���تخدام «تدابير جماعية»، من بينها «استخدام القوة المسلحة» إبان الحرب الكورية، على‬
        ‫الرغم من استخدام االتحاد السوفياتي حق النقض بشكل مثابر في مجلس األمن.‬

‫ويمكن دعوة الجمعية العامة لألمم المتحدة إلى عقد دورة غير عادية وطارئة، إما بالتصويت‬
                                                                                 ‫ُ‬
‫اإلجرائ���ي في مجلس األم���ن أو بطلب من أغلبية الدول األعضاء في الجمعية العامة موجه‬
  ‫َّ‬
                                                                ‫إلى األمين العام لألمم المتحدة.‬

 ‫ً‬       ‫ً‬
‫وفي حال اعتماد قرار بش���أن س���ورية يجيز اس���تخدام القوة فإن ذلك س���يوفر مبررا قانونيا‬
                                                   ‫ُ‬
‫للتدخ���ل. َب ْي���د أن الصعوبة الرئيس���ية تكم���ن بالطبع في إقن���اع أغلبية ال���دول األعضاء في‬
‫الجمعي���ة العام���ة بدعم هذا القرار، وهي تبدو بعيدة المنال دون ممارس���ة الضغط لكس���ب‬
‫تأييد الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر اإلس���المي، الت���ي تضم 75 دولة عضو ذات أغلبية‬
                                                                           ‫مسلمة والدول العربية.‬

‫وثمة مس���تند آخر يمكن االس���تناد عليه للحصول على اس���تثناء من أحكام المادة (4) 2 من‬
‫ميثاق األمم المتحدة، ويتمثل في اللجوء إلى مبدأ الدفاع عن النفس المنصوص عليه في‬
‫الم���ادة 15، التي تقول: «ليس في هذا الميثاق م���ا يضعف أو َينتقص من الحق الطبيعي‬
                             ‫ُ‬
                                                                     ‫ُ‬
‫للدول – فرادى أو جماعات – في الدفاع عن نفسها إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء‬
      ‫األمم المتحدة». وثمة طريقتان يمكن بهما استخدام المادة 15 فيما يتعلق بسورية:‬

‫الطريق���ة األول���ى تتمث���ل في قيام ق���وى أجنبية بتقديم طل���ب تقول في���ه إن حملة القمع‬
     ‫ً‬     ‫ً‬
‫واالنتهاكات الجسيمة لحقوق اإلنسان التي يرتكبها النظام السوري تشكل خطرا فادحا على‬
‫السلم واالستقرار العالميين (من قبيل تصاعد أزمة الالجئين السوريين، أو وقوع البالد في‬




‫5‬                                                                         ‫دراسات المرحلة االنتقالية‬
‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية: تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬




‫حال���ة ح���رب أهلية بحكم األمر الواقع، إلخ). ومع قبول مبدأ أنه ليس في ذهن أية قوة تدخل‬
‫إلحاق أراض سورية بها وال السيطرة السياسية على الشعب السوري، فإن تلك القوة يمكن‬
                         ‫أن تتولى إرسال بعثة إنسانية للمحافظة على السالم واالستقرار.‬

 ‫ً‬
‫ومن الواضح أن تركيا هي الدولة التي تملك الموقع األقوى في هذا الشأن، ألنها تأوي حاليا‬
‫أكثر من 000,01 الجئ س���وري على حدودها، باإلضافة إلى فيلق القيادة الرئيسي للجيش‬
‫الس���وري الح���ر الذي يعتبر في حالة حرب مع نظام األس���د من الناحي���ة الواقعية. وباإلضافة‬
‫إلى ذلك، فإنه يمكن تفس���ير االعتداءات األخيرة على الس���فارة التركية في دمش���ق وعلى‬
 ‫ُّ‬
‫قنصليتيه���ا في كل من حل���ب والالذقية، أو الهجوم على قافل���ة الحافالت التي كانت تقل‬
‫الحجاج األتراك وهي في طريق عودتها من مكة، على أنها أفعال عدائية مدعومة من األسد‬
‫ض���د دول���ة مجاورة. إن مخاطر جر تركيا إلى نزاع إقليمي مرتفعة، مع أن من المرجح أن تطلب‬
                                                      ‫ِّ‬
                                                              ‫ً‬
‫الحكوم���ة التركية إجماعا من الدول الغربية والجامعة العربية، وتطلب الحصول على التزامات‬
‫سياس���ية ومادية قبل المضي في س���بيل التدخل. ولم تنخرط أنقرة حتى اآلن في أفعال‬
‫مباش���رة من عمليات «المعارضة الفعالة» التي من ش���أنها أن تُ هدد بقاء النظام في األجل‬
                                                                                          ‫القصير.‬

‫إن التندي���د القاس���ي م���ن جانب رئيس ال���وزراء التركي رج���ب طيب أردوغان بالرئيس األس���د‬
‫وباالنتهاكات الصارخة لحقوق اإلنس���ان التي تقترفها قواته األمنية، يعتبر إش���ارة مش���جعة‬
‫إلى أن بإمكان الحكومة التركية اتخاذ خطوات أخرى من ش���أنها أن تؤدي إلى تس���ريع العملية‬
                                   ‫االنتقالية من النظام الشمولي إلى النظام الديمقراطي.‬

‫وثمة اس���تراتيجية أخرى يمكن اس���تخدامها للجوء إلى المادة 15، وتتمثل في اعتراف الغرب‬
‫بالمجلس الوطني الس���وري كممثل ش���رعي ووحيد للش���عب الس���وري، ومن ثم يبادر هذا‬
                                    ‫ً‬
‫المجلس إلى طلب مس���اعدة عس���كرية دولية دفاعا عن النفس، والمحاججة بأن نظام األسد‬
‫يمث���ل قوة «غازية» غير ش���رعية. ويدعم القانون الدولي لحقوق اإلنس���ان هذا الخيار بحزم؛‬
‫إذ أن تمس���ك نظام األس���د بمبدأ الس���يادة ال يوفر له ذريعة القتراف الفظائع الجماعية ضد‬
‫الس���كان المدنيين، وال لحرمان المواطنين من حقوقهم اإلنس���انية األساس���ية المنصوص‬
‫عليها في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنس���ان. إن مبدأ «مس���ؤولية الحماية» ينطبق بوضوح‬
‫على هذه الحالة، ويمكن اس���تخدامه كأس���اس للتدخل الدولي، مثلما حدث في حالة التدخل‬
‫في ليبيا في عام 1102. كما أن قيام لجنة األمم المتحدة لحقوق اإلنسان بإصدار قرار يدين‬
   ‫ُ‬
              ‫ً‬
‫نظام األس���د على ارتكاب «الفظائع الرهيبة»، من ش���أنه أن يضف���ي مزيدا من المصداقية‬
                         ‫ُ‬
                                                                     ‫والشرعية على هذا المسار.‬




‫مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية‬                                                             ‫6‬
‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية: تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬




                                          ‫4. منطقة آمنة في سورية‬




                ‫منذ س���قوط العاصمة الليبية طرابلس، والسيما عقب القبض على معمر القذافي وقتله،‬
                ‫ازدادت الدع���وات داخل س���ورية إلى فرض «منطق���ة حظر للطيران». وتُ ظه���ر الصور بعض‬
                ‫النش���طاء وهم يرفعون الفت���ات يطالبون فيها بتحليق مقاتالت حلف الناتو فوق دمش���ق،‬
                ‫حت���ى أن ثمة ش���بكة تواصل اجتماعي تحمل اس���م «ناتو من أجل س���ورية». ومع ذلك فإن‬
                                          ‫ً‬       ‫ً‬
                ‫الدع���وة إل���ى ف���رض «منطقة حظر للطيران» تعني ضمنا ش���كال من أش���كال المس���اعدات‬
                ‫العسكرية الدولية، ولكنها ليست الشكل الذي ذكرناه بالضرورة. وحتى في الصحافة الغربية‬
                ‫نالحظ أن اإلش���ارات إلى منطقة حظر الطيران أو إل���ى «النموذج الليبي» تمر دون تمحيص‬
                           ‫ُّ‬
                ‫من حيث انطباقها على س���ورية، على الرغم من أن أي تدخل معقول أو ممكن في س���ورية‬
                                                ‫ِّ‬                                 ‫ً‬     ‫ً‬
                ‫سيكون «نسيجا فريدا من نوعه». إن تركيا ما انفكت تُ قلب األمر فيما يتعلق بإقامة «منطقة‬
                ‫عازلة» منذ عدة أش���هر، دون آثار ملموس���ة تُ ذكر. ومع ذلك فإذا كان تدخل تركيا في س���ورية‬
                                                                                          ‫ً‬     ‫ً‬
                ‫أمرا واردا، فإنه كان يجب أن يحدث في أواس���ط حزيران/يونيو، عندما فر نحو 000,01 الجئ‬
                                 ‫َّ‬
                ‫من جس���ر الش���غور إلى أنطاكيا، أو عقب وقوع هجمات على الس���فارة التركية في دمش���ق‬
                ‫والقنصليتي���ن التركيتين في كل من حلب والالذقية والحجاج األتراك في حمص. وقد أصبح‬
                                                                         ‫ْ ِ‬
                ‫من الواضح أن أنقرة لن تُ قدم على ش���ن عملية عس���كرية من طرف واحد ضد بلد مجاور كان‬
                                       ‫ٍ‬
                                  ‫ً‬     ‫ً‬          ‫ً‬      ‫ً‬
                ‫قبل أقل من عام يلقى كل اإلطراء لكونه شريكا تجاريا ودبلوماسيا عظيما. ولم يسبق لتركيا‬
                                                 ‫منفردة أن قامت بتدخل إنساني، وال يرجح أن تقوم به اآلن.‬
                                                                     ‫ُ‬

                                                                   ‫ً‬                    ‫ً‬
                                      ‫ولذا فإن تدخال متعدد األطراف مشابها «لعملية توفير الراحة»، سواء‬
      ‫في الوقت الراهن يتمثل‬           ‫بقيادة حلف الناتو، أو من قبل ائتالف بريطاني – أميركي – فرنس���ي‬
    ‫الخيار األكثر قابلية للتحقيق‬      ‫– تركي، من ش���أنه أن يش���كل الخي���ار الممكن للتدخل العس���كري في‬
                                                                                  ‫ُ‬
      ‫في إقامة «منطقة عازلة‬           ‫س���ورية. وفي الوقت الراهن يتمثل الخي���ار األكثر قابلية للتحقيق في‬
       ‫آمنة» في البالد لتوفير‬         ‫إقامة «منطقة عازلة آمنة» في البالد لتوفير ملجأ للمدنيين الفارين من‬
     ‫ملجأ للمدنيين الفارين من‬         ‫أتون القتال من مدن وبلدات أخرى، وقاعدة عمليات للقادة السياسيين‬
  ‫أتون القتال من مدن وبلدات‬           ‫المعينين للمعارضة الس���ورية كالمجلس الوطني، باإلضافة إلى مركز‬
                                                                                                ‫َّ‬
  ‫أخرى، وقاعدة عمليات للقادة‬          ‫للقي���ادة العس���كرية – وبعبارة أخرى إقام���ة «بنغازي س���ورية». وبدون‬
‫السياسيين المعينين للمعارضة‬
              ‫َّ‬                      ‫إقام���ة مثل هذا المركز لحكومة انتقالية، فإن المعارضة س���تجد أن من‬
   ‫السورية كالمجلس الوطني،‬            ‫الصعب للغاية صياغة اس���تراتيجية طويلة األجل ووضع تكتيكات قابلة‬
    ‫باإلضافة إلى مركز للقيادة‬         ‫للتكيي���ف لإلطاح���ة بالنظ���ام. إن وجود مكان متماس���ك لحري���ة التنقل‬
‫العسكرية – وبعبارة أخرى إقامة‬                                   ‫ً‬      ‫ً‬        ‫ً‬
                                      ‫داخل سورية يعتبر شرطا مس���بقا ضروريا لإلطاحة بالنظام، ولتسهيل‬
              ‫«بنغازي سورية»‬          ‫االتصال بين المجلس الوطني الس���وري والجيش الس���وري الحر، وبين‬
                                      ‫فصائ���ل المعارضة بوجه عام. كما أن المنطق���ة اآلمنة يمكن أن تؤوي‬
                                      ‫مديرية اتصاالت توفر اتصاالت السلكية مشفرة وال يمكن التشويش‬




                ‫7‬                                                                         ‫دراسات المرحلة االنتقالية‬
‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية: تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬




‫عليها أو تحديد مستخدمها، وإشارات بث عبر األقمار االصطناعية لبث برامج تلفزيون وإذاعة‬
                                                          ‫«سورية الحرة» إلى بقية أنحاء البالد.‬

‫وتتوفر في الوقت الراهن نافذة مفضلة لهذا الخيار. فقد ُأصيب الجيش النظامي باإلرهاق‬
‫نتيجة لنش���ر قواته لفترات طويلة في مناطق حضرية وريفية متعددة تمتد في س���ائر أنحاء‬
‫البالد. وتدهورت الروح المعنوية للقوات النظامية ووهنت قدرة النظام على المحافظة على‬
                                                                     ‫ً‬
‫«وحداته لوجس���تيا، باس���تثناء القوات الخاصة ومليشيات «الشبيحة». أما المخاطر المرتبطة‬
      ‫ً‬    ‫َّ‬
‫بأقوى الخيارات – أي حملة جوية مصحوبة بعملية برية صغيرة – فيمكن أن تخف جزئيا بفعل‬
 ‫ً‬
‫الضعف النس���بي للقوات النظامية والعتاد العسكري للرئيس األسد. إن إعطاء النظام وقتا‬
                                                                                ‫ً‬
‫إضافيا لتعزيز قواه واستكش���اف وس���ائل بديلة لتدعيم موارده، س���يزيد من مخاطر التدخل‬
                                                                                  ‫في المستقبل.‬

‫ومع أنه ال يمكن حساب اآلثار النفسية واالستراتيجية إلقامة منطقة عازلة، فإنه ينبغي عدم‬
‫اس���تبعادها وال التقليل من ش���أنها. إذ أن ارتفاع الروح المعنوية للنشطاء عندما يعلمون أن‬
                                                                                    ‫ً‬
‫جزءا من س���ورية قد تم تحريره بش���كل ال رجعة عنه أمر من المرجح أن يكتس���ب أهمية كبرى،‬
‫والس���يما في ضوء حقيقة أن النش���طاء مازالوا يقومون باحتجاجات يومية بعد تسعة أشهر‬
‫من مواجهة الوحش���ية واإلرهاب. وألسباب مماثلة من المرجح أن ترتفع معدالت االنشقاق‬
          ‫ً‬
‫العس���كري إذا اكتش���ف الجنود أن لديهم خيار التوجه إلى مقر قيادة الثورة، بدال من العيش‬
                           ‫ً‬
‫في المنفى في تركيا أو لبنان أو األردن (حيث ينتظرون مصيرا غير مؤكد). وألن سالح الجو‬
‫السوري قد يحاول القيام بطلعات قتالية ومنع إنشاء المنطقة اآلمنة، فإنه يمكن شن حملة‬
‫جوية استباقية بهدف تحييد أنظمة الدفاع الجوي للنظام، وخاصة في حلب والالذقية وفي‬
                                                                               ‫دمشق وما حولها.‬

‫وإذا أخذنا بعين االعتبار الديناميات على األرض، فإن أفضل موقع إلقامة منطقة آمنة عليه‬
‫سيكون في محافظة إدلب في بلدة جسر الشغور القريبة من الحدود التركية وشاطئ البحر‬
             ‫ً‬
‫المتوس���ط، وذلك ليس ألن أغلبية الجنود المنشقين موجودون هناك أصال فحسب، وإنما‬
‫ألن الدمار الذي أحدثه الغزو على عدة محاور لجسر الشغور في حزيران/يونيو الماضي، أدى‬
‫إلى تأجيج المش���اعر المعادية لألسد في هذه المحافظة. وباإلضافة إلى ذلك، فإن منطقة‬
           ‫ً‬
‫جس���ر الش���غور محصورة بين سلس���لة جبال، مع منطقة الوادي التي تمتد شماال إلى تركيا‬
                                                                            ‫ً‬
‫وجنوبا إلى باقي أنحاء س���ورية، مما يجعل ش���ن هجمات أرضية من قبل النظام من الشرق‬
‫أو الغرب مهمة صعبة (وهذا أحد أس���باب اس���تخدام الطائرات المروحية في حزيران/يونيو).‬
‫كما أن إنشاء ممر لإلمدادات من تركيا إلى جسر الشغور من شأنه أن يستفيد من التحصين‬
                                                                ‫الطبيعي للطبوغرافيا السورية.‬

‫ويمكن ش���ن ضرب���ات جوية من قبل الطائ���رات األمريكية والبريطانية والفرنس���ية والتركية،‬
    ‫ً‬
‫م���ع طائرات إس���ناد من اإلمارات العربي���ة المتحدة وقطر واألردن، التي ش���اركت جميعا في‬
‫تنفيذ منطقة حظر الطيران في ليبيا. ويمكن للقوات األمريكية الخاصة وسالح الجو الخاص‬
‫والقوات الخاصة التركية والقطرية أن تنس���ق على األرض مع الجنود الس���وريين المتمردين‬
                                      ‫ً‬     ‫ً‬
‫بهدف إقامة منطقة يبلغ محيطها 11 كيلومترا مربعا حول جس���ر الش���غور. كما يمكن تدريب‬




‫مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية‬                                                          ‫8‬
‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية: تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬




                                     ‫المنش���قين اإلضافيين في قاعدة انجرليك الجوية وغيرها من القواعد‬
     ‫ً‬
    ‫إن خلق منطقة محمية دوليا‬            ‫اإلقليمية، أو في قاعدة مؤقتة للثوار في المنطقة اآلمنة نفسها.‬
‫على أراض مقتطعة من سورية‬
                                     ‫ويعتبر الضع���ف المؤكد ألنظمة الدفاع الجوي الس���ورية أحد العوامل‬
             ‫ً‬
 ‫يعتبر بالفعل شكال من أشكال‬
                                     ‫التي تش���جع على ش���ن حملة جوية في البداية لضمان إقامة منطقة‬
               ‫التدخل العسكري‬
                                                                               ‫َّ‬
                                     ‫آمن���ة. فف���ي عام 7002 تمكن س���الح الجو اإلس���رائيلي بس���هولة من‬
                                             ‫ً‬
                                     ‫قصف المنش���أة النووية السورية في موقع الكبر، وذلك أوال بتجميد‬
               ‫رادارات النظ���ام الس���وري، بحي���ث يبدو أنه ال توج���د أية طائرات في الس���ماء، ومن ثم خلق‬
               ‫إش���ارات «وهمية» لمئ���ات الطائرات التي تظهر في كل مكان من المجال الجوي الس���وري،‬
               ‫ول���دى الوالي���ات المتحدة تقنية مش���ابهة. باختص���ار، يمكن القول أن حمل���ة جوية بدعم من‬
               ‫ع���دة دول وتنس���يق مع الوحدات المتم���ردة على األرض يمكن أن تكون حاس���مة من الناحية‬
               ‫االس���تراتيجية، في الوقت الذي تتحقق فيه األهداف األمنية األمريكية والغربية واإلقليمية‬
                           ‫– بما فيها الرغبة المعلنة لدى زعماء عرب وغربيين في رؤية رحيل بشار األسد.‬

               ‫وكما كانت الحال في «عملية توفير الراحة»، يمكن تنسيق الجوانب اللوجستية للهجوم الجوي‬
               ‫من قاعدة إنجرليك الجوية، وهي القاعدة الرئيسية لحلف الناتو في المنطقة الجنوبية، التي‬
                                             ‫ً‬          ‫ً‬              ‫ً‬                        ‫ً‬
               ‫ت���أوي حاليا أكثر م���ن 161,1 أمريكيا و 512 بريطانيا و 14 تركيا، والتي اس���تخدمتها الواليات‬
               ‫المتحدة في إدارة المهمات الحربية في العراق. ويضاف إلى ذلك أن األس���طول الس���ادس‬
               ‫األمريكي متمرك���ز في نابولي بإيطاليا، وأن القاعدتي���ن البريطانيتين في أكروتيري وديكليا‬
               ‫ف���ي قبرص تملكان ق���درات أكثر من كافية لتنفيذ حصار بحري على س���ورية، مع مجابهة أية‬
               ‫هجمات بحرية س���ورية (على الرغم من تموضع روس���يا في البحر األبيض المتوس���ط، فإن‬
               ‫احتماالت اشتباك الروس مع القطع البحرية األمريكية والبريطانية في قتال مباشر ضعيفة‬
                                                                                                          ‫للغاية).‬

                         ‫ً‬                                          ‫ً‬
               ‫إن خلق منطقة محمية دوليا على أراض مقتطعة من سورية يعتبر بالفعل شكال من أشكال‬
               ‫التدخل العس���كري. ولذا فإن عملية خلق منطقة عازلة أو منطقة مقتطعة ونجاحها ينبغي أن‬
                                                                      ‫ً‬         ‫ً‬
               ‫تش���مل مش���اركين عربا أو أتراكا لغايات اكتساب الش���رعية (بنفس الطريقة التي كانت فيها‬
                                                                                     ‫ً‬
               ‫المخاب���رات القطري���ة جزءا م���ن التدخل في ليبيا)، ولكنه���ا تحتاج إلى الخب���رات التقنية ودرجة‬
                                                    ‫التطور والخبرات التي تتمتع بها القوى الغربية الرئيسية.‬




               ‫9‬                                                                         ‫دراسات المرحلة االنتقالية‬
‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية: تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬




                        ‫5. القدرات العسكرية للنظام‬




‫ملحوظة: البيانات التالية هي عبارة عن تقديرات تستند إلى مصادر متنوعة، من بينها معهد‬
‫دراس���ات األم���ن القومي ومكتبة الكونغرس األمريكي. وربما تك���ون هذه البيانات قد تغيرت‬
                                                                  ‫منذ اندالع االنتفاضة السورية.‬


                                                                                           ‫أ) األعداد‬
‫يق���در عدد أفراد الجيش الس���وري بنحو 000,403 جندي ف���ي الخدمة، مع قوة احتياطية تُ قدر‬
                                                                                       ‫ُ‬
‫بنحو 005,054 فرد. وثمة أدلة ذات مصداقية تش���ير إلى أن النظام لم يتمكن من اس���تدعاء‬
‫أكثر من 06 بالمئة من االحتياطي، وأن وحدات الجيش السوري النظامية التي نُ شرت لقمع‬
‫االحتجاج���ات غير المس���لحة تواج���ه ال محالة انش���قاقات ضخمة. ومع أن ه���ذه األرقام مبالغ‬
‫فيه���ا وال تعكس ق���وة النظام الحقيقية ف���إن األهم من مجموع عدد أف���راد الجيش هو عدد‬
                                                      ‫ً‬
‫الق���وات األرضية المش���اركة حاليا في المجازر وفي قمع الش���عب الس���وري. وتُ قدر مصادر‬
        ‫ِّ‬
                                        ‫داخلية موثوق بها أن العدد ال يتجاوز 000,001 جندي.‬

‫وف���ي الوق���ت الحاضر يعتمد النظام إل���ى حد كبير على الفرقة المدرع���ة الرابعة والمقاتلين‬
‫«الشبيحة» و 71 جهاز مخابرات والحرس الجمهوري. وهذه الوحدات مسؤولة عن حصار درعا‬
‫وحماة ودير الزور وجسر الشغور وحمص. وطريق مواصالتها هو الطريق السريع الذي يربط‬
‫س���ورية من شمالها إلى جنوبها، ومن يسيطر على هذا الطريق السريع يستطيع السيطرة‬
                                     ‫ُ‬   ‫َ ُ َ‬
                                                                                          ‫على البالد.‬

 ‫ً‬                   ‫ً‬
‫وع���الوة على ذل���ك، فإن عدد القوات االحتياطية الس���ورية المذكورة آنفا ربم���ا يكون مبالغا‬
                                 ‫ً‬
‫في���ه، وال تعك���س الجاهزية والقدرات القتالية بدقة. وعادة ما يحس���ب أفراد االحتياطي كجزء‬
                           ‫ُ‬
                         ‫ً‬
‫م���ن ق���وة الجيش النظامي���ة، حيث يتم تدريبهم كم���ا لو كانوا جزءا من���ه. ويكون لدى الجيش‬
‫االحتياط���ي ع���ادة قواعدهم وإمداداته���م ومعداتهم الخاصة وتسلس���لهم القيادي الخاص.‬
‫وعادة ما يتم اس���تدعاؤهم للتمرينات العس���كرية الدورية حتى يكونوا على كامل االستعداد‬
‫الحتمال اس���تدعائهم في حاالت الطوارئ الوطنية. بيد أن أفراد االحتياطي في س���ورية ال‬
‫يخضع���ون لمثل ه���ذا االنضباط أو الصرامة، ول���ذا يعتبرون غير أكفاء في أحس���ن األحوال،‬
                    ‫وعديمي الفائدة في المعارك العسكرية التقليدية في أسوأ األحوال.‬

‫كما أن النظام عرقل نفسه منذ بدء االنتفاضة بتشككه في تماسك جنود جيشه النظاميين،‬
‫وإيكال مهمة دخول المناطق الحضرية ومحاصرتها إلى الموالين العنيدين. ومن المتوقع أن‬
                                                                            ‫َّ‬
‫يلتف بعض هؤالء الموالين – إن لم يكن جميعهم – حول النظام في حالة التدخل األجنبي.‬
                                                                       ‫ً‬
‫ولكن استنادا إلى معدالت االنشقاق خالل الفترة السابقة التي اتسمت بالمخاطرة الفائقة،‬
                                           ‫فإن من المرجح أال تكون القوة الملتفة حوله كبيرة.‬




‫مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية‬                                                                ‫01‬
‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية: تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬




‫وإذا واج���ه الجن���ود النظاميون الذي���ن أصابهم اإلره���اق وتدنَّ ت روحه���م المعنوية مثل هذا‬
‫االحتمال، وتصوروا حتمية سقوط النظام، فإن فرص وقوع انشقاقات جماعية تصبح كبيرة.‬
‫كم���ا أن إغ���راء وجود منطقة آمنة داخ���ل البالد، يمك���ن أن يلجأ إليها جن���ود الجيش النظامي‬
                                                                ‫واالحتياطي سيجذب المتمردين.‬


                                                                                     ‫ب) األسلحة‬
‫إن معظم صواريخ أرض-جو التي يملكها النظام هي سوفياتية الصنع من طراز ،57-‪S-25، S‬‬
                                                  ‫ً‬
‫004-‪ ،S-125، S-200، S‬وهي جميعا متواجدة في الشريط الغربي من البالد لحراسته من أي‬
                      ‫ً‬
‫هجوم إسرائيلي، والجزء الشرقي من البالد يكاد يكون غير محروس كليا بدفاعات جوية. كما أن‬
‫ثمة ثالث مجموعات من صواريخ «كوب» من طراز 21‪ 2k‬متمركزة في دمشق وحولها وعلى‬
‫حدود مرتفعات الجوالن وفي حمص وحماة. وتعتبر حلب أقصى منطقة في شمال سورية‬
         ‫توجد فيها أنظمة دفاع جوي، حيث تتموضع فيها صواريخ من طراز 057-‪ S‬و 521-‪.S‬‬

‫ويعتق���د أن الق���وات الجوية الس���ورية تمل���ك من 753 إل���ى 116 طائرة مقاتلة/اس���تطالع/‬
                                                                                         ‫ُ‬
‫عملي���ات، وتض���م طائرات ميغ – 92 (فولك���روم)، وميغ – 52 (فوكس���بات) وميغ – 32 /‪ML‬‬
‫‪( MF‬القديم���ة). كم���ا تملك القوات الجوية من 07 إلى 48 طائ���رة ذات أجنحة دوارة، إما من‬
‫طراز ‪ ،Mi-25 Hind‬أو ‪ .SA-342Gazelk‬وحتى اآلن لم يقم النظام الس���وري بنش���ر طائرات‬
‫ذات أجنحة ثابتة الس���تخدامها ض���د المحتجين المدنيين، ولكنه اس���تخدم الطائرات المروحية‬
                                   ‫الهجومية في بعض الحاالت، وخاصة في محافظة إدلب.‬

                                                                                ‫ً‬
‫ووفقا لخبراء عس���كريين س���وريين، فإن عدد وحدات القوات الجوية السورية مبالغ فيه، بل‬
          ‫ً‬                                                                      ‫ّ‬
‫إن س���جل الق���درات القتالية للوحدات في أي مس���رح عمليات تقليدي يجعله���ا عبئا أكثر مما‬
‫هي س���ند. ويفتقر س���الح الجو إلى الصيانة المنتظمة لألجهزة وإلى األفراد المدربين على‬
‫تش���غيل تلك األجهزة، ويعاني من س���وء اإلدارة المتفشي في هيكل القيادة، وذلك يعود‬
‫بش���كل رئيس���ي إلى نظام المحاباة الذي تتم في ظله التعيينات في المناصب المهمة. إذ‬
‫أن األفضلية للموالين لعائلة األس���د بغض النظر عن خبراتهم ومواهبهم (كان حافظ األسد‬
‫قد بدأ حياته المهنية في س���الح الجو، واس���تمرت سيطرة االبن على هذا الجناح من الجيش‬
‫منذ ذلك الحين). وباختصار، فإن جميع المؤش���رات تدل على أن سالح الجو السوري سينهار‬
                                          ‫أمام الضربات الغربية األولى لبنيته التحتية وأفراده.‬

                                       ‫ً‬
‫أما سالح البحرية السوري فهو محدود نسبيا في حجمه ونطاقه، حيث يملك ما مجموعه 92‬
‫قطعة بحرية، معظمها قوارب إطالق صواريخ س���وفياتية الصنع من طراز ‪.MFPB-OssaI/II‬‬
‫وال تملك س���ورية أية حامالت طائرات أو مدمرات أو غواصات. وتقع قواعدها البحرية في‬
‫الالذقية وطرطوس وميناء البيضاء. كما أن نظام الدفاع الساحلي محدود، حيث يملك سالح‬
‫البحرية الس���وري أب���راج ‪ ،Yakhont/Bastion‬م���ن ن���وع (008-‪ ،C-802, SSC-5 )p‬وصواريخ‬
                                          ‫‪ ،SSC-1BS‬وسكود ‪ B/C/D‬لحراسة الساحل السوري.‬

‫أما القواعد الجوية العس���كرية الس���ورية فهي موزعة في أنحاء البالد، في عفيس والقصير‬
‫والناصرية والس���ويداء ودمير وحماه وجراح وخلخلة ومرج السلطان ومرج الرحيل وقبر الست‬
                                                                        ‫وصيقل وشيرات وتياس.‬



‫11‬                                                                       ‫دراسات المرحلة االنتقالية‬
‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية: تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬




                                   ‫6. مخاطر التدخل‬




‫إن كل حملة عس���كرية تنطوي على مخاطر، إضافة إلى التس���بب بوقوع خسائر في صفوف‬
‫المدنيين. ولكن مخاطر التدخل في دولة ذات أهمية اس���تراتيجية كبرى في الش���رق األوسط‬
‫كسورية أكبر من ذلك. فتهديدات النظام بإشعال حرب إقليمية، أو خلق «أفغانستان أخرى»‬
‫على حد تعبير األسد، ليست مجرد جعجعة تهدف إلى منع التدخل، وإنما تعكس سيناريوهات‬
‫معقولة لزعزعة االستقرار اإلقليمي من خالل استخدام أسلحة تقليدية أو إرهابيين بالوكالة،‬
                           ‫باإلضافة إلى زيادة األنشطة اإلجرامية والمتطرفة داخل سورية.‬


                                                                                          ‫أ) حزب الله‬
‫وردت أنباء عن تزويد س���ورية لحزب الله ما ال يقل عن ثمانية صواريخ س���كود ‪ ،D‬مداها 007‬
‫كيلومت���ر، ويمك���ن إطالقها على أي ه���دف على األرض كجزء من عملي���ة تهدف إلى حماية‬
‫نظ���ام األس���د من الخل���ف. وتصيب هذه الصواري���خ أهدافها بدقة ضمن عش���رة أمتار، وإذا‬
‫ُأطلق���ت من ش���مال لبن���ان، فإنها يمكن أن تضرب بس���هولة أي جزء من إس���رائيل أو األردن‬
‫وأجزاء كبيرة من تركيا. ومع أن حزب الله بدأ التخطيط لمرحلة ما بعد رحيل األسد، فإنه ينبغي‬
‫عدم استبعاد قدرته على شن حرب بالوكالة وعدم إهمال حوافزه لشنها – إما بناء على طلب‬
‫دمش���ق أو طهران. وإن الروابط االستراتيجية التي تمتد من طهران عبر بيروت إلى دمشق،‬
‫ربم���ا ت���ؤدي إلى رد غير متناظر من جانب حزب الله، بتنظيم وتوجيه من نظام األس���د وفيلق‬
                                                          ‫القدس التابع للحرس الثوري اإليراني.‬

‫وال يحتاج حزب الله إلى إطالق صواريخ، فالحدود الس���ورية – اللبنانية سهلة العبور بالنسبة‬
‫للمقاتلين الذين يدخلون س���ورية ويخرجون منه���ا. واألنباء التي تتحدث عن اختطاف الجئين‬
‫سوريين في وضح النهار في شوارع بيروت على أيدي قوات األمن السورية، التي تتسلل‬
      ‫بسهولة عائدة إلى سورية تعني أن لبنان يخاطر باالنغماس في نزاع عسكري ثانوي.‬

‫بيد أن حزب الله ليس في وضع – من الناحية السياس���ية أو العسكرية‬
‫– يؤهل���ه لش���ن حرب تقليدية ض���د جيش تدخل غرب���ي. فالحزب يواجه‬                  ‫حزب الله ليس في وضع – من‬
                                                          ‫ً‬
‫ضغوط���ا دولية متزايدة لحمله على تس���ليم أربعة من أفراده اتهمتهم‬                    ‫الناحية السياسية أو العسكرية‬
‫المحكم���ة الخاص���ة بلبنان بالضل���وع في عملي���ة اغتيال رئي���س الوزراء‬              ‫– يؤهله لشن حرب تقليدية‬
‫اللبناني األسبق رفيق الحريري في عام 5002. كما أن الحزب لن يضحي‬
   ‫ُ‬                                                                                        ‫ضد جيش تدخل غربي‬
          ‫ً‬     ‫ً‬
‫بوضعه في الحكومة اللبنانية الحالية حتى يصبح جيش���ا خلفيا لألس���د‬
‫من الناحية الفعلية. بل من المرجح أن يقتصر دوره على ش���ن عمليات‬
‫إرهابي���ة أو مس���اعدة النظام في إدخال مقاتلين لبنانيين أو إرس���ال قناص���ة يتمركزون على‬
‫أس���طح المباني إلطالق النار على جنود الجيش النظاميين الذين يرفضون إطالق الرصاص‬




‫مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية‬                                                                ‫21‬
‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية: تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬




              ‫على المدنيين العزَّ ل. ولهذا الس���بب، فإن الحدود اللبنانية – الس���ورية س���تكون بحاجة إلى‬
              ‫حراس���ة، على األرجح من قبل كتائب من الجنود الس���وريين المتمردين، وتقديم مس���اعدات‬
                                                                  ‫لوجستية لهم من قبل االستخبارات الغربية.‬


                                                                                       ‫ب) الجماعات الجهادية‬
                                 ‫ً‬                                                               ‫ً‬
              ‫وفقا للس���فير األمريكي روبرت فورد، فإن عدد الجهاديين العاملين حاليا داخل س���ورية يعد‬
                ‫ُ‬
              ‫بالعش���رات وليس بالمئات. بيد أنه مع االنس���حاب الوش���يك للقوات األمريكية من العراق،‬
               ‫ٌ‬
              ‫الذي بدأ ومن المقرر أن يستكمل قبل 13 كانون األول/ديسمبر 1102، فإن الفرصة حقيقية‬
                                                                     ‫ُ‬
              ‫أمام تنظيم القاعدة في بالد الرافدين أو غيره من الجماعات الجهادية الس���تغالل النزاع في‬
              ‫س���ورية، وخاصة مع وجود مش���اركين غربيين في النزاع. إن رعاية الجماعات اإلرهابية العابرة‬
                                            ‫للجنسيات ما فتئت تشكل أداة موثوقة لقوات األمن السورية.‬

              ‫وق���د أثب���ت النظام في الماضي أنه مس���تعد بدهاء لعقد تحالف���ات مصلحية مع عناصر من‬
              ‫تنظيم القاعدة ممن كانوا ينشطون عبر الحدود مع العراق. ومن المرجح أن توفر االستخبارات‬
                                     ‫ُ‬
              ‫العس���كرية السورية المنصة الضرورية والتش���جيع لمثل هؤالء العناصر، إما كإجراء انتقامي‬
              ‫أو م���ن أجل تدعيم الرواية الدعائية للنظام الت���ي تقول بأنه يقاتل العناصر المتطرفة وليس‬
              ‫الث���ورة الش���عبية. ويقوم النظام بتعزي���ز قدراته على زعزعة اس���تقرار المنطقة، في الوقت‬
              ‫الذي يرعى فيه بال اكتراث الجماعات اإلرهابية العابرة للجنس���يات، كأس���لوب البتزاز المجتمع‬
                                                                       ‫الدولي ومنعه من اتخاذ إجراءات حازمة.‬

              ‫وهناك خطر آخر يمثله تنظيم «أنصار اإلس���الم»، وهو جماعة جهادية محلية كان قد أرس���لها‬
              ‫النظ���ام الس���وري إلى الع���راق لقتل قوات التحالف في أواس���ط العش���رية األولى من هذا‬
              ‫القرن. وعلى غرار ما فعل صدام حسين في خطة «تموز المبارك»، التي هدفت إلى إطالق‬
              ‫العنان لموجة من الهجمات اإلرهابية ضد األهداف الغربية في حالة وقوع تدخل دولي في‬
              ‫العراق، فإن أنصار اإلس���الم – المدعومين من قبل عناصر االستخبارات العسكرية السورية‬
              ‫– يمكن تفعيلهم للقيام بعمليات تفجير انتحارية أو هجمات بالمتفجرات المحلية الصنع ضد‬
                                 ‫القوات المتمردة داخل سورية واألهداف الغربية في الخارج على السواء.‬

              ‫بي���د أن العالق���ة المصلحية الطويلة بين المخابرات الخاصة لألس���د والجماعات التي تنتمي‬
              ‫إلى تنظيم القاعدة إنما يؤكد على ضرورة االس���تراتيجية لإلطاحة بنظام ديكتاتوري يستخدم‬
                                                                                                      ‫ً‬
                                                                                      ‫اإلرهاب أداة إلدارة الدولة.‬

   ‫ينبغي أال يكون لحزب الله‬         ‫وينبغي أال يكون لحزب الله أو الجماعات الجهادية أي تأثير على العملية‬
     ‫أو الجماعات الجهادية أي‬        ‫العس���كرية الرامية إلى خلق منطقة آمنة داخل سورية، مجاورة للحدود‬
 ‫تأثير على العملية العسكرية‬         ‫الش���مالية الغربي���ة لتركيا. ولك���ن الخطر الذي يمثله ه���ؤالء يكمن في‬
‫الرامية إلى خلق منطقة آمنة‬          ‫المراح���ل النهائية لس���قوط النظام، عندما يحاولون منع بس���ط القانون‬
‫داخل سورية، مجاورة للحدود‬           ‫والنظام من قبل س���لطة انتقالية. ومرة أخ���رى، لننظر إلى الدمار الذي‬
       ‫الشمالية الغربية لتركيا‬      ‫أحدثه تنظيم القاعدة والعصابات اإلرهابية في العراق عقب الغزو الذي‬
                                                              ‫قادته الواليات المتحدة لإلطاحة بصدام حسين.‬




              ‫31‬                                                                        ‫دراسات المرحلة االنتقالية‬
‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية: تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬




                                                                   ‫ج) إطالق سراح المجرمين‬
‫من الس���يناريوهات المحتملة سيناريو «يوم القيامة»، حيث يعمد النظام إلى إطالق سراح‬
‫الس���جناء الجنائيين (القتل���ة والمغتصبين والمهربين وتجار المخ���درات واللصوص). من أجل‬
                      ‫ّ‬
‫إشاعة الدمار والفوضى بين السكان في فترة ما بعد التحرير، بطريقة تذكرنا بالمكائد النهائية‬
‫لصدام حس���ين في العراق. وثمة أنباء – يبدو أنها معقولة – تش���ير إلى أنه تم إطالق سراح‬
                                                                  ‫ً‬
‫هؤالء العناصر فعال، مع أن مدى وحش���يتهم، بالمقارنة مع الوحش���ية التي مارستها قوات‬
‫األمن وفرق الموت «الش���بيحة» التابعة للنظام ضد الش���عب السوري، لم تتضح بعد. وقد‬
                    ‫ً‬
‫يرى السوريون في اغتصاب األوالد الصغار أمام عيون آبائهم دليال على وجود المهووسين‬
                                                                       ‫في صفوف تلك القوات.‬


                                                                                 ‫د) إيران والعراق‬
‫تظ���ل إيران الحلي���ف اإلقليمي القوي الوحيد لنظام األس���د. وتش���ير مصادر االس���تخبارات‬
‫الغربية – ناهيك عن العقوبات الغربية – إلى أن فيلق القدس التابع للحرس الثوري اإليراني‬
‫ما انفك يقدم المش���ورة لنظام األس���د فيما يتعلق بأس���لوب القمع منذ اندالع االنتفاضة‬
                                                                            ‫ِّ‬
‫السورية. وفي العراق نفذ فيلق القدس التابع للحرس الثوري اإليراني هجمات ضد القوات‬
‫األمريكية في العراق، باإلضافة إلى إرس���ال األس���لحة إلى المقاتلين المنضوين تحت لواء‬
                                                                                 ‫التنظيمات هناك.‬

                                                             ‫ً‬
‫وثمة عالمات مشجعة قليال على أن الحكومة العراقية تتخذ التدابير المضادة المالئمة لحفظ‬
‫األمن على حدودها مع سورية، إذ لم تنضم إلى مبادرة الجامعة العربية األوسع إلدانة نظام‬
                                ‫َّ‬
‫األسد وفرض عقوبات عليه. وفي محافظة األنبار، تشكل «فصيل األنبار» إلظهار التضامن‬
‫مع الثورة الس���ورية ومنع قدوم المقاتلين الش���يعة إلى سورية لمساعدة النظام في حملة‬
‫القمع. ويتعين على واشنطن أن تستخدم كل ما تبقى لها من نفوذ لدى الحكومة العراقية‬
‫من أجل تأمين الحدود في حالة وقوع تدخل عس���كري في س���ورية. إن النفوذ اإليراني في‬
‫بغداد المختَ لف بشأنه، واحتدام الصراع الطائفي في العراق نفسه، يعنيان أن أي زجر لنظام‬
‫األس���د سيفس���ر على أنه استفزاز سني ضد حليف ش���يعي. بيد أن البديل ال يشكل زعزعة‬
                                                                      ‫ُ َّ‬
                      ‫ً‬                         ‫ً‬
 ‫الستقرار سورية فحسب، وإنما تجديدا لنزاع استغرق احتواؤه عقدا من الزمن في العراق.‬

                                     ‫ً‬
‫وم���ا كش���فت وزارة العدل األمريكية النقاب عنه أخيرا بش���أن وجود مؤام���رة من قبل الحرس‬
‫الث���وري اإليراني تهدف إلى اغتيال س���فير الس���عودية ف���ي الواليات المتحدة – بواس���طة‬
‫كارتل مكس���يكي لتهريب المخدرات – يظهر أن إيران تزداد جرأة في محاوالت ضرب أهداف‬
                                            ‫ُ‬
‫غربية. وم���ن هنا ينبغي توقع قيام فيلق القدس التابع للحرس الثوري‬
‫اإليراني بدور هدام في حالة التدخل في س���ورية، إما بش���ن وتنسيق‬
                                                                                        ‫مهما كان تدخل إيران حاد ًا،‬
‫هجمات ضد القوات المتمردة داخل البالد، أو بالتخطيط لش���ن هجمات‬
                                                                                      ‫فإن من غير المرجح أن يغامر‬
         ‫إرهابية في الخارج ضد مواطني القوى المتدخلة، أو كليهما.‬
                                                                                    ‫آيات الله بتدخل عسكري مباشر‬
‫والتحال���ف بين حزب الله وفيل���ق القدس التابع للحرس الثوري والرئيس‬                                      ‫في سورية‬
‫األس���د يش���ير بقوة إلى أن إضعاف وإس���قاط نظام األس���د يمكن أن‬




‫مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية‬                                                              ‫41‬
إقامة المنطقة الآمنة في سورية تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر
إقامة المنطقة الآمنة في سورية تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر
إقامة المنطقة الآمنة في سورية تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر
إقامة المنطقة الآمنة في سورية تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر
إقامة المنطقة الآمنة في سورية تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر
إقامة المنطقة الآمنة في سورية تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر

Más contenido relacionado

Similar a إقامة المنطقة الآمنة في سورية تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر

التغطية الاعلامية للنظام القضائي و المجلس العسكري في مصر
التغطية الاعلامية للنظام القضائي و المجلس  العسكري في مصرالتغطية الاعلامية للنظام القضائي و المجلس  العسكري في مصر
التغطية الاعلامية للنظام القضائي و المجلس العسكري في مصرmarsed kadha
 
التحالف ضد الإرهاب والتدخل العسكري استنتاجات سياسية أولية 1
التحالف ضد الإرهاب والتدخل العسكري استنتاجات سياسية أولية 1التحالف ضد الإرهاب والتدخل العسكري استنتاجات سياسية أولية 1
التحالف ضد الإرهاب والتدخل العسكري استنتاجات سياسية أولية 1Firas Husseini
 
أصبح الفساد فى سورية لا يعدو عن كونة مجرد ظاهرة بل أسلوب للحياة يتحكم فى معظم...
أصبح الفساد فى سورية لا يعدو عن كونة مجرد ظاهرة بل أسلوب للحياة يتحكم فى معظم...أصبح الفساد فى سورية لا يعدو عن كونة مجرد ظاهرة بل أسلوب للحياة يتحكم فى معظم...
أصبح الفساد فى سورية لا يعدو عن كونة مجرد ظاهرة بل أسلوب للحياة يتحكم فى معظم...تيشوري عبد الرحمن
 
مشروع قانون العدالة الانتقالية و المصالحة الوطنية اليمني لسنة 2012
 مشروع قانون العدالة الانتقالية و المصالحة الوطنية  اليمني لسنة 2012  مشروع قانون العدالة الانتقالية و المصالحة الوطنية  اليمني لسنة 2012
مشروع قانون العدالة الانتقالية و المصالحة الوطنية اليمني لسنة 2012 marsed kadha
 
نوفمبر 1981 :: خطاب الرئيس محمد حسني مبارك في الاجتماع المشترك لمجلسي الشعب و...
نوفمبر 1981 :: خطاب الرئيس محمد حسني مبارك في الاجتماع المشترك لمجلسي الشعب و...نوفمبر 1981 :: خطاب الرئيس محمد حسني مبارك في الاجتماع المشترك لمجلسي الشعب و...
نوفمبر 1981 :: خطاب الرئيس محمد حسني مبارك في الاجتماع المشترك لمجلسي الشعب و...MubarakTV
 
كلمة الأستاذ حازم القصوري في المؤتمر الدبلوماسي للأمم المتحدة
كلمة الأستاذ حازم القصوري في المؤتمر الدبلوماسي للأمم المتحدةكلمة الأستاذ حازم القصوري في المؤتمر الدبلوماسي للأمم المتحدة
كلمة الأستاذ حازم القصوري في المؤتمر الدبلوماسي للأمم المتحدةHazem Ksouri
 
Étude: Pensée sociale et résonances avec l'extrémisme violent
 Étude: Pensée sociale et résonances avec l'extrémisme violent Étude: Pensée sociale et résonances avec l'extrémisme violent
Étude: Pensée sociale et résonances avec l'extrémisme violentJamaity
 
برنامج عمل الحكومة التونسية لسنة 2012
برنامج عمل الحكومة التونسية لسنة 2012برنامج عمل الحكومة التونسية لسنة 2012
برنامج عمل الحكومة التونسية لسنة 2012marsed kadha
 
Programme du gouvernement
Programme du gouvernement Programme du gouvernement
Programme du gouvernement hackaa
 
PLAN ÉCONOMIQUE ET SOCIAL DU GOUVERNEMENT (MARS 2012)
PLAN ÉCONOMIQUE ET SOCIAL DU GOUVERNEMENT (MARS 2012)PLAN ÉCONOMIQUE ET SOCIAL DU GOUVERNEMENT (MARS 2012)
PLAN ÉCONOMIQUE ET SOCIAL DU GOUVERNEMENT (MARS 2012)Abderraouf Abdeslem
 
Hr pub-13-05 arالعدالة الانتقالية
Hr pub-13-05 arالعدالة الانتقاليةHr pub-13-05 arالعدالة الانتقالية
Hr pub-13-05 arالعدالة الانتقاليةAyad Haris Beden
 
الاقتصاد السوري – المشكلات والحلول دكتور عارف دليلة
الاقتصاد السوري – المشكلات والحلول دكتور عارف دليلةالاقتصاد السوري – المشكلات والحلول دكتور عارف دليلة
الاقتصاد السوري – المشكلات والحلول دكتور عارف دليلةShamKarama
 
تقرير تأليفي نهائي للندوة الدولية حول قانون المصادرة المدنية كالية لمكافحة ال...
تقرير تأليفي نهائي للندوة الدولية حول قانون المصادرة المدنية كالية لمكافحة ال...تقرير تأليفي نهائي للندوة الدولية حول قانون المصادرة المدنية كالية لمكافحة ال...
تقرير تأليفي نهائي للندوة الدولية حول قانون المصادرة المدنية كالية لمكافحة ال...Ministère des Domaines de l'Etat et des Affaires Foncières
 
Initiative-UGTT-dialogue
Initiative-UGTT-dialogueInitiative-UGTT-dialogue
Initiative-UGTT-dialogueChokri Lajmi
 
Mfhm sysyh28122012
Mfhm sysyh28122012Mfhm sysyh28122012
Mfhm sysyh28122012Is Wondo
 
أنماط الاتجار بالبشر في المنطقة العربية
أنماط الاتجار بالبشر في المنطقة العربيةأنماط الاتجار بالبشر في المنطقة العربية
أنماط الاتجار بالبشر في المنطقة العربيةFiras Dabbagh
 

Similar a إقامة المنطقة الآمنة في سورية تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر (20)

التغطية الاعلامية للنظام القضائي و المجلس العسكري في مصر
التغطية الاعلامية للنظام القضائي و المجلس  العسكري في مصرالتغطية الاعلامية للنظام القضائي و المجلس  العسكري في مصر
التغطية الاعلامية للنظام القضائي و المجلس العسكري في مصر
 
التحالف ضد الإرهاب والتدخل العسكري استنتاجات سياسية أولية 1
التحالف ضد الإرهاب والتدخل العسكري استنتاجات سياسية أولية 1التحالف ضد الإرهاب والتدخل العسكري استنتاجات سياسية أولية 1
التحالف ضد الإرهاب والتدخل العسكري استنتاجات سياسية أولية 1
 
أصبح الفساد فى سورية لا يعدو عن كونة مجرد ظاهرة بل أسلوب للحياة يتحكم فى معظم...
أصبح الفساد فى سورية لا يعدو عن كونة مجرد ظاهرة بل أسلوب للحياة يتحكم فى معظم...أصبح الفساد فى سورية لا يعدو عن كونة مجرد ظاهرة بل أسلوب للحياة يتحكم فى معظم...
أصبح الفساد فى سورية لا يعدو عن كونة مجرد ظاهرة بل أسلوب للحياة يتحكم فى معظم...
 
Corruption and Polices of Political and Administrative Reform in Iraq After 2003
Corruption and Polices of Political and Administrative Reform in Iraq After 2003Corruption and Polices of Political and Administrative Reform in Iraq After 2003
Corruption and Polices of Political and Administrative Reform in Iraq After 2003
 
مشروع قانون العدالة الانتقالية و المصالحة الوطنية اليمني لسنة 2012
 مشروع قانون العدالة الانتقالية و المصالحة الوطنية  اليمني لسنة 2012  مشروع قانون العدالة الانتقالية و المصالحة الوطنية  اليمني لسنة 2012
مشروع قانون العدالة الانتقالية و المصالحة الوطنية اليمني لسنة 2012
 
الاخفاء القسري في مصر وراء الشمس
الاخفاء القسري في مصر وراء الشمسالاخفاء القسري في مصر وراء الشمس
الاخفاء القسري في مصر وراء الشمس
 
نوفمبر 1981 :: خطاب الرئيس محمد حسني مبارك في الاجتماع المشترك لمجلسي الشعب و...
نوفمبر 1981 :: خطاب الرئيس محمد حسني مبارك في الاجتماع المشترك لمجلسي الشعب و...نوفمبر 1981 :: خطاب الرئيس محمد حسني مبارك في الاجتماع المشترك لمجلسي الشعب و...
نوفمبر 1981 :: خطاب الرئيس محمد حسني مبارك في الاجتماع المشترك لمجلسي الشعب و...
 
كلمة الأستاذ حازم القصوري في المؤتمر الدبلوماسي للأمم المتحدة
كلمة الأستاذ حازم القصوري في المؤتمر الدبلوماسي للأمم المتحدةكلمة الأستاذ حازم القصوري في المؤتمر الدبلوماسي للأمم المتحدة
كلمة الأستاذ حازم القصوري في المؤتمر الدبلوماسي للأمم المتحدة
 
Étude: Pensée sociale et résonances avec l'extrémisme violent
 Étude: Pensée sociale et résonances avec l'extrémisme violent Étude: Pensée sociale et résonances avec l'extrémisme violent
Étude: Pensée sociale et résonances avec l'extrémisme violent
 
برنامج عمل الحكومة التونسية لسنة 2012
برنامج عمل الحكومة التونسية لسنة 2012برنامج عمل الحكومة التونسية لسنة 2012
برنامج عمل الحكومة التونسية لسنة 2012
 
Programme du gouvernement
Programme du gouvernement Programme du gouvernement
Programme du gouvernement
 
PLAN ÉCONOMIQUE ET SOCIAL DU GOUVERNEMENT (MARS 2012)
PLAN ÉCONOMIQUE ET SOCIAL DU GOUVERNEMENT (MARS 2012)PLAN ÉCONOMIQUE ET SOCIAL DU GOUVERNEMENT (MARS 2012)
PLAN ÉCONOMIQUE ET SOCIAL DU GOUVERNEMENT (MARS 2012)
 
Hr pub-13-05 arالعدالة الانتقالية
Hr pub-13-05 arالعدالة الانتقاليةHr pub-13-05 arالعدالة الانتقالية
Hr pub-13-05 arالعدالة الانتقالية
 
الاقتصاد السوري – المشكلات والحلول دكتور عارف دليلة
الاقتصاد السوري – المشكلات والحلول دكتور عارف دليلةالاقتصاد السوري – المشكلات والحلول دكتور عارف دليلة
الاقتصاد السوري – المشكلات والحلول دكتور عارف دليلة
 
تقرير تأليفي نهائي للندوة الدولية حول قانون المصادرة المدنية كالية لمكافحة ال...
تقرير تأليفي نهائي للندوة الدولية حول قانون المصادرة المدنية كالية لمكافحة ال...تقرير تأليفي نهائي للندوة الدولية حول قانون المصادرة المدنية كالية لمكافحة ال...
تقرير تأليفي نهائي للندوة الدولية حول قانون المصادرة المدنية كالية لمكافحة ال...
 
Initiative-UGTT-dialogue
Initiative-UGTT-dialogueInitiative-UGTT-dialogue
Initiative-UGTT-dialogue
 
كلمة رئيس الحكومة أمام محلس نواب االشعب
كلمة رئيس الحكومة أمام محلس نواب االشعب كلمة رئيس الحكومة أمام محلس نواب االشعب
كلمة رئيس الحكومة أمام محلس نواب االشعب
 
Mfhm sysyh28122012
Mfhm sysyh28122012Mfhm sysyh28122012
Mfhm sysyh28122012
 
4747
47474747
4747
 
أنماط الاتجار بالبشر في المنطقة العربية
أنماط الاتجار بالبشر في المنطقة العربيةأنماط الاتجار بالبشر في المنطقة العربية
أنماط الاتجار بالبشر في المنطقة العربية
 

إقامة المنطقة الآمنة في سورية تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر

  • 1. ‫إقامة‬ ‫المنطقة‬ ‫اآلمنة في‬ ‫سورية‬ ‫تقييم للجوانب القانونية‬ ‫واللوجستية والمخاطر‬ ‫إعداد:‬ ‫مايكل ويس‬ ‫مراجعة:‬ ‫العقيد الركن المتقاعد عقيل هاشم‬ ‫المستشار العسكري للمجلس الوطني السوري‬ ‫تحرير:‬ ‫أسامة المنجد‬ ‫دراس���������������������ات‬ ‫ال������م������رح������ل������ة‬ ‫االن����ت����ق����ال����ي����ة‬
  • 2. ‫مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية‬ ‫تم تأسيس مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية في عام 0102 ويقدم دراسات وأبحاث تتمتع بمهنية عالية باإلضافة‬ ‫إل���ى الخدمات اإلعامية لكل من وس���ائل اإلع���ام الغربية والعربية، الدوائر الحكومية، المؤسس���ات األكاديمية ومراكز‬ ‫ٍ‬ ‫األبح���اث، وذل���ك من خال خدمة األخبار اآلنية ومنش���وراتنا من الدراس���ات واألبحاث، باإلضافة إل���ى التحليل والتعليق‬ ‫على أهم األخبار والمواضيع الراهنة. وقد أصدر المركز مجموعة دراس���ات علمية للكش���ف عن أهم التحديات السياسية‬ ‫واالجتماعية واالقتصادية في سورية – الفقر، البطالة، االضطهاد السياسي واالجتماعي.‬ ‫إن معظ���م الدراس���ات الجيدة التي قدمت حول س���ورية تمت في الغ���رب، وبالرغم من قيمته���ا العالية وأهميتها في‬ ‫فهم المنطقة، وبالرغم من النقص الذي تعانيه منطقة الش���رق األوس���ط في أبحاث السياسة والمجتمع، إال أنه يجب‬ ‫عل���ى الباحثين المحليين المس���اهمة ف���ي ردم ثغرة المعلومات تلك. إن الفهم العمي���ق لقضايا المنطقة يمكن بلوغه‬ ‫عندم���ا تت���م المزاوج���ة بين فكر ومناهج البحث الغربية مع المعرفة المس���تقاة من أرض الواق���ع والمعلومات التي يتم‬ ‫ً‬ ‫جمعها ميدانيا، لذا فإن مركز التواصل واألبحاث االس���تراتيجية ينخرط مع باحثين وأكاديميين سوريين وغربيين للوصول‬ ‫إلى هذه النتيجة. إن البيانات السياس���ية واالقتصادية واالجتماعية باإلضافة إلى الدراس���ات االس���تراتيجية، س���تكون‬ ‫متوفرة لصناع القرار والمراسلين والصحفيين واألكاديميين المهتمين بالقضايا السورية، كما أن باحثي مركز التواصل‬ ‫ً‬ ‫واألبحاث االس���تراتيجية س���يقومون أيضا بتحليل ودراس���ة ه���ذه البيانات وإصدار تقارير وأبحاث ف���ي القضايا المحلية،‬ ‫وسيتم عرض هذه الدراسات على العامة باإلضافة إلى صناع القرار وكل من المؤثرين والمتأثرين بها. إن دراسات مركز‬ ‫ُ‬ ‫التواصل واألبحاث االستراتيجية ستعمل على الوصول إلى فهم أعمق وأفضل للنسيج االجتماعي واالقتصادي في‬ ‫س���ورية في محاولة لرفع الوعي حول كل ما يؤثر على حياة الجميع في س���ورية، إن هدفنا هو الس���عي للوصول إلى‬ ‫ً‬ ‫مجتمع أكثر اطاعا، والتأثير على صناع القرار عن طريق وضع هذه المعلومات في متناول وسائل اإلعام المختلفة.‬ ‫دراسات المرحلة االنتقالية‬ ‫ف���ي ض���وء المتغيرات والتحديات الراهنة في س���ورية، أطلق المركز برنامج دراس���ات وبحوث المرحلة االنتقالية لنش���ر‬ ‫مقترحات وتوصيات الخبراء والمتخصصين والباحثين ذوي الصلة المباش���رة مع المجتمع الس���وري وتقديمها لصانعي‬ ‫القرار المعنيين برس���م السياس���ات العامة في مختلف القطاعات االجتماعية واالقتصادية والسياسية. برنامج دراسات‬ ‫المرحلة االنتقالية سيتناول العديد من المجاالت منها التنمية االقتصادية واإلصاح القضائي والدستوري والقانوني‬ ‫وعملي���ة المصالح���ة الوطنية والعدالة االنتقالي���ة وإعادة هيكلة قطاع الطاقة وإصاح التعلي���م وإصاح النظام الصحي‬ ‫والسياسة الخارجية.‬ ‫‪Strategic Research & Communication Centre‬‬ ‫‪Office 36, 88-90 Hatton Garden, Holborn, London EC1N 8PN, United Kingdom‬‬ ‫الموقع اإللكتروني: ‪www.strescom.org‬‬ ‫البريد اإللكتروني: ‪info@strescom.org‬‬ ‫الهاتف: 989868030244+‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لمركز التواصل واألبحاث االستراتيجية 1102 ©‬
  • 3. ‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية‬ ‫تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬ ‫إعداد:‬ ‫مايكل ويس‬ ‫مراجعة:‬ ‫العقيد الركن المتقاعد عقيل هاشم‬ ‫المستشار العسكري للمجلس الوطني السوري‬ ‫تحرير:‬ ‫أسامة المنجد‬
  • 4. ‫المحتويات‬ ‫1. مقدمة .............................................................................................. 1‬ ‫2. الشروط المسبقة للتدخل ........................................................................ 2‬ ‫أ) انعدام الشرعية................................................................................ 2‬ ‫ب) انعدام الوحدة................................................................................ 2‬ ‫3. الجانب القانوني للتدخل .......................................................................... 4‬ ‫أ) قرار مجلس األمن............................................................................. 4‬ ‫ب) «االتحاد من أجل السالم»: الجمعية العامة لألمم المتحدة............................ 5‬ ‫4. منطقة آمنة في سورية.......................................................................... 7‬ ‫5. القدرات العسكرية للنظام ........................................................................ 01‬ ‫أ) األعداد.......................................................................................... 01‬ ‫ب) األسلحة ...................................................................................... 11‬ ‫6. مخاطر التدخل ...................................................................................... 21‬ ‫أ) حزب الله........................................................................................ 21‬ ‫ب) الجماعات الجهادية........................................................................... 31‬ ‫ج) إطالق سراح المجرمين....................................................................... 41‬ ‫د) إيران والعراق.................................................................................. 41‬ ‫ه�) روسيا ......................................................................................... 51‬ ‫و) األسلحة الكيميائية ........................................................................... 61‬ ‫ز) صواريخ أرض – أرض ......................................................................... 61‬ ‫ح) زعزعة االستقرار في مرتفعات الجوالن/النزاع مع إسرائيل.............................. 61‬ ‫خاتمة.................................................................................................... 81‬
  • 5. ‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية: تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬ ‫1. مقدمة‬ ‫ً‬ ‫يدخل المجلس الوطني الس���وري مرحلة حرجة من مراحل الثورة السورية، حيث يصبح األمل‬ ‫ُ‬ ‫في اس���تمرار المقاومة السلمية لنظام وحشي ومنفلت من عقاله بشكل ال مثيل له أشبه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫باالنتح���ار. وق���د بدأت العقوب���ات التي فرضتها الوالي���ات المتحدة واالتح���اد األوروبي على‬ ‫سورية تُ لقي بأعبائها االقتصادية على قدرة نظام األسد على تمويل جهاز الدولة القمعي؛‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وستُ لحق في األجل الطويل ضررا جسيما بقدرة النظام على االستمرار إلى أجل غير مسمى‬ ‫في الس���يطرة عل���ى العناصر الرئيس���ية للمجتمع. بي���د أن العقوبات لم ت���ؤد إلى وقف أو‬ ‫ِّ‬ ‫إبطاء عمليات القتل واالعتق���ال واغتصاب األطفال والتعذيب التي يتعرض لها المواطنون‬ ‫الس���وريون العاديون. وقد قوبلت االحتجاجات السلمية على مدى األشهر العشرة الماضية‬ ‫ً‬ ‫بممارس���ات همجية متواصلة لم نش���هد لها مثيال في أي بلد آخر من بلدان الربيع العربي.‬ ‫ُ‬ ‫فقد قتل قرابة 000,5 شخص، وأعلن عن فقدان ما يربو على 000,05، وسجن نحو 000,95‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫آخرين، وحرم حوالي 000,61 شخص من ممتلكاتهم.‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ويتحمل األس���د المسؤولية الكاملة عن عمليات القتل الجماعي التي ترتكبها يوميا القوات‬ ‫ش���به العس���كرية وقوات األمن الخاص والقوات العس���كرية التابعة ل���ه. إذ أن جميع األوامر‬ ‫والخطط وعمليات صنع القرار التي تقف خلف ما أسماه مجلس حقوق اإلنسان التابع لألمم‬ ‫المتحدة «جرائم ضد اإلنس���انية» مس���تمدة، بشكل مباشر أو غير مباشر، من الرئيس األسد‬ ‫وحلقت���ه الداخلية. وم���ن هنا فإن الجهود الدولية الرامية إلى إضع���اف النظام يجب أن تكون‬ ‫ً‬ ‫جزءا من جهد اس���تراتيجي يهدف إلى تقديم األس���د وكبار مساعديه الموالين له إلى ساحة‬ ‫ً‬ ‫العدالة فورا.‬ ‫إن العج���ز عن اس���تصدار قرار من قبل مجل���س األمن بفرض عقوبات دولية ش���املة، وعدم‬ ‫التوصل إلى إجماع دولي بشأن اتخاذ مزيد من التدابير القوية لحماية السكان المستضعفين،‬ ‫وتحريض النظام على العنف الطائفي، وقراره بش���ن حمالت عسكرية هجومية متعددة ضد‬ ‫ً‬ ‫المدنيين على نطاق واس���ع، تُ شير جميعا إلى أن إطالة الوقت للقيام بعمل حاسم لإلطاحة‬ ‫بنظام األسد يمكن أن يغرق الدولة السورية في نزاع مدمر وطويل األمد. ويمكن أن يكون‬ ‫ُ‬ ‫فش���ل الدولة إحدى النتائ���ج المتوقعة لتلك اإلطالة. كما أن وقوع كارثة إنس���انية، على غرار‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫عمليات اإلبادة الجماعية التي ارتكبت في رواندا في عام 4991، يبدو احتماال واقعيا للغاية.‬ ‫ومن أجل تقييم جميع الخيارات المقترحة لتس���ريع إنهاء الديكتاتورية الش���مولية و/أو تفادي‬ ‫كارثة إنسانية جماعية، فإن هذه الورقة تُ حاول تحليل واختبار الطرق التي يمكن أن ينجح فيها‬ ‫التدخل العسكري األجنبي في سورية. وهي ال تدعو إلى تبني سياسة معينة، وإنما تطرح‬ ‫خيارات ثم تتفحص ماهية الش���روط السياس���ية الضرورية والجوانب القانونية واللوجس���تية‬ ‫واألخطار المحتملة.‬ ‫1‬ ‫دراسات المرحلة االنتقالية‬
  • 6. ‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية: تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬ ‫2. الشروط المسبقة للتدخل‬ ‫ً‬ ‫لق���د أصدر المجلس الوطني الس���وري بيانا ف���ي ختام اجتماع الهيئة العام���ة يوم 91 كانون‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫األول/ديسمبر 1102 أيد فيه رسميا التدخل العسكري األجنبي في سورية، وداعيا «الجامعة‬ ‫َّ‬ ‫العربية ومنظمة األمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة فيما يتعلق بحماية‬ ‫المدنيين والنش���طاء الس���وريين من خالل خلق مالذات آمنة ومناطق محمية». وهذا يمثل‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً َّ‬ ‫ً ُ‬ ‫تحوال مهما عما جاء في ميثاق الوفاق الوطني الذي يرفض رفضا قاطعا التدخل العسكري.‬ ‫باإلضافة إلى ذلك فبعد الموقف األولي الذي اس���تبعد خيار «المقاومة المسلحة» ووضع‬ ‫َ‬ ‫المجلس على تضاد مع أهداف الجيش السوري الحر، فإن المجلس الوطني السوري «تعهد‬ ‫بدعم» الجيش الحر الذي يمثل الراعي العسكري للثورة.‬ ‫ُ‬ ‫إن ه���ذه التط���ورات إذ توضح موقف المجلس الوطني أكثر فإنه م���ا زال هناك تحديان اثنان‬ ‫عليه أن يواجههما قبل تقديم طلب مقنع ألي ش���كل من أشكال التدخل الخارجي العسكري:‬ ‫افتقاره للش���رعية الدولي���ة كحكومة منفى، وع���دم وحدته مع رموز المعارضة في س���ورية،‬ ‫وأبرزها الكتائب المستقلة للمنشقين من الجيش السوري.‬ ‫أ) انعدام الشرعية‬ ‫ً‬ ‫إن الحكومة الوحيدة التي اعترفت رس���ميا بالمجلس الوطني الس���وري كحكومة سورية في‬ ‫ٍ‬ ‫المنفى – أو كممثل ش���رعي ووحيد للش���عب الس���وري – هي ليبيا. أم���ا الحكومات األخرى‬ ‫فقد عينت ممثلين رس���ميين لها للتنس���يق مع المجلس الوطني الس���وري، ولكنها لم تتخذ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ق���رارا باالعت���راف الكامل به حتى اآلن. باإلضافة إلى ذلك فإن البلدان الغربية ذكرت مرارا أن‬ ‫االعتراف لن يمنح إال بعد إجراء مزيد من التنظيم الداخلي. ويجب أن يتأكد المجلس الوطني‬ ‫ُ‬ ‫الس���وري م���ن أن ش���رعيته تنبع من اس���تعداده لتلبي���ة احتياجات ومصالح ومطالب الش���عب‬ ‫الس���وري، ال���ذي يواجه العواق���ب اليومية المترتب���ة على وقوفه في وجه وحش���ية النظام.‬ ‫إن الش���رعية المطلوب توفرها لتقديم المطالب – ومنها التدخل العس���كري – إلى المجتمع‬ ‫الدولي نيابة عن الشعب السوري، يجب أن تستند إلى إجماع يتم التوصل إليه مع النشطاء‬ ‫والمجتمعات التي تعاني األمرين في ظل استمرار حملة القمع.‬ ‫َّ‬ ‫ب) انعدام الوحدة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫إن هناك انقس���اما مس���تمرا داخل المعارضة السورية، وبالذات عدم السيطرة على المكون‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫العس���كري للث���ورة – أي قوات الجيش المنش���قة التي تقاتل نظام األس���د حالي���ا. فالهيكلية‬ ‫الراهنة للتمرد مفتتة وبائس���ة وغير موالية ألية س���لطة ذات ق���رار. ويتم تنظيم العديد من‬ ‫هذه القوات في عش���رات «الكتائب» المس���تقلة، التي تحمل أس���ماء شخصيات تاريخية أو‬ ‫ً‬ ‫ضحايا سقطوا حديثا من قبيل «كتيبة حمزة الخطيب» و «كتيبة صالح الدين األيوبي». بيد‬ ‫أن وسائل اإلعالم الغربية تُ صو ُر «الجيش السوري الحر» على أنه منظمة جامعة تضم جميع‬ ‫ِّ‬ ‫مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية‬ ‫2‬
  • 7. ‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية: تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬ ‫الجن���ود الثوار العاملين. وتُ ش���ير بعض التقديرات إلى أن الع���دد اإلجمالي للقوات الخاضعة‬ ‫مباش���رة لقيادة الجيش الس���وري الحر يتراوح بين 0021 جندي و 000,71 جندي. ويدعي كبار‬ ‫الناطقين الرسميين بلسان الجيش السوري الحر أن الرقم الثاني هو الصحيح.‬ ‫ُ‬ ‫وال ي���زال هناك قدر كبير من الغموض يكتنف القدرات الحقيقية للجيش الس���وري الحر، وما إذا‬ ‫ً‬ ‫كان���ت الهجمات الكبرى ضد أه���داف تابعة للنظام تُ نفذ بناء على أوامر من هذا الجيش فعال أم‬ ‫ُ‬ ‫أن كتائب مس���تقلة هي التي تشنُّ ها. وتُ ش���ير الغارة المفاجئة التي شنت على مجمع مخابرات‬ ‫القوات الجوية في حرستا الواقعة على بعد ستة أميال من دمشق والتي قيل أن كتيبة مستقلة‬ ‫َّ‬ ‫نفذتها، والهجمات األخرى ضد القوات ش���به العسكرية التابعة لحزب البعث في دمشق، التي‬ ‫قيل أنها نُ فذت على أيدي كتيبة ذات ارتباط غير مباشر بالجيش السوري الحر، إلى أنه في حين‬ ‫َ‬ ‫أن المنش���قين مس���لحون ومنظمون بش���كل جيد وال يخش���ون خوض قتال مباشر مع القوات‬ ‫ٍ‬ ‫المسلحة التابعة للنظام، فإنهم هم الذين ُيديرون سياسة التمرد الخاصة بهم في سورية.‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫كما أن القادة العسكريين الذين يبلغ عددهم نحو ثالثين ضابطا – بقيادة العقيد في سالح الجو‬ ‫رياض األسعد – ويدعون أنهم يسيطرون على الجيش السوري الحر من مالذهم اآلمن في‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫أنطاكيا بتركيا، رفضوا حتى اآلن إقامة شراكة رسمية للتنسيق مع لجان المعارضة، بل إنهم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ش���كلوا جهازا سياسيا خاصا بهم أس���موه المجلس العسكري للجيش السوري الحر ويسعى‬ ‫إل���ى اإلطاحة بالنظام وتوفي���ر الغطاء للمحتجين الس���لميين وحماية الجمه���ور والممتلكات‬ ‫الخاصة والحماية من األعمال االنتقامية عند س���قوط النظام. كما أعلن المجلس العس���كري‬ ‫عن عزمه على التنسيق المباشر مع الحكومات األجنبية من أجل الحصول على الدعم وتأمين‬ ‫المساعدات المالية والمادية المباشرة (على األرجح). وقد سافر ممثلو الجيش السوري الحر‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫مؤخرا إلى واشنطن العاصمة بهدف الضغط على وزارة الخارجية األمريكية لكسب تأييدها،‬ ‫ولكن مسعاهم خاب بسبب افتقارهم إلى التنظيم وعدم كفاية عددهم.‬ ‫وأس���فر االجتماع األخي���ر، الذي عقد بين الجيش الس���وري الحر والمجلس الوطني الس���وري‬ ‫ُ‬ ‫يوم 82 تش���رين الثاني/نوفمبر 1102، عن نتيجة وحيدة وهي وعد لفظي من قبل الجيش‬ ‫الس���وري الحر بإصدار أوامر إلى المنشقين للمشاركة في عمليات «دفاعية» محضة تهدف‬ ‫إل���ى ضمان حماية المدنيي���ن. ومع ذلك فإنه من غير الواضح إلى أي مدى يس���يطر الجيش‬ ‫ُ‬ ‫السوري الحر على العمليات «الهجومية» الكبرى التي تُ نفذ في سورية. وعالوة على ذلك،‬ ‫ف���إن هذه الضمان���ة تبدو في غير محلها عل���ى نحو متزايد في ضوء تصاع���د الفظائع التي‬ ‫يقترفها النظام، وخاصة في مدينة حمص التي تمثل أرض المعركة.‬ ‫إن الثورة تطمح أن تكون شعلة تضيء الوطن بعد رحيل األسد. فإذا كان يراد لجيش ثائر أن يثبت‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فعاليته وأال يعمل ألغراض تتناقض مع أهداف التدخل العسكري الدولي المحتمل، فإنه يجب‬ ‫أن يوضع تحت قيادة مش���تركة لمجلس انتقالي يقوده مدنيون، ويتولى التنس���يق المباش���ر‬ ‫مع القوى المتدخلة. ولذا فإنه يتعين على المجلس الوطني الس���وري والجيش السوري الحر‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫أن يش���رعا بإجراء محادثات مباش���رة فورا لوضع استراتيجية عمليات واضحة وتشكيل تسلسل‬ ‫قيادي. وينبغي كوضع مثالي تَ صور رئيس المجلس بمثابة القائد األعلى للقوات المس���لحة‬ ‫ُّ‬ ‫ومستشاره العسكري يعينه الجيش الحر ويخضع تحت رقابة المكتب التنفيذي للمجلس.‬ ‫ُ‬ ‫3‬ ‫دراسات المرحلة االنتقالية‬
  • 8. ‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية: تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬ ‫3. الجانب القانوني للتدخل‬ ‫تن���ص الم���ادة 2 (4) من ميثاق هيئة األمم المتحدة على حظر «التهديد باس���تخدام القوة أو‬ ‫اس���تخدامها ضد س���المة األراضي أو االستقالل السياس���ي ألية دولة عضو في الهيئة».‬ ‫ً‬ ‫واالستثناء األول من هذا الحظر يتمثل في استصدار قرار من مجلس األمن يمنح تفويضا‬ ‫باستخدام القوة. ولعل الطريق األوضح باتجاه التدخل يمر عبر قرار لمجلس األمن يدين نظام‬ ‫ُّ‬ ‫األسد على عمليات القمع العنيفة للمحتجين المدنيين التي استمرت عشرة أشهر، وفرض‬ ‫عقوبات على سورية، وإحالة الشخصيات الرئيسية في النظام إلى المحكمة الجنائية الدولية‬ ‫للتحقيق معهم بش���أن جرائم الحرب والجرائم ضد اإلنس���انية، وطلب المس���اعدة العسكرية‬ ‫الدولية لحماية الشعب السوري.‬ ‫ويمكن اس���تخدام قرار ينتقد نظام األس���د، ببس���اطة، كذريعة للتدخل.‬ ‫ُ‬ ‫فه���ذا هو المبرر الذي قدم «لعملية توفير الراحة»، وهي الحملة التي‬ ‫يمكن استخدام قرار ينتقد نظام‬ ‫ب���دأت في أبريل/نيس���ان 1991 وقدمت مس���اعدات إنس���انية وحماية‬ ‫األسد، ببساطة، كذريعة للتدخل‬ ‫عس���كرية ألك���راد العراق. وقد نُ ف���ذت تلك العملية عل���ى الرغم من أن‬ ‫ً‬ ‫ق���رار مجلس األمن رقم 886 لم يعط تفويضا بالتدخل بحد ذاته، ولكنه‬ ‫دعا الدول األعضاء إلى «اإلس���هام في ... جهود اإلغاثة اإلنس���انية». وفس���رت الحكومات‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫األمريكية والبريطانية والفرنس���ية والتركية ذلك النص تفس���يرا س���مح بنش���ر قوات أرضية‬ ‫وجوية مشتركة للدفاع عن األكراد الفارين من العراق عبر الحدود التركية. وتم تنسيق العملية‬ ‫ف���ي قاعدة إنجرليك الجوية في أضنة بتركيا، المؤجرة لحل���ف الناتو. وأعقبت «عملية توفير‬ ‫الراحة» عمليتان ُأخريان، هما «عملية المراقبة الشمالية» و»عملية المراقبة الجنوبية» وهما‬ ‫منطقتا الحظر الجوي فوق الشمال الكردي والجنوب الشيعي من العراق في عام 1991.‬ ‫أ) قرار مجلس األمن‬ ‫لقد أدى الخوف من «توس���يع المهمة»، إلى فش���ل الس���ير في طري���ق مجلس األمن في‬ ‫حالة س���ورية، وكان آخر تلك المحاوالت في تش���رين األول/أكتوبر 1102، عندما اس���تخدمت‬ ‫ً‬ ‫روس���يا والصي���ن حق النقض (فيت���و) ضد قرار مخفف ج���دا ينص على التهدي���د بالعقوبات‬ ‫ً‬ ‫فق���ط. وكان الكرملين أكث���ر إفصاحا عن معارضة العقوبات الدولية على س���ورية، ومعارضة‬ ‫ً‬ ‫التدخل العس���كري. فقد صرح وزير الخارجية الروس���ي س���يرغي الفروف مؤخ���را بأنه «ليس‬ ‫لمصلحة أحد أن تُ رس���ل رس���ائل إلى المعارضة في سورية أو في أي مكان آخر مفادها أنكم‬ ‫إذا رفضتهم جميع العروض المعقولة، فإننا س���نأتي ونساعدكم كما فعلنا في ليبيا». ومع‬ ‫ُ‬ ‫أنه طرح اقتراح بأنه إذا أدانت جامعة الدول العربية بش���ار األس���د، فإن روسيا والصين يمكن‬ ‫ً‬ ‫أن تقتنعا بدعم ش���كل ما من أش���كال التقريع والعقوبات، إال أن أيا من القوتين الشرقيتين‬ ‫ً‬ ‫لم تُ بد استعدادا لالنضمام إلى قرار يصدر عن مجلس األمن (وفي الحقيقة، صعدت روسيا‬ ‫َّ‬ ‫مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية‬ ‫4‬
  • 9. ‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية: تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬ ‫ً‬ ‫بالذات موقفها العدائي منذ أن أصدرت الجامعة العربية قرارا بتعليق عضوية سورية وأقرت‬ ‫عقوبات ضد النظام). وتدعي روس���يا، التي امتنعت عن التصويت على قرار مجلس األمن‬ ‫َّ‬ ‫رق���م 3791، الذي س���مح بإقام���ة منطقة حظر للطيران ف���ي ليبيا، أن حل���ف الناتو عمد إلى‬ ‫توس���يع نطاق صالحياته بشكل مفرط في ذلك النزاع وذلك بمواصلة عملياته حتى إسقاط‬ ‫نظ���ام معم���ر القذافي. وف���ي محاولة للحيلولة دون وقوع تدخل عس���كري آخر في الش���رق‬ ‫ُ‬ ‫األوسط، ولضمان عقد بيع األسلحة المبرم مع نظام األسد بقيمة أربعة مليار دوالر، ذكر أن‬ ‫حاملة الطائرات الروسية «األميرال كوزنيتسوف» والمدمرة «األميرال شبانتكو» وغواصتين‬ ‫في طريقها اآلن إلى ميناء الالذقية مع ش���حنة دبابات. وال تزال روسيا االتحادية تُ زود نظام‬ ‫ِّ‬ ‫األسد باألسلحة.‬ ‫ب) «االتحاد من أجل السالم»: الجمعية العامة لألمم المتحدة‬ ‫إن أحد الطرق النظرية لتش���كيل رأس حربة لتدخل يأخذ صفة الش���رعية بدون قرار من مجلس‬ ‫األمن يتمثل في أن تلجأ الجمعية العامة لألمم المتحدة إلى استخدام قرار «االتحاد من أجل‬ ‫السالم» رقم ‪ ،377A‬وهو إجراء اتُ خذ لاللتفاف على الجمود المستحكم الذي واجهه مجلس‬ ‫ً‬ ‫األم���ن. إذ أن ق���رار «االتحاد من أجل الس���الم»، الذي ن���ادرا ما يتم اللج���وء إليه، وال يضمن‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫نجاح���ه، ق���د نج���ح فعال في ع���ام 0591 بموجب «خطة أشيس���ون» (على اس���م وزير خارجية‬ ‫الوالي���ات المتحدة آنذاك دين أشيس���ون). وفي تلك الحالة اس���تُ خدم الق���رار كطريقة إلجازة‬ ‫اس���تخدام «تدابير جماعية»، من بينها «استخدام القوة المسلحة» إبان الحرب الكورية، على‬ ‫الرغم من استخدام االتحاد السوفياتي حق النقض بشكل مثابر في مجلس األمن.‬ ‫ويمكن دعوة الجمعية العامة لألمم المتحدة إلى عقد دورة غير عادية وطارئة، إما بالتصويت‬ ‫ُ‬ ‫اإلجرائ���ي في مجلس األم���ن أو بطلب من أغلبية الدول األعضاء في الجمعية العامة موجه‬ ‫َّ‬ ‫إلى األمين العام لألمم المتحدة.‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وفي حال اعتماد قرار بش���أن س���ورية يجيز اس���تخدام القوة فإن ذلك س���يوفر مبررا قانونيا‬ ‫ُ‬ ‫للتدخ���ل. َب ْي���د أن الصعوبة الرئيس���ية تكم���ن بالطبع في إقن���اع أغلبية ال���دول األعضاء في‬ ‫الجمعي���ة العام���ة بدعم هذا القرار، وهي تبدو بعيدة المنال دون ممارس���ة الضغط لكس���ب‬ ‫تأييد الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر اإلس���المي، الت���ي تضم 75 دولة عضو ذات أغلبية‬ ‫مسلمة والدول العربية.‬ ‫وثمة مس���تند آخر يمكن االس���تناد عليه للحصول على اس���تثناء من أحكام المادة (4) 2 من‬ ‫ميثاق األمم المتحدة، ويتمثل في اللجوء إلى مبدأ الدفاع عن النفس المنصوص عليه في‬ ‫الم���ادة 15، التي تقول: «ليس في هذا الميثاق م���ا يضعف أو َينتقص من الحق الطبيعي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫للدول – فرادى أو جماعات – في الدفاع عن نفسها إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء‬ ‫األمم المتحدة». وثمة طريقتان يمكن بهما استخدام المادة 15 فيما يتعلق بسورية:‬ ‫الطريق���ة األول���ى تتمث���ل في قيام ق���وى أجنبية بتقديم طل���ب تقول في���ه إن حملة القمع‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫واالنتهاكات الجسيمة لحقوق اإلنسان التي يرتكبها النظام السوري تشكل خطرا فادحا على‬ ‫السلم واالستقرار العالميين (من قبيل تصاعد أزمة الالجئين السوريين، أو وقوع البالد في‬ ‫5‬ ‫دراسات المرحلة االنتقالية‬
  • 10. ‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية: تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬ ‫حال���ة ح���رب أهلية بحكم األمر الواقع، إلخ). ومع قبول مبدأ أنه ليس في ذهن أية قوة تدخل‬ ‫إلحاق أراض سورية بها وال السيطرة السياسية على الشعب السوري، فإن تلك القوة يمكن‬ ‫أن تتولى إرسال بعثة إنسانية للمحافظة على السالم واالستقرار.‬ ‫ً‬ ‫ومن الواضح أن تركيا هي الدولة التي تملك الموقع األقوى في هذا الشأن، ألنها تأوي حاليا‬ ‫أكثر من 000,01 الجئ س���وري على حدودها، باإلضافة إلى فيلق القيادة الرئيسي للجيش‬ ‫الس���وري الح���ر الذي يعتبر في حالة حرب مع نظام األس���د من الناحي���ة الواقعية. وباإلضافة‬ ‫إلى ذلك، فإنه يمكن تفس���ير االعتداءات األخيرة على الس���فارة التركية في دمش���ق وعلى‬ ‫ُّ‬ ‫قنصليتيه���ا في كل من حل���ب والالذقية، أو الهجوم على قافل���ة الحافالت التي كانت تقل‬ ‫الحجاج األتراك وهي في طريق عودتها من مكة، على أنها أفعال عدائية مدعومة من األسد‬ ‫ض���د دول���ة مجاورة. إن مخاطر جر تركيا إلى نزاع إقليمي مرتفعة، مع أن من المرجح أن تطلب‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫الحكوم���ة التركية إجماعا من الدول الغربية والجامعة العربية، وتطلب الحصول على التزامات‬ ‫سياس���ية ومادية قبل المضي في س���بيل التدخل. ولم تنخرط أنقرة حتى اآلن في أفعال‬ ‫مباش���رة من عمليات «المعارضة الفعالة» التي من ش���أنها أن تُ هدد بقاء النظام في األجل‬ ‫القصير.‬ ‫إن التندي���د القاس���ي م���ن جانب رئيس ال���وزراء التركي رج���ب طيب أردوغان بالرئيس األس���د‬ ‫وباالنتهاكات الصارخة لحقوق اإلنس���ان التي تقترفها قواته األمنية، يعتبر إش���ارة مش���جعة‬ ‫إلى أن بإمكان الحكومة التركية اتخاذ خطوات أخرى من ش���أنها أن تؤدي إلى تس���ريع العملية‬ ‫االنتقالية من النظام الشمولي إلى النظام الديمقراطي.‬ ‫وثمة اس���تراتيجية أخرى يمكن اس���تخدامها للجوء إلى المادة 15، وتتمثل في اعتراف الغرب‬ ‫بالمجلس الوطني الس���وري كممثل ش���رعي ووحيد للش���عب الس���وري، ومن ثم يبادر هذا‬ ‫ً‬ ‫المجلس إلى طلب مس���اعدة عس���كرية دولية دفاعا عن النفس، والمحاججة بأن نظام األسد‬ ‫يمث���ل قوة «غازية» غير ش���رعية. ويدعم القانون الدولي لحقوق اإلنس���ان هذا الخيار بحزم؛‬ ‫إذ أن تمس���ك نظام األس���د بمبدأ الس���يادة ال يوفر له ذريعة القتراف الفظائع الجماعية ضد‬ ‫الس���كان المدنيين، وال لحرمان المواطنين من حقوقهم اإلنس���انية األساس���ية المنصوص‬ ‫عليها في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنس���ان. إن مبدأ «مس���ؤولية الحماية» ينطبق بوضوح‬ ‫على هذه الحالة، ويمكن اس���تخدامه كأس���اس للتدخل الدولي، مثلما حدث في حالة التدخل‬ ‫في ليبيا في عام 1102. كما أن قيام لجنة األمم المتحدة لحقوق اإلنسان بإصدار قرار يدين‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫نظام األس���د على ارتكاب «الفظائع الرهيبة»، من ش���أنه أن يضف���ي مزيدا من المصداقية‬ ‫ُ‬ ‫والشرعية على هذا المسار.‬ ‫مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية‬ ‫6‬
  • 11. ‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية: تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬ ‫4. منطقة آمنة في سورية‬ ‫منذ س���قوط العاصمة الليبية طرابلس، والسيما عقب القبض على معمر القذافي وقتله،‬ ‫ازدادت الدع���وات داخل س���ورية إلى فرض «منطق���ة حظر للطيران». وتُ ظه���ر الصور بعض‬ ‫النش���طاء وهم يرفعون الفت���ات يطالبون فيها بتحليق مقاتالت حلف الناتو فوق دمش���ق،‬ ‫حت���ى أن ثمة ش���بكة تواصل اجتماعي تحمل اس���م «ناتو من أجل س���ورية». ومع ذلك فإن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الدع���وة إل���ى ف���رض «منطقة حظر للطيران» تعني ضمنا ش���كال من أش���كال المس���اعدات‬ ‫العسكرية الدولية، ولكنها ليست الشكل الذي ذكرناه بالضرورة. وحتى في الصحافة الغربية‬ ‫نالحظ أن اإلش���ارات إلى منطقة حظر الطيران أو إل���ى «النموذج الليبي» تمر دون تمحيص‬ ‫ُّ‬ ‫من حيث انطباقها على س���ورية، على الرغم من أن أي تدخل معقول أو ممكن في س���ورية‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫سيكون «نسيجا فريدا من نوعه». إن تركيا ما انفكت تُ قلب األمر فيما يتعلق بإقامة «منطقة‬ ‫عازلة» منذ عدة أش���هر، دون آثار ملموس���ة تُ ذكر. ومع ذلك فإذا كان تدخل تركيا في س���ورية‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أمرا واردا، فإنه كان يجب أن يحدث في أواس���ط حزيران/يونيو، عندما فر نحو 000,01 الجئ‬ ‫َّ‬ ‫من جس���ر الش���غور إلى أنطاكيا، أو عقب وقوع هجمات على الس���فارة التركية في دمش���ق‬ ‫والقنصليتي���ن التركيتين في كل من حلب والالذقية والحجاج األتراك في حمص. وقد أصبح‬ ‫ْ ِ‬ ‫من الواضح أن أنقرة لن تُ قدم على ش���ن عملية عس���كرية من طرف واحد ضد بلد مجاور كان‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫قبل أقل من عام يلقى كل اإلطراء لكونه شريكا تجاريا ودبلوماسيا عظيما. ولم يسبق لتركيا‬ ‫منفردة أن قامت بتدخل إنساني، وال يرجح أن تقوم به اآلن.‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ولذا فإن تدخال متعدد األطراف مشابها «لعملية توفير الراحة»، سواء‬ ‫في الوقت الراهن يتمثل‬ ‫بقيادة حلف الناتو، أو من قبل ائتالف بريطاني – أميركي – فرنس���ي‬ ‫الخيار األكثر قابلية للتحقيق‬ ‫– تركي، من ش���أنه أن يش���كل الخي���ار الممكن للتدخل العس���كري في‬ ‫ُ‬ ‫في إقامة «منطقة عازلة‬ ‫س���ورية. وفي الوقت الراهن يتمثل الخي���ار األكثر قابلية للتحقيق في‬ ‫آمنة» في البالد لتوفير‬ ‫إقامة «منطقة عازلة آمنة» في البالد لتوفير ملجأ للمدنيين الفارين من‬ ‫ملجأ للمدنيين الفارين من‬ ‫أتون القتال من مدن وبلدات أخرى، وقاعدة عمليات للقادة السياسيين‬ ‫أتون القتال من مدن وبلدات‬ ‫المعينين للمعارضة الس���ورية كالمجلس الوطني، باإلضافة إلى مركز‬ ‫َّ‬ ‫أخرى، وقاعدة عمليات للقادة‬ ‫للقي���ادة العس���كرية – وبعبارة أخرى إقام���ة «بنغازي س���ورية». وبدون‬ ‫السياسيين المعينين للمعارضة‬ ‫َّ‬ ‫إقام���ة مثل هذا المركز لحكومة انتقالية، فإن المعارضة س���تجد أن من‬ ‫السورية كالمجلس الوطني،‬ ‫الصعب للغاية صياغة اس���تراتيجية طويلة األجل ووضع تكتيكات قابلة‬ ‫باإلضافة إلى مركز للقيادة‬ ‫للتكيي���ف لإلطاح���ة بالنظ���ام. إن وجود مكان متماس���ك لحري���ة التنقل‬ ‫العسكرية – وبعبارة أخرى إقامة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫داخل سورية يعتبر شرطا مس���بقا ضروريا لإلطاحة بالنظام، ولتسهيل‬ ‫«بنغازي سورية»‬ ‫االتصال بين المجلس الوطني الس���وري والجيش الس���وري الحر، وبين‬ ‫فصائ���ل المعارضة بوجه عام. كما أن المنطق���ة اآلمنة يمكن أن تؤوي‬ ‫مديرية اتصاالت توفر اتصاالت السلكية مشفرة وال يمكن التشويش‬ ‫7‬ ‫دراسات المرحلة االنتقالية‬
  • 12. ‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية: تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬ ‫عليها أو تحديد مستخدمها، وإشارات بث عبر األقمار االصطناعية لبث برامج تلفزيون وإذاعة‬ ‫«سورية الحرة» إلى بقية أنحاء البالد.‬ ‫وتتوفر في الوقت الراهن نافذة مفضلة لهذا الخيار. فقد ُأصيب الجيش النظامي باإلرهاق‬ ‫نتيجة لنش���ر قواته لفترات طويلة في مناطق حضرية وريفية متعددة تمتد في س���ائر أنحاء‬ ‫البالد. وتدهورت الروح المعنوية للقوات النظامية ووهنت قدرة النظام على المحافظة على‬ ‫ً‬ ‫«وحداته لوجس���تيا، باس���تثناء القوات الخاصة ومليشيات «الشبيحة». أما المخاطر المرتبطة‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫بأقوى الخيارات – أي حملة جوية مصحوبة بعملية برية صغيرة – فيمكن أن تخف جزئيا بفعل‬ ‫ً‬ ‫الضعف النس���بي للقوات النظامية والعتاد العسكري للرئيس األسد. إن إعطاء النظام وقتا‬ ‫ً‬ ‫إضافيا لتعزيز قواه واستكش���اف وس���ائل بديلة لتدعيم موارده، س���يزيد من مخاطر التدخل‬ ‫في المستقبل.‬ ‫ومع أنه ال يمكن حساب اآلثار النفسية واالستراتيجية إلقامة منطقة عازلة، فإنه ينبغي عدم‬ ‫اس���تبعادها وال التقليل من ش���أنها. إذ أن ارتفاع الروح المعنوية للنشطاء عندما يعلمون أن‬ ‫ً‬ ‫جزءا من س���ورية قد تم تحريره بش���كل ال رجعة عنه أمر من المرجح أن يكتس���ب أهمية كبرى،‬ ‫والس���يما في ضوء حقيقة أن النش���طاء مازالوا يقومون باحتجاجات يومية بعد تسعة أشهر‬ ‫من مواجهة الوحش���ية واإلرهاب. وألسباب مماثلة من المرجح أن ترتفع معدالت االنشقاق‬ ‫ً‬ ‫العس���كري إذا اكتش���ف الجنود أن لديهم خيار التوجه إلى مقر قيادة الثورة، بدال من العيش‬ ‫ً‬ ‫في المنفى في تركيا أو لبنان أو األردن (حيث ينتظرون مصيرا غير مؤكد). وألن سالح الجو‬ ‫السوري قد يحاول القيام بطلعات قتالية ومنع إنشاء المنطقة اآلمنة، فإنه يمكن شن حملة‬ ‫جوية استباقية بهدف تحييد أنظمة الدفاع الجوي للنظام، وخاصة في حلب والالذقية وفي‬ ‫دمشق وما حولها.‬ ‫وإذا أخذنا بعين االعتبار الديناميات على األرض، فإن أفضل موقع إلقامة منطقة آمنة عليه‬ ‫سيكون في محافظة إدلب في بلدة جسر الشغور القريبة من الحدود التركية وشاطئ البحر‬ ‫ً‬ ‫المتوس���ط، وذلك ليس ألن أغلبية الجنود المنشقين موجودون هناك أصال فحسب، وإنما‬ ‫ألن الدمار الذي أحدثه الغزو على عدة محاور لجسر الشغور في حزيران/يونيو الماضي، أدى‬ ‫إلى تأجيج المش���اعر المعادية لألسد في هذه المحافظة. وباإلضافة إلى ذلك، فإن منطقة‬ ‫ً‬ ‫جس���ر الش���غور محصورة بين سلس���لة جبال، مع منطقة الوادي التي تمتد شماال إلى تركيا‬ ‫ً‬ ‫وجنوبا إلى باقي أنحاء س���ورية، مما يجعل ش���ن هجمات أرضية من قبل النظام من الشرق‬ ‫أو الغرب مهمة صعبة (وهذا أحد أس���باب اس���تخدام الطائرات المروحية في حزيران/يونيو).‬ ‫كما أن إنشاء ممر لإلمدادات من تركيا إلى جسر الشغور من شأنه أن يستفيد من التحصين‬ ‫الطبيعي للطبوغرافيا السورية.‬ ‫ويمكن ش���ن ضرب���ات جوية من قبل الطائ���رات األمريكية والبريطانية والفرنس���ية والتركية،‬ ‫ً‬ ‫م���ع طائرات إس���ناد من اإلمارات العربي���ة المتحدة وقطر واألردن، التي ش���اركت جميعا في‬ ‫تنفيذ منطقة حظر الطيران في ليبيا. ويمكن للقوات األمريكية الخاصة وسالح الجو الخاص‬ ‫والقوات الخاصة التركية والقطرية أن تنس���ق على األرض مع الجنود الس���وريين المتمردين‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بهدف إقامة منطقة يبلغ محيطها 11 كيلومترا مربعا حول جس���ر الش���غور. كما يمكن تدريب‬ ‫مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية‬ ‫8‬
  • 13. ‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية: تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬ ‫المنش���قين اإلضافيين في قاعدة انجرليك الجوية وغيرها من القواعد‬ ‫ً‬ ‫إن خلق منطقة محمية دوليا‬ ‫اإلقليمية، أو في قاعدة مؤقتة للثوار في المنطقة اآلمنة نفسها.‬ ‫على أراض مقتطعة من سورية‬ ‫ويعتبر الضع���ف المؤكد ألنظمة الدفاع الجوي الس���ورية أحد العوامل‬ ‫ً‬ ‫يعتبر بالفعل شكال من أشكال‬ ‫التي تش���جع على ش���ن حملة جوية في البداية لضمان إقامة منطقة‬ ‫التدخل العسكري‬ ‫َّ‬ ‫آمن���ة. فف���ي عام 7002 تمكن س���الح الجو اإلس���رائيلي بس���هولة من‬ ‫ً‬ ‫قصف المنش���أة النووية السورية في موقع الكبر، وذلك أوال بتجميد‬ ‫رادارات النظ���ام الس���وري، بحي���ث يبدو أنه ال توج���د أية طائرات في الس���ماء، ومن ثم خلق‬ ‫إش���ارات «وهمية» لمئ���ات الطائرات التي تظهر في كل مكان من المجال الجوي الس���وري،‬ ‫ول���دى الوالي���ات المتحدة تقنية مش���ابهة. باختص���ار، يمكن القول أن حمل���ة جوية بدعم من‬ ‫ع���دة دول وتنس���يق مع الوحدات المتم���ردة على األرض يمكن أن تكون حاس���مة من الناحية‬ ‫االس���تراتيجية، في الوقت الذي تتحقق فيه األهداف األمنية األمريكية والغربية واإلقليمية‬ ‫– بما فيها الرغبة المعلنة لدى زعماء عرب وغربيين في رؤية رحيل بشار األسد.‬ ‫وكما كانت الحال في «عملية توفير الراحة»، يمكن تنسيق الجوانب اللوجستية للهجوم الجوي‬ ‫من قاعدة إنجرليك الجوية، وهي القاعدة الرئيسية لحلف الناتو في المنطقة الجنوبية، التي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ت���أوي حاليا أكثر م���ن 161,1 أمريكيا و 512 بريطانيا و 14 تركيا، والتي اس���تخدمتها الواليات‬ ‫المتحدة في إدارة المهمات الحربية في العراق. ويضاف إلى ذلك أن األس���طول الس���ادس‬ ‫األمريكي متمرك���ز في نابولي بإيطاليا، وأن القاعدتي���ن البريطانيتين في أكروتيري وديكليا‬ ‫ف���ي قبرص تملكان ق���درات أكثر من كافية لتنفيذ حصار بحري على س���ورية، مع مجابهة أية‬ ‫هجمات بحرية س���ورية (على الرغم من تموضع روس���يا في البحر األبيض المتوس���ط، فإن‬ ‫احتماالت اشتباك الروس مع القطع البحرية األمريكية والبريطانية في قتال مباشر ضعيفة‬ ‫للغاية).‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫إن خلق منطقة محمية دوليا على أراض مقتطعة من سورية يعتبر بالفعل شكال من أشكال‬ ‫التدخل العس���كري. ولذا فإن عملية خلق منطقة عازلة أو منطقة مقتطعة ونجاحها ينبغي أن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تش���مل مش���اركين عربا أو أتراكا لغايات اكتساب الش���رعية (بنفس الطريقة التي كانت فيها‬ ‫ً‬ ‫المخاب���رات القطري���ة جزءا م���ن التدخل في ليبيا)، ولكنه���ا تحتاج إلى الخب���رات التقنية ودرجة‬ ‫التطور والخبرات التي تتمتع بها القوى الغربية الرئيسية.‬ ‫9‬ ‫دراسات المرحلة االنتقالية‬
  • 14. ‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية: تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬ ‫5. القدرات العسكرية للنظام‬ ‫ملحوظة: البيانات التالية هي عبارة عن تقديرات تستند إلى مصادر متنوعة، من بينها معهد‬ ‫دراس���ات األم���ن القومي ومكتبة الكونغرس األمريكي. وربما تك���ون هذه البيانات قد تغيرت‬ ‫منذ اندالع االنتفاضة السورية.‬ ‫أ) األعداد‬ ‫يق���در عدد أفراد الجيش الس���وري بنحو 000,403 جندي ف���ي الخدمة، مع قوة احتياطية تُ قدر‬ ‫ُ‬ ‫بنحو 005,054 فرد. وثمة أدلة ذات مصداقية تش���ير إلى أن النظام لم يتمكن من اس���تدعاء‬ ‫أكثر من 06 بالمئة من االحتياطي، وأن وحدات الجيش السوري النظامية التي نُ شرت لقمع‬ ‫االحتجاج���ات غير المس���لحة تواج���ه ال محالة انش���قاقات ضخمة. ومع أن ه���ذه األرقام مبالغ‬ ‫فيه���ا وال تعكس ق���وة النظام الحقيقية ف���إن األهم من مجموع عدد أف���راد الجيش هو عدد‬ ‫ً‬ ‫الق���وات األرضية المش���اركة حاليا في المجازر وفي قمع الش���عب الس���وري. وتُ قدر مصادر‬ ‫ِّ‬ ‫داخلية موثوق بها أن العدد ال يتجاوز 000,001 جندي.‬ ‫وف���ي الوق���ت الحاضر يعتمد النظام إل���ى حد كبير على الفرقة المدرع���ة الرابعة والمقاتلين‬ ‫«الشبيحة» و 71 جهاز مخابرات والحرس الجمهوري. وهذه الوحدات مسؤولة عن حصار درعا‬ ‫وحماة ودير الزور وجسر الشغور وحمص. وطريق مواصالتها هو الطريق السريع الذي يربط‬ ‫س���ورية من شمالها إلى جنوبها، ومن يسيطر على هذا الطريق السريع يستطيع السيطرة‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫على البالد.‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وع���الوة على ذل���ك، فإن عدد القوات االحتياطية الس���ورية المذكورة آنفا ربم���ا يكون مبالغا‬ ‫ً‬ ‫في���ه، وال تعك���س الجاهزية والقدرات القتالية بدقة. وعادة ما يحس���ب أفراد االحتياطي كجزء‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫م���ن ق���وة الجيش النظامي���ة، حيث يتم تدريبهم كم���ا لو كانوا جزءا من���ه. ويكون لدى الجيش‬ ‫االحتياط���ي ع���ادة قواعدهم وإمداداته���م ومعداتهم الخاصة وتسلس���لهم القيادي الخاص.‬ ‫وعادة ما يتم اس���تدعاؤهم للتمرينات العس���كرية الدورية حتى يكونوا على كامل االستعداد‬ ‫الحتمال اس���تدعائهم في حاالت الطوارئ الوطنية. بيد أن أفراد االحتياطي في س���ورية ال‬ ‫يخضع���ون لمثل ه���ذا االنضباط أو الصرامة، ول���ذا يعتبرون غير أكفاء في أحس���ن األحوال،‬ ‫وعديمي الفائدة في المعارك العسكرية التقليدية في أسوأ األحوال.‬ ‫كما أن النظام عرقل نفسه منذ بدء االنتفاضة بتشككه في تماسك جنود جيشه النظاميين،‬ ‫وإيكال مهمة دخول المناطق الحضرية ومحاصرتها إلى الموالين العنيدين. ومن المتوقع أن‬ ‫َّ‬ ‫يلتف بعض هؤالء الموالين – إن لم يكن جميعهم – حول النظام في حالة التدخل األجنبي.‬ ‫ً‬ ‫ولكن استنادا إلى معدالت االنشقاق خالل الفترة السابقة التي اتسمت بالمخاطرة الفائقة،‬ ‫فإن من المرجح أال تكون القوة الملتفة حوله كبيرة.‬ ‫مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية‬ ‫01‬
  • 15. ‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية: تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬ ‫وإذا واج���ه الجن���ود النظاميون الذي���ن أصابهم اإلره���اق وتدنَّ ت روحه���م المعنوية مثل هذا‬ ‫االحتمال، وتصوروا حتمية سقوط النظام، فإن فرص وقوع انشقاقات جماعية تصبح كبيرة.‬ ‫كم���ا أن إغ���راء وجود منطقة آمنة داخ���ل البالد، يمك���ن أن يلجأ إليها جن���ود الجيش النظامي‬ ‫واالحتياطي سيجذب المتمردين.‬ ‫ب) األسلحة‬ ‫إن معظم صواريخ أرض-جو التي يملكها النظام هي سوفياتية الصنع من طراز ،57-‪S-25، S‬‬ ‫ً‬ ‫004-‪ ،S-125، S-200، S‬وهي جميعا متواجدة في الشريط الغربي من البالد لحراسته من أي‬ ‫ً‬ ‫هجوم إسرائيلي، والجزء الشرقي من البالد يكاد يكون غير محروس كليا بدفاعات جوية. كما أن‬ ‫ثمة ثالث مجموعات من صواريخ «كوب» من طراز 21‪ 2k‬متمركزة في دمشق وحولها وعلى‬ ‫حدود مرتفعات الجوالن وفي حمص وحماة. وتعتبر حلب أقصى منطقة في شمال سورية‬ ‫توجد فيها أنظمة دفاع جوي، حيث تتموضع فيها صواريخ من طراز 057-‪ S‬و 521-‪.S‬‬ ‫ويعتق���د أن الق���وات الجوية الس���ورية تمل���ك من 753 إل���ى 116 طائرة مقاتلة/اس���تطالع/‬ ‫ُ‬ ‫عملي���ات، وتض���م طائرات ميغ – 92 (فولك���روم)، وميغ – 52 (فوكس���بات) وميغ – 32 /‪ML‬‬ ‫‪( MF‬القديم���ة). كم���ا تملك القوات الجوية من 07 إلى 48 طائ���رة ذات أجنحة دوارة، إما من‬ ‫طراز ‪ ،Mi-25 Hind‬أو ‪ .SA-342Gazelk‬وحتى اآلن لم يقم النظام الس���وري بنش���ر طائرات‬ ‫ذات أجنحة ثابتة الس���تخدامها ض���د المحتجين المدنيين، ولكنه اس���تخدم الطائرات المروحية‬ ‫الهجومية في بعض الحاالت، وخاصة في محافظة إدلب.‬ ‫ً‬ ‫ووفقا لخبراء عس���كريين س���وريين، فإن عدد وحدات القوات الجوية السورية مبالغ فيه، بل‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫إن س���جل الق���درات القتالية للوحدات في أي مس���رح عمليات تقليدي يجعله���ا عبئا أكثر مما‬ ‫هي س���ند. ويفتقر س���الح الجو إلى الصيانة المنتظمة لألجهزة وإلى األفراد المدربين على‬ ‫تش���غيل تلك األجهزة، ويعاني من س���وء اإلدارة المتفشي في هيكل القيادة، وذلك يعود‬ ‫بش���كل رئيس���ي إلى نظام المحاباة الذي تتم في ظله التعيينات في المناصب المهمة. إذ‬ ‫أن األفضلية للموالين لعائلة األس���د بغض النظر عن خبراتهم ومواهبهم (كان حافظ األسد‬ ‫قد بدأ حياته المهنية في س���الح الجو، واس���تمرت سيطرة االبن على هذا الجناح من الجيش‬ ‫منذ ذلك الحين). وباختصار، فإن جميع المؤش���رات تدل على أن سالح الجو السوري سينهار‬ ‫أمام الضربات الغربية األولى لبنيته التحتية وأفراده.‬ ‫ً‬ ‫أما سالح البحرية السوري فهو محدود نسبيا في حجمه ونطاقه، حيث يملك ما مجموعه 92‬ ‫قطعة بحرية، معظمها قوارب إطالق صواريخ س���وفياتية الصنع من طراز ‪.MFPB-OssaI/II‬‬ ‫وال تملك س���ورية أية حامالت طائرات أو مدمرات أو غواصات. وتقع قواعدها البحرية في‬ ‫الالذقية وطرطوس وميناء البيضاء. كما أن نظام الدفاع الساحلي محدود، حيث يملك سالح‬ ‫البحرية الس���وري أب���راج ‪ ،Yakhont/Bastion‬م���ن ن���وع (008-‪ ،C-802, SSC-5 )p‬وصواريخ‬ ‫‪ ،SSC-1BS‬وسكود ‪ B/C/D‬لحراسة الساحل السوري.‬ ‫أما القواعد الجوية العس���كرية الس���ورية فهي موزعة في أنحاء البالد، في عفيس والقصير‬ ‫والناصرية والس���ويداء ودمير وحماه وجراح وخلخلة ومرج السلطان ومرج الرحيل وقبر الست‬ ‫وصيقل وشيرات وتياس.‬ ‫11‬ ‫دراسات المرحلة االنتقالية‬
  • 16. ‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية: تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬ ‫6. مخاطر التدخل‬ ‫إن كل حملة عس���كرية تنطوي على مخاطر، إضافة إلى التس���بب بوقوع خسائر في صفوف‬ ‫المدنيين. ولكن مخاطر التدخل في دولة ذات أهمية اس���تراتيجية كبرى في الش���رق األوسط‬ ‫كسورية أكبر من ذلك. فتهديدات النظام بإشعال حرب إقليمية، أو خلق «أفغانستان أخرى»‬ ‫على حد تعبير األسد، ليست مجرد جعجعة تهدف إلى منع التدخل، وإنما تعكس سيناريوهات‬ ‫معقولة لزعزعة االستقرار اإلقليمي من خالل استخدام أسلحة تقليدية أو إرهابيين بالوكالة،‬ ‫باإلضافة إلى زيادة األنشطة اإلجرامية والمتطرفة داخل سورية.‬ ‫أ) حزب الله‬ ‫وردت أنباء عن تزويد س���ورية لحزب الله ما ال يقل عن ثمانية صواريخ س���كود ‪ ،D‬مداها 007‬ ‫كيلومت���ر، ويمك���ن إطالقها على أي ه���دف على األرض كجزء من عملي���ة تهدف إلى حماية‬ ‫نظ���ام األس���د من الخل���ف. وتصيب هذه الصواري���خ أهدافها بدقة ضمن عش���رة أمتار، وإذا‬ ‫ُأطلق���ت من ش���مال لبن���ان، فإنها يمكن أن تضرب بس���هولة أي جزء من إس���رائيل أو األردن‬ ‫وأجزاء كبيرة من تركيا. ومع أن حزب الله بدأ التخطيط لمرحلة ما بعد رحيل األسد، فإنه ينبغي‬ ‫عدم استبعاد قدرته على شن حرب بالوكالة وعدم إهمال حوافزه لشنها – إما بناء على طلب‬ ‫دمش���ق أو طهران. وإن الروابط االستراتيجية التي تمتد من طهران عبر بيروت إلى دمشق،‬ ‫ربم���ا ت���ؤدي إلى رد غير متناظر من جانب حزب الله، بتنظيم وتوجيه من نظام األس���د وفيلق‬ ‫القدس التابع للحرس الثوري اإليراني.‬ ‫وال يحتاج حزب الله إلى إطالق صواريخ، فالحدود الس���ورية – اللبنانية سهلة العبور بالنسبة‬ ‫للمقاتلين الذين يدخلون س���ورية ويخرجون منه���ا. واألنباء التي تتحدث عن اختطاف الجئين‬ ‫سوريين في وضح النهار في شوارع بيروت على أيدي قوات األمن السورية، التي تتسلل‬ ‫بسهولة عائدة إلى سورية تعني أن لبنان يخاطر باالنغماس في نزاع عسكري ثانوي.‬ ‫بيد أن حزب الله ليس في وضع – من الناحية السياس���ية أو العسكرية‬ ‫– يؤهل���ه لش���ن حرب تقليدية ض���د جيش تدخل غرب���ي. فالحزب يواجه‬ ‫حزب الله ليس في وضع – من‬ ‫ً‬ ‫ضغوط���ا دولية متزايدة لحمله على تس���ليم أربعة من أفراده اتهمتهم‬ ‫الناحية السياسية أو العسكرية‬ ‫المحكم���ة الخاص���ة بلبنان بالضل���وع في عملي���ة اغتيال رئي���س الوزراء‬ ‫– يؤهله لشن حرب تقليدية‬ ‫اللبناني األسبق رفيق الحريري في عام 5002. كما أن الحزب لن يضحي‬ ‫ُ‬ ‫ضد جيش تدخل غربي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بوضعه في الحكومة اللبنانية الحالية حتى يصبح جيش���ا خلفيا لألس���د‬ ‫من الناحية الفعلية. بل من المرجح أن يقتصر دوره على ش���ن عمليات‬ ‫إرهابي���ة أو مس���اعدة النظام في إدخال مقاتلين لبنانيين أو إرس���ال قناص���ة يتمركزون على‬ ‫أس���طح المباني إلطالق النار على جنود الجيش النظاميين الذين يرفضون إطالق الرصاص‬ ‫مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية‬ ‫21‬
  • 17. ‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية: تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬ ‫على المدنيين العزَّ ل. ولهذا الس���بب، فإن الحدود اللبنانية – الس���ورية س���تكون بحاجة إلى‬ ‫حراس���ة، على األرجح من قبل كتائب من الجنود الس���وريين المتمردين، وتقديم مس���اعدات‬ ‫لوجستية لهم من قبل االستخبارات الغربية.‬ ‫ب) الجماعات الجهادية‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وفقا للس���فير األمريكي روبرت فورد، فإن عدد الجهاديين العاملين حاليا داخل س���ورية يعد‬ ‫ُ‬ ‫بالعش���رات وليس بالمئات. بيد أنه مع االنس���حاب الوش���يك للقوات األمريكية من العراق،‬ ‫ٌ‬ ‫الذي بدأ ومن المقرر أن يستكمل قبل 13 كانون األول/ديسمبر 1102، فإن الفرصة حقيقية‬ ‫ُ‬ ‫أمام تنظيم القاعدة في بالد الرافدين أو غيره من الجماعات الجهادية الس���تغالل النزاع في‬ ‫س���ورية، وخاصة مع وجود مش���اركين غربيين في النزاع. إن رعاية الجماعات اإلرهابية العابرة‬ ‫للجنسيات ما فتئت تشكل أداة موثوقة لقوات األمن السورية.‬ ‫وق���د أثب���ت النظام في الماضي أنه مس���تعد بدهاء لعقد تحالف���ات مصلحية مع عناصر من‬ ‫تنظيم القاعدة ممن كانوا ينشطون عبر الحدود مع العراق. ومن المرجح أن توفر االستخبارات‬ ‫ُ‬ ‫العس���كرية السورية المنصة الضرورية والتش���جيع لمثل هؤالء العناصر، إما كإجراء انتقامي‬ ‫أو م���ن أجل تدعيم الرواية الدعائية للنظام الت���ي تقول بأنه يقاتل العناصر المتطرفة وليس‬ ‫الث���ورة الش���عبية. ويقوم النظام بتعزي���ز قدراته على زعزعة اس���تقرار المنطقة، في الوقت‬ ‫الذي يرعى فيه بال اكتراث الجماعات اإلرهابية العابرة للجنس���يات، كأس���لوب البتزاز المجتمع‬ ‫الدولي ومنعه من اتخاذ إجراءات حازمة.‬ ‫وهناك خطر آخر يمثله تنظيم «أنصار اإلس���الم»، وهو جماعة جهادية محلية كان قد أرس���لها‬ ‫النظ���ام الس���وري إلى الع���راق لقتل قوات التحالف في أواس���ط العش���رية األولى من هذا‬ ‫القرن. وعلى غرار ما فعل صدام حسين في خطة «تموز المبارك»، التي هدفت إلى إطالق‬ ‫العنان لموجة من الهجمات اإلرهابية ضد األهداف الغربية في حالة وقوع تدخل دولي في‬ ‫العراق، فإن أنصار اإلس���الم – المدعومين من قبل عناصر االستخبارات العسكرية السورية‬ ‫– يمكن تفعيلهم للقيام بعمليات تفجير انتحارية أو هجمات بالمتفجرات المحلية الصنع ضد‬ ‫القوات المتمردة داخل سورية واألهداف الغربية في الخارج على السواء.‬ ‫بي���د أن العالق���ة المصلحية الطويلة بين المخابرات الخاصة لألس���د والجماعات التي تنتمي‬ ‫إلى تنظيم القاعدة إنما يؤكد على ضرورة االس���تراتيجية لإلطاحة بنظام ديكتاتوري يستخدم‬ ‫ً‬ ‫اإلرهاب أداة إلدارة الدولة.‬ ‫ينبغي أال يكون لحزب الله‬ ‫وينبغي أال يكون لحزب الله أو الجماعات الجهادية أي تأثير على العملية‬ ‫أو الجماعات الجهادية أي‬ ‫العس���كرية الرامية إلى خلق منطقة آمنة داخل سورية، مجاورة للحدود‬ ‫تأثير على العملية العسكرية‬ ‫الش���مالية الغربي���ة لتركيا. ولك���ن الخطر الذي يمثله ه���ؤالء يكمن في‬ ‫الرامية إلى خلق منطقة آمنة‬ ‫المراح���ل النهائية لس���قوط النظام، عندما يحاولون منع بس���ط القانون‬ ‫داخل سورية، مجاورة للحدود‬ ‫والنظام من قبل س���لطة انتقالية. ومرة أخ���رى، لننظر إلى الدمار الذي‬ ‫الشمالية الغربية لتركيا‬ ‫أحدثه تنظيم القاعدة والعصابات اإلرهابية في العراق عقب الغزو الذي‬ ‫قادته الواليات المتحدة لإلطاحة بصدام حسين.‬ ‫31‬ ‫دراسات المرحلة االنتقالية‬
  • 18. ‫إقامة المنطقة اآلمنة في سورية: تقييم للجوانب القانونية واللوجستية والمخاطر‬ ‫ج) إطالق سراح المجرمين‬ ‫من الس���يناريوهات المحتملة سيناريو «يوم القيامة»، حيث يعمد النظام إلى إطالق سراح‬ ‫الس���جناء الجنائيين (القتل���ة والمغتصبين والمهربين وتجار المخ���درات واللصوص). من أجل‬ ‫ّ‬ ‫إشاعة الدمار والفوضى بين السكان في فترة ما بعد التحرير، بطريقة تذكرنا بالمكائد النهائية‬ ‫لصدام حس���ين في العراق. وثمة أنباء – يبدو أنها معقولة – تش���ير إلى أنه تم إطالق سراح‬ ‫ً‬ ‫هؤالء العناصر فعال، مع أن مدى وحش���يتهم، بالمقارنة مع الوحش���ية التي مارستها قوات‬ ‫األمن وفرق الموت «الش���بيحة» التابعة للنظام ضد الش���عب السوري، لم تتضح بعد. وقد‬ ‫ً‬ ‫يرى السوريون في اغتصاب األوالد الصغار أمام عيون آبائهم دليال على وجود المهووسين‬ ‫في صفوف تلك القوات.‬ ‫د) إيران والعراق‬ ‫تظ���ل إيران الحلي���ف اإلقليمي القوي الوحيد لنظام األس���د. وتش���ير مصادر االس���تخبارات‬ ‫الغربية – ناهيك عن العقوبات الغربية – إلى أن فيلق القدس التابع للحرس الثوري اإليراني‬ ‫ما انفك يقدم المش���ورة لنظام األس���د فيما يتعلق بأس���لوب القمع منذ اندالع االنتفاضة‬ ‫ِّ‬ ‫السورية. وفي العراق نفذ فيلق القدس التابع للحرس الثوري اإليراني هجمات ضد القوات‬ ‫األمريكية في العراق، باإلضافة إلى إرس���ال األس���لحة إلى المقاتلين المنضوين تحت لواء‬ ‫التنظيمات هناك.‬ ‫ً‬ ‫وثمة عالمات مشجعة قليال على أن الحكومة العراقية تتخذ التدابير المضادة المالئمة لحفظ‬ ‫األمن على حدودها مع سورية، إذ لم تنضم إلى مبادرة الجامعة العربية األوسع إلدانة نظام‬ ‫َّ‬ ‫األسد وفرض عقوبات عليه. وفي محافظة األنبار، تشكل «فصيل األنبار» إلظهار التضامن‬ ‫مع الثورة الس���ورية ومنع قدوم المقاتلين الش���يعة إلى سورية لمساعدة النظام في حملة‬ ‫القمع. ويتعين على واشنطن أن تستخدم كل ما تبقى لها من نفوذ لدى الحكومة العراقية‬ ‫من أجل تأمين الحدود في حالة وقوع تدخل عس���كري في س���ورية. إن النفوذ اإليراني في‬ ‫بغداد المختَ لف بشأنه، واحتدام الصراع الطائفي في العراق نفسه، يعنيان أن أي زجر لنظام‬ ‫األس���د سيفس���ر على أنه استفزاز سني ضد حليف ش���يعي. بيد أن البديل ال يشكل زعزعة‬ ‫ُ َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الستقرار سورية فحسب، وإنما تجديدا لنزاع استغرق احتواؤه عقدا من الزمن في العراق.‬ ‫ً‬ ‫وم���ا كش���فت وزارة العدل األمريكية النقاب عنه أخيرا بش���أن وجود مؤام���رة من قبل الحرس‬ ‫الث���وري اإليراني تهدف إلى اغتيال س���فير الس���عودية ف���ي الواليات المتحدة – بواس���طة‬ ‫كارتل مكس���يكي لتهريب المخدرات – يظهر أن إيران تزداد جرأة في محاوالت ضرب أهداف‬ ‫ُ‬ ‫غربية. وم���ن هنا ينبغي توقع قيام فيلق القدس التابع للحرس الثوري‬ ‫اإليراني بدور هدام في حالة التدخل في س���ورية، إما بش���ن وتنسيق‬ ‫مهما كان تدخل إيران حاد ًا،‬ ‫هجمات ضد القوات المتمردة داخل البالد، أو بالتخطيط لش���ن هجمات‬ ‫فإن من غير المرجح أن يغامر‬ ‫إرهابية في الخارج ضد مواطني القوى المتدخلة، أو كليهما.‬ ‫آيات الله بتدخل عسكري مباشر‬ ‫والتحال���ف بين حزب الله وفيل���ق القدس التابع للحرس الثوري والرئيس‬ ‫في سورية‬ ‫األس���د يش���ير بقوة إلى أن إضعاف وإس���قاط نظام األس���د يمكن أن‬ ‫مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية‬ ‫41‬