1. خطوات عند نزول البلء
كل إنسان عرضة للبلء مادام أنه يقطن دار الشقاء ، فأمّا
المسرف على نفسه بفعل الذنوب فيُطهره ا ويكفّر ذنبه ،
حتى يمشي على ظهر الرض وليس عليه ذنب .
هكذا قال النبي صلى ا عليه وسلم : )ما يبرح البلء بالعبد
حتى يتركه يمشي على الرض وما عليه خطيئة(، وأما المؤمن
التقي فيرفع ا به منزلته ويعلي درجته حتى يدرك بهذا البتلء
منزلة علية لم يكن ليدركها بعمله رغم صلحه ، وكلٌ يبتلى على
قدر إيمانه فأعظم الناس ابتلء النبياء ثم المثل فالمثل ، وقد
يكون البتلء ابتلء دفع يقربك إلى ا زلفى .
وا تعالى أرشدنا لكيفية مواجهة مرحلة البتلء بنص القرآن ،
وكذلك النبي صلى ا عليه وسلم بأحاديثه العطرة ، ومما
لشك فيه أنّ بنصوص الوحيين كفاية وهداية ، ولكن ل نلغي
تلك التجارب العملية المفيدة لصحاب الفضل والنُهى الذين
عايشوا أنواع البتلءات وخرجوا بحكمةٍ يُستضاءُ بها لسيما في
هذا الطريق .
وهنا أذكر من تلك الخطوات التي أعتقد جازما أنّ من تحرى
العمل بها فلن يضيع ا أجره ولن يُخيّب سعيه ، إنْ سار عليها
وعدته الصبر واليقين بموعود رب العالمين :
2. 1 -إسترجع ؟
عند نزول البلء بك وهو أن تقول : إنّا لله وإنّا إليه راجعون .
قال تعالى : }الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا لله وإنّا إليه
راجعون ، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم
المهتدون{
2 -تذكر ؟
أن الصبر عند الصدمة الولى أي عند تلقي البلء ، كما ذكر
النبي صلى ا عليه وسلم : )الصبر عند الصدمة الولى( .
3 -إستحضر ؟
عظيم الجر المترتب على هذا البلء لو أنك صبرت واحتسبت .
قال عليه الصلة والسلم : )ما يصيب المسلم من نصب ، ول
وصب ، ول هم ، ول حزن ، ول أذى ، ول غم ، حتى الشوكة
يشاكها إل كفر ا بها من خطاياه( .
4 -تيقّن ؟
أنّ هذا البلء بقدر ا الذي كتبه قبل خلق السماوات والرض
بخمسين ألف سنة قال تعالى : }ما أصاب من مصيبة في
الرض ول في أنفسكم إل في كتاب من قبل أن نبرأها إنّ ذلك
على ا يسير{ ، فهذا البتلء سيجري عليك صبرت أم لم تصبر
ولن يُمكنك تجنبه مادام أنه كُتب عليك وثق أنه خير لك في كل
3. حال وإن جهلت المنفعة ، أمّا إنْ جزعت فسوف تجمع بجانب
مصيبتك مصيبة أخرى وعند الصبر ستؤجر وسيعينك المولى ،
فالصابر محمود مشكور ملطوف به ، والجازع مذموم ممقوت
غير ملطوف به ، وفي ذلك قال أبو تمام :
وقال عليٌ في التعازي لشعثٍ ... وخاف عليه بعض تلك
المآثمِ
أتصبرُ للبلوى عزاءً وحسبةً ... فتؤجر أو تسلوا سلوّ البهائمِ
5 -تأسى ؟
بمن هم أعظم منك إبتلءً وكثيرٌ ماهم فهذا يوسف عليه
السلم سُجن مظلوما ، وأيوب مرض 41 عاما ومات أبناءه
وذهب ماله ، ويونس التقمه الحوت ، وإبراهيم أُلقي في النار
وهجر موطنه ، و نوح دعا قومه 059 سنة فلم يستجيبوا له
وغرق ابنه وهو يرى ، ويحيى قطع رأسه مهرا لبغي ، وزكريا
نُشر ، وموسى أُلقيَ في اليم وهو رضيع ، ونبينا عليه الصلة
والسلم أُلقيَ عليه سل الجزور وشجت رباعيته وسال الدم من
وجهه الكريم وطرد من مكة وألتجأ إلى الطائف فطردوه منها
وأغروا به سفهائهم فرموه بالحجارة وسال الدم منه وقيل عنه
ساحر وشاعر ومجنون ، وغيرهم الكثير الكثير ، فأين أنت منهم
وهم أكرم الخلق على ا ، تذكر هذا لتسكن روحك وتحمدا
على بعض الجوانب الجميلة بحياتك ، كما أنّ محاولتك معرفة
4. كيف تعايشوا مع ابتلءاتهم مما يضيء طريقك ويوقد شُعلة
همتك لتجاوز البتلء .
6 -إعلم ؟
أنّ كل بلء دون دينك فهو رحمة واعلم أنك مفارقه ل محالة ،
فاحمد ا على ذلك ول تجزع ، وقد كان عمر بن الخطاب إذا
نزلت به مصيبة يقول كلمات تشع نورا وتسطر بماء الذهب :
)الحمد لله ثلثا ، الحمد لله إذ لم تكن في ديني ، والحمد لله إذ
لم تكن أكبر منها ، والحمد لله إذ أُلهمت الصبر عليه( .
فليتك تحلو والحياة مريرةٌ .. وليتك ترضى والنامُ غضابُ وليت
الذي بيني وبينك عامرٌ .. وبيني وبين العالمين خرابُ إذا صحّ
منك الود فالكل هينٌ .. وكل الذي فوق التراب ترابُ
7 -توجّـه ؟
إلى ا بالدعاء أن يرفع عنك هذا البلء وأن ل يفتنك وأن
يجعله لك تطهيرا ورفعة وأن يجعل تحت المحنة منحة وخلف
النقمة نعمة ، إذ لم يزل الدعاء سلح المؤمنين وعدة الصابرين
، وهو من أهم أسباب رفع البلء .
ولكل حالٍ معقبٍ ولربما .. أجلى لك المكروه عما يُحمدُ
8 -أبدع ؟
5. وابحث عن عملٍ يُناسب حالك لتعمله ، ول تقف حياتك بدعوى
نزول البلء بك ول تركن إلى العجز ، فكم من مبتل ً نبغ ووصل
مالم يصله الصحيح المعافى ، وحاول التكيّف مع ما حلّ بك
وانظر في مَن سبقك من أرباب الهمم العالية فإنّ البتلء
طريق العظماء ، ولنأخذ لمحة صغيرة من قصة كل معطياتها
تدل على البتلء والضعف ، فالقتل والتشريد والحزن والغربة
من سماتها الظاهرة ؟
- عبدالرحمن الداخل أو عبدالرحمن بن معاوية الموي ، قام
بأعمال تُشبه الخوارق ولكنها حقائق ؟
قُـتِـلَ أهله حتى ارتوت الرض من دمائهم ، فاضطر مكرها
الى السباحة لينجو هو وأخ له من الموت ويصل الى الضفة
الخرى ، فرجع أخاه بعد أن أعياه التعب وبعد أنْ أعطوه
المان وضمنوا له أنْ ل يؤذوه كذبا وزورا ، فقتلوه أمام عينه ،
أما هو فأكمل السباحة وعاش غريبا طريدا مدة من الزمن ،
ولكنه لم ييأس وثابر وشمّر عن ساعد الجد ولم تمضِ غير
سنيّات قليلة حتى دخل قرطبة خليفة للمسلمين في بلد
الندلس فسمّاه الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور : صقر
قريش بعد أن أنهكه وأخمد جميع الثورات التي خططها له في
القصة المشهورة .