وتعرِّف منظمة الصحة العالمية التكنولوجيا المساعدة باعتبارها « مجموعة فرعية من التكنولوجيات الصحية، تشير إلى المنتجات المساعدة والنُّظُم والخدمات المرتبطة بها المـُستحدثة للناس بهدف الحفاظ على أدائهم الوظيفي، أو تحسينه، وبالتالي تعزيز عافيتهم».
وتشتمل المنتجات المساعدة على مجموعة من الأجهزة تتنوع بين عِصِيّ المشي، والنظارات، ومُعينات السمع، والكراسي المتحركة، والأطراف السفلية الاصطناعية، والمـُعينات الأكثر تعقيداً مثل معينات الذاكرة أو الإدراك، أو أجهزة وبرامج الحاسوب التي تلبي مختلف الاحتياجات.
ويُقدَّر اليوم عدد الأشخاص المحتمل أن يستفيدوا من التكنولوجيا المساعدة حول العالم بنحو مليار شخص. ويُتوَقَّع أن يرتفع هذا العدد إلى أكثر من 2 مليار بحلول عام 2050.
ويشمل هؤلاء الأشخاص من ذوي الإعاقة، والمسنّين، والمصابين بالأمراض غير السارية، والمصابين بحالات صحية نفسية، والمصابين بتدهور الأداء التدريجي.
وبالرغم من الاحتياج العالمي الهائل، فلا يحصل على التكنولوجيا المساعدة سوى فرد واحد من بين كل عشرة أفراد محتاجين إليها. وسوف تزداد تلك الهوة اتساعاً مع ارتفاع الطلب - ما يلقي عبئاً جسيماً على الصحة العامة والنمو الاجتماعي والاقتصادي.
ولمّا كان للمنتجات المساعدة أثرٌ ملموسٌ على الصحة والأداء الوظيفي،، فقد باتت تلعب دوراً رئيسياً في بلوغ الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة، لاسيما الغاية 3.8 المشمولة فيه والمتعلقة بالتغطية الصحية الشاملة. ويُضاف إلى ذلك الأثرُ المترتبُ عليها بالنسبة لإنجاز معظم أهداف التنمية المستدامة الأخرى.
في واقع الأمر، يتبوأ قطاع الصحة المكانة الفُضلى التي تؤهله لضمان الإتاحة الشاملة للمنتجات المساعدة.
ووزارات الصحة هي الجهة المسؤولة عن ضمان صحة السكان وعافيتهم.
وهي تمتلك البنى التحتية للصحة التي تمكنها من تقديم الخدمات المتكاملة، بما في ذلك على مستويات الرعاية الصحية الأولية، من أجل توسيع نطاق توفير المنتجات المساعدة.
وحتى في البلدان التي تضطلع فيها قطاعاتٌ أخرى (مثل الرفاه الاجتماعي) بالمسؤولية الرئيسية عن توفير التكنولوجيات الـمُساعِدة، فلابد أن تكون لدى وزارات الصحة أيضاً برامج للتكنولوجيا المساعدة تضمن إتاحة تلك التكنولوجيا لجميع السكان.
وثمة بعض الجهود والمنجزات التي تحققت في مضمار توفير التكنولوجيا المساعدة عبر الإقليم. ولكن حرصا منا على الوقت، وتمشيا مع الغرض المرجو من هذه الورقة، سوف نقوم باستعراض أبرز التحديات الماثلة في الإقليم:
بادئ ذي بدء، ثمة غياب للسياسات والبرامج المعنية بالتكنولوجيا المساعدة. ففي المسح العالمي الذي أُجري في عام 2005، أبلغت 18 دولة في الإقليم عن توفيرها المنتجات المساعدة لآحاد الناس. غير أنه لم تتوفر معلومات كافية حول إذا ما كان ذلك يأتي مدعوماً بالتشريعات أو السياسات أو البرامج المؤسّسية الملائمة.
وتُقدَّم خدمات إعادة التأهيل، لاسيَّما في البلدان منخفضة الدخل ومتوسطة الدخل، من جانب القطاع الخاص، والمنظمات غير الحكومية، والجهات المانحة، والمؤسسات الدولية. وتواجه الكثير من تلك الجهات الفاعلة قيوداً مختلفة مرتبطة بالتغطية الجغرافية، أو بالتركيز على أنماط محددة من التكنولوجيات الـمُساعِدة أو الإعاقة، أو بالسِّعَة أو القدرة المالية اللازمة لإرساء نظم تقديم الخدمة على نحو مستدام في كافة ربوع الدولة. وتكتسي الآثار المترتبة على الإتاحة الشاملة أهمية بالغة.
ويتمثل التحدي الثاني في عدم القدرة على إجراء تقييم سليم للاحتياجات المحددة وتوفير الخدمات لمختلف المجموعات البيانات المتاحة حول الاحتياجات القائمة غير متاحة على نحو وافٍ
غير أنه يمكن النظر إلى البيانات المتاحة إقليميا حول الإعاقة، والشيخوخة، والأمراض غير السارية، والإصابات مقياسا بديلا لتحديد حجم سوق المنتجات اللازمة. وتزداد الحاجة أكثر فأكثر في حالات الطوارئ.
وسوف تُلقي الشرائح الأربع التالية بمزيد من الضوء على البيانات المتاحة.
وفضلا عما تقدم، يواجِه إقليم شرق المتوسط في الوقت الراهن حالات طوارئ على نطاق غير مسبوق تؤثر على جميع البلدان تقريبا، بشكل مباشر أو غير مباشر.إذ تتسبب الطوارئ في الإضرار بما يزيد عن 62 مليون شخص في الإقليم بحاجة إلى الرعاية الصحية. على سبيل المثال:
استعراض الاحتياجات الإنسانية في الجمهورية العربية السورية في عام 2016: هناك ما يقرب من 1.5 مليون شخص من ذوي الإعاقة و600000 شخص يعانون من اعتلالات مزمنة في صفوف السكان الذين يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية، ويعانون من الإتاحة المحدودة للخدمات الضرورية.
أسفرت الزلازل التي ضربت منطقة بام (2003)، وكشمير (2005) عن سقوط عدد هائل من الوفيات والإصابات، وحدوث زيادة كبيرة في حالات الإعاقة. وأشارت التقديرات إلى أن كلا الزلزالين أسفرا عن سقوط ما يقرب من 31000 قتيل و30000 مصاب في جمهورية إيران الإسلامية، وأكثر من 73000 قتيل و128000 مصاب في باكستان.
غير أن الاستجابة للاحتياجات الموجودة سلفاً والمـُستجدّة كثيرا ما تكون منعدمة أو غير منتظمة، مع تقديم منتجات تفتقر إلى الملاءمة والجودة. ويُفاقم من هذا الوضع ما قد يعتري النُّظُم الصحية وسائر النُّظُم من انقطاع.
ويتمثل التحدي الثالث في عدم كفاية خدمات إعادة التأهيل، بما في ذلك العاملون المهرة والمنتجات المساعدة.
في واقع الأمر، في كثير من بلدان الدخل المنخفض والدخل المتوسط لا يحصل سوى 5 - 15% من الأفراد على ما يحتاجونه من المنتجات المساعدة، وذلك لعدة أسباب تشمل عدم كفاية الإنتاج، وتدني جودة بعض المنتجات، وارتفاع التكاليف.
استجابة لطلب تقدمت به الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2013 من أجل توفير وتنسيق الدعم التقني المقدم للدول الأعضاء في ما يتعلق بالتكنولوجيا المساعدة، أطلقت منظمة الصحة العالمية مبادرة "التعاون العالمي في مجال التكنولوجيات الـمُساعِدة ( “(GATE . وتعالج المبادرة أربعة مجالات رئيسية. بالنسبة للسياسات، يجري إعداد إطار سياسة للتكنولوجيا المساعدة، وفي ما يتعلق بالمنتجات، وضعت منظمة الصحة العالمية قائمة بالمنتجات المساعدة ذات الأولوية بالتشاور مع الدول الأعضاء، وسائر الشركاء وجماعات المستخدمين. وبالنسبة للعاملين، فإن حزمة تدريبية لا تزال قيْد الإعداد لتلبية كافة الاحتياجات التدريبية. وفي ما يتصل بتقديم الخدمات، يجري الإعداد لنموذج النافذة الواحدة مدعوماً بأداة تقييم الاحتياجات.
استناداً لما تقدم، أُعد مشروع قرار يُعرَضُ على السادة الحضور لمراجعته ومناقشته متضمنا خطة عمل إقليمية تستهدف تحسين إتاحة التكنولوجيا المساعدة في الإقليم. وينصب التركيز على الدور الرائد المنوط بوزارات الصحة في هذا الصدد للتنسيق مع سائر الجهات، ووضع سياسات وطنية متكاملة مقترنة بالتمويل اللازم، وإدراج التكنولوجيا المساعدة في التغطية الصحية الشاملة والاستجابة لحالات الطوارئ والتأهب لها، وتخطيط الخدمات المستنير بالبيانات حول الاحتياجات، والقوائم الوطنية للمنتجات المساعدة ذات الأولوية، والموارد البشرية اللازمة.