20. االفتتاحية
إال الحماقة
عندما ننظر ملا يحدث حولنا يف شتى مناحي الحياة، نلمس
تفيش الحامقة، وهي ترادف الرش ودليل الخفة والرعونة،
وتنترش بني الجنسني عىل مستوى الفرد والجامعة، وقد قيل
فيها “لكل داء دواء يستطب به إال الحامقة أعيت من يداويها”.
إن أحمق الناس من ال يتعلم حتى يقع يف أخطاء غريه،
ً
واألحمق عدو نفسه ملا يسببه من رضر، فضال عن أنه ال يحسن
شيئاً.
وال ينتفع األحمق مبا وهبه الله من حواس، كشأن الكافر
واملنافق وقد ذكره سبحانه وتعاىل بقوله:
“وإذا قيل لهم ال تفسدوا في األرض قالوا إنما نحن مصلحون”
البقرة 11
“أولئك الذين اشتروا الضاللة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا
مهتدين”
البقرة 61
“صم بكم عمي فهم ال يرجعون”
ٌ
ٌ
ٌ
البقرة 81
ومن أبلغ ما جاء يف صفات الحمقى، ما قاله املسيح عليه
السالم حني سئل عن األحمق: “إنه املعجب برأيه ونفسه، الذي
يرى الفضل كله له ال عليه، ويوجب الحق لنفسه وال يوجب
عليها حقاً، فذاك األحمق الذي ال حيلة يف مداواته”.
كام قال اإلمام عيل كرم الله وجهه: “األحمق إن استنبه بجميل
ّ
غفل، وإن استنزل عن حسن نزل، وإن حمل عىل جهل جهل،
وإن حدث كذب، ال يفقه، وإن فقه ال يتفقه”.
وقد ورد يف ذم الحمقى كثري من االحاديث منها عن األوزاعي
أنه قال: “بلغني أنه قيل لعيىس بن مريم عليهام السالم: يا روح
الله، إنك تُحيي املوىت؟ قال: نعم بإذن الله، قيل: وتُربئُ األكمهَ؟
َ
قال: نعم بإذن الله، قيل: فام دواء الحمق؟ قال: هذا الذي
أعياين”.
وقال جعفر الصادق: “األدب عند األحمق كاملاء يف أصول
ُ
الحنظل، كلام ازداد رياً زاد مرارة”.
وعن عالمة الحمق، قال أبو حاتم بن ح َّيان الحافظ: “سعة
ُ
الجواب، وترك التثبت، واإلفراط يف الضحك، وكرثة االلتفات،
والوقيعة يف األخيار، واالختالط باألرشار، واألحمق إن أعرضت
َ
عنه عبس، وإن أقبلت عليه اغرت، وإن ح ُلمت عنه جهل عليك،
وإن أحسنت إليه أساء إليك، ويظلمك إن أنصفته”.
ُ
وفيام يتعلق بأخالق األحمق، جاء عن بعض الحكامء: “إن
رِ َ
استغنى بطر، وإن افتقر قنط، وإن فرح أرش، وإن قال فحش،
رِ َ
وإن سئل بخل، وإن سأل ألح، وإن قال مل ُيحسن، وإن قيل له
َّ
ُ
مل يفقه، وإن ضحك نهقَ وإن بىك خار”.
ََ
كام يروي األحنف بن قيس عن الخليل بن أحمد، إن الناس
أربعة: “رجل يدري ويدري أنه يدري، فذاك عامل فخذوا عنه،
ورجل يدري وهو ال يدري أنه يدري، فذاك ناس فذكروه، ورجل
ٍ
ال يدري وهو يدري أنه ال يدري فذاك طالب فعلموه، ورجل ال
ٌ
يدري وال يدري أنه ال يدري فذاك أحمق فارفضوه”.
أما كيف نجيب األحمق؟ فقد قال الخليفة عمر بن عبدالعزيز:
“ما عدمت من األحمق فلن تعدم خ َّلتني: سعة الجواب، وكرثة
ُ
االلتفات، وال عوقب األحمق مبثل السكوت عليه”.
المحرر