SlideShare una empresa de Scribd logo
1 de 11
بـحث 
الجدول الدوري بمادة 
الكيمياء 
عمل الطالبان: 
ريان غالب الحاج 
رمزي اللحياني 
معلم المادة: 
فواز الزويهري 
الجدول الدوري لمندليف وماير 
يُعدُّ الجدولُ الدوري للعناصر أداة 
أساسية ومهمة لعلماء الكيمياء المعاصرين، 
وذلك منذ بدايات وضعه قبل نحو 022 عام. 
يُعدُّ الجدول الدوري للعناصر واحدا من أقوى رموز العلم، فهو وثيقة 
واحدة تجمع معظم معارفنا بعلم الكيمياء، ونجد نسخة منه معلقة في كل مختبر
وكل قاعة تُدرّس فيها الكيمياء في العالم، في حين لا نجدُ ما يماثل ذلك تماما 
في أي من التخصصات العلمية الأخرى. 
تعود بدايات قصة وضع تصنيفٍ للعناصر في نظام دوري، إلى ما قبل نحو 
مئتي عام؛ وقد شهد الجدول خلال مساره الطويل الكثير من الجدل، وأُدخل 
عليه الكثير من عمليات التعديل والتبديل ليتلاءم مع تطور العلم، ومع اكتشاف 
عناصر جديدة ]انظر: صنع عناصر جديدة في هذا العدد[. 
إلا أن مبدأ هذا النظام وطبيعته لم يتعرضا لأي تغيير جذري، على الرغم 
من التغيرات الكبيرة والأساسية التي طرأت على شتى العلوم خلال القرن 
الماضي، وبخاصة نشوء نظرية النسبية، والميكانيك الكمومي )الكوانتي(. 
وحين كانت بعضُ الكشوفات الجديدة تقتضي إعادة النظر في الأسس التي قام 
عليها الجدولُ، كان يمكن دائما استيعابُ تلك الكشوفات في بنيته الأساسية؛ لذا 
فإن المكانةَ الرفيعة التي يشغلُها تعود إلى أصوله التاريخية كما تعود إلى 
دلالاته العلمية المعاصرة. 
يحوّل الجدولُ الثلاثي الأبعاد، الجدولَ الدوري التقليدي إلى بنية متعددة 
الطبقات، تظهر فيها فصائل الجدول الدوري، أو مجموعاته الرأسية، التي 
تحوي عائلات من العناصر المتشابهة، متدرجة في قلب هذه البنية من أعلاها 
إلى أدناها، وكذلك في طبقاته التي تتوضع واحدتها فوق الأخرى. أما أدوار
الجدول التقليدي فتبدو هنا على شكل صفائح أو طبقات متعددة. تُظهر هذه 
البنية تناظرَ الأدوار والتزايد المنتظم في أبعادها، مما يعد مظهرا كيميائيا 
أساسيا لم يستطع الميكانيك الكمومي تفسيره على نحو كاف حتى الآن. 
على تكرار أنماطٍ من الخصائص الكيميائية بعد » الدورية « يدل مفهومُ 
فترات منتظمة ومحدّدة. وقد تمكن الطلبة الذين يدرسون علم الكيمياء من تعلم 
ومعرفة خصائص 110 عنصرا مكتشفا حتى الآن، من خلال ما يقدمه هذا 
المفهوم من تيسير وتسهيل لفهم تلك الخصائص. وكان يكفيهم لذلك معرفة 
خصائص عدد محدود جدا من العناصر النموذجية، والتعرّف من خلالها إلى 
خصائص العناصر الأخرى التي تنتظم معها في مجموعات أو فصائل؛ لأن 
لعناصر الفصيلة الواحدة خصائص كيميائية متماثلة )تتمثل الفصيلة في 
الجدول الدوري بالعناصر الواقعة في عمود رأسي واحد.( 
جاء اكتشاف النظام الدوري لترتيب العناصر تتويجا للعديد من التطورات 
العلمية، ولم يكن قط نتيجة عاصفة فكرية عَرَضت لفرد بذاته. على الرغم من 
،1681/0/ أن المؤرخين يرون أن المولد الرسمي للجدول الدوري كان في 11 
على يد العالم الروسي >ديمتري ماندلييڤ< حين وضع جدوله الأول من بين 
عدة جداول له في هذا المجال. لقد حوى ذلك الجدولُ 86 عنصرا كانت 
معروفة حينذاك، مرتبة بدلالة تزايد أوزانها الذرية، وتُركت فيه مواقع شاغرة 
لعناصر لم تكن معروفة في ذلك الوقت، وتنبأ ماندلييڤ بأنها ستكُتشف لاحقا، 
وحدّد أوزانها الذرية التقريبية. 
وكان علماء آخرون قد سبقوا ماندلييڤ بوضع أنظمة تترتب فيها العناصر. 
لاڤوازييه<، الذي .A< كان منهم، على سبيل المثال، عالم الكيمياء الفرنسي 
.L-C< دومورڤو< و .G.B-L< فوركروي< و .A< عمل عام 1161 مع 
برتوليه<، على إعداد قائمة تضم 66 عنصرا معروفا حينذاك؛ وقد اعتمدت 
تلك القائمة وسواها تمثيلا أحادي البعد، في حين يعد من مظاهر القوة في 
جدول ماندلييڤ اعتمادُه تمثيلا ثنائي البعد، جَمَ عَ كافة العناصر المعروفة، 
وترك أمكنة شاغرة لعناصر لم تكن معروفة، بل سيحملها المستقبل معه، كل 
ذلك في نظام منطقي محدد، فيه عدد من الأدوار )وهي الصفوف الأفقية( 
والفصائل )وهي الصفوفُ الرأسية(. 
ومِنْ بين مَنْ كانت لهم محاولات سابقة في هذا المجال عالمُ الكيمياء 
دوبراينر<، الذي رتب عام 1611 العناصر في مجموعات من .J< الألماني 
الثلاثيات ذات الصفات المتشابهة، في كل مجموعة ثلاثةُ عناصر متشابهة في 
من عناصر الليثيوم والصوديوم والبوتاسيوم، » ثلاثية « سلوكها؛ فشكّل
ثانية من عناصر الكلور والبروم واليود، وثالثة من عناصر » ثلاثية « و 
الكالسيوم والسترنسيوم والباريوم. لاحظ دوبراينر أنه عند ترتيب عناصر 
الثلاثية الواحدة بدلالة أوزانها الذرية المتزايدة، فإن خصائص العنصر 
المتوسط فيها هي حد وسط بين خصائص عنصريه المجاورين. فالليثيوم، في 
الثلاثية الأولى، يتفاعل مع الماء على نحو معتدل، في حين يتفاعل البوتاسيوم 
معه بشدة محدِثاً انفجارا قويا، ويكون تفاعلُ الصوديوم، وهو العنصر 
المتوسط في الثلاثية، حدا وسطا بين هذا وذاك. ولاحظ دوبراينر، إضافة إلى 
ذلك، أن الوزنَ الذريّ للعنصر المتوسط، قريبٌ من المتوسط الحسابي للوزنين 
الذريين للعنصرين الآخرين في الثلاثية. 
شجع عملُ دوبراينر علماءَ آخرين على البحث عن علاقات تجمع بين 
الخصائص الكيميائية للعناصر وأوزانها الذرية. فكان ممّن سار على خطاه 
كريمرز<، من مدينة كولن الألمانية، الذي عرض في القرن .P< الباحث 
التاسع عشر إمكانية انتماء بعض العناصر إلى ثلاثيّتين موضوعتين الواحدة 
فوق الأخرى، فكان بذلك أولَ من وضع قاعدة مقارنة العناصر في الاتجاهين 
الأفقي والشاقولي، وهو ما رسّخ أسسَه ماندلييڤ في جدوله الدوري. 
.A .B-J< كما تجدُر الإشارة أيضا إلى ما قام به الكيميائي الفرنسي 
توماس< عام 1681 ، حيث أهمل فكرة الثلاثيات ووجّه اهتمامه إلى وضع 
عدد من المعادلات الرياضياتية، بغية تفسير كيفية تزايد الأوزان الذرية في 
مجموعة من العناصر ذات الخصائص الكيميائية المتشابهة. ونُقدّرُ اليوم أن 
أية محاولة من هذا النوع لم يكن ليكتب لها النجاحُ؛ لأن الوزن الذري للعنصر 
ليس الصفة الرئيسية التي تميزه عن سواه.
.1681/ أول جدول دوري وضعه الكيميائي الروسي ماندلييڤ في الشهر 0 
يبين هذا الشكلُ مجموعات العناصر مرتبة أفقيا بدلا من تمثيلها بأعمدة رأسية 
كما هو مألوف، حيث وضع ماندلييڤ العديد من الجداول وفق هذين الترتيبين. 
الخصائص الدورية 
أو ،» الدورية « كانت السمةُ الرئيسيةُ لنظام ماندلييڤ هي تقديمه لمفهوم 
التكرار، في صفات العناصر، بعد فترات محدّدة ومنتظمة. وكانت مثلُ هذه 
دو .B .E-A< الميزة قد لوحظت سابقا في عمل الجيولوجي الفرنسي 
شانكورتوا< عام 1680 عندما رتب العناصر بدلالة أوزانها الذرية، معتمدا 
نظاما هندسيا معقدا، حُملت فيه العناصر بدلالة هذه الأوزان على لولب مرسوم 
على سطح أسطوانة، يميلُ على قاعدتها بزاوية مقدارها 58 درجة ]انظر 
الشكل في الصفحة[.
نسخة قديمة لنظام ترتيب العناصر المعروفة، وضعها الجيولوجي الفرنسي 
اللولب « دو شانكورتوا <في عام 1680 . يُعرف هذا النظام باسم <E-A. 
وهو أقدم اكتشاف يُظهر الدورية الكيميائية. ،» التلّوري 
تنتهي دورةُ اللولب الأولى عند عنصر الأكسجين، وتنتهي دورتُه الثانية 
عند عنصر الكبريت. وقد لاحظ شانكورتوا أن العناصرَ ذوات الصفات 
المتشابهة تترتب فوق بعضها على نحو رأسي على أحد مولدات الأسطوانة. 
نجح هذا الترتيبُ في عرض صورة، أو نموذج، غدت أكثر وضوحا في نظام 
ماندلييڤ. إلا أنه لم يكن له أثر كبير عند المهتمين بهذا الأمر في ذلك الحين، 
حيث فشلت مقالة شانكورتوا الأصلية في عرض أي مخطط، وكان نظامه 
معقدا، ولم تعُرضْ فيه التشابهاتُ ما بين الخصائص الكيميائية للعناصر على 
نحو مقنع. 
كما وضع باحثون آخرون تصورات أخرى للجدول الدوري خلال عقد 
الستينات من القرن التاسع عشر؛ ففي عام 1685 أظهر الكيميائي الإنكليزي 
نيولاند<، بعد تصحيح قِيَمِ الأوزان الذرية للعناصر، أنه عند ترتيب هذه .J< 
الأخيرة بدلالة هذه الأوزان، فإن كلَّ عنصر يبدي تشابها واضحا بالعنصرين 
اللذين يسبقه أولهما بثمانية مواقع، ويلحقه ثانيهما بعد ثمانية مواقع أخرى،
تشبها بالثُّمانية الموسيقية » الثمانيات « وأطلق على نظامه اسم قانون 
)الأوكتاڤ(. 
ترك نيولاند في النسخة الأولى من جدوله بعضَ المواقع الشاغرة، تحسُّبا 
منه لإشغالها لاحقا بعناصر مكتشفة في حينه، إلا أنه لم يضمّن النسخة اللاحقة 
من الجدول، التي وضعها عام 1668 ، مثل هذه المواقع، مما أثار اعتراض 
الكيميائيين على هذا الجدول لعدم إمكانية استيعابه عناصر قد يتم اكتشافها في 
المستقبل، وبلغ الأمر ببعض الباحثين إلى أن وصلوا باعتراضهم إلى حد 
فوستر< )من جامعة .C .G< السخرية من أفكار نيولاند، وإلى أن توَجَّه إليه 
كلية لندن(، في اجتماع الجمعية الملكية المنعقد بلندن عام 1688 ، بسؤال 
عمّا إذا كان قد حاول ترتيب العناصر بدلالة الأحرف الأولى من أسمائها، لأن 
أي ترتيب للعناصر مهما كان جوهره، سيؤدي إلى ملاحظة تشابهات بين 
خصائصها تمليها المصادفة المحضة. وهكذا رُفضت مذكرة نيولاند وعُدّت غيرَ 
.) جديرة بالنشر في مجلة الجمعية) 1 
ماير) <في اليمين( اللذان قاما <L .J. الكيميائيان ماندلييڤ )في اليسار( و 
بتطوير الجدول الدوري الحديث خلال الفترة ذاتها في أواخر الستينات من 
القرن التاسع عشر. وقد نُشر جدول ماندلييف أولا ممّا جعله صاحب الفضل
الأكبر في اكتشاف النظام الدوري الذي استخدمه للقيام بتنبّؤات ناجحة عديدة 
ودافع عن دقته وصحته بقوة بالغة. 
» الثُّمانيات « وعلى الرغم من هذا الاستقبال الفاتر الذي لقيَه قانونُ 
لنيولاند، فإن هذا الباحث يعد أولَ من أوضح بجلاء فكرة التكرار الدوري 
لخصائص العناصر عند ترتيبها بدلالة أوزانها الذرية المتزايدة؛ فهو الرائد 
السّبّاق لفكرة استخدام سلسلة من الأرقام الاعتيادية لوضع النظام الدوري، 
وهي الفكرة التي اعتُمد عليها لاحقا في وضع الجدول الدوري الحديث بدلالة 
الأعداد الذرية للعناصر )يدل العدد الذري للعنصر على عدد البروتونات في 
نواة ذرته، وهو مدلولٌ لم يوضع إلا في مطلع القرن العشرين.( 
الجدول الدوري الحديث 
ماير< )من جامعة .L .J< في عام 1686 وضع الكيميائي الألماني 
برسلو(، أثناء مراجعته كتابا من تأليفه، جدولا دوريا يشبه إلى حد كبير نسخة 
جدول ماندلييڤ التي اشتهرت في عام 1681 ، على الرغم من عدم تمكّنه من 
وضع جميع العناصر فيه على نحو صحيح. لكنَّ هذا الجدول لم يرَ النور حتى 
عام 1612 بسبب تأخيرٍ من الناشر. وقد قاد ذلك إلى قيام خلاف حاد بين ماير 
وماندلييڤ حول أفضلية كل منهما في إحراز شرف السبق في وضع الجدول. 
ذلك أن ماندلييڤ وضع جدولَه أيضا في هذه الفترة أثناء تأليفه كتابا عن 
الكيمياء العامة، إلا أنه، وبخلاف من سبقوه، كان على ثقة كبيرة بصحة 
جدوله الدوري، حتى إنه استخدمه للتنبؤ بوجود عناصرَ جديدة وبخصائص 
مركباتها؛ كما استخدمه لتصحيح قيم الأوزان الذرية لبعض العناصر المعروفة. 
ومما يثير الاهتمام إقرارُ ماندلييڤ باطلاعه، حين وضع جدوله، على جداول 
أخرى وضعها عدد ممن سبقوه، مثل نيولاند، وعدم اطلاعه على أعمال ماير. 
وعلى الرغم من أن المظهر التنبئي في جدول ماندلييڤ يعد سمة أساسية 
فيه، فإن المؤرخين بالغوا كثيرا في التأكيد على هذا الجانب حتى عدّوه السببَ 
الأساسي لتبني هذا الجدول، وفات هؤلاء أن يلاحظوا أن الجمعية الملكية في 
لندن لم تُشِرْ إلى هذا المظهر على نحو خاص حين منحت ماندلييڤ ميدالية 
ديڤي عام 1660 ، بل اعتبرت قدرة الجدول على استيعاب جميع العناصر 
المعروفة في حينه، على القدر نفسه من أهمية تلك التنبؤات المدهشة. وعُدّ 
ماندلييڤ صاحب الفضل الأكبر في وضع النظام الدوري، على الرغم من
إسهام كثير من العلماء في تطوير هذا النظام، وذلك باكتشافه دورية 
الخصائص الكيميائية للعناصر، ولارتقائه بهذا الاكتشاف إلى مستوى القانون 
الطبيعي. وقد أمضى ماندلييڤ بقية حياته في تمحيص نتائجه وفي الدفاع عن 
صحة الجدول بجرأة وإقدام. 
لم يكن الدفاع عن الجدول أمرا سهلا دائما، إذ كثيرا ما تحدَّت دقّته 
رامسي< )من كلية .W< الكشوفاتُ اللاحقة، التي نذكر منها مثلا اكتشاف 
سترات< )من المعهد الملكي في لندن( عنصر .W .J< جامعة لندن( واللورد 
الآرغون في عام 1615 ، ثم اكتشاف رامسي في السنوات اللاحقة أربعة 
عناصر أخرى هي الهليوم والنيون والكرپتون والكزنون )التي عُرفت فيما بعد 
بالغازات النبيلة(، وأخيرا اكتشاف عنصر الرادون من قِبل الفيزيائي الألماني 
. دورن< في عام 1122 .E .F< 
لبقائها بمنأى عن العناصر » الغازات النبيلة « أُطلِقَ على هذه الغازات اسم 
الأخرى في الجدول، ولندرة تفاعلاتها معها لتشكيل مركبات، وهو ما دفع 
بعضَ علماء الكيمياء إلى القول بعدم انتماء هذه العناصر إلى الجدول الدوري، 
خاصةً وأن ماندلييڤ، أو أحدا سواه، لم يتنبأ بوجودها. وقد اقتضى الأمر ست 
سنوات من الجهود الحثيثة إلى أن تمكن الكيميائيون والفيزيائيون من وضعها 
في الجدول، حيث أفردوا لها فصيلة )مجموعة رأسية( إضافية بين فصيلتي 
الهالوجينات والفلزات القوية، اللتين تضم إحداهما عناصر الفلور والكلور 
والبروم واليود والأستاتين، وتضم الأخرى عناصر الليثيوم والصوديوم 
والبوتاسيوم والروبيديوم والسيزيوم والفرنسيوم. 
وما لبث أن ظهر خلاف آخر حول صحة ترتيب العناصر بدلالة أوزانها 
بروك< )هولندي من هواة .D .V .A< الذرية، حين اقتَرح في عام 1116 
الفيزياء النظرية( ترتيب العناصر في الجدول الدوري بدلالة قيمة شحنة النواة 
موزلي< في جامعة مانشستر بهذا .H< في ذرة كل منها. واهتم الفيزيائي 
الاقتراح، وبدأ تمحيصه خلال عام 1116 قبل موته المأساوي في الحرب 
العالمية الأولى بوقت قصير. 
بدأ موزلي بتصوير طيفِ الأشعة السينية لاثني عشر عنصرا شغلت عشرة 
منها مواقع متتالية في الجدول، ولاحظ أن ترددات )تواترات( إحدى مجموعات 
تتناسب طردا مع مربع العدد الدال على ،K خطوطها الطيفية، وهي الخطوط 
موقع العنصر في الجدول، فعدّ ذلك دليلا على وجود مقدار أساسي في كل ذرة 
يزداد من عنصر إلى العنصر الذي يليه في الجدول. وفي عام 1102 أطلق
العدد « رذرفورد< )من جامعة كامبردج( على هذا المقدار اسم .E< العالم 
ونعرف الآن أنه يمثل عدد البروتونات في نواة ذرة كل عنصر. .» الذري 
الجدول الدوري الشائع والمعروف بالنموذج المتوسط الطول، والذي يوضع 
في قاعات تدريس الكيمياء ومختبراتها في جميع أرجاء العالم. تتميز هذه 
النسخة بالعرض الواضح لفصائل العناصر المتماثلة التي تشكل أعمدة رأسية 
على الرغم من عدم تماثلها في مجمل الجدول. )تشير الألوان المختلفة 
المستخدمة في الجدول إلى العناصر المتشابهة في توزيع الإلكترونات في 
طبقاتها الخارجية(. 
قادت أعمال موزلي إلى وضع طريقة يُمكن بها تحديدُ المواقع الشاغرة 
المتبقية في الجدول بدقة. كما اعتمد عدد من الكيميائيين مفهوم العدد الذري، 
بدلا من الوزن الذري، أساسا لترتيب العناصر فيه، مما أدى إلى حل الإشكالات 
المتبقية في هذا الترتيب؛ فقد لوحظ عند وضع عنصري اليود والتلّوريوم في 
الجدول بدلالة وزنيهما الذرّيين، أن اليود يأتي أولا؛ إلا أن ذلك يضعه في 
فصيلة لا تتماثل خصائصه الكيميائية مع خصائص عناصرها. في حين أن 
وضع هذين العنصرين، بدلالة عدديهما الذرّيين، يجعل التلّوريوم يأتي أولا 
وعلى نحو يبدو فيه وجود توافق بين خصائصه وخصائص العناصر الأخرى 
في فصيلته،
*تشير إلى العناصر التي تم اكتشافها حديثا ولكن لم يتم الاتفاق على تسميتها على نحو 
رسمي. 
+تشير إلى عناصر لم تكتشف بعد. 
الجدول الهرمي، وهو شكل آخر للجدول الدوري يبدو فيه التناظر الذي في هذا الجدول، 
وارتباطه على نحو خاص بأطوال أدواره المتتالية. تعتبر هذه النسخة نموذجا مطورا للجدول 
جنسن <)من جامعة سنسيناتي(. تشير الخطوط المتصلة <D .W. الذي وضعه حديثا 
العريضة إلى العناصر التي يتشابه توزع الإلكترونات في طبقاتها الخارجية، وتشير الخطوط 
المتصلة الرفيعة إلى العناصر التي تنتسب إلى الفصيلة ذاتها، أما الخطوط المتقطعة فتشير إلى 
علاقات ثانوية في الخصائص الكيميائية.

Más contenido relacionado

Destacado

SEO (Search engine optimization)
SEO (Search engine optimization) SEO (Search engine optimization)
SEO (Search engine optimization) Click Apps
 
Unit3presentation
Unit3presentationUnit3presentation
Unit3presentationpoags25
 
Hybridization التهجين
 Hybridization التهجين Hybridization التهجين
Hybridization التهجينGanim Hasanayn
 
Green chemistry: Production of electricity from Ammonia
Green chemistry: Production of electricity from AmmoniaGreen chemistry: Production of electricity from Ammonia
Green chemistry: Production of electricity from AmmoniaArosek Padhi
 

Destacado (9)

Electron configuration
Electron configuration Electron configuration
Electron configuration
 
تعرف إلى-كلية العلوم قسم الكيمياء
تعرف إلى-كلية العلوم قسم الكيمياءتعرف إلى-كلية العلوم قسم الكيمياء
تعرف إلى-كلية العلوم قسم الكيمياء
 
Green chemistry
Green chemistryGreen chemistry
Green chemistry
 
SEO (Search engine optimization)
SEO (Search engine optimization) SEO (Search engine optimization)
SEO (Search engine optimization)
 
الكيمياء 1
الكيمياء 1الكيمياء 1
الكيمياء 1
 
Unit3presentation
Unit3presentationUnit3presentation
Unit3presentation
 
Hybridization التهجين
 Hybridization التهجين Hybridization التهجين
Hybridization التهجين
 
Green chemistry: Production of electricity from Ammonia
Green chemistry: Production of electricity from AmmoniaGreen chemistry: Production of electricity from Ammonia
Green chemistry: Production of electricity from Ammonia
 
Green chemistry
Green chemistryGreen chemistry
Green chemistry
 

Más de Mero Cool

اللغة العربية في عصر المعلوماتية
اللغة العربية في عصر المعلوماتيةاللغة العربية في عصر المعلوماتية
اللغة العربية في عصر المعلوماتيةMero Cool
 
اللباس النسائي
اللباس النسائياللباس النسائي
اللباس النسائيMero Cool
 
اللباس الرجالي
اللباس الرجالياللباس الرجالي
اللباس الرجاليMero Cool
 
الكولسترول
الكولسترولالكولسترول
الكولسترولMero Cool
 
القراءة والكتابه
القراءة والكتابهالقراءة والكتابه
القراءة والكتابهMero Cool
 
القُدْس
القُدْسالقُدْس
القُدْسMero Cool
 
الفيزياء
الفيزياءالفيزياء
الفيزياءMero Cool
 
الفيتامين مع الصور
الفيتامين مع الصورالفيتامين مع الصور
الفيتامين مع الصورMero Cool
 
الفرق بين الشبكه العنكبوتية وشبكه الانترنت
الفرق بين الشبكه العنكبوتية وشبكه الانترنتالفرق بين الشبكه العنكبوتية وشبكه الانترنت
الفرق بين الشبكه العنكبوتية وشبكه الانترنتMero Cool
 
الفرق بين الرسول والنبي صلى الله عليه وسلم
الفرق بين الرسول والنبي صلى الله عليه وسلمالفرق بين الرسول والنبي صلى الله عليه وسلم
الفرق بين الرسول والنبي صلى الله عليه وسلمMero Cool
 
الغلو في تعظيم
الغلو في تعظيمالغلو في تعظيم
الغلو في تعظيمMero Cool
 
الغذاء الكامل وتأثيرة على الجسم
الغذاء الكامل وتأثيرة على الجسمالغذاء الكامل وتأثيرة على الجسم
الغذاء الكامل وتأثيرة على الجسمMero Cool
 
الغــــــــذاء
الغــــــــذاءالغــــــــذاء
الغــــــــذاءMero Cool
 
الغاية من خلق الانسان
الغاية من خلق الانسانالغاية من خلق الانسان
الغاية من خلق الانسانMero Cool
 
العجائن
العجائنالعجائن
العجائنMero Cool
 
‫العالم ليوناردو دافينشي بالانجيليزي
‫العالم ليوناردو دافينشي بالانجيليزي‫العالم ليوناردو دافينشي بالانجيليزي
‫العالم ليوناردو دافينشي بالانجيليزيMero Cool
 
العالم ليوناردو دا فينشي ..
العالم ليوناردو  دا  فينشي ..العالم ليوناردو  دا  فينشي ..
العالم ليوناردو دا فينشي ..Mero Cool
 
الطهارة
الطهارةالطهارة
الطهارةMero Cool
 
الطقس والمناخ
الطقس والمناخالطقس والمناخ
الطقس والمناخMero Cool
 

Más de Mero Cool (20)

اللغة العربية في عصر المعلوماتية
اللغة العربية في عصر المعلوماتيةاللغة العربية في عصر المعلوماتية
اللغة العربية في عصر المعلوماتية
 
اللباس النسائي
اللباس النسائياللباس النسائي
اللباس النسائي
 
اللباس الرجالي
اللباس الرجالياللباس الرجالي
اللباس الرجالي
 
الكولسترول
الكولسترولالكولسترول
الكولسترول
 
القلق
القلقالقلق
القلق
 
القراءة والكتابه
القراءة والكتابهالقراءة والكتابه
القراءة والكتابه
 
القُدْس
القُدْسالقُدْس
القُدْس
 
الفيزياء
الفيزياءالفيزياء
الفيزياء
 
الفيتامين مع الصور
الفيتامين مع الصورالفيتامين مع الصور
الفيتامين مع الصور
 
الفرق بين الشبكه العنكبوتية وشبكه الانترنت
الفرق بين الشبكه العنكبوتية وشبكه الانترنتالفرق بين الشبكه العنكبوتية وشبكه الانترنت
الفرق بين الشبكه العنكبوتية وشبكه الانترنت
 
الفرق بين الرسول والنبي صلى الله عليه وسلم
الفرق بين الرسول والنبي صلى الله عليه وسلمالفرق بين الرسول والنبي صلى الله عليه وسلم
الفرق بين الرسول والنبي صلى الله عليه وسلم
 
الغلو في تعظيم
الغلو في تعظيمالغلو في تعظيم
الغلو في تعظيم
 
الغذاء الكامل وتأثيرة على الجسم
الغذاء الكامل وتأثيرة على الجسمالغذاء الكامل وتأثيرة على الجسم
الغذاء الكامل وتأثيرة على الجسم
 
الغــــــــذاء
الغــــــــذاءالغــــــــذاء
الغــــــــذاء
 
الغاية من خلق الانسان
الغاية من خلق الانسانالغاية من خلق الانسان
الغاية من خلق الانسان
 
العجائن
العجائنالعجائن
العجائن
 
‫العالم ليوناردو دافينشي بالانجيليزي
‫العالم ليوناردو دافينشي بالانجيليزي‫العالم ليوناردو دافينشي بالانجيليزي
‫العالم ليوناردو دافينشي بالانجيليزي
 
العالم ليوناردو دا فينشي ..
العالم ليوناردو  دا  فينشي ..العالم ليوناردو  دا  فينشي ..
العالم ليوناردو دا فينشي ..
 
الطهارة
الطهارةالطهارة
الطهارة
 
الطقس والمناخ
الطقس والمناخالطقس والمناخ
الطقس والمناخ
 

الجدول الدوري بماده الكيمياء

  • 1. بـحث الجدول الدوري بمادة الكيمياء عمل الطالبان: ريان غالب الحاج رمزي اللحياني معلم المادة: فواز الزويهري الجدول الدوري لمندليف وماير يُعدُّ الجدولُ الدوري للعناصر أداة أساسية ومهمة لعلماء الكيمياء المعاصرين، وذلك منذ بدايات وضعه قبل نحو 022 عام. يُعدُّ الجدول الدوري للعناصر واحدا من أقوى رموز العلم، فهو وثيقة واحدة تجمع معظم معارفنا بعلم الكيمياء، ونجد نسخة منه معلقة في كل مختبر
  • 2. وكل قاعة تُدرّس فيها الكيمياء في العالم، في حين لا نجدُ ما يماثل ذلك تماما في أي من التخصصات العلمية الأخرى. تعود بدايات قصة وضع تصنيفٍ للعناصر في نظام دوري، إلى ما قبل نحو مئتي عام؛ وقد شهد الجدول خلال مساره الطويل الكثير من الجدل، وأُدخل عليه الكثير من عمليات التعديل والتبديل ليتلاءم مع تطور العلم، ومع اكتشاف عناصر جديدة ]انظر: صنع عناصر جديدة في هذا العدد[. إلا أن مبدأ هذا النظام وطبيعته لم يتعرضا لأي تغيير جذري، على الرغم من التغيرات الكبيرة والأساسية التي طرأت على شتى العلوم خلال القرن الماضي، وبخاصة نشوء نظرية النسبية، والميكانيك الكمومي )الكوانتي(. وحين كانت بعضُ الكشوفات الجديدة تقتضي إعادة النظر في الأسس التي قام عليها الجدولُ، كان يمكن دائما استيعابُ تلك الكشوفات في بنيته الأساسية؛ لذا فإن المكانةَ الرفيعة التي يشغلُها تعود إلى أصوله التاريخية كما تعود إلى دلالاته العلمية المعاصرة. يحوّل الجدولُ الثلاثي الأبعاد، الجدولَ الدوري التقليدي إلى بنية متعددة الطبقات، تظهر فيها فصائل الجدول الدوري، أو مجموعاته الرأسية، التي تحوي عائلات من العناصر المتشابهة، متدرجة في قلب هذه البنية من أعلاها إلى أدناها، وكذلك في طبقاته التي تتوضع واحدتها فوق الأخرى. أما أدوار
  • 3. الجدول التقليدي فتبدو هنا على شكل صفائح أو طبقات متعددة. تُظهر هذه البنية تناظرَ الأدوار والتزايد المنتظم في أبعادها، مما يعد مظهرا كيميائيا أساسيا لم يستطع الميكانيك الكمومي تفسيره على نحو كاف حتى الآن. على تكرار أنماطٍ من الخصائص الكيميائية بعد » الدورية « يدل مفهومُ فترات منتظمة ومحدّدة. وقد تمكن الطلبة الذين يدرسون علم الكيمياء من تعلم ومعرفة خصائص 110 عنصرا مكتشفا حتى الآن، من خلال ما يقدمه هذا المفهوم من تيسير وتسهيل لفهم تلك الخصائص. وكان يكفيهم لذلك معرفة خصائص عدد محدود جدا من العناصر النموذجية، والتعرّف من خلالها إلى خصائص العناصر الأخرى التي تنتظم معها في مجموعات أو فصائل؛ لأن لعناصر الفصيلة الواحدة خصائص كيميائية متماثلة )تتمثل الفصيلة في الجدول الدوري بالعناصر الواقعة في عمود رأسي واحد.( جاء اكتشاف النظام الدوري لترتيب العناصر تتويجا للعديد من التطورات العلمية، ولم يكن قط نتيجة عاصفة فكرية عَرَضت لفرد بذاته. على الرغم من ،1681/0/ أن المؤرخين يرون أن المولد الرسمي للجدول الدوري كان في 11 على يد العالم الروسي >ديمتري ماندلييڤ< حين وضع جدوله الأول من بين عدة جداول له في هذا المجال. لقد حوى ذلك الجدولُ 86 عنصرا كانت معروفة حينذاك، مرتبة بدلالة تزايد أوزانها الذرية، وتُركت فيه مواقع شاغرة لعناصر لم تكن معروفة في ذلك الوقت، وتنبأ ماندلييڤ بأنها ستكُتشف لاحقا، وحدّد أوزانها الذرية التقريبية. وكان علماء آخرون قد سبقوا ماندلييڤ بوضع أنظمة تترتب فيها العناصر. لاڤوازييه<، الذي .A< كان منهم، على سبيل المثال، عالم الكيمياء الفرنسي .L-C< دومورڤو< و .G.B-L< فوركروي< و .A< عمل عام 1161 مع برتوليه<، على إعداد قائمة تضم 66 عنصرا معروفا حينذاك؛ وقد اعتمدت تلك القائمة وسواها تمثيلا أحادي البعد، في حين يعد من مظاهر القوة في جدول ماندلييڤ اعتمادُه تمثيلا ثنائي البعد، جَمَ عَ كافة العناصر المعروفة، وترك أمكنة شاغرة لعناصر لم تكن معروفة، بل سيحملها المستقبل معه، كل ذلك في نظام منطقي محدد، فيه عدد من الأدوار )وهي الصفوف الأفقية( والفصائل )وهي الصفوفُ الرأسية(. ومِنْ بين مَنْ كانت لهم محاولات سابقة في هذا المجال عالمُ الكيمياء دوبراينر<، الذي رتب عام 1611 العناصر في مجموعات من .J< الألماني الثلاثيات ذات الصفات المتشابهة، في كل مجموعة ثلاثةُ عناصر متشابهة في من عناصر الليثيوم والصوديوم والبوتاسيوم، » ثلاثية « سلوكها؛ فشكّل
  • 4. ثانية من عناصر الكلور والبروم واليود، وثالثة من عناصر » ثلاثية « و الكالسيوم والسترنسيوم والباريوم. لاحظ دوبراينر أنه عند ترتيب عناصر الثلاثية الواحدة بدلالة أوزانها الذرية المتزايدة، فإن خصائص العنصر المتوسط فيها هي حد وسط بين خصائص عنصريه المجاورين. فالليثيوم، في الثلاثية الأولى، يتفاعل مع الماء على نحو معتدل، في حين يتفاعل البوتاسيوم معه بشدة محدِثاً انفجارا قويا، ويكون تفاعلُ الصوديوم، وهو العنصر المتوسط في الثلاثية، حدا وسطا بين هذا وذاك. ولاحظ دوبراينر، إضافة إلى ذلك، أن الوزنَ الذريّ للعنصر المتوسط، قريبٌ من المتوسط الحسابي للوزنين الذريين للعنصرين الآخرين في الثلاثية. شجع عملُ دوبراينر علماءَ آخرين على البحث عن علاقات تجمع بين الخصائص الكيميائية للعناصر وأوزانها الذرية. فكان ممّن سار على خطاه كريمرز<، من مدينة كولن الألمانية، الذي عرض في القرن .P< الباحث التاسع عشر إمكانية انتماء بعض العناصر إلى ثلاثيّتين موضوعتين الواحدة فوق الأخرى، فكان بذلك أولَ من وضع قاعدة مقارنة العناصر في الاتجاهين الأفقي والشاقولي، وهو ما رسّخ أسسَه ماندلييڤ في جدوله الدوري. .A .B-J< كما تجدُر الإشارة أيضا إلى ما قام به الكيميائي الفرنسي توماس< عام 1681 ، حيث أهمل فكرة الثلاثيات ووجّه اهتمامه إلى وضع عدد من المعادلات الرياضياتية، بغية تفسير كيفية تزايد الأوزان الذرية في مجموعة من العناصر ذات الخصائص الكيميائية المتشابهة. ونُقدّرُ اليوم أن أية محاولة من هذا النوع لم يكن ليكتب لها النجاحُ؛ لأن الوزن الذري للعنصر ليس الصفة الرئيسية التي تميزه عن سواه.
  • 5. .1681/ أول جدول دوري وضعه الكيميائي الروسي ماندلييڤ في الشهر 0 يبين هذا الشكلُ مجموعات العناصر مرتبة أفقيا بدلا من تمثيلها بأعمدة رأسية كما هو مألوف، حيث وضع ماندلييڤ العديد من الجداول وفق هذين الترتيبين. الخصائص الدورية أو ،» الدورية « كانت السمةُ الرئيسيةُ لنظام ماندلييڤ هي تقديمه لمفهوم التكرار، في صفات العناصر، بعد فترات محدّدة ومنتظمة. وكانت مثلُ هذه دو .B .E-A< الميزة قد لوحظت سابقا في عمل الجيولوجي الفرنسي شانكورتوا< عام 1680 عندما رتب العناصر بدلالة أوزانها الذرية، معتمدا نظاما هندسيا معقدا، حُملت فيه العناصر بدلالة هذه الأوزان على لولب مرسوم على سطح أسطوانة، يميلُ على قاعدتها بزاوية مقدارها 58 درجة ]انظر الشكل في الصفحة[.
  • 6. نسخة قديمة لنظام ترتيب العناصر المعروفة، وضعها الجيولوجي الفرنسي اللولب « دو شانكورتوا <في عام 1680 . يُعرف هذا النظام باسم <E-A. وهو أقدم اكتشاف يُظهر الدورية الكيميائية. ،» التلّوري تنتهي دورةُ اللولب الأولى عند عنصر الأكسجين، وتنتهي دورتُه الثانية عند عنصر الكبريت. وقد لاحظ شانكورتوا أن العناصرَ ذوات الصفات المتشابهة تترتب فوق بعضها على نحو رأسي على أحد مولدات الأسطوانة. نجح هذا الترتيبُ في عرض صورة، أو نموذج، غدت أكثر وضوحا في نظام ماندلييڤ. إلا أنه لم يكن له أثر كبير عند المهتمين بهذا الأمر في ذلك الحين، حيث فشلت مقالة شانكورتوا الأصلية في عرض أي مخطط، وكان نظامه معقدا، ولم تعُرضْ فيه التشابهاتُ ما بين الخصائص الكيميائية للعناصر على نحو مقنع. كما وضع باحثون آخرون تصورات أخرى للجدول الدوري خلال عقد الستينات من القرن التاسع عشر؛ ففي عام 1685 أظهر الكيميائي الإنكليزي نيولاند<، بعد تصحيح قِيَمِ الأوزان الذرية للعناصر، أنه عند ترتيب هذه .J< الأخيرة بدلالة هذه الأوزان، فإن كلَّ عنصر يبدي تشابها واضحا بالعنصرين اللذين يسبقه أولهما بثمانية مواقع، ويلحقه ثانيهما بعد ثمانية مواقع أخرى،
  • 7. تشبها بالثُّمانية الموسيقية » الثمانيات « وأطلق على نظامه اسم قانون )الأوكتاڤ(. ترك نيولاند في النسخة الأولى من جدوله بعضَ المواقع الشاغرة، تحسُّبا منه لإشغالها لاحقا بعناصر مكتشفة في حينه، إلا أنه لم يضمّن النسخة اللاحقة من الجدول، التي وضعها عام 1668 ، مثل هذه المواقع، مما أثار اعتراض الكيميائيين على هذا الجدول لعدم إمكانية استيعابه عناصر قد يتم اكتشافها في المستقبل، وبلغ الأمر ببعض الباحثين إلى أن وصلوا باعتراضهم إلى حد فوستر< )من جامعة .C .G< السخرية من أفكار نيولاند، وإلى أن توَجَّه إليه كلية لندن(، في اجتماع الجمعية الملكية المنعقد بلندن عام 1688 ، بسؤال عمّا إذا كان قد حاول ترتيب العناصر بدلالة الأحرف الأولى من أسمائها، لأن أي ترتيب للعناصر مهما كان جوهره، سيؤدي إلى ملاحظة تشابهات بين خصائصها تمليها المصادفة المحضة. وهكذا رُفضت مذكرة نيولاند وعُدّت غيرَ .) جديرة بالنشر في مجلة الجمعية) 1 ماير) <في اليمين( اللذان قاما <L .J. الكيميائيان ماندلييڤ )في اليسار( و بتطوير الجدول الدوري الحديث خلال الفترة ذاتها في أواخر الستينات من القرن التاسع عشر. وقد نُشر جدول ماندلييف أولا ممّا جعله صاحب الفضل
  • 8. الأكبر في اكتشاف النظام الدوري الذي استخدمه للقيام بتنبّؤات ناجحة عديدة ودافع عن دقته وصحته بقوة بالغة. » الثُّمانيات « وعلى الرغم من هذا الاستقبال الفاتر الذي لقيَه قانونُ لنيولاند، فإن هذا الباحث يعد أولَ من أوضح بجلاء فكرة التكرار الدوري لخصائص العناصر عند ترتيبها بدلالة أوزانها الذرية المتزايدة؛ فهو الرائد السّبّاق لفكرة استخدام سلسلة من الأرقام الاعتيادية لوضع النظام الدوري، وهي الفكرة التي اعتُمد عليها لاحقا في وضع الجدول الدوري الحديث بدلالة الأعداد الذرية للعناصر )يدل العدد الذري للعنصر على عدد البروتونات في نواة ذرته، وهو مدلولٌ لم يوضع إلا في مطلع القرن العشرين.( الجدول الدوري الحديث ماير< )من جامعة .L .J< في عام 1686 وضع الكيميائي الألماني برسلو(، أثناء مراجعته كتابا من تأليفه، جدولا دوريا يشبه إلى حد كبير نسخة جدول ماندلييڤ التي اشتهرت في عام 1681 ، على الرغم من عدم تمكّنه من وضع جميع العناصر فيه على نحو صحيح. لكنَّ هذا الجدول لم يرَ النور حتى عام 1612 بسبب تأخيرٍ من الناشر. وقد قاد ذلك إلى قيام خلاف حاد بين ماير وماندلييڤ حول أفضلية كل منهما في إحراز شرف السبق في وضع الجدول. ذلك أن ماندلييڤ وضع جدولَه أيضا في هذه الفترة أثناء تأليفه كتابا عن الكيمياء العامة، إلا أنه، وبخلاف من سبقوه، كان على ثقة كبيرة بصحة جدوله الدوري، حتى إنه استخدمه للتنبؤ بوجود عناصرَ جديدة وبخصائص مركباتها؛ كما استخدمه لتصحيح قيم الأوزان الذرية لبعض العناصر المعروفة. ومما يثير الاهتمام إقرارُ ماندلييڤ باطلاعه، حين وضع جدوله، على جداول أخرى وضعها عدد ممن سبقوه، مثل نيولاند، وعدم اطلاعه على أعمال ماير. وعلى الرغم من أن المظهر التنبئي في جدول ماندلييڤ يعد سمة أساسية فيه، فإن المؤرخين بالغوا كثيرا في التأكيد على هذا الجانب حتى عدّوه السببَ الأساسي لتبني هذا الجدول، وفات هؤلاء أن يلاحظوا أن الجمعية الملكية في لندن لم تُشِرْ إلى هذا المظهر على نحو خاص حين منحت ماندلييڤ ميدالية ديڤي عام 1660 ، بل اعتبرت قدرة الجدول على استيعاب جميع العناصر المعروفة في حينه، على القدر نفسه من أهمية تلك التنبؤات المدهشة. وعُدّ ماندلييڤ صاحب الفضل الأكبر في وضع النظام الدوري، على الرغم من
  • 9. إسهام كثير من العلماء في تطوير هذا النظام، وذلك باكتشافه دورية الخصائص الكيميائية للعناصر، ولارتقائه بهذا الاكتشاف إلى مستوى القانون الطبيعي. وقد أمضى ماندلييڤ بقية حياته في تمحيص نتائجه وفي الدفاع عن صحة الجدول بجرأة وإقدام. لم يكن الدفاع عن الجدول أمرا سهلا دائما، إذ كثيرا ما تحدَّت دقّته رامسي< )من كلية .W< الكشوفاتُ اللاحقة، التي نذكر منها مثلا اكتشاف سترات< )من المعهد الملكي في لندن( عنصر .W .J< جامعة لندن( واللورد الآرغون في عام 1615 ، ثم اكتشاف رامسي في السنوات اللاحقة أربعة عناصر أخرى هي الهليوم والنيون والكرپتون والكزنون )التي عُرفت فيما بعد بالغازات النبيلة(، وأخيرا اكتشاف عنصر الرادون من قِبل الفيزيائي الألماني . دورن< في عام 1122 .E .F< لبقائها بمنأى عن العناصر » الغازات النبيلة « أُطلِقَ على هذه الغازات اسم الأخرى في الجدول، ولندرة تفاعلاتها معها لتشكيل مركبات، وهو ما دفع بعضَ علماء الكيمياء إلى القول بعدم انتماء هذه العناصر إلى الجدول الدوري، خاصةً وأن ماندلييڤ، أو أحدا سواه، لم يتنبأ بوجودها. وقد اقتضى الأمر ست سنوات من الجهود الحثيثة إلى أن تمكن الكيميائيون والفيزيائيون من وضعها في الجدول، حيث أفردوا لها فصيلة )مجموعة رأسية( إضافية بين فصيلتي الهالوجينات والفلزات القوية، اللتين تضم إحداهما عناصر الفلور والكلور والبروم واليود والأستاتين، وتضم الأخرى عناصر الليثيوم والصوديوم والبوتاسيوم والروبيديوم والسيزيوم والفرنسيوم. وما لبث أن ظهر خلاف آخر حول صحة ترتيب العناصر بدلالة أوزانها بروك< )هولندي من هواة .D .V .A< الذرية، حين اقتَرح في عام 1116 الفيزياء النظرية( ترتيب العناصر في الجدول الدوري بدلالة قيمة شحنة النواة موزلي< في جامعة مانشستر بهذا .H< في ذرة كل منها. واهتم الفيزيائي الاقتراح، وبدأ تمحيصه خلال عام 1116 قبل موته المأساوي في الحرب العالمية الأولى بوقت قصير. بدأ موزلي بتصوير طيفِ الأشعة السينية لاثني عشر عنصرا شغلت عشرة منها مواقع متتالية في الجدول، ولاحظ أن ترددات )تواترات( إحدى مجموعات تتناسب طردا مع مربع العدد الدال على ،K خطوطها الطيفية، وهي الخطوط موقع العنصر في الجدول، فعدّ ذلك دليلا على وجود مقدار أساسي في كل ذرة يزداد من عنصر إلى العنصر الذي يليه في الجدول. وفي عام 1102 أطلق
  • 10. العدد « رذرفورد< )من جامعة كامبردج( على هذا المقدار اسم .E< العالم ونعرف الآن أنه يمثل عدد البروتونات في نواة ذرة كل عنصر. .» الذري الجدول الدوري الشائع والمعروف بالنموذج المتوسط الطول، والذي يوضع في قاعات تدريس الكيمياء ومختبراتها في جميع أرجاء العالم. تتميز هذه النسخة بالعرض الواضح لفصائل العناصر المتماثلة التي تشكل أعمدة رأسية على الرغم من عدم تماثلها في مجمل الجدول. )تشير الألوان المختلفة المستخدمة في الجدول إلى العناصر المتشابهة في توزيع الإلكترونات في طبقاتها الخارجية(. قادت أعمال موزلي إلى وضع طريقة يُمكن بها تحديدُ المواقع الشاغرة المتبقية في الجدول بدقة. كما اعتمد عدد من الكيميائيين مفهوم العدد الذري، بدلا من الوزن الذري، أساسا لترتيب العناصر فيه، مما أدى إلى حل الإشكالات المتبقية في هذا الترتيب؛ فقد لوحظ عند وضع عنصري اليود والتلّوريوم في الجدول بدلالة وزنيهما الذرّيين، أن اليود يأتي أولا؛ إلا أن ذلك يضعه في فصيلة لا تتماثل خصائصه الكيميائية مع خصائص عناصرها. في حين أن وضع هذين العنصرين، بدلالة عدديهما الذرّيين، يجعل التلّوريوم يأتي أولا وعلى نحو يبدو فيه وجود توافق بين خصائصه وخصائص العناصر الأخرى في فصيلته،
  • 11. *تشير إلى العناصر التي تم اكتشافها حديثا ولكن لم يتم الاتفاق على تسميتها على نحو رسمي. +تشير إلى عناصر لم تكتشف بعد. الجدول الهرمي، وهو شكل آخر للجدول الدوري يبدو فيه التناظر الذي في هذا الجدول، وارتباطه على نحو خاص بأطوال أدواره المتتالية. تعتبر هذه النسخة نموذجا مطورا للجدول جنسن <)من جامعة سنسيناتي(. تشير الخطوط المتصلة <D .W. الذي وضعه حديثا العريضة إلى العناصر التي يتشابه توزع الإلكترونات في طبقاتها الخارجية، وتشير الخطوط المتصلة الرفيعة إلى العناصر التي تنتسب إلى الفصيلة ذاتها، أما الخطوط المتقطعة فتشير إلى علاقات ثانوية في الخصائص الكيميائية.